السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أنا أتحدث عن ابنتي، فمنذ أكثر من ست سنوات أصابها وسواس في خروج الريح، وعدد الركعات، وقد شفيت والحمد لله. ولكن بعدها أصابها أفكار وكلام يأتيها أثناء الصلاة فيه سب وكلام لا يليق، بعدها أصابها وسواس في النجاسة، وأثناء فترة امتحاناتها أحست أن تخلصها من النجاسة يضيع وقتها في المذاكرة فأجلت جميع تطهيرها للنجاسات إلى ما بعد الامتحانات، وهذا مما زاد الطين بلة، لأنها أحست أنها لا تقدر، وزاد شكها في انتقال النجاسات.
وبعدها أصبحت تحس أن هناك قطرات بول تنزل منها، فكانت تمكث فترات طويلة في الحمام لمدة تصل إلى ثلاث ساعات، تحس بطرطشة، وتستحم بملابسها. ثم حدث الأمر الذي إلى الآن ينغص عليها، فمع وسواس قطرات البول بدأت تذهب لترى ثيابها الداخلية، وتشم وتلمس، وإن رأت قطرة ماء تذهب إلى المرحاض، وبعد ذلك بدأت تضجر فبدأت تفتش في ثيابها الداخلية فإن وجدت نقطة وضعت يدها في فرجها ومسحت لتشم، فإذا شمت شيئا من النجاسة مسحته ثلاثًا في شيء من الأثاث أو الجدران، والآن اختلط عليها الأمر أين مسحت؟ فهي كررت هذا الفعل كثيرًا جدًا، وتريد أن تطهر البيت، وكل تركيزها أصبح في هذا فهي تحس أنها تنجس من حولها.
وفي الصلاة أيضًا تحس أن أحدًا يؤزها للتكلم، وتكون خائفة أن تتكلم، فماذا تفعل لو تكلمت؟ فهي إن أحست أنه بإرادتها قطعت الصلاة. وهى تطيل في الصلاة والوضوء كثيرًا وتكرر آيات الفاتحة كثيرًا، لأنها تحس أنها تنسى كلمات في الآيات أو لا تخرج الحروف صحيحة من الخوف.
فماذا أفعل معها؟ وما الخطوات التي تتبعها؟ علمًا بأنها تذهب إلى طبيبة نفسية، فعندها وساوس كثيرة متعلقة بالدين وقلوقة، نسألكم الدعاء لها.
الآن تحس أن شيئًا يحرضها على أن تتكلم أثناء الصلاة وأن تتحرك أيضًا، ومن شدة الخوف تفعل!
أريد حلًا لكل نوع من أنواع وسواسها أو ردًا لو سمحتم.
30/8/2011
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أخت عزة،
شكرًا لك على اهتمامك ووعيك، وسعيك لإعانة ابنتك على التخلص مما هي فيه.
يمكن تلخيص وساوس ابنتك بما يلي:
أولًا: وساوس صحة الصلاة المتمثلة ب:
1- انتقاض الوضوء: (خروج الريح- خروج قطرات البول).
2- الشك في حسن الأداء: (عدد الركعات، نطق الأحرف).
3- الإتيان بفعل مبطل للصلاة: (الكلام، والحركة داخل الصلاة).
ثانيًا: وسواس الطهارة والنجاسة.
ثالثًا: وساوس سب الذات الإلهية.
فوساوس ابنتك إذن محصورة في الوساوس الدينية المتعلقة بالعقيدة والوضوء والصلاة، وعادة ما تأتي الوساوس في موضوع له أهمية عند الشخص الموسوس.
علاج ابنتك يتكون من شقين: الأول: دوائي وقد ذكرت أن ابنتك تتعالج عند طبيبة. والثاني: معرفي سلوكي، ولم تذكري إذا كانت ابنتك تخضع لهذا النوع من العلاج أم لا، وهو علاج مهم جدًا لها، إذ يقلل من إمكانية الانتكاس بعد التحسن في المستقبل بإذن الله تعالى.
يتلخص العلاج السلوكي: بأن على الموسوس أن يتعرض للشيء الذي يثير وسواسه ويسبب له القلق، مع إجبار نفسه على عدم الاستجابة مهما بلغ به القلق، وييسر الأمر عليه تصحيح ما لديه من معارف متعلقة بوساوسه، ولهذا أهميته خاصة في الوساوس الدينية التي لا يقتنع المريض فيها بصحة إيمانه وعباداته دون الإتيان بالطقوس القهرية، ما لم يحصل على الإجابة من مختص شرعي يثق به، وما لم يعطى كثيرًا من الأدلة التي تثبت له ذلك.
عند تطبيق هذا النوع من العلاج، يزيد القلق كثيرًا لدى الموسوس، لكنه ما يلبث أن يزول شيئًا فشيئًا، وللدواء أهميته في التخفيف من حدة القلق المصاحب لهذا العلاج.
في الحقيقة وساوس ابنتك كثيرة، وقد ذكرت طرق علاجها في أكثر من مقال واستشارة على هذا الموقع، وسأرشدك إليها، فإن بقي لك استفسار بعد هذا، فأهلًا بك وبه.
بداية أنصحك بقراءة مقال: رسالة لأهل مريض الوسواس القهري، حيث إنك –بارك الله بك- من المهتمين بمساعدة ابنتك.
أما ما يتعلق بوساوس ابنتك، فتكرمي وارجعي إلى:
وسواس في خروج ريح
وسواس خروج الريح والتكبير وخلافه! وهذه استشارة مهمة لها شبه كبير بوساوس ابنتك.
الوسواس منذ الصغر عيار ثقيل
وسواس النظافة والطهارة
وسواس السب في الذات الإلهية: وسواس التجديف
الأفكار الكفرية: ذلك صريح الإيمان
الوسواس القهري برنامج علاجي فقهي سلوكي
وستجدين أيضًا روابط أخرى مفيدة داخل هذه الاستشارات.
كذلك من المهم رجوعك إلى نطاق الوسواس القهري، والاطلاع على برامج العلاج الذاتي للوسواس القهري التي كتبها د.محمد شريف سالم، وكذلك على ما كتبَتْه مجيبتك عن منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري.
أخيرًا: بالنسبة لسؤالك عن ما يجب على ابنتك أن تفعله فيما لو تكلمت أثناء الصلاة، أو تحركت:
أقول: إذا خرج الكلام منها نتيجة سيطرة الخوف عليها، فتكلمت عن غير قصد، بغير تعمد، فلا شيء عليها وتكمل صلاتها، أما إذا تكلمت عامدة بقصد إبطال الصلاة لتتخلص من الشك، كما يفعل كثير من الموسوسين، فيكررون إبطال صلاتهم وإعادتها، فهنا تبطل صلاتها وعليها الإعادة، لكن العلاج السلوكي لهذه المشكلة هي أن تجبر نفسها على المتابعة وإن شعرت بأن صلاتها باطلة، وستجدين الأدلة على صحة صلاتها مع هذا الشك داخل الروابط التي نصحتك بها.
وبالنسبة للحركة، فالتي يعدها الناس والعرف قليلة، لا تبطل الصلاة، أما الكثيرة فلا تعذر بها إلا إذا أصبحت ملازمة لها ولا تستطيع تركها بالكلية،أي صارت حالة مستعصية على العلاج، وميؤوس منها. ولا أظن حركات ابنتك من هذا القبيل. وعليها –كجزء من العلاج- أن تتشاغل عن هذه الأفكار ما استطاعت، حتى لا تدفعها لإبطال الصلاة...
آمل أن أكون أفدتك بهذا، وأهلًا بك دائمًا.