تخيلات نفسية
السلام عليكم؛ مشكلتي هي أن خطيبي يعاني من تخيلات تعذبه منذ الصغر، فهو كل ما طرأ عليه أمر يزعجه أو رأى أحد يبكي أو حتى أحيانا من دون سبب تسيطر عليه تخيلات غريبة لا تمت للواقع بصلة ويتكرر نفس التخيل دائما، فهو يتخيل نفسه في ساحة بيضاء كبيرة وهو في وسطها ولكنه على شكل كرة ثم يبدأ أناس كثيرون شكلهم شكل الكرات أيضا ولكن أكبر منه يبدؤون بالاقتراب منه من كل الجهات والضغط عليه وتعذيبه وكلما أراد الخلاص منهم يرجعون إليه وان أراد أحد من الذين يحبهم كأمه أو أبيه أن ينقذه فإنه يتخيل أن تلك الأشياء الكروية يمنعونهم عنه ويعذبونه بإبعادهم عنه ويشمتون فيه.....
المشكلة أن ما يحصل معه ليس مجرد أضغاث أحلام فهو يعيشه ويتألم ويتعذب وأحيانا ينعزل عن من حوله لمدة لبضع دقائق، وهذا بدأ معه منذ كان عمره 16 عاما وهو الآن في أول العشرينات، حاول كثيرا التخلص من هذه الأحلام بالأذكار وغير الأذكار بلا فائدة.
نحيطكم علما بأنه من عائلة ميسورة الحال وحياته طبيعية جدا جدا وهو اجتماعي ومحبوب ومتعلم، ونحيطكم علما أن لديه أخ متوفي منذ كان عمره 14 عاما وقد أثر فيه كثيرا، ولكن قد لا يكون وفاة أخيه أي علاقة بما يتخيله أو يسيطر عليه لأنه قد تخطى هذه الأزمة.
أرجو المساعدة بأسرع وقت
مع جزيل الشكر والتقدير
09/02/2012
رد المستشار
الأخت العزيزة، شكراً على استعمالك الموقع.
الحالة التي تصفينها لخطيبك هي نوع من أنواع الانفصال Dissociation عن الواقع. تتميز هذه الحالة بأنها عملية دفاعية يلجأ إليها الإنسان بدون إرادة من نوبات قلق وخوف يمكن تصويرها بهجمات من عواطف لا يقوى الإنسان على تحملها. عملية الانفصال عملية وقائية بحد ذاتها ولكنها مع مرور الوقت تصبح مشكلة الإنسان بحد ذاتها.
في حالة الأخ الكريم فإن عملية الانفصال هي خليط من عملية تبدد الشخصية Depersonalization وتبدد الواقع Derealisation .
ظهرت هذه الحالة بعد عامين من فقد خطيبك لأخيه. عملية الحزن بحد ذاتها لا يتم حسمها إلا بعد عامين ونصف غير أنها قد تستبدل بأعراض انفصالية في الكثير من الشباب بعد مرور عامين. يعمل الانفصال كجدار بين الذات التي يسعى الإنسان لحمايتها من آلام الحزن Pangs of Grief والذي لا تتقبل الأعراف الاجتماعية بالحديث عنه بعد مرور أكثر من عام.
هذه الظاهرة الاجتماعية المفروضة على قيود الحزن موجودة في جميع المجتمعات ويتأثر بها الناس في مختلف مراحل العمر غير أن ظاهرة الانفصال أكثر شيوعاً في العقد الثاني من العمر، وترى الإنسان دوماً لا يتقبل ربطها بعملية الحزن.
إن قال لك أحد بأنها حالة عضوية فهذا خطأ.
لا فائدة من تناول العلاج في مثل هذه الحالة ولا بديل إلا بتشجيع خطيبك على استرجاع ذكريات الحزن ورحيل أخيه إن كان قادراً على ذلك. لا بأس بأن تشجيعه على الكلام في هذا الموضوع ولو نصف ساعة أسبوعيا معك. كذلك لا بأس من النظر إلى صور الفقيد والحديث عن أي مشاعر سلبية صاحبت الحزن مثل الشعور بالذنب والغضب فهذا شائع مع الحزن والعزاء. إذا استلزم الأمر لا بأس من ستة جلسات مع معالج نفسي.
حالة الانفصال في هذه الحالة تتجاوب للعلاج بصورة جيدة جداً ولكن لا يتأخر في محاولة تجاوزها وستتلاشى تدريجياً.
التعليق: أفهم معنى الانفصال واختلاف الواقع ولكن لا أفهم معنى تبدد الشخصية!
أظن أن نصف ساعة أسبوعيا لاسترجاع ذكريات الحزن والنظر إلى صور الفقيد قد لا تكفي والأفضل أن يكون ذلك كل يوم,لأن غالبآ استرجاع هذه الذكريات بيقابل ببعد أكثر وفصل للمشاعر.
سيكون الأمر صعبآ فى البداية إلا أنه سيصبح أفضل حالآ حينما يتذكر كل شىء و يتعايش مع الحدث من جديد بعقله ومشاعره..قد يشعر بتكرار يوم الفقد والوفاة وبشكل مؤلم أكثر من يوم الوفاه الحقيقى فليخرج وليعبر عن مشاعره مع صديق مثلآ ويبكى ولا يحبس دموعه.أعانه الله تعالى وأثابه.