العادي والمتوقع... في حياة بلا وعي
سلام عليكم تحية طيبة من القلب أما بعد؛
كنت أظن بأني قد حصلت على شيء جديد بحياتي، شيء يغيرني للأفضل، شيء يجعل مني إنسانا مقبولا بالمجتمع المحيط من أنا؟ إنسان محبط خجول متخوف تصيبه الرهبة بمن حوله لا يثق بأحد حتى أقرب الناس إليه، يلبس ثوب حياته القديم ولا يجازف بلبس العيش الجديد باختصار أن يكون إنسانا كغيره، ليس يأكل ويشرب وينام، يريد راحة لحياته، شيء مميز يتذكره أو يحفره ذكرى أليمة بين آهات زمانه ورغباته المكبوتة والأخرى الفاضحة،
لا شيء قد تغير إطلاقا ولا أريد زيادة أو الرجوع بالتكلم عن الماضي، ولكني سأنوه لكم قناعة شخصية كنت أعتبرها عيبا بي لكنها الآن تجعلني إنسانا أفضل فأنا مثلي منذ صغري، هذا الذي يجذب اهتمام الآخرين لي، ولكن لا أضع هذه النقطة أمامكم كسبب رئيسي لرسالتي ومشكلتي،
باختصار:عندما بدأت أتاقلم، وأكسر طابع الخجل مع الجنس الأنثوي، كبحث عن علاقة حب بشكل جاد، وبصداقة لا أعرف بالحق ما معني الصداقة هل تساوي الحب؟
المهم أنا إنسان قادر على التواصل بشكل أكبر مع الجنس الآخر عن طريق الشات وأخاف التحدث أو اللقاء المباشر، قصتي تتحدث بأني صاحبت فتاة عن طريق الشات وببداية صحبتنا قالت أنها متزوجة؟ فصدمت وقررت تركها، ولكن... رجعنا بحجة أنها تمزح وتحب المزح، مشينا نمزح ونضحك ونسهر على الشات أحيانا لوقت متأخر في الليل وأنا في بالي لم يذهب قصتها هل هي متزوجة؟ وتأكدت من ذلك بعد أن رأيت صور أبنائها، ولكن، للأسف حينها لم أستطع الرجوع لأني أحببتها الحين، وكنت خائفا أن يدري زوجها بي أو إخواني، وعلم أخوي بها وكان يسأل عنها وكنت أبعده عنها وأقول: لا تسأل عنها- للتوضيح فقط علم أني أتكلم مع فتاة ولم يعرف حقيقتها-، كانت علاقتي بها مفيدة كنا نتحدث بالهاتف نمزح ونتحدث بل لها الفضل أن الخجل الذي بي قد خف بشكل كبير بيني وبين الجنس الآخر، علما أن صحبتنا كانت عادية وليس بيننا علاقة جنسية أو ما شابه!
وبعد فترة تدقيق من أخي عنها وعلم بها جلس بكل هدوء يكلمني وأن لو عرف زوجها لقتلني ومعه حق عدا الفضيحة لأهلي إلخ، وقتها بكيت وحزنت على فراقها ولكن تركتها بصعوبة وتقبلت الأمر، بعد ذلك راح أخي يعرض علي فكرة الزواج وأن أجد فتاة تريد السترة ليحل مشكلتي، وصادقت فتاة على الشات -غير متزوجة- تكبرني 6 سنين أي 31، وبعد فترة من تعرفنا طلبت يدها للزواج فرفضتني بحجة أنها لا تحب أن ترتبط بأصغر منها، فهنا صدمت بحاجز كبير لأسأل نفسي حتى الطريقة التقلدية للزواج غير نافعة بحياتي؟ وبقينا أصدقاء أنا وهي لكن حتى الآن لا أتقبل فكرة الحديث معها كما قبل أن طلبت يدها للزواج.
ماذا أفعل؟ سئمت كل شيء بحياتي الوحدة والانعزال الاجتماعي وعدم قبول الآخرين لي، بل أخاف وهي أخطر مشاكلي الدخول بأماكن فيها ناس أو جلوس. وأحيانا يدعوني إخواني للذهاب لرحلة وهم وأصدقائهم ولا أقبل..إلى متى يهدى بالي؟
بالنسبة لتلك المتزوجة ما دافعها للحديث معي وهي مرتبطة بزوج؟ حسب حديثها أنها كانت تعاني بصغر من ضرب والدها وأشياء أخرى لم ترغب أن تشاركني بها، ولعلها كانت تتعرض لتحرش أو اغتصاب بصغرها، أو سبب حديثها معي كحالتي لم تتعرف على شباب بحياتها وتزوجت كرها وتريد تعويض ما فاتها؟
ما هي نظرتكم النفسية للموضوع؟ مع العلم أني كنت أقرأ وما زلت مواضيع كحالتي ولم أصدق ذلك ولكني عشت التجربة رغم حرمة ذلك لأن الحالة النفسية التي أمر بها جعلتني أن أقبل هكذا علاقة، وبتحليل أخي الذي علم بها قال أنها منحرفة وتريد الجنس وخائنة! ولكن لم تكن كذلك كما قلت سابقا بل احتراما لها لم أشأ طول علاقتنا أن أرى صورتها، ولكن هذا الذي حدث.
وبموضوع آخر يتعلق بالمتزوجين لي صديق متزوج وعنده رغبة منحرفة بمشاهدة أفلام الجنس الثالث، بل يتعدى ذلك أن يكون المفعول به في تلك الممارسة -وأعتذر عن قولي ذلك-، لا أدري ما تفسيركم لهكذا حالة، وماذا تسمى الحالة التي هو بها أظن أحيانا أنه مثلي الجنسية وأن عنده رغبة وكبت بذلك، من الرغم أني أشمئز من ذلك ولا أتقبله فما رأيكم بهذا الشي؟ وبالنهاية أشكر صبركم لسماع مشاكلي، وأن تكونوا خير ناس لترشدوني بعلمكم لما هو خير، والسلام عليكم.
26/01/2012
رد المستشار
الأخ السائل؛
عندما نضع ضمن البيانات المطلوب ذكرها بيانا عن الدولة التي يعيش فيها صاحب السؤال، وعن موطنه الأصلي فإننا نتوقع أن نتعرف على هذه المعلومة لأنه تنبني عليها اتجاهات في تصورنا وإدراكنا وتحليلنا لما يصلنا من كلمات وسطور، وسيلتنا الوحيدة للتعرف على بيئة المشكلة، ومن يملأ بياناته بشكل غير جاد، أو ناقص فلا يلومن إلا نفسه حين لا يحظى إلا بإجابة عامة أو غير مرضية، وذلك لأننا في "مجانين" -حتى الآن- لا نعرف الغيب، ولا نحاول أن نعرفه، بل على قدر سطوركم نجيب!!!
الأخ الكريم:
أنفقت سطورا كثيرة في الحديث عن هذه المرأة المتزوجة التي تتحدث معها عبر شبكة الإنترنت، وتركت "الأهم" من حيث التعريف بنفسك، وظروف نشأتك، ومحيطك الأسري الحالي، وعملك أو دراستك، وظروف إقامتك!!!
لكن يبدو أن لديك مشكلة فعلا في التعبير عن نفسك انعكست على رسالتك!!!
تعالى نقرأ معا قولك: كنت أظن بأني... حتى تقول:... الذي يجذب اهتمام الآخرين لي.
في النظر والتحليل والتقييم النفسي هناك مدارس تنشغل بظروف النشأة/ وضغوطها، وصدماتها (وأنت لم تذكر عنها شيئا)، ومن المدارس ما يفضل التركيز على اللحظة الحالية وظروفها (لم تذكر!!)، وإمكانات الاستفادة منها بالتالي في تحقيق التغيير المنشود بدلا من الاكتفاء بالتأقلم الذي يبدو أنك اخترته!!!
أخي السائل؛
في "الوطن العربي" أقطار لا تسمح بالتواصل الإنساني والشرعي بين الجنسين في الحياة العامة، بل لا توجد فيها حياة عامة أصلا!!!
في هذه الأقطار لا يوجد ما يمكن أن نطلق عليه "مجتمع" حيث يجتمع الناس من مختلف الأعمار، والأقطار والطبقات، والاهتمامات فيتبادلون الرأي والمشورة والمعارف، ويتعارفون ويتواصلون كما خلقهم الله، وطلب منهم "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وبناءا على هذه الأوضاع المختلة في هذه الأقطار يندفع الناس إلى مسارات أخرى، فيتعثرون، ويتشوهون!!!
ومن خلال خبرتي في استشارات "إسلام أون لاين" و"مجانين" رصدت زيادة في الكم، وتنوعا في الكيف فيما يخص استخدام الإنترنت بديلا للتواصل الاجتماعي الحي والحقيقي (المفتقد، والممنوع)، وكذلك الارتفاع الواضح في الشكوى من الشذوذ الجنسي بديلا عن الإشباع الفطري الطبيعي، والمنعدمة أسبابه ومقدماته مع تغييب دوائر وسبل وظروف اللقاء الطبيعي بين الناس، كما أسلفت/ وإن كنت تعيش في قطر من هذه الأقطار سيكون العامل الاجتماعي المتعلق بالبيئة من حولك عليه معول كبير في إنشاء وتغذية ما تشكو منه، وبالتحديد الخجل الاجتماعي، والشذوذ الجنسي، وسيكون صعبا أن نتفق معا على خطة للعلاج في ظل استمرار نفس الظروف المحيطة بك، في حالة كونك تعيش في "دولة بلا مجتمع"!!!!
وسيكون عبثيا أن أحثك على الاندماج والاختلاط والمشاركة في بلد لا مجتمع فيه، بحيث لا يمارس الناس فطرة الله في التفاعل والمشاركة!!!
وستبقى مثل ملايين غيرك تبحث عن علاقة إليكترونية، وستجد الكثيرين والكثيرات ممن يرغبون ويرغبن في التسلية، أو كسر الملل، وروتين الحياة، أو التعويض عن الفراغ العاطفي، أو الخواء من الاهتمامات، والتفاعلات العامة، أو الهروب من الشعور بالألم واليأس واللاجدوى واللامعنى، ذلك الشعور القاتل الذي نعيشه حين نغفل أو نتغافل عن استكشاف ذواتنا، وتنمية أرواحنا، وإنضاج تجاربنا!!! ملايين منا يختارون هذا البؤس، والتبديد، والتجريب!!! هل أقول لك أن الإنترنت ليس هو المكان، ولا الطريق، ولا الطريقة في الحصول على زوجة؟!!
أخشى أن ترد بقولك: وهل لدينا غيره؟!!
هل أقول لك أن جلوسك على هامش الحياة والتجارب سيبقيك كما تشتكي (مجرد فرد في القطيع)!!!
هل أقول لك إن الخوف الاجتماعي علاجه بعض الدواء المحفز، وكثير من التدريب والتجريب في كسر الحواجز والأسوار الوهمية المصطنعة التي تربينا عليها، ونحيط أنفسنا بها للحماية من مواجهة ذواتنا، والعالم!!!
هل أتوقع أنا، أو تتوقع أنت أن سطورا أكتبها لك يمكن أن تغير حياتك إلى الأبد؟!
الإجابة: نعم.. فقط إذا قررت أنت ذلك!!!
دعك من إطلاق الأحكام، ومن الانشغال بتلك الزوجة، والبحث عن أسباب حديثها معك، ومن هذا الصديق الشاذ، ومن تلك التي تكبرك!!
لا تهرب... ولكن تأمل، تعلم التأمل بداخلك، وستجد أشياءا جميلة، ستجد بهجة، وستجد سلاما، وستجد نور الله الموجود في كل قلب، ولن تحب العالم إلا إذا أحببت نفسك!!
وتستطيع إنعاش هذه الروائع المطمورة بداخلك حين تعيد اكتشافها، وحين ترتب البرامج، والأفعال، والقراءات، والعبادات لإنعاشها، وأنت تستطيع ذلك فورا.
وتستطيع بعد ذلك أن تخرج إلى العالم -على قدر المتاح- لتكتشف الجمال في الطبيعة، وفي نفوس البشر.
ما نسميه رغبات مكبوته، أو فاضحة هي في المنشأ احتياجات فشلنا في فهمها ضمن فشلنا في فهم خلقة الله فينا، وضمن فشل مجتمعاتنا في نفس الفهم، وتتضاعف المأساة حين نفشل في فهم شرع الله المتسق مع احتياجات هذه الخلقة، وعلى أرضية هذا الفشل المركب تتفاقم التشوهات فرديا وجماعيا!!!
لكن الإنسان أقوى مخلوق في الكون، إذا اختار سبيل الوعي بذاته، وبعالمه، وهو أضعف مخلوق حين يستسلم لظروفه، أو يعتبرها أقدارا لا تقبل التغيير!! وكلها أوهام وأساطير وخرافات نتربى عليها، ونتداولها فنعيش تعساء، بينما ملكوت السعادة كله بداخلنا، وفي الكون من حولنا، واضحا جليا، إلا لمن اتخذوا قرارا بالعمى، وكثير ما هم!!!
التعليق: "فطريا يميل كل جنس إلى الآخر، ولكن مجتمعاتنا واقعة تحت تأثير مفهوم معين للحب بثته عبر عقود أجهزة إعلام وإنتاج فني هابط فرسمت للحب صورة أبعدته عن المعنى العاطفي وقربته أكثر وأكثر من المعنى المادي الجنسي الذي هو مجرد جزء من الكل."
تسرعت في الحكم على الدكتور أحمد قبل قرائتي لهذه الكلمات في استشارة سابقة للدكتور.
فقد ظننت أنه يتبنى الطريقة الغربية للتعامل مع المرأة، فهل يمكنك يا دكتور أن توضح نظرتك للطريقة المثالية للعلاقات بين الجنسين.
في بداية حياتي كنت متدينا كثيرا ولم أكن اتكلم مع الفتيات أو أنظر إليهن، وبعدها حدث انفتاح في العلاقات، وأحببت فتاة، وبعدها بعدما رأيت الآثار السلبية للعلاقة قررت أن أعود لرأيي الأول، وأميل إلى رأي العلماء في التعامل مع النساء.
فهل لديك دليل شرعي على نظرتك دكتور؟ وبارك الله فيك