مصباح علاء الدين
أخاف من تكرار التجربة..!؟
السلام عليكم جميعا، السيد وائل أبو هندي المحترم، لقد أرسلت إليكم باستشارة وقمتم مشكورين بالرد عليها تحت عنوان "مصباح علاء الدين". أنا الآن أمارس حياتي بشكل طبيعي جدا أعمل بوظيفتي ومتصالحة جدا مع نفسي عارفة عن نفسي قدر الإمكان حتى أن الكثيرين يستغربون أنني لم أنهر أو أصبح حساسة نظرا لشخصيتي الهادئة التي يعرفونها ولكنني لا أنكر أنني أعيش أحيانا حالات من القلق والحزن بل والتخوف من الغد ومن الوحدة المحتملة لا أخفيكم أن سبب طلاقي التافه أثر نوعا ما بثقتي ونظرتي لجسدي حتى أنني أصبحت أتعمد النظر والمقارنة بين صدري والأخريات وأخاف من تكرار التجربة مع زوج قد يكون له نفس العقلية أخاف جدا.
ماذا سأقول إن تقدم لي خاطب؟ وهل سيقتنع؟ أخشى أن يفكر بسلبية ويقول لولا أن الوضع غير طبيعي لما طلقت مع أن الأمر غير الطبيعي هو عقلية طليقي وثقافته ليس أكثر وأمر آخر هو أنني أحن كثيرا إلى الحب والتقارب الجسدي لا أشعر برغبة جنسية ملحة بل عادية أكبتها في أغلب الأوقات لكن حاجتي هي لرجل، لمسك يد أو احتضان أو لمس بشرة رجل ورائحة عطره حاجتي العميقة لذلك كثيرا ما تشعرني بحزن عميق وأخشى على نفسي من الغد من أن يطول الوقت ولا أتزوج.
وأنتظر ردكم
وشكرا لكم
15/12/2011
رد المستشار
أهلا وسهلا بك من جديد، وأحمد الله على الحالة الجيدة نوعا ما، والحقيقة التي يجب الاعتراف بها أن تجربة الطلاق من التجارب القاسية التي يمكن أن نمر بها، وتزداد مرارتها حين تكون مشوبة بالإهانة والتجريح والمرض النفسي وكذلك نظرة المجتمع التي لا زالت تحتاج لتغيير تجاه المطلقة، وحتى نكون واقعيين فعليك أن تعرفي كل ما سبق ثم تتعلمين كيف تتعاملين معه بشكل صحي قدر إمكانك وحتى يكون الكلام واضحاً سأجعل حديثي لك في شكل نقاط كما اعتدت دوماً:
* من أهم الاستراتيجيات الصحية للتعامل مع ما نمر به من معاناة نفسية "البوح" بما نعاني، وهنا نختلف كأشخاص فمنا من يبوح لمقربين يفهمونه ويقدرون مشاعره، ومنا من يعبر بالرسم، ومنا من يعبر بالكتابة والمذكرات، ومنا من يعبر بمدونة، ومنا من يعبر بالموسيقى..إلخ، فالبوح يجعل ضغط الطاقة النفسية السالبة تتلاشى تدريجياً خصوصاً لو كان البوح يتبعه نقاش موضوعي ومراجعة.
* الاستراتيجية التي تليها هي "التقييم": ويبدأ التقييم بمعرفة ذواتنا، وما هي الأخطاء التي وقعنا نحن فيها وساهمت بقدر في الحدوث المشكلة ومعالجة الأفكار الخطأ والتعرف على الصحيح أو الأقرب للصحيح منها كأن تواجهي نفسك بأنك أخطأت حين لم تتريثي أمام الفترة النكد وقت الخطوبة، وسوء التفاهم وتركتيهما لحال سبيلهما، وأنك كنت مساهمة بالصمت في غير محله، وكنت مخطئة حين لم تدركي أن "الغصب" في المشاعر سبيله مغلق مادام الطرف الآخر لا يريد،..الخ.
- الاستراتيجية الثالثة: أن تبدئي في احترام مشاعرك واحترام طاقتك وطاقاتك وتضعي ملامح حقيقية لنفسك لتجعليها هي "البوصلة"، أو "المرجع" الذي تعودين له حتى تتمكني من الدخول بعد كل تلك الفترات في تجربة جديدة تكونين فيها واضحة مع نفسك، تعرفين نفسك وما تحتاجين له من شريك الحياة ومن الحياة، دون ضغوط وهمية كالسن والناس وماذا سأقول للعريس.
- القيود التي يفرضها عليك المجتمع أو الناس هي بقدر ما تتقبلينه أنت، فكلما تحررت من تلك القيود كلما زالت فعلاً، فالمرأة لا تكتسب قيمتها من ارتباطها برجل، فهي "كائن" خلقه الله ليقوم بأدوار متعددة تختلف في ترتيب أولوياتها، وبالقدر المطلوب من كل دور، لكن أبداً لا يمكن اختزالها في دور وشكل واحد فقط كأن تكون "متزوجة"، فالزواج من خلال تجربتك ظهر أنه ليس نزهة وليس علاقة سطحية يتم ترقيعها أو علاقة فراش تنفصل عن العلاقة الحقيقية بين الزوجين.
- ما ستقولينه لمن يتقدم بعد أن تمري بكل ما اتفقنا عليه ويأخذ وقته هو أنه كان شخصا غريب الأطوار وهذه حقيقة، وأنه كان بخيلاً وهذه حقيقة، وأنه لا يتعامل بما يرضي الله وهذه حقيقة، وأنك لم تتعرفي عليه جيداً قبل الزواج وهذه الحقيقة، أما أن تجعلي من تفكيره المرضي حول "الشعر" و"الصدر"، وغيره وتجعلينه الحقيقة فهذا غير صحيح؛ فالزواج ليس فراشاً وجسداً ممشوقاً فهو أكبر بكثير من هذا؛ فهو بحق علاقة الأمان والمودة والرحمة والسكن ويتم التعبير عن كل ذلك بلغات كثيرة منها لقاء الفراش، ناهيك عن أن العلاقة الجنسية بين الزوجين تنجح بجمال "الأداء" والتجديد والإبداع فيه حتى لو هناك ما كان يتحدث عنه هذا الزوج.
- هناك محاولات للدعم النفسي تتعلق بالربط بين مطلقات مررن بتجربة الطلاق يدعمن أنفسهن بأنفسهن من خلال الحوار حول كيفية التعامل مع التجارب المختلفة أو الدروس المستفادة، وهي مجموعات مفيدة بجانب ما تحدثنا عنه سابقاً، فقط ابدئي في استيعاب ما حدثتك عنه وتسكينه في أرض الواقع لديك لنتحدث من جديد عن أي جديد.
ويتبع>>>> : مصباح علاء الدين م1
التعليق: الحقيقة كلما قرأت تعليقا من تعليقات الأستاذة الفاضلة أميرة بدران أحسست أن هذه الإنسانه قد جاءت من السماء
إنها تضع يدها على مناطق دفينة في النفس وتصل إلى أدق المشاعر وكأنها قد عاشت كل اللحظات ..
بارك الله فيك بكل كلمة كتبتها ونفعت الكثيرين وأضافت لنا من الثقافة والفهم الكثير والكثير و أنا كثيرا ما أكتب كثير من آرائك في نوتة خاصة حتى أرجع لها بين الحين والحين ..
أما بالنسبة لصاحبة المشكلة فلتثق تماما في كل كلمة قلتها ويا رب تستجيب لأن الواقع قد يفرض أشياء كثيرة لا يقبلها العقل والمنطق