أنا وحدي..!؟
مشكلتي تبدأ منذ طفولتي ولدت بعد شوق كبير من قبل أهلي فعاملوني بدلال خصوصا والدي، كنت سعيدة مقبلة على الحياة والكل يحبني وبشوشة الكل من أهلي يحملني ويضحك معي ولكن انتهت تلك الأيام عندما أتممت سن الثامنة، في تلك الفترة حملت والدتي ولكن لم يكتمل حملها وبعدها حملت وأنجبت طفلا مريضا ومات بعدها وهكذا طفل تلو الآخر حتى أصبحوا 6 ووالدي اشتدت رغبته أن يكون له ولد فأصبح يعايرني دوما في تلك العمر بأني بنت وأصبح يشعرني بأنه يكرهني ثم بدأ يقارن دوما بيني وبين أبناء أصدقائه وكيف هم أفضل مني حتى لو كان هذا الكلام غير صحيح يرى الناس كلهم أفضل مني.
ولم أكن شاطرة بالدراسة وكان الفصل يستهزئ من شكلي فلك أن تتخيلي ما أمر به في المنزل وما أمر به في المدرسة كان عذابا لا يوصف وحياة جحيم، أصبحت دوما أتخيل ماذا لو كنت ولدا؟ وكيف كانت لتكون حياتي جميلة ولكن أتخيله دوما مريض والكل خائف عليه.
أصبح لي عالمي الخاص وعائلة وأصدقاء ومواقف وحياة جميلة أهرب إليها، شعرت براحة... نافذة أهرب إليها ولكن أرهقتني لأحرص أن لا ينتبه لي الناس ويلاحظ كذبي أصبحت أيضا دفاعية في عائلتي لأنهم لم يحبوني فكنت لا أحبهم وأفعل أي شيء لمضايقتهم وفي المدرسة كانوا ينعتوني بأسماء ولم أكن أرفض بل وأستجيب عندما ينادونني بتلك الألقاب والأسماء!
انتهت الدراسة وليس لي صديق حقيقي استشرت كثيرا وقررت أن أبدأ بالحسنى، قررت أن أسأل وأعيد حبل المودة ولكن لا فائدة أثبت لهم أني تغيرت ولم أعد تلك الإنسانة الدفاعية تغير الانطباع ولكن المعاملة باقية كما هي جفاؤهم وإعراضهم عني منذ صغري آلمني وما زال يؤلمني أشعر أني بالدنيا وحدي لا أحد يحبني.
دخلت معهد ومن ثم إلى جامعة ولكن للأسف لم أنجح في الجامعة أصبحت صعبة ومعاملة والدي لي بالبيت والوحدة أثروا فيَّ لم أستطع التركيز وأصبحت كثيرة النسيان وطبعا أعيش حياة أخرى في مخيلتي ودوما أصدم بالواقع حاولت أن أترك هذه الحياة ولكن لا أستطيع فهم سلوتي وسعادتي العالم الذي أحلم به.
أهملت نفسي وحتى نظافتي الشخصية أدمنت التلفاز والمسلسلات الأجنبية فيها أجد ما يغذي مخيلتي أشعر دوما بأن لا أحد يحبني أنا في نظر الجميع تلك الفتاة المزعجة الغبية والقبيحة فأنا لست جميلة ولست ذكية أنا حسب ما أرى نفسي لست سيئة ولست بشعة ولكن كل من حولي يرونني كذلك، خاصة وأن أمي إنسانة جميلة وحكيمة وذكية الكل من عائلتي يحترمها ويقارنها بي ويستكثرها علي!
سيدي المستشار عمري الآن 27 سنة لم يتقدم لخطبتي أحد ليس لي أصدقاء كباقي البنات أعيش بوحدة وحزن الله وحده يعرفها أحاول أن أغير من نفسي كثيرا وتغيرت كثيرا تفكيري وكلامي حتى نظرتي لشكلي آمنت أنه ليس بمقدوري أن أغيره وهو ما وهبني إياه الله ولكن الكل يشعرني بذلك وخصوصا والدي، واجهته مرة عندما يلقبني بالعجوز وقلت له لماذا كل أعمامي يعاملون بناتهم باحترام ومحبة فلماذا أنت تنظر إلي كذلك ثم أني لست عجوزا ولست قبيحة فقال لي لو كنت لست قبيحة فلماذا لم يتقدم لخطبتك أحد.. آلمتني كلماته جدا جدا لأن المرأة تحب أن تشعر بأنها جميلة.
تأتيني خيالات غريبة كفلم سريع أحيانا وأنا واقفة وحدي أتخيل لا سمح الله لو توفيت والدتي ماذا سيحصل لحالي وأبدأ بالبكاء وأحيانا أتساءل ماذا إذا تزوجت وعاملني زوجي باحتقار وأبدأ بالبكاء ثم أستغفر الله كثيرا، أتخيل أيضا أشياء جميلة وأفرح ولكن سرعان ما أستعيذ بالله.
سيدي المستشار بعد فشلي في دراستي الجامعية استجيبت صلواتي ووجدت وظيفة أحسست بها أني عشت من جديد المشكلة أني أعيش في خوف مستمر من أن أفشل وأن أطرد من عملي وأعود إلى وحدتي، دوما أنظر إلى نظراتهم وأتساءل كيف ينظرون إلي هل يحترمونني هل ينظرون إلي بأني غبية بلهاء، دوما أفكر بهذا ولا أستطيع أن أوقف هذا التفكير.
في داخلي خوف شديد وتوتر من أن أطرد من عملي أو يستغنوا عني، أقضي يومي في العمل بأعصاب مشدودة وخوف شديد وقلق لا يوصف هذا لأنني وجدت شيئا جميلا وللمرة الأولى أشعر بذاتي خائفة من أن أفقده جدا لأني لست جيدة لست ذكية.
الجديد الآن في حياتي أني أجريت بعض التحاليل لأني أصبحت كثيرة النسيان وبعد التحاليل ظهر عندي نقص فيتامينات وكالسيوم فقط أحبطني ذلك تمنيت لو كنت مريضة أستغفر الله هل يتمنى شخص سوي أن يكون مريضا؟
وبعد ذلك بفترة كنت أعيش مشاكل مع والدي وأصابني ألم في بطني وجنبي جدا فذهبت وعملت تحاليل هذه المرة كنت أعتقد أني فعلا مريضة وكنت خائفة ولكن بداخلي كنت أتمنى أن أكون مريضة وبعد عمل الأشعة قالت لي الطبيبة كل شيء على ما يرام تفاجأت وحزنت بداخلي كنت أتمنى أن أكون مريضة وتكتب لي أدوية وأخبر زملائي بالعمل بأني مريضة وحتى رؤسائي، لم أستطع أن أمنع نفسي من هذا التفكير وفي نفس الوقت خائفة من هذا التفكير ولا أعلم كيف أتمنى شيئا كهذا؟؟
أتخيل نفسي يغمى علي في مكان عملي والكل يخاف وينظر لي بخوف ويسأل عني بعد ذلك وبنفس الوقت أنا أخاف من المرض ولا أتحمل الألم حتى عندما أشاهد مسلسل يجذبني البطل عندما يصاب أو يمرض، الشعور هذا أصبح يزداد وأصبح يخيفني من أن يتطور إلى شيء آخر أصبحت أخاف من الغد وما يخبئ لي المستقبل كثير يوميا أبكي خوفا من المستقبل وما يخبئه لي.
سيدي المستشار أعلم بأن رسالتي طويلة ولكنها حياتي إلى هذه اللحظة ماذا أفعل؟ كيف أكمل حياتي هكذا أريد أن أشعر بسعادة أتمنى أن يحبني الناس أتمنى أن أشعر بمحبة الناس أنا أتصل وأسأل عن الآخرين بدافع المحبة أتألم جدا عندما لا يبادلونني بها.
أنا واقفة مع الناس ولسان حالي يقول أحبوني أرجوكم أتمنى لو يحبني الناس كما كانوا عندما كنت طفلة أتمنى أن أنجح أن أستطيع أن أحفظ وأكسب تقدير الناس، أن ينظر لي والدي بفخر واحترام أرجوك ولا تنظر إلى مشكلتي بأنها تافهة وسخيفة فأنا لا أستطيع أن أخرج من بيتي وأستعين بطبيب نفسي يخرجني من ما أنا فيه.
26/01/2012
رد المستشار
إلى متى ستظلين في حلقة مفرغة؟، إلى متى ستظلين في وضع لا يتغير ولا ترين غيره في الحياة؟، إلى متى ستعيشين بجزء صغير منك اسمه "أبي" وتتركين باقي مساحات حياتك فارغة أو تهربين لها في عالم الخيال فقط؟؟
والداك أخطئا نعم، وهما من عوداك لثماني سنوات كاملة تامة بأنه لا يوجد في الكون سواك نعم؛ فخرجت طفلة مدللة لا تعرف إلا الأخذ ولم تستخدم أبداً مراكز العطاء بداخلها؛ فلا أخ ولا أخت ولا أصدقاء، ولا أي شيء في الحياة سوى أنك اكتفيت بأن عطاءك الكبير هو أنك "موجودة" بينهما فهذا أقصى ما تقدمينه، ولكن بمرور الوقت وأزمات حمل والدتك ورغبة والدك في "ولد" وجدت أن العطاء صار مُطًعما باللمز والهمز، وأصبح والداك هما من يعانيان مما ربياك عليه في السابق؛ فأنت لا تعطين شيئاً وتنتظرين المديح والدلال وفقط، وحين بدأت المأساة من وجهة نظرك بدأت تترجمين كل شيء على أساس واحد وهو أن ما حدث سببه الكره؛ فما داما لا يعطيان الدلال والمدح السابق فهما لا شك يكرهان، ولم تجدي سبباً للكره سوى أنك بنت؛ لأن أبوك يريد الولد ويقارنك دوماً بالولد الذي لدى الآخرين.
ولم تفكري أبداً أنه يقارنك بالابن السوي الذي يحمد الله على نعمه ويجتهد في الدراسة ويمد يد العون لوالدته في البيت أو أي شيء آخر، ويعطي التقدير والاحترام لأبيه، ولخصت كل هذا في أنهما يكرهانك، ونسيت أنك أعلنت الحرب لسنوات طويلة وفعلت كما قلت بلسانك كل ما يمكن أن يضايقهم ويؤذيهم نفسياً، ووسعت دائرة الأذى والمشاكسة لتصل لمدرستك وزملائك انتقاماً لحب ودلال من وجهة نظرك ضاع فجأة وبدون سبب إلا الكره!، وتركت نفسك في معارك نفسية ومعاناة وتخبط وبالتالي كان أثره على الدراسة والنجاح والثقة بالنفس ولم تتمكني من رؤية شيء آخر إلا ما ضاع منك من أبوك عن سبق إصرار وترصد، وظلت الدائرة مغلقة هما يتصرفان برد فعل لتصرفاتك التي أرهقتهما فيتمنيان أمامك الولد أو يجرحانك بكلماتهما كما تفعلين بهما، وأنت تعاقبينهما بكل الطرق بدون وعي من خلال تصرفاتك ومن خلال فشلك الدراسي الذي هو عقوبة لهما من داخل داخل نفسك.
حتى الآن أنا فقط أوضحت لك ما الذي حدث وكيف ظللت أنت وأبوك بشكل خاص في حالة صراع وأذى دون أن يفكر أحدكما في السبب الحقيقي لهذا؛ وأكرر أن الخطأ الأول كان في طريقة التربية وساعد على زيادة الخطأ بقائك لمدة ثماني سنوات في هذا الوضع ترتعين في عطاءات الحب المختلفة ثم تبادلت معهما أو بالأصح مع أبيك العراك الكبير؛ والحقيقة رغم أن السبب الرئيسي كان خارجاً عنك، حيث أن شخصية الابن تتبلور ويتأكد فيها خصال ومهارات..... إلخ في الخمس سنوات الأولى من عمره من خلال "طريقة" التربية، إلا أنك الآن صرت شابة؛ فلا يجوز لك تحت أي مبرر أو مشاعر مؤلمة أن تتنصلي من مسؤوليتك تجاه نفسك وأن تتعاملي معها بما فاتك في الطفولة، ولكن قبل أن أقترح عليك عدة أمور أرجو أن تعرفي أن ما تعانينه من آلام لا تجدين لها سبباً عضوياً، أو قلة التركيز، والهروب من الواقع للتليفزيون أو أحلام اليقظة كلها تشير إلى تعبك النفسي وضغطك النفسي الذي يعبر عن وجوده بطرق مختلفة في شكل عضوي، أو توتر وقلق، أو أحلام يقظة، وأخيراً... الاكتئاب الذي يتضح جداً في ضعف التركيز والنسيان، والحزن، واضطراب النوم والطعام... إلخ، وأتمنى أن تتمكني من التواصل مع متخصص نفساني حتى لا يتطور الاكتئاب فيصل لدرجة لا أتمناها لك يا ابنتي، وحتى يحدث ذلك يمكنني أن أترك لك تلك النقاط لتتدبريها على صعوبتها خاصةً في تلك الفترة:
* تربية التدليل دوماً تفسد الطفل؛ لأنه يتعود أن يفعّل مراكز الأخذ دون أن يفعّل مراكز العطاء، فلابد وأن تبدئي في التدرب التدريجي على العطاء في دوائر بسيطة كالزملاء، الجيران، والديك، وهكذا حتى تتعلمي أنك تقدمين شيئا لأي آخر، ثم تنتقلين للمهمة الأكبر وهي أن تعطي لذاتك؛ فكلما عجزنا أن نعطي لأنفسنا ما نحتاج إليه ونرغبه لن يعطيه لنا أحداً؛ فكيف تطلبين من أحد أن يحنو عليكِ ويرعاكِ، ويضمد جراحك وأنت لا تقوين على فعل ذلك مع نفسك؟، فأنت لم ترفقي بها وتعتني بها وتركت غضبك يكسر معظم علاقاتك، وأضر بدراستك التي هي جزء مهم منك، وحديثي لك ليس لوماً يا حبيبتي، ولكن هو توضيح لعدم مد يد العون بنفسك لنفسك.
* آباؤنا قد لا يحسنون التصرف ولا يمكنني أن أدافع عن بعض تصرفاتهم لخطئها فعلاً، ولكن يمكنني وبقوة أن أدافع عن حبهم لأولادهم حتى مع القسوة والنقد والتجريح؛ فالله تعالى هو الذي أوجد هذا الحب الفطري بداخلهم تجاه أولادهم، ولكن للأسف كلِّ يحب ويخاف على أبنائه كما يتصور حتى وإن خالف أسلوب التربية السليمة.
* في ظل تلك المعركة الضروس عبر سنوات عمرك تضرر الكثير عندك وعلى رأسهم الثقة بالنفس؛ فثقتك بنفسك تحتاج لبناء حتى تتأكد بداخلك ولأن المجال لا يتسع لهذا الآن فمن المهم أن أبين لك أن الثقة بالنفس يمكن اكتسابها وبنائها وإن طال الوقت والجهد؛ فيمكنك القراءة فيها من خلال الموقع، أو من خلال من ستتواصلين معه من المتخصصين، أو الدورات المتخصصة،..الخ.
* طوال الوقت كنت تستخدمين لغة واحدة لما أسميتيه البدء بالمودة والسؤال عنهما؛ فلتستخدمي لغة "الفعل"، وما أجمل أن يكون الفعل في نجاحك المستمر في عملك، والرجوع لاستكمال دراستك، واللين في التعامل مع من حولك، فكلها مفاتيح لأبواب أغلقت منذ زمن، وأعلم بالطبع صعوبة ما أقول ولكنه هو الحل، ولا تنسي أنني قلت أنك تحتاجين لمساعدة حتى تتمكني مع المتخصص الاستفادة بخطط سلوكية ومعرفية ونفسية تمكنك مما أقول.
* تحتاجين للتركيز على ما تنجحين في فعله من خلال عملك، فلماذا لم تسألي نفسك مما أخاف؟، فأنت كل يوم تخافين ويمر اليوم بلا مشكلات تتخيلينها، ثم السؤال الأهم وماذا لو حدث خطأ أو مشكلة في عملك؟؟ هل تجدين عمل بلا أخطاء أو مشكلات؟، هل تجدين كل من أخطأ يترك عمله أو يتم طرده مرة واحده هكذا؟؟، ألا تعلمين أننا نتعلم من أخطائنا؟، فمخاوفك تتصل بالماضي الذي سعيت بطريقة تفكيرك وتحليلك للأمور أن تظهر لك طوال الوقت في عملك فتظلين مشدودة، فمخاوفك في رأسك وحدك، فحدّثيها كل يوم بعد انتهاء العمل وقولي لها أنت مخاوف مزيفة.
* الحياة، ومنها حياتك ليست فقط أمك وأبوك؛ فأنت أنثى لك دور مع نفسك كأنثى، ودور مع أهلك، ودور مع مجتمعك، ودور مع الله تعالى قبل كل شيء؛ فلماذا ألقيت كل تلك المساحات وجلست وحيدة عن عمد في مساحة العلاقة بوالديك؟؟، أين الأنشطة؟، أين الهوايات؟، أين التطوع؟، أين المناسبات العائلية؟، أعلم أنك قلصتيها وربما دمرتيها ولكن لمواجهة قلقك وتوترك ستحتاجين من جديد بتدرج وتأني أن تعودي للتواصل مع تلك الدوائر وستجدين خيراً كثيراً، خصوصاً مع تواصلك مع متخصص.
حديثي معك لم ينته، ولم أحدثك بكل ما كنت أتمناه ولكن تركت لك أهم النقاط على رأسها التواصل مع متخصص نفساني؛ لأن كل ما قلته لن تجدي تجاهه عزم أو رغبة في القيام به مادام الاكتئاب يجسم على صدرك، وكذلك محاولة لفهم ما حدث معك ولك فيما مضى، أرجو أن تصل كلماتي لنفسك وتتدبريها بهدوء وحياد لتأخذي القرار المناسب لأن الوقت المناسب لازال موجوداً.