بين شبح الماضي وقيود الحاضر م
التنطع والوسواس والجنس الآخر!
الرجوع إلى نقطة الصفر..
لا يسعني إلا أن أشكركم على سعة صدركم واهتمامكم بهموم المكروبين, وتحية وتقدير إلى كل الأساتذة الأجلاء والدكاترة العظماء القائمين على هذا الموقع, لا أدري كيف تحولت حياتي إلى جحيم بمعنى الكلمة, أصبحت أكره الدراسة التي كنت متيمة بها إلى حد لا يتصور, لا زال لي حظ أخير في المباراة, ولكن هل سأنجح وأنا أسبح ضد التيار؟؟
مئات المتفوقين مصممون على الإجابة المثالية بأسرع وقت ممكن, أشعر أنني ضحية لهذا الوسواس الملعون وأنني أدور في دوامة لا تنتهي, ورغم تعقيب طبيبي النفساني "في الحياة إذا أغلقت الأبواب في وجهنا, نبحث عن طريق آخر ولو عبر القفز من النافذة", صدقني يا دكتور لقد أصبحت مثالا يحتذى به في الفشل, وكلما تشاجرت مع إخوتي لا أسمع سوى كلمة "فاشلة", بل نعتني أخي الأصغر ب "المختلة عقليا" وكلما ألححت عليه لكي يراجع دروسه يقول لي "وهل حققت شيئا في حياتك حتى تحاسبينني أنت", حتى زوج صديقة أمي والذي درسني بالسلك الإعدادي لم يخفي استغرابه قائلا "فجر غير معتادة على الفشل".
لقد أغفلت جوانب هامة في استشارتي الأولى وتتعلق بطفولتي, إذ كنت طفلة حالمة جدا, كثيرة السرحان, أبتكر شخصيات من نسج خيالي, لسد الفراغ العاطفي الذي كان ينهش روحي, وفي أحد الأيام حدث ما لم يكن في الحسبان, إذ طلب مني أبي أن أذهب إلى بيتنا الذي كان حديث البناء, لأجلب له دفترا, وكان الوقت مساء, كنت أبلغ العاشرة آنذاك، وما أن دخلت البهو حتى رأيت "أشباحا" وعدت للبيت أركض بكل ما أوتيت من قوة.
والجدير بالذكر أنني لم أكن من نوع الأطفال الذي يخاف, وعند انتقالنا إلى البيت, شاهدت هذه "المخلوقات" مرة أخرى, ولكن بهيئة مختلفة, بل الأمر تعدى ذلك إلى سماع الأصوات, وقد استمر ذلك حوالي السنتين, بعدها اختفت هذه الأعراض, كما انفجرت يوما بنوبة بكاء هستيرية وشعرت بالذنب بعد علاقة الحب الطفولية التي جمعتني بزميلي في القسم, عنفتني أمي على إثرها وسألتني هل تعدى الأمر إلى الجنس فأخبرتها أنني أجهل هذه الأمور وقتها ثم أصبحت أصاب بنوبات هوس تتمثل في انشراح كبير زائد عن الحد ومرح عجيب.
وعند بلوغي السنة الرابعة عشر, أصبت بإغماءة وفسرتها أمي وجدتي على أنني مصابة بمس من الجن, واضطررنا إلى الذهاب عند عرافة طلبت منا جلب كبش لحضور طقوس غريبة فوجئت خلالها بأمي تتكلم بكلام لم أفقه منه شيئا, وبعد ذلك استشعرت طاقة غريبة وانعكس ذلك إيجابا على مستواي الدراسي وأصبح تركيزي قويا, ولكنني كنت أكره الآخرين وأحب الانعزال, جدية بكل ما في هذه الكلمة من معان, وفي السنة الموالية شعرت بتعب مفاجئ لم أعرف له سببا, وبعد الامتحان الذي تفوقت فيه, بدأت المعاناة بكل حذافيرها وشعرت أنني أنتقل إلى عالم آخر لا زمان فيه ولا مكان, واليوم لقد فقدت بوصلتي؛
أشعر بالضياع, أسرتي لا تهتم بمرضي ولا تتفهم ظروفي لأنني مع شجار دائم مع إخوتي, وأمي ما إن أبدأ في الشكوى حتى تنسحب ضاربة بكلامي عرض الحائط, أتوجه بالدعاء إلى خالقي ولكن أقول في نفسي إن المعاصي التي اقترفها ستحول دون الاستجابة, علي أن أتجنب لبس السراويل الضيقة وذلك يعني عدم الحديث مع الجنس الآخر و...... و.... و..., لدي طريقة غريبة في التفكير يمكنني أن أسميها "قانون الانتشار" فعلى سبيل المثال قبل المباراة صممت على حل مشكلتي مع الأهل فتخيلت نفسي في المستقبل أملك المال ولا أعطيهم شيئا فانعكست فكرة "البخل" على منهجيتي في حل التمارين إذ رفض دماغي التفكير, وحين استبدلت هذه الفكرة بقولي "يجب علي أن أسامح أهلي رغم كل ما فعلوه" زال هذا "الانقباض الفكري" بيد أنني تخيلتهم يستغلون طيبوبتي وعدت مجددا إلى نقطة الصفر.
في الاستشارات السابقة لم تعطونني حلا بخصوص أسرة أمي, أشعر أنهم ظلموني كل الظلم, فخالي الذي يتابع دراسته بمدرسة المهندسين, يتلقى مساعدات مالية من خالتي, التي اشترت له هاتفا ثمينا مزودا باشتراك, في الوقت الذي كنت أحضر فيه للمباراة ولا أملك حتى ثمن نسخ كتاب, له الحق في أن يأخذ بطاقتها البنكية ليشتري ما يشاء, وأذكر يوما سحب نصف أجرتها الشهرية ليشتري ملابس وعاد يعتذر بابتسامة كلها دهاء, وقابلته هي بدورها بابتسامة..
وما يغيظني أكثر هو قولهم لا فرق بيني وبين خالي عندهم, يخطئون ويلتمسون لنفسهم العذر, أريد أن أواجههم بحقيقة شعوري نحوهم حتى يرتاح ضميري, أنا على قطيعة معهم ولقد قضيت العطلة النفسية مرتاحة لأنني لم ألتقهم, اقترحت علي أن يتكلف أحد من الأهل بعلاجي, هيهات, لا يوجد من سيقوم بذلك, أسرة المرحوم والدي لا تسأل عنا بتاتا, بل عمي قد نهب أرضنا ويرفض تسليمها لنا, وليست لدينا أي حجة إذ أن أبي, سلمه أوراق ثبوت الملكية....
ولقد اشتريت الدواء بفضل صديق تعرفت عليه عن طريق الإنترنت وأشفق لحالي فبعث لي ثمنه, أما بخصوص العلاج الكيميائي أريد استفساركم عن مدى فعاليته, فلقد أخذت "فليوكسيتين"20 مغ مدة شهر كبسولة صباحا, زيبام 6 مغ ربع قرص مساء, وبعد المدة توجهت إلى الطبيب الذي خفض جرعة الفليوكسيتين إلى كبسولة في اليوم وفي الغد أكتفي ب"زبام" وهكذا دواليك,, غير أنني الآن أوقفت العلاج لأسباب مادية, ولقد شعرت أنني لم أعد أميل إلى نموذج الكمال..
أريد أن أعود إلى كتبي ولكنني لا أستطيع لدي صديقان في مدرسة المهندسين وكلهم يوصونني بالعمل وبالتحضير للمباراة ويقولان بأنني لا أملك عذرا, ماذا سأفعل هل سأزيد درجة التزامي الديني, هل أرتدي ملابس واسعة, لا أستطيع الضغط على نفسي كما كنت أفعل في السنوات الفارطة..
لست أدري, ربما كان وراء اضطراب حياتي سحر أو عين أو شيء من هذا القبيل, لا أريد الآن سوى أن أكون مستقرة نفسيا, وأن أنجح في المباراة, لدي حظ أخير, أحتاج إلى علاج معرفي, غير أنه لا أعرف مركزا في بلدي, ولا أملك مصاريفه حتى ولو وجد, أتمنى منكم الرد في أسرع وقت ممكن, مع عدم إدراج اسمي الحقيقي, ولقد ذكرت آنفا هذه الملحوظة ولكنكم لم تقفوا عندها, أرجو أن تأخذوها بعين الاعتبار, ولكم مني أزكى التحيات. أدام الله عليكم نعمة السعادة في الدنيا والآخرة..
29/09/2011
رد المستشار
"ثورة فجر"، تأخرت عليك في الرد، سامحيني، لا ذنب لمجانين في ذلك فلا تلوميهم ولتظل مشاعرك الطيبة تجاه الموقع ومن فيه كما هي، كما أنني بالنيابة عن إدارة الموقع ومستشاريه أشكر لك إطرائك وكلامك الطيب عنه وتقبل الله دعاءك وأجزل لك العطاء به وأعطاك مثله وزيادة، وبعد....؛ بالطبع لقد مرت المباراة ولعلك تخبريننا في رسالة أخرى عنها وهي رغم محوريتها في هذه الرسالة إلا أن باقي التفاصيل أهم وأشمل..
بعد قراءة رسالتك تذكرت قول الله عز وجل "وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" (الذاريات:21) وهي آية تدل على إعجاز الله تبارك وتعالى في خلق النفس البشرية وعلى الإنسان فقط أن ينظر بداخله ليرى عظمة الله عز وجل. ولعل الآية (53 فصلت) تشرح الآية السابقة وتوضحها وهو قوله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ....) فالآفاق ظاهرة بجبالها وأنهارها وعظمتها ويوازي هذه العظمة وهذا الإعجاز النظر أيضاً للنفس البشرية..
الشاهد من مقصدي أنك تخوضين في أعماق نفسك لتصلي إلى تفسير لنفسك يريحك أو يرضيك وتجمعين الزمن كله أمام عينيك وتختارين مشاهد معينة لعلها تدل على شيء معين وهكذا تركضين نحو سراب لن تصليه بجمع الظروف والآمال والأحزان والمواقف والأعراض المرضية.
فما رأيك أن نترك كل هذا ونبدأ من هنا والآن؟ ونترك معه كل ما اعتقدتِه وهو خاطئ من قبيل: لقد أصبحت مثالا يحتذى به في الفشل، لقد فقدت بوصلتي، أشعر بالضياع، وهكذا من عبارات راسخة بداخلك وتشدك ناحية كل شيء سلبي وكل حزن وكل معطل لك..
لن تتخلصي منها بسهولة ولكن هو السبيل فلنبدأ به، ولنبدأ أيضاً بالاهتمام بدراستك قدر المستطاع. وأنصح لك بتغيير مناخك الاجتماعي، جددي صحبتك، وجددي نشاطك، ولتكن علاقتك بربك لا يحكمها حكم البشر عليك فلتكن بقناعتك أنت ولتعلمي أن ميزان الله حسنات وسيئات إن فعلت سيئة كتبت سيئة وإن فعلت حسنة كتبت عشرة وزيادة وزيادة. وأنك مسئولة ويمكنك التغيير، وأعلم أن كثيرة هي استشاراتك بالموقع، وأنك شاركت بعض همومك لمقربين وأنك زرت طبيباً نفسانياً، ولكنه هي البداية وإن كانت مقلقة..
أنتظر منك رسالة قريبة تبدأ من هنا والآن، اكتبي لنا عن ما مميزاتك الآن، عن وضعك الدراسي الحالي، عن أنشطتك الاجتماعية الحالية، عن خططك للغد. وصحيح أنك قلت وقولك صحيح أنك تحتاجين للعلاج المعرفي ولعل الله ييسره لك عن قريب، ولو كنت قريبة منا لاستقبلناك على الرحب والسعة، وسيرد على الجزء المرتبط بالدواء الدكتور وائل أبو هندي، دمت بخير وعافية وسعادة..
* ويضيف د. وائل أبوهندي الابنة الفاضلة ثورة فجر أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، بالنسبة للعقارين الذين ذكرتهما أحدهما أي الفلوكستين Flouxetine هو واحد من مجموعة عقاقير الم.ا.س.ا SSRIs التي تفيد في جرعاتها المنخفضة في معالجة اضطرابات القلق بشكل عام مثلما تفيد أيضًا في علاج الاكتئاب بجرعات أعلى غالبا وفي اضطرابات نطاق الوسواس القهري بجرعات أعلى وأعلى طالما استخدمت من دون العلاج المعرفي السلوكي CBT ، بالنسبة لك ودون قدرة على تلقي علاج معرفي سلوكي أعتقد أن الجرعة البسيطة 10 مجم فلوكستين ستكون مفيدة على المدى القصير –شهور- ولكن ليس على المدى البعيد –سنين- فقد تكون له آثار جانبية غير مرعوبة في الاستخدام لفترات طويلة، لعل أهمها لك هو زيادة الوزن.
وأما العقار الآخر زيبام zepam 6 مغ فهو غالبا أحد عقاقير مجموعة البنزوديازيبين (وغالبا عقار البرومازيبام Bromazepam ) التي تخفض القلق وقتيا وحالا ويحبها كل مرضى القلق إلا أنها للأسف تسبب التحمل والتعود والاعتمادية أي الإدمان ولا نحبذ بالتالي استخدامها إلا لضرورة ولفترة أقل من شهرين واقرئي عنها على مجانين:
أضرار الزولام ومضادات القلق
وأهلا وسهلا بك دائماً على مجانين..