الشخصية التجنبية والخروج إلى الحياة م
الملل والحيرة: تساؤلات تترى!
في كثير من الأوقات أحس أني مجبر على الحياة، ولا أريد أن أدخل الجنة ولا النار، أحس أني غير متأكد من موضوع الجنة والنار.
في أوقات كثيرة أشتهي أن أموت، لكن ليس عندي شجاعة لأقتل نفسي...
أي شيء لتحفيز النفس مثل كلام التنمية البشرية، تسبب لي مفعولًا عكسيًا..، مثل: "إذا لم تزد على الحياة فأنت زائد عليها". أحس أني زائد على الحياة، وأن الله خلقني هكذا، لا أستطيع أن أزيد في الحياة شيئًا.
لا أدري ما الذي أريده!
مهما أرسلت أحس أني لن أعبر بشكل جيد عن إحساسي.
26/01/2012
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بك يا "أحمد"، مجانين يرحب بك، ويسعده أن تقوم بإرسال مشكلتك إليه....
تفوح من كلماتك القليلة هذه رائحة الملل واليأس، وانخفاض المزاج، وعدم الرغبة بالحركة والكلام,,,,، والنظرة الدونية للنفس، والضيق، وكأن هذه الكلمات رغم قلتها تشير إلى وجود شيء من الاكتئاب لديك....
قد نطقت في بداية كلامك بكلام خطير عن قناعتك بالجنة والنار، ولكني لا ألمح في ما ذكرته جحودًا وإنكارًا بقدر ما أرى فيه مللًا وسأمًا، وحيرة، أدت بك إلى التنفيس بهذه الطريقة.... ومع هذا انتبه يا أخي، فأركان الإيمان ليست لعبة، ولا يصح أن يكون إنكارها متنفسًا، فأي كلمة تمس هذه الأركان، تودي بك إلى الهاوية، ولا يرضى الله لك، ولا نحن أن تشقى بسبب كلمة.... المباحات تتسع لكثير مما يخفف عن النفس ويسليها، وإن كنت ضجرًا تود أن تشتم فالعن إبليس، وسب اليهود، فمهما شتمتهما لا توفيهما حقهما من الشتائم والسباب!!
ورغم أني -كما قلت- لا أشم في كلامك الإنكار، إلا أني سأقوم بتعداد بعض الأدلة البديهية على وجود الجنة والنار، فإبليس موجود، ونفسك الضجرة مستعدة لقبول كل ما يلقيه، ولا أحب أن تقع فريسة في شباكه....
أنت مؤمن بالله ولا أظن بك إلا هذا، وإذا كنت كذلك، فلابد أن تصدق كلامه، وقد ذكر سبحانه الجنة والنار في كتابه العزيز مرات كثيرة، منها على سبيل المثال قوله في سورة البقرة [الآيتان:81-82] : ((بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)). فلا مجال للإنكار إذن. ثم إن الله سبحانه وتعالى عادل، ولا يصح أن يكون الإله غير هذا، وإلا لما استحق العبادة، ومن مظاهر عدله أنه يجازي الإنسان على أعماله إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر....
ما رأيك؟ هل ترضى أن تكون أنت ومن ظلمك واعتدى عليك سواء؟ ألا تتمنى أن يلقى جزاء ما اقترفته يداه في حقك؟ طيب ماذا لو مات فور اعتدائه عليك؟ هل يمحو الموت ظلمه ويضيع حقك؟ لا طبعًا، سيجازى في يوم لا ملجأ فيه من الله، بنار فيها أشد أنواع العذاب وأقبحها، وستسعد أنت بمحاسبة هذا الظالم، وبما ستعطاه في جنة عرضها السماوات والأرض، فيها من النعيم والمسرات ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وأخيرًا، يحضرني قول الشاعر:
زعم المنجم والطبيب كلاهما لا بعث بعد الموت، قلت: كذبتما
إن صحَّ قولُكما فلست بخاسر أو صحَّ قولي، فالخسار عليكما
مع الاعتذار من الأطباء، فالمراد هنا: الذين يتعاملون مع المحسوسات، وينكرون الغيب، سكرًا بما علموا....، أما الطبيب المؤمن فلا يتناوله قول الشاعر.
فيا أخي، إيمانك باليوم الآخر وما فيه، من مصلحتك، لأنك إن فوجئت يومًا بقدومه، فلن ينفعك حينها الندم، ولن يقبل منك إيمان.
وأخيرًا: لا تنزعج من نفسك إن وجدتها يائسة، بائسة، ولا تحزن إن شعرت بقلة قيمتك، وبأنك زائد على الحياة، ولكن عجل واذهب إلى الطبيب النفساني، واطلب العلاج، وبعد أسابيع قليلة ستتغير نظرتك هذه، وتضحك حينها على نفسك، وعلى غرابة أفكارك!!
أعانك الله وفرج همك، وأسعدك، وشفاك مما تعانيه...
ويتبع>>>>>>>: الشخصية التجنبية والخروج إلى الحياة م1
التعليق: أخ أحمد،
أيضا أنا تأتيني هذه الأفكار أحيانا، لكن علينا أن نتدرب على التعامل معها .
وهناك قصة لطيفة، حدثت في عهد الرسول عليه السلام، أن النبي عليه الصلاة والسلام جاءه صحابي فقير، فهش له وبش، استقبله استقبالاً بمنتهى الحفاوة، فخجل هذا الصحابي، فلما خجل، قال له النبي: أهلاً بمن خبرني جبريل بقدومه، قال له: أنا؟ قال له: أنت، قال له: أو مثلي؟ قال له: نعم يا أخي، أنت خامل في الأرض علم في السماء.
يا أخي حتى لو كنت خاملا في الأرض، فعندك علاقتك مع الله عز وجل . وبنظري أن السعي إلى الدنيا والآخرة هو الأصل .