رصيدي في الحياة صفر
السلام عليكم؛
بعد الشكر، أنا في الثلاثين من العمر وأعاني من مشاكل كثيرة ومتنوعة ما بين نفسية واجتماعية وأسرية.... الخ، من الناحية الاجتماعية: أنا وحيد تماما من زمن بعيد، وأكيد تعلمون عواقب ذلك من القلق والتوتر والمعاناة النفسية وخاصة أنى دائما ما كنت أرغب في تكوين الصداقات لكن للأسف لا أجيد هذا فأنا خجول جدا، وشخصية غير مرغوب فيها.
من الناحية الأسرية: دائما ما أتهم والدي بيني وبين نفسي بأنه سبب رئيسي في أحوالي السيئة، لأنه لم يكن قدوة ولا كان منه توجيه ولا تعليم ولا حتى حنو... لم أرى له أي دور في حياتي، لذلك للأسف علاقتي به ليست جيدة فأنا لا أعقه لكن أيضا لا أستطيع الإحسان إليه، كأن بيني وبينه عوائق وسدود، ربما تعجبون لو قلت أني أتمنى لو قبلت يده واستطعت القيام بدوري كابن بار لكن للأسف لا أحبه ولم أستطع التغلب على نفسي، فأنا قاسيا جدا عليه لكن بيني وبين نفسي وليس في المعاملة، وللأسف أيضا هو وأمي دائما ما يرسلون إلي رسائل سلبية بأني ما أستطيع فعل أي شيء ولا الاعتماد على نفسي في شيء، وهذا إلى الآن للأسف حتى فعلا أصبحت أتهرب من المسئوليات، ومن أكبرها الزواج فلا أريد الزواج الآن مطلقا، وشككت أن لدي رهاب الزواج, فقد حاولت خطبة إحدى الفتيات منذ سنتين لكن وبعد الزيارة والاتفاق تراجعت، بعد أن عشت في قلق وتوتر وعدم النوم وكثرة التفكير وكيف سأتزوج، وهل أنا قادر على هذا، وكيف أتزوج وأنا فاشل في حياتي كلها، ولم يتم هذا الموضوع ودائما ما أردد أني سأتزوج بعد 5 سنوات أو قريبا من ذلك بعد تحسن بعض أحوالي النفسية والاجتماعية وأحوالي العامة كلها، فعلا أنا على صواب أم مخطئ في ذلك؟.
من الناحية النفسية: أولا أنا لست قاسيا على نفسي أو مبالغا فأنا حكمت على نفسي من التفكر في أحوالي من ناحية, ومن ناحية أخرى من قراءة بعض الاستشارات. عندما كنت صغيرا كنت خجولا جدا وأخاف من الغرباء وما زلت خجولا، ضعيف الشخصية جدا, كنت لا أستطيع أخذ حقوقي من أقراني ولا أرد الظلم عني ولا أتكيف معهم وكم تعرضت من الظلم الشديد من أقراني في الدراسة من الابتدائية إلى الثانوية، وكان لهذا أثر سلبي جدا علي (كما يقال أصبح لدي عقدة من الدراسة ومن المدرسة)؛
باختصار وكما نقول بالعامية (دا عيل لخمة عبيط أهبل وضعيف، ومثل هذا الكلام) حتى بعد ذلك فشلت في أكثر من كلية وأعتقد أن السبب الرئيسي في هذه الأحوال النفسية بجانب العزلة الاجتماعية كذلك لدي إحساس بالنقص وفقدان الثقة بالنفس تماما والجبن والسلبية الشديدة وأيضا الإحساس بعدم الخبرة وأن من أصغر مني هم دائما أكثر خبرة مني وأنصح مني...الخ. من الناحية الدينية التزمت لفترة قصيرة في بداية العشرينات، لكن للأسف لم أستمر وتركت الصحبة الطيبة وانتكست.
مشاهدة للأفلام الإباحية ومشاهدة الجنس بكل أنواعه إلى الآن وفي آخر سنتين أصبحت أشاهد أفلام الشواذ بكثرة (تعرضت في الابتدائية للاعتداء الجنسي من أحد الشواذ من الرجال وما علم أحد بذلك مطلقا، ولا أدرى هل لذلك من أثر على أحوالي العامة أم لا) فهي كانت صدمة لي، وهل لهذه الحادثة أثر في أني يغلب علي الكآبة والحزن وقلة الكلام...؟ لا أدري وغير ذلك من الذنوب المنتشرة كالعادة السرية -أمارسها إلى الآن وأنا في الثلاثين-!!
المهم، بعد شديد عن الله وعن الالتزام بالدين وقضايا المسلمين، أتوب أحيانا ولا أستمر أكثر من أسبوعين، معظم حياتي كانت في البيت والتلفزيون وبعد دخول النت كانت على النت وتضييع الوقت والمعاصي، لأني كما قلت وحيد تماما فبعد العودة من العمل لا أخرج من البيت (أنا أكتب إليكم ونحن في عيد الأضحى وتصوروا لم يسأل على أحد مطلقا, وكنت مكتئبا في أول يوم).
أخيرا ما شجعني على الكتابة إليكم وأخذ نصائحكم أني منذ أيام وأنا أفكر بجدية أن أبدأ حياتي كلها من جديد وأيضا أن أبدأها بتوازن، حتى أني أفكر أن أعود إلى ممارسة الرياضة (فمن إيجابيات حياتي أني مارست إحدى الرياضات لفترة)، لكن كيف أوازن حياتي وكيف أبدأ من جديد وكيف أعوض ما فاتني، كيف أبني نفسي من جديد في هذا السن، ومعظم من في سني يشتغلون أكثر من عمل إما للزواج وإما للإنفاق على بيوتهم بعد الزواج.
وهل من الأفضل لي أن أؤخر فكرة الزواج بعد تحسين حياتي في جوانبها المختلفة؟ مع العلم أن فكرة الزواج بعيدة جدا عن تفكيري الآن؟ كيف أتزوج بهذا الفشل الذريع. هل يصح أن أتخيل نفسي في العشرين وليس الثلاثين وأبني نفسي من جديد في كل جوانب الحياة حتى في العلم والقراءة أعيد السؤال بشكل آخر, إنسان في سني يجب عليه أن يعمل ويعمل لكي يتزوج ويكون أسرة كأغلب من في عمره, لكن يجد نفسه وصل لهذا السن وهو لم يبني نفسه مطلقا لا عقليا ولا إيمانيا ولا اجتماعيا ولا في شيء مطلقا بل ضاع منه عمره في التفاهات، فماذا يفعل يؤخر هذه الخطوة حتى يعيد البناء الذي كان يجب عليه منذ سنوات في بدايات الشباب، أم ماذا وكيف؟
آسف للإطالة...
وجزاكم الله خيرا
10/11/2011
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله؛
يجب عليك الانتباه للقوالب الفكرية التي تعيش بها وتستخدمها بقدسية لا تقبل النقض، الحتمية والتعميم شكل شائع من اضطرابات التفكير التي تؤدي للمعاناة النفسية.
تبدأ بالقول أنك وحيد وأننا نعلم بما لهذه الوحدة من آثار ورغم أن الإنسان مخلوق اجتماعي ولكنه يعيش في الصحراء أيضا، ولدينا مثل في بلاد الشام "العب وحدك ترجع راضي" ومعظم العلماء والمفكرين كانوا من محبي العزلة، الحكم بحتمية أضرار الوحدة ليس صحيحا فاعتزال الأشرار غنيمة، الوحدة قد تساعد في تطوير الاستقلالية، في الحياة عموما ابحث عن ايجابيات كل حالة.
هذا التفنيد لفكرة أنك كنت تتمنى لو كان لديك أصدقاء أكثر مما كان بالفعل يمكنك أن تطبقه بنجاح على باقي ما تشكو منه مثل أنك شخصية غير مرغوب بها من يحكم بمثل هذا التعميم؟ ألا تعرف أن الناس لا تجتمع على شيء لا محبة ولا كراهية ولا حتى على عبادة رب العالمين، ابذل جهدك لتلتزم بالأطر الاجتماعية العامة المقبولة وأترك أمر الحكم عليك للآخرين، واعلم مسبقا أنهم لن يجتمعوا على رأي واحد فكن ايجابيا وركز على من يهمك أمره وتنال رضاه هذان معياران يساعدانك في تقرير من يستحق أن تبذل جهدا في التقرب إليه ومراعاة معاييره وتجاهل الباقي وتذكر بأن رضا الناس غاية لا تدرك، وانظر للقائمة التي ستحددها ممن يهمك أمرهم ويهمك التواصل معهم وبادر بمجاملتهم بمناسبة عاشوراء ورأس السنة الميلادية وغيرها من المناسبات كإشارة لخروجك من شرنقة السلبية.
انسجاما مع ما سبق سنقول أن حياتك أيضا ليست بالسيئة قد لا تنسجم مع صورتك عن الحياة المثالية ولكن فيها إيجابيات ركز عليها وتعلم تقديرها ولا تلوم والدك.
قد يكون التخلص من الصراع تجاه والديك خطوة أخرى لا تقل أهمية عن تخلصك من الأفكار والأحكام المعممة والحتمية فلا يوجد والدان لم يحسنا مهما اعتقد أولادهم أنهم سيئون فببساطة لو لم يتولى هذان الوالدان أمر رعايتك المادية من طعام وشراب وملابس مناسبة ومطاعيم وإعطائك الدواء عند مرضك والحرص على ذهابك للمدرسة لما كنت قادرا على كتابة هذه السطور، مرة أخرى لا تبالغ في التعميم وتعلم الإيجابية بالبحث عن النقاط المضيئة واقرأ سورة يوسف وقوله تعالى ".... إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" (يوسف:100)، منتهى الايجابية فلم يشكو تخلصهم منه ولا معاناته وسنوات سجنه.
سيأتي استقرارك وزواجك في الوقت الذي تشعر فيه أنك محتاج للاستقرار وهذه حاجة رغم أنها أساسية لدى جميع البشر ولكن أهميتها وتوقيتها مختلف بينهم. لا يمكنك أن تخدع نفسك وتدعي بأنك في العشرين لكن من قال أن بدء الحياة وتطوير الاهتمامات ووضع الأهداف مقصور على العشرينات من العمر تذكر وتأكد بأن كل يوم يعيشه الإنسان يصلح لأن يكون بداية جديدة وحياتك موجودة وفيها انجازات ولكنك تحتاج لأن تعدل عليها وتحسن من نوعيتها وهكذا ترى أن مهمتك أبسط.
لا تنظر لمن حولك وما يفعلون فما البشر دائما على صواب فالمهم لدي هو ما تحتاجه أنت وما الذي يمكنك من تحقيقه، والنفس البشرية يصعب ضبطها في قوالب، اقرأ في باب توكيد الذات من على الموقع، واعلم مبدئيا أن فكرتك عن نفسك تتكون من ثلاثة مصادر هي رأي الآخرين المهمين في حياتك ورأيك بنفسك وفكرتك عن الصورة المثالية لنفسك ويأتي الاضطراب من الاعتماد على أحدها دون غيرها وكذلك من التناقض بين هذه المكونات فاضبطها بارك الله فيك وسارع إلى شحن رصيدك بالإيمان والعقل.