لا أعلم من أين أبدأ؟!
أنا طالب في الثانوية العامة 2 ثانوي، أعاني من الوسواس القهري، أنا متفوق في دراستي...، أحصل على الدرجات العالية دائما والحمد لله، ولكن حدث ما لا يسرني، فمنذ صغري أعاني من الوسواس القهري، ولكن لم يكن في نطاق الدراسة كنت في صغري أعيد الصلاة والوضوء، وكان أهلي يعاتبونني على هذا الفعل، ولكن لم نكن نعلم بأنة مرض، والآن أعاني كثيرا من هذا المرض، فأصبحت الآن مدمرا فقد ضاعت أحلامي وآمالي، أصبحت أوسوس في دراستي، وتأتيني أفكار تزعجني وتؤرقني، أفكار أعلم أنها خاطئة، ولكن لا أقدر أن أبعدها عني، فكلما حاولت إبعادها واطمأننت، تأتيني مرة أخرى.
فمثلا -كما نعلم جميعا- أن أي لغة في الدنيا من الممكن أن توجد كلمة واحدة لها معنى أو أكثر من معنى. أنا أدرس 3 لغات، العربية والانجليزية والفرنسية، فكنت في مرة أذاكر اللغة العربية، وكنت أقرأ معاني نص من النصوص، فوجدت كلمة "جديدة" بمعنى "واضحة" يعني جاءت كلمة جديدة في سياق الكلام بمعنى واضحة وهذا طبيعي جدا، فمن الممكن أن يكون للكلمة أكثر من معنى؛
ولكن المشكلة أنه جاءتني فكرة غريبة وأنا أقرأ المعنى، الفكرة أنه من الممكن أن كل كلمة في الدنيا لها أكثر من معنى، إذن فمن الممكن أن كل كلمة أسمعها في حياتي يكون قائلها يقصد غيرها باعتبار أن كل كلمة لها أكثر من معنى، وهذا مستحيل طبعا، لأنه لو كانت اللغة كذلك فلن يعبر أحد عن أي شيء، لأنه سيضع في باله أن السامع سيفهم الكلمات بمعناها الآخر وليس الذي يقصده، أحاول أن أبعد هذه الفكرة عني. ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله، وللعلم: هذه فكرة واحدة من ضمن أفكار كثييييرة، ولكن لا أريد أن أطيل.
الآن لا أذاكر ولا أطيق أن أنظر في أي كتاب لأني أخاف أن تأتيني فكرة تفسد علي كل ما ذاكرته بعد أن كنت أذاكر 10 ساعات يوميا، أو 9 أصبحت لا أفتح كتابا. وبسبب خوفي على مستقبلي فإني أبكي دائما وكل يوم، تعبت من ذلك أريد أن أصبح مهندس طيران ماهر، هذا حلم حياتي، وقد فكرت في أنه من الممكن أن الله يعاقبني على ذنب أذنبته يوما ما، فتركت كل المعاصي حتى يوفقني الله، فوالله تركت سماع الأغاني وكنت في علاقة مع فتاة أحبها من كل قلبي، وأذاكر وأجتهد فقط لكي أكون قادرا على الزواج منها عندما أكبر ولكني تركتها رغم عدم قدرتي على فراقها، فهي كل حياتي.
أحلم دائما بأن أبني لها قصرا نعيش فيه سويا، وكثيرا ما كنت أقول لها: "أريد أن أبني لك قصرا، وأزرع فيه الأشجار فنجلس أنا وأنت سويا تحت هذه الأشجار في هذا الجو الجميل، فأقول لك ما بداخلي من مشاعر تجاهك وأنظر لك وأبتسم وأقول: الحمد لله الذي أنعم علي بهذه النعمة "أن أكون معك يا حبيبتي"، ودائما أفكر بذلك، وأتخيل كم سأكون سعيدا عندما يحدث ذلك، فيزيد ذلك من همتي فأذاكر ساعات طويلة، ولكن عندما جاءني الوسواس أصبحت أبكي عندما أتذكر هذا القصر، لأني أحس أني لن أقدر على بنائه إذا لم أتفوق في دراستي فأظل أبكي ولا أعلم ماذا أفعل؟، أخاف أن أفتح الكتاب لأذاكر فتأتيني فكرة جديدة تؤرقني لا أعلم ماذا أفعل!!!!
وأحزن عندما أتذكر أني كنت الأول على أصحابي، وأن المدرسين كانوا يشهدون بتفوقي وأدائي الرائع في الدراسة والآن أصبحت لا أضمن النجاح. أصبحت أقوم الليل وأقرأ وردا من القرآن، وأطلب من الله أن يوفقني، وفي نفس الوقت أحس أني لن أوفق لأني أحيانا أضعف وأرجع لأتحدث مع الفتاة التي أحبها، كما أني عندما أكلمها أحس بصوت في أذني يقول لي: "إذا لم تغلق الخط لن تنجح في الثانوية العامة".
دائما أحس بهذا الصوت فأخاف فأقول لها: أنا مضطر أن أغلق الخط الآن أرجوكم ساعدوني أريد علاجا نفسيا وعلاجا طبيا أي أريد دواء يخفف حالتي أريد دواء ولكن إذا سمحتم أن تذكروا أعراضه الجانبية. وجزاكم الله خيرا ووفقكم، وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم.
12/01/2012
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا "ميسرة"، وخفف الله عنك وبلغك آمالك.
لماذا لم تذهب يا ولدي إلى الطبيب وأنت تعلم أن ما تعانيه مرض، وأن له علاجًا نفسيًا وعلاجًا دوائيًا؟ هل تعاني من العوائق والموانع التقليدية المعروفة للذهاب إلى الطبيب النفسي؟
لأنه للأسف لا يمكن العلاج من خلال المراسلات، وخاصة في العلاج الدوائي...، لكن يمكننا أن نعطيك إضاءات حول المرض، وحول كيفية العلاج بنوعيه الدوائي والنفسي. ولعل تعلم العلاج النفسي أيسر عن طريق الشبكة، إذ يمكنك اتباع برنامج علاج ذاتي يخفف عنك، أو على الأقل يمنع تفاقم المرض أكثر، لكن هذا على كل حال لا يغني عن الذهاب إلى الطبيب.
يا ميسرة إن التعرض مع منع الاستجابة هو ملخص العلاج المعرفي السلوكي لحالتك، والابتعاد عن الدراسة وقود يشعل الوسواس ويزيد حدته، ينبغي عليك أن تحدد وقتًا معينًا تجبر نفسك على الدراسة فيه، وكلما خطرت الأفكار الوسواسية في بالك، فأعد التركيز على المعلومة وكررها، اقرأها بصوت مرتفع، واكتبها غيبًا أيضًا...
ستشعر في البداية بضيق شديد، وصعوبة في التركيز قد تتعب عقلك، لكن استمر مستشعرًا التحدي والطموح الذي كنت تعيشه أثناء سباقك مع أصدقائك لنيل المركز الأول في المدرسة، وسترى أن القلق والتعب سيخفان تدريجيًا إلى أن يزولا، قد تطول المدة التي تزول فيها الأفكار كلية، لكن لا يهم إذا كنت تستطيع تجاوزها بسرعة دون قلق، ودون أن تؤثر على أدائك، وكلما ركزت مدة من الزمن، سجلها واكتب بجانبها: ((هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر))، وارجع إلى تحديك. لكن أكرر نصحي لك بالذهاب إلى الطبيب لأن الوسواس يلازمك منذ الصغر، والعلاج الدوائي يعينك كثيرًا على تطبيق العلاج النفسي.
وكملاحظة أخيرة: أهنئك على مفارقتك لكثير من الذنوب وأدعو الله تعالى لك بالثبات والقبول، لكن يا ولدي لو كان الله تعالى يؤاخذنا بجميع ذنوبنا لهلكنا، ((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ)) [فاطر:45]، لكن الله تعالى فتح الباب في هذه الدنيا للمستغفرين والتائبين، فإذا استغفروا غفر لهم، وإذا تابوا قبلهم، وترك الجزاء الأوفى إلى الدار الآخرة، فهناك لا تنفع توبة ولا ندم، فكلما أذنبت فاستغفر، وكلما عدت إلى الذنب لضعفك البشري، فأعد الاستغفار واعزم على عدم العود مرة أخرى، مهما تكرر الذنب منك، وانسَ ذنبك بعدها، وحسن ظنك بالله تعالى وارْجُ رحمته وفضله، وادعه بأن يقبلك ولا يعاقبك على ما فعلت، ولن يؤثر ذنبك على مستقبلك وأدائك بإذن الله.
أسأل الله تعالى لك الشفاء، وأن يكرمك بما يسعدك مما تتمناه.