مشكلتي دقة ملاحظتي
أنا آنسة كنت مرحة ومبتسمة وكثيرة التفاؤل واجتماعية جدا لكن في السنين الأخيرة تغير حالي وأصبحت شديدة العصبية ومتوترة وأبسط المواقف والأحداث تثير جنوني ويفور دمي بسببها وتجدني أكاد أموت من الغيظ وكثيرة الضجر والتأفف ولا شيء يعجبني... وحتى لو وقع مشكل لأحد أقاربي تجدني لا أنام من كثرة التفكير في الموضوع لمدة طويلة فيتملكني الحزن وأبكي بحرارة بسبب وأحيانا بدون سبب لدرجة أنه حتى ولو حدث حدث سعيد داخل الأسرة أو كان عيد ديني أو مناسبة سارة تجدني لا أفرح لا أضحك وكأن مشاعري تجمدت، يحدث موقف طريف وأجد من حولي يضحكون بحرارة إلا أنا لا يحرك فيّ أي شيء.
حاولت تغيير نفسي وشغلها بكثرة الدعاء وقراءة القرآن لكن بدون تركيز، أقرأ وأنا دقيقة الملاحظة ولكن لا أرى إلا العيوب، تصور لو دخلت مكانا ما في رمشة عين ألاحظ العيوب فقط وكأنني أبحث عنها مثلا: هذا الجدار مائل وهذه الستارة بها ثقب وهذا الباب أعوج حتى الأشخاص أكتشف عاداتهم السيئة وعيوبهم في وقت وجيز جدا ولو دخلت المطبخ مثلا ووجدته غير مرتب يثير جنوني بحيث أريد أن يكون كل شيء في مكانه المخصص له ولا أقبل بالفوضى ولو حدث سوء تفاهم بين أمي وشقيقها أجد نفسي سأنفجر، أمي تكون قد نسيت الموضوع لكن أنا لا أستطيع تناسي الأمر وأطيل التفكير فيه رغم أنه لا يستحق وأنا أعلم هذا لكن لا أستطيع التحكم في أفكاري.
أنا لا أريد أن أكون هكذا بل أتمنى لو كنت لا أبالي ولا أهتم وأن لا أكون كثيرة الانتقاد لكن هيهات ثم هيهات عائلتي تعرف حالتي وتحاول إرضائي لدرجة لو حدث أمر مزعج أو خبر سيء يحاولون إخفاءه عني لكي لا أتوتر وأنزعج، هم يقدرون وضعي لكن أنا لست راضية عن حالتي، أحاول أن أتقبل ذاتي ولكن...
أقرأ كتبا عن تقدير الذات وكيفية التعامل مع الأفكار وأتابع محاضرات عن طرق النجاح في الحياة وعن كيفية الحصول على السعادة وأتابع برامج طرق الاسترخاء و...... سواء على القنوات أو على النت فيتملكني الحماس لمدة أسبوع أو 10 أيام بعدها لا أستطيع تطبيق ذلك وهذا يؤرقني.
أفيدوني لله
ولكم الشكر
29/12/2011
رد المستشار
أهلا بك يا صغيرتي الجميلة، فأنت منذ فترة غير قليلة تبحثين في أنواع التفسير لتعرفي ما هذا الذي تعانين منه وبتلك القوة، وأخيراً جئت هنا في المكان الصحيح؛ فهنا يعني أنه سيفسر لك لا أكثر؛ فهناك عدة أمور يجب عليك معرفتها منها؛ أن مرحلة سنك هذه تتميز بأنها متقلبة وحادة في المشاعر وفي التفكير أيضاً، للدرجة التي جعلت العلماء يسمونها مرحلة "الصراع"؛ صراع في كل وأي شيء، في الأفكار، المعتقدات، المشاعر، التطور الجسماني، المبادئ، المسلمات الاجتماعية والدينية والثقافية..... إلخ، فجزء لا يتجزأ من هذا الصراع يعود لطبيعة المرحلة التي تمرين بها، وهناك أيضاً ما يتعلق بتلك المرحلة ألا وهي أنه لو هناك أي اضطراب أو أزمة نفسية أو حتى مرض نفسي أو ارتباك نفسي نجدها تظهر في تلك الفترة بوضوح عن غيرها من مراحل العمر، ويكون من المفيد جداً تداركها في بدايتها حتى ننهي تلك المشكلات في أقصر وأسرع وقت ممكن،
أما ما ظللت تتحدثين عنه من تفاصيل معاناتك مع تصرفات الآخرين، وسقطاتهم، ووقوع عينيك على أي وكل شيء ليس كما يجب أن يكون في رأسك أنت فرأيتك وكأنك تتحدثين من كتاب يتحدث عن الوسواس القهري؛ والوسواس القهري ببساطة أرجو ألا تكون مخلة هو أشهر وأكثر الأمراض النفسية شيوعاً على مستوى الوطن العربي والذي صارت نسبته في شباب العرب ما يزيد عن ال93% !!، وهو عبارة عن "فكرة" تخرج من رأس صاحبها فقط قد تظهر في رأسه نتيجة مروره بأزمة وضغط نفسي (منه المراهقة في حد ذاتها/القلق/ ... إلخ)؛
أو من خلال الوراثة الجينية أو السلوكية بسبب رؤية الشخص واقترانه المستمر بشخص قريب منه يعاني من الوسواس القهري، هذه الفكرة في حد ذاتها فكرة يراها صاحبها أنها تافهة، أو سخيفة، أو أنها لا يصح وجودها وهو موقن بذلك، ولكنها "تقهره" وتظل في حالة "زن" مستمرة لدرجة أنه يتصور أنه لكي يتخلص منها عليه أن يستجيب لطلبها (فأنت ترين أن الجهد الذهني في التفكير فيما يمر من تصرفات وأحداث حولك فكرة سخيفة ولا يصح وجودها بهذا الشكل)؛ فيقوم بالتعليق فعلاً والتفكير والتفكير لكي ينهي "زن" تلك الفكرة عليه، ولكنه يكتشف أن استجابته لم توقف الفكرة!، بل زادتها قوة وشراسة ويظل هكذا حتى يصاب بالاكتئاب وهو صديق حميم جداً للوسواس القهري، والتوتر، والقلق.
بقي أن أقول لك أن الوسواس القهري له درجات في الشدة وأن بعض الأشخاص يحومون حول المرض دون الوقوع فيه فيكونون في مساحة تعرف باسم الوسواس القهري دون الإكلينيكي subclinical ؛ فيها لا يكون الشخص في حالة وسوسة خالصة كفكرة وكفعل قهري -الاستجابة للفكرة-، ولكنه في حالة من الوسوسة، وكذلك الأمانة تقتضي مني أن أقول لك أن هناك مدرستين كبيرتين في علاج الوسواس القهري؛ أحدهما مدرسة العلاج بالأدوية؛ وفيها يكون دور البطولة في العلاج للدواء ويسانده بعض الجلسات السلوكية والمعرفية يتم فيها إعادة ترتيب وتصحيح المعارف والأفكار والقيام بسلوكيات تحد من الوسواس حتى تنهيه، والحقيقة أن أدوية الوسواس القهري تطورت كثيراً وصارت تعطي نتائج جيدة جداً حين تتكامل مع الجلسات ويتم أخذها بالجرعات التي يحددها الطبيب وهي بالمناسبة في نفس الوقت تعالج الاكتئاب المصاحب.
أما المدرسة الثانية فهي مدرسة "الإرادة"؛ وفيها يقوم الشخص بتدريبات متدرجة ومتكررة لتعلية إرادته في القضاء على الوسواس، وإن أخذ وقتاً وهناك جهد قوي وطيب جداً على الموقع لدكتور محمد شريف سالم يمكنك الاطلاع عليه، ويبقى أن أقول لك أنه من الأفضل التواصل مع طبيب نفساني ماهر وثقة حتى يضع يديه على ما قد غمض في سطورك فلعلك مثلاً تميلين للشخصية القسرية، أو الشخصية الاكتئابية، أو لديك ما يعرف بالتفكير الانتقائي، فالتواصل المباشر سيفيد كثيراً ولا أظن أن الأسرة ستهمل هذا الطلب منك في هذا التواصل، وما قلته لا يعني أنك شخص مريض بكل أمراض الدنيا، هذا غير صحيح، فكلنا لنا مما حدثتك عنه نصيب، فالصحة النفسية لا تعني "الخلو" من الأمراض أو الارتباكات النفسية، ولكنها تعني "قدرتنا" على التعامل معها بشكل سليم فلا تتوقف أدوارنا المطلوبة منا في تلك الحياة وأن نستخدم ونوظف قدراتنا أفضل توظيف، وهناك من عانى الوسواس القهري فترة مراهقته فقط لا غير، فلا تقلقي واقرئي فيما حدثتك عنه لتتعرفي أكثر وتواصلي مع طبيب يُعرف عنه أنه يعالج بالعلاج المعرفي السلوكي، وفقك الله.
ويتبع>>>>>: أفكر وأفكر وأفكر وأفكر م
التعليق: " نسبته في شباب العرب ما يزيد عن الـ93%" أعتقد أن الأستاذة قصدت الوسواس القهري دون الإكلينكي، لأنه غير ذلك يعني كارثة !
( "فكرة" تخرج من رأس صاحبها فقط قد تظهر في رأسه نتيجة مروره بأزمة وضغط نفسي)
لي استفسار في هذا لو سمحت يا أستاذة، من الممكن أن لا تكون الفكرة فقط في رأسه أليس كذلك؟! يعني إذا كان طفلا ضعيفا وعامله من حوله بقسوة وعنف، فقد نتج في عقله فكرة أنه إنسان بلا كرامة وينتج داخله أفكار أنه صفر أتى بالـ"خطأ" إلى العالم(مع تعارض هذا مع عقيدة ديننا الحنيف)، وبذلك يتطور هذا الأمر إلى وساوس تقهره وتلازمه أينما ذهب، فتصحب كوصمة عار يصعب عليه نسيانها، وتصبح عقدة نفسية لا يقدر على حلها إلا أمهر الأطباء بعد مشيئة الله.
ما أقصد قوله أن الوسواس القهري قد ينتج من سوء تعامل من حوله فتأتيه وساوس تافهة أنه لا شيء، أم أن هذا لا يعتبر وسواسا إذ أن صاحبه لا يعلم تفاهة الفكرة بل يظنها صوابا؟!