سم الخياط
أنا صاحبة المشكلة المرسلة بعنوان (سم الخياط).
أود شكر الأستاذة على ردها ومحاولتها الجادة للمساعدة. ولكن بكل صراحة ردها كان نمطيا للغاية.
أولا هي افترضت أني أسرق حق أحد بالحب والاختيار لم أفهم حتى كيف استنتجت ذلك من سردي للمشكلة. صحيح أني أخفيت جزءا من القصة لكي أوجه اللوم لنفسي وأتحمل مسؤولية الحزن والمشاعر المهدرة ولكن هذا لا يعني أبدا أن يوجه لي اللوم أني أسرق أو أحاول سرقة حق أحدهم.
ثانيا: افترضت أن حياتي خالية من الأحلام وأن حلمي الأساسي يتمحور كما معظم الفتيات حول شريك حياة يحقق كل أحلامهن الأخرى، وهذا أبعد ما يكون عني فكما يتأمل جميع البشر أن يكون لهم شريك أو شريكة في هذه الحياة أنا أتأمل مثلهم. حياتي كلها أحلام أسعى لتحقيقها أتمنى أن يكون لي شريك يهنئني على نجاحاتي حين أنجح ويواسيني حين أفشل.
ثالثا: لم أذكر نشاطاتي بالحياة ولكنها تأخذ معظم وقتي وبغض النظر عن حبي لما أفعل ولكني بكل الأحوال أستثمر وقتي به وأفعله. ومع أني أشغل وقتي بهذه النشاطات إلا أن الشعور بالوحدة لا يفارقني، لا أحسد أحدا ولكني أتمنى أن أتباهى بين الناس بصور أولادي كما يفعلون فهل كل النشاطات التي أقوم بها والمقترحة علي تقربني من ذلك مثلا؟
رابعا: الرد حاول أن يقنعني أن أبتعد عن الشخص الذي أحبه بينما أنا أسأل كيف أبتعد وكيف أسد الباب على نفسي بقوة، كيف أكافح ضد حقي الطبيعي. لم يفدني الرد بشيء من هذه الأسئلة
بالمختصر كما أوردت في بداية مشاركتي أتمنى ألا تكون ردودكم نمطية فالرد على استشارتي قرأته سابقا في wikihow.com وهو موقع للهواة وليس للمتخصصين أمثالكم.
دمتم بخير وجزاكم الله خيرا.
7/10/2011
رد المستشار
أدبك جم وذوقك رفيع يا ابنتي، وشكرك وصل وبقوة، فجزاك الله خيراً على تقديرك لجهدي وإن كان أجره وصل قبل كلماتك المهذبة، وأعود لمتابعتك فأقول: حين يُخفي صاحب المشكلة جزءًا من قصته فلا يلومن إلا نفسه، ولقد ذكرت أنك انطوائية منذ سنوات دراستك في المدرسة، وأن وحدتك وافتقارك للرعاية والاهتمام جزء من تشبثك بتلك التجربة وقد أقررت معك ذلك، وذهلت عن أن تعارفك الأكبر به كان عن طريق الفضاء الالكتروني؛ حيث يصبح فيه المنطوي اجتماعي بدرجة امتياز، ويتحول ثقيل الظل لشخص مرح، ويتلهف المحروم على ماء السراب؛
أي أن من يفتقد شيء في واقعه يجده في الخيال وهذه حقيقة سواء وعيتها أم لم لا شئتها أم أبيتها، وهذا جزء آخر أصيل في تجربتك معه فالواقع بينكما عمره الحقيقي ثلاث مرات، وأظنه سبب من الأسباب التي جعلته لا ينساق في مشاعره تجاهك بدرجة ما، وحين قلت لك ألا يجب ألا نسرق حق الآخرين قصدتها تماماً؛ فنحن من حقنا أن نحب وأن نختار من نريد شراكته في الحياة، ولكن لا يجوز ولن يصح أن نسلب نفس هذا الحق من الآخرين؛
فحين نضغط عليهم، وحين نزداد التصاقاً بهم، وحين نبثهم مشاعرنا رغم اعترافهم لنا بأنهم لا يحبوننا هذا النوع من الحب فنحن في الحقيقة حينها نسرق حقهم في الاختيار ونورطهم، للدرجة التي جعلت البعض يأخذ قرار الزواج مجاملةً أو حرجاً من بسبب قوة ارتباط شخص بهم وتصورهم انهيارهم في البعد عنهم ثم يرسلون لنا كيف يخرجون من تلك الورطة!، ولقد فعلت ذلك كثيراً، بل كلما اقتربت من الواقع وتذكرت عدم حبه لك كرفيقة حياته، أو برغبتك أنت في فراقه تراجعت وآثرت رغبة القرب منه ولو على حساب مشاعرك.
والحقيقة أنك لم تسألي أبداً كيف تتخلصين من حبه، وبالتالي لم أقف عند تلك النقطة بشكل تفصيلي، ولأنني وجدت مشكلة في إدراكك والتي ظهرت حين سألت عن حُرمة الانتحار، وثواب التبرع بالأعضاء، وظهرت حين تحدثت عن حقدك تجاه المجتمع الذي يسلبك حقك في حين لا ينقصك قدرة مالية ولا معنوية، فهل هناك ثمة علاقة بين تلك التساؤلات ورغبتك في فراقه؟
اللهم إلا أنك وقعت أسيرة الاكتئاب من جراء تلك القصة، وحين قلت لك ابحثي عن حلم آخر، أوضحت لك أن يكون هذا الحلم حلم يملأ كيانك لتضعي فيه معظم طاقتك التي لا تنفذ بالأنشطة الاعتيادية والدراسة الأكاديمية؛ لأنها لا تشغل بالك، ولم أقل أنه حلاً لافتقاد الحب والاهتمام في حياتك ولكنه سيكون بديلاً مقبولاً ومؤقتاً ويمكن التكيف معه حتى يأتي من يستحق قلبك ويقدر مشاعرك لأنها أغلى ما تملكين، فإن كنت لم تجدي رواء لك من حديثي فالأمر فيه سعة ولديك من المواقع الكثير بين هاوٍ ومحترف فابحثي عن ضالتك فيها.
أما أن تلوي عنق الحديث لأنك لم تجدي ما كنت تنتظرينه تبع هواك فهذا غير مسموح به، وعلى الرغم ما قلته سابقاً في مشكلات أخرى من نقاط في كيفية تفادي البقاء في تجربة لا تغني ولا تسمن من جوع، وتكرار الحديث عن آلام الفقد ومراحله باستفاضة إلا أنني لن أكرره ليس لأنك لم تطلبي ذلك كما أوضحت، وليس لانشغالي أو كسلي، أو لتصورك أني غضبى، ولكن لأني نمطية.
ويتبع........: سم الخياط م1