قاعدة نشر الكفر كفر
السلام عليكم؛ لدي بعض الأسئلة الفقهية للأستاذة رفيف الصباغ:
1- سؤال عن قاعدة "نشر الكفر كفر"، لو أرسلت إلى أصدقائي على الإنترنت مقطع فيديو مباراة كرة قدم...، وفي هذا المقطع يوجد صليب على ملابس أحد الفريقين، مثل: برشلونة أو ريـال مدريد، أو صليب على أعلام دول مثل إنجلترا والسويد، أو وشم صليب على ذراع أحد اللاعبين, هل يكفر من ينشر فيديو مثل هذا أو يرسله لصديق أو يريه لأحد؟ أم أنه يأثم فقط؟
كذلك لو أن شخصًا وضع صورة البروفايل شعار برشلونة أو علم إنجلترا وكلاهما يحتوي على صليب...، هل يعتبر هذا نشرًا للكفر أم أنه يأثم فقط؟ أو علم الكيان الصهيوني وهو يحترق أو تحت الحذاء...؟
ولو قمت بنشر مقطع فيديو كوميدي على الفيس بوك من فيلم أو مسلسل أو مسرحية, وهذا المقطع يحتوي على رجل يقول "والنبي" أو فيلم أجنبي فيه شخص يقول: "وات ذا هيل" what the hell ترجتمتها "ماذا بحق الجحيم"؟ وفي الحقيقة لا أعلم إن كانت هذا الترجمة صحيحة...
لكن هل يكفر من ينشر مقطع مثل هذا أو يرسله لصديق؟ وهل يصل الإثم لنفس درجة الشرك الأصغر الذي هو أكبر من الزنا وشرب الخمر؟ أم أنه أقل في الإثم؟
وبالنسبة للشعر والأغاني (مع علمي بحرمة المعازف) لو أن في الأغنية أو الشعر كلامًا يخالف العقيدة، أو كفرًا أو كلامًا فيه مخالفة لسنن الله الكونية كأن يقول: "ارجع بالزمن إلى الوراء" أو "أسافر إلى المستقبل" أو "أنا أطير... أنا أتنفس تحت الماء.... أنا احترق في الجحيم... عدت من الموت... أعدني إلى الحياة... لماذا فعل الزمن هذا بنا؟... لما القدر يجعلنا نعاني؟ وكذلك أي تعبير مجازي يثير شبهة.
لو أن شخصًا وضعها على الفيس بوك كي يشاهدها الجميع، هل يكفر؟ أو لو قال لصديقه: تعال شاهد أو تعال اسمع هذا الفيديو. يعني خلاصة أسئلتي: هل تنطبق قاعدة نشر الكفر كفر على هذا الحالات المذكورة أو بعضها؟ وهل تصل هذه الأفعال إلى الردة والعياذ بالله حتى لو لم يقصد الشخص نشر الكفر أو الكلام الكفري، إنما ينشر المقطع المضحك؟ أو لأنه يعجبه لحن الأغنية من دون أن يكون معتقدًا الكفر أو راضيًا به؟
حتى وإن لم يعلم أن هذا كلام كفري؟ وهل هناك فرق بين القيام بعمل بنية الكفر، والقيام به لشهوة أو عبثًا، أو لهوًا أو لإعجابه بلحن الأغنية أو بمشاهد الفيلم وهكذا؟
لأني قرأت في موقع إسلام ويب أن من يسجد لغير الله من دون يقصد العبادة لا يكفر لكنه يأثم...، كذلك لو أن شخصًا بنى كنيسة من دون أن يرضى بالكفر لا يكفر...، وفي فتوى أخرى بينتم أن من يرسم نجمة داود شعار اليهود عبثًا لا يكفر، وإنما يأثم لكن من يرسمها راضيًا بها يكفر, ومن يمارس ألعاب الزومبي على البلاي ستيشن لا يكفر إلا إذا كان معتقدًا أن أحدا يمكنه أن يحيي الموتى من دون الله.
هل يمكن أن نقول نفس الكلام للحالات التي ذكرتها في أول الرسالة؟
2- السؤال الثاني في الطهارة بخصوص المذي... لدي ملابس داخلية سراويل سوداء أو "بوكسر"، وعندما ينزل مني مذي يترك بقعة رمادية اللون عليه حتى عندما يجف، وعند غسل هذا السروال أقوم ببل أصابع يدي وأفرك هذا النقطة جيدًا ثم أصب الماء عليها، وأعلقها على حبل الغسيل حتى تجف. المشكلة أنني بعد كل ذلك أجد في السروال شيئًا من هذا المذي! ولا أدري إن كان هذا يعتبر من أثر النجاسة أم عينها؟
سؤالي: هل يلزمني إعادة غسل هذا السروال، أم أنه يعفى عنه في هذه الحالة؟
لأنني قرأت أن لون النجاسة يعفى عنه لو تعسرت إزالته. وإن وجب غسله.
ثانيًا: هل يغسل كله أم الجزء الذي أصابه المذي فقط؟ علمًا بأني أقوم بغسل السروال كاملا بالماء في بعض الأحيان كنوع من الاحتياط؟
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرًا
وعذرًا على كثرة التفاصيل وطول الرسالة.
15/12/2011
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "أحمد"؛
1- ما سألت عنه أولًا، كله لا يصل إلى الكفر ولا إلى الشرك، وكما أنه يوجد قاعدة: (نشر الكفر كفر)، يوجد قاعدة أخرى (ناقل الكفر ليس بكافر)!!!!
والفرق بينهما: أن النشر في القاعدة الأولى مصاحب للرضا، والإعجاب بالكفر أو ما يتعلق به، أما القاعدة الثانية، فتبيِّن أن الذي ينقل كلام كفر أو ما شابهه، بنية حكايته للناس، كما نقل لنا المؤرخون الكلام الذي كان يقوله الكافرون عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الإسلام، وأنواع استهزائهم...، أو بنية التحذير منه وبيانه ليجتنبه الآخرون، كما في حالة نقل أقوال الملاحدة لبيان فسادها وإبطالها....، الذي ينقل الكفر بهذه النية وأمثالها ليس بكافر.
هذا شيء، وشيء آخر: هناك قاعدة تقول: (يُغتَفر في التوابع ما لا يُغتفَر في غيرها).
أنت عندما تشاهد أو ترسل أو تسمع شيئًا ما، جائزًا في أصله، أو محرمًا ولكنه ليس بكفر....، ويحتوي بداخله ما هو مخالف للشريعة الإسلامية، كالأمثلة التي ذكرتها: (إرسال مباراة إلى صديقك وعلى قمصان اللاعبين صليب.... الخ)، لاحظ أن شعار غير المسلمين هنا أتى تبعًا وليس لك غرض أصلي فيه، فأنت غرضك المباراة، وأتى هذا فيها بغير قصد، كما أنك لا ترضى به فيما لو رأيته وحده بعيدًا عن المباراة والقمصان.... فهنا لا حرج في إرسالك لهذه المباراة أو مشاهدتها.... ولا تأثير لمحرم، أو لشعار كفر –لا ترضى به- جاء تابعًا لأمر جائز.
ومن هنا تعلم: أن وضع صورة البروفايل شعار برشلونة أو علم إنجلترا، ليس كفرًا لأنك لم تنشره رضًى بالصليب، ولكنه محرم، لأنه ليس تابعًا لشيء آخر، وإنما هو صليب قائم بذاته، لا ضرورة لوضعه.
أما وضع صورة علم إسرائيل تحت الأقدام، أو هو يحترق، فهذا جائز بلا شك، لأنه إهانة للكفر، لا نشر له كما ترى!
ومن المحرم أيضًا، سماع الأغاني التي فيها كلام كفر لا ترضى به، وقضية الغناء هذه شائكة قليلًا، لكن اعلم أنه لحل سماع الأغنية لا بد من حل كل من الكلمات، والآلة المستخدمة، والصوت المغني.... وإلا كان الاستماع محرمًا.... والنشر محرمًا، لكنه ليس بكفر ما لم تقصد نشر معاني الكفر الموجودة في الأغنية، أو ترضى بها طبعًا.
2- أما بالنسبة للمذي وأثره على السروال الأسود، فالأصل أن المذي لا لون له يبقى، وإذا بقي شيء فإنما هو عين النجاسة.
إن المذي مادة مخاطية، عندما تفركها بأصابعك المبتلة، إنما تقوم بترطيبها لا بإزالتها من محلها، وعندما تغسلها بالماء، فإن الماء قد لا يستطيع دفعها بالكامل عن المحل، فيبقى منها شيء....، ولتجنب هذا ينبغي أن تفركها جيدًا تحت الماء مباشرة. فإن كنت قد غسلت مكان النجاسة فقط، فيكفي إعادة غسل مكان النجاسة، وإذا كنت غسلت السروال كله فعليك إعادة غسله كله....
وقد تقول: إذا كان السروال نجسًا، فقد سقطت بعض النقط منه وأنا أحمله لأنشره على الحبل، ثم ما حكم الحبل؟ ثم ما حكم ما تم نشره على الحبل بعد ذلك؟ هل أصبح كله نجسًا؟!!!!
لا اطمئن، ابدأ الآن صفحة جديدة، أما ما سبق فقلد فيه المذهب المالكي من أجل المشقة، حيث لا ينجس الماء عندهم إلا إذا تغيّر أحد صفاته (لونه أو طعمه أو رائحته)، وهذا المقدار الصغير من المذي لا يقوى على تغييرها، فلا خوف مما سقط إذن، لأنه طاهر على مذهبهم... حتى عند غير المالكية، لا تتنجس الثياب الأخرى عند نشرها على الحبل المتنجس، نص على هذا الحنفية.
أضف إلى ذلك أنك لست متأكدًا أن طرف الثياب الأخرى قد لامس المكان الذي علقت عليه طرف السروال، فالأصل أنها لم تتنجس.
المهم: أن هناك مخارج عدة، ويسر في هذا الأمر، فاعتبر أن شيئًا لم يكن، واغسل سروالك على نحو ما ذكرته لك.
هذا كله إذا لم تكن تستعمل الصابون بعد غسل النجاسة، أما إذا كنت تستعمله بعد أن غلب على ظنك زوال النجاسة، فإن ما تراه بعد الجفاف هو أثر بياض الصابون، لأنه من المعتاد أن يبقى أثره في مثل هذه الحال، حتى بعد إزالة عين النجاسة، إذا لم تعتنِ بإزالته.
أرجو أن أكون أجبتك بهذا، وأهلًا بك دائمًا.
التعليق: بارك الله فيك يا أستاذة رفيف واشكرك على ردك ...
أفهم من كلامك أن المقصود بالنشر في قاعدة نشر الكفر كفر هو "الترويج والدعوة إلى الكفر" وليس مجرد النقل أو وضع المادة المتضمنة في وسط يراه أو يسمعه الناس؟
لأنني كثيرا ما أشاهد الشباب على الفيس بوك يقومون بضغط زر "شير" أي نشر وهم لا يقصدون الترويج أو الدعوة للكفر ... خصوصا في مجال كالرياضة أو الكوميديا