بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأعزاء القائمون على الموقع بارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء. لا أدري كيف أبدأ مشكلتي فهي معقدة وقديمة وتتداخل بها أطراف كثيرة، أنا حاليا أدرس الماجستير بالإدارة في بريطانيا وأنا أصلا مهندس، متزوج ولدي أطفال، إليكم حالتي بمراحلها:
الطفولة
عندما كنت بالمرحلة الابتدائية والمتوسطة كنت من الأوائل متفوقا ماهرا في أغلب الألعاب الرياضية، أما على مستوى العائلة فمنذ صغري كنت أحس أنني أذل من قبل أبي وأشتم فقد كان شديد الغضب وكنت على يقين أنني دائما مظلوم. يحب أخواتي أكثر مني قد يكون بسبب شكلي، لا يضربني كثيرا مع أنني أفضل الضرب بدل الشتم والإهانة خاصة أمام الآخرين،لا أدري هل كان على حق وأنني أستحق ذلك العقاب. أصبحت أخاف وغير واثق ولا أختلط مع الكثير وأحس أن أي اختلاف مع الآخر يؤدي إلى الضرب، ألوم نفسي كثيرا وأتذكر أخطائي وأندم عليها إلى درجة أنني أضرب نفسي لخطئي. من الأشياء الغريبة التي كانت معي النسيان والتوهان فلا أعرف بالضبط ما يدور حولي وقد كان مؤقتا لساعات،أكره الألعاب التي تدور بالملاهي فكلما ركبت بها ودارت أحس أنني سوف أفقد عقلي فأصرخ حتى تتوقف، في العطل الصيفية لا أستطيع أن أنام إلا بعد عناء دائم التفكير حتى الصباح. وعندما أذهب إلى بيت عمي وأختلط مع أبناء عمي أحس بأنني سعيد جدا جدا وأحس أنني بعالم آخر أريد أن أعيشه بالطول والعرض ولا أريد أن أنام حتى لا أفقده فلا أنام حتى أرهق نفسي،عالم كله مرح وسعادة.
المراهقة
كنت لا أدري لم يضحك الناس، دائما عابس الوجه وغاضب لا أعرف أسلوب التعارف على الناس وكيف أختلط بهم ولا أدري كيف أصبح محبوبا. صدمت كثيرا جدا جدا جدا بنتيجة الثانوية العامة بدأت لدي حالة التفكير الكثييييييييييييير والسرحاااااااااااااان والعالم أصبح رماديا بلا ألوان ولا طعم ولا معنى وتتفاقم تلك المشكلة وتتعاظم بغزو صدام للكويت، خرجنا مرغمين من بلدي إلى الإمارات ودرست الهندسة المدنية وتفوقت ولكن على حساب نفسي فقد كنت ألاحظ أنني أدرس بلا توقف ولا أستوعب الكثير إلا بعد تعب إذ أنني أسرح كثيرا ولا أركز وحتى إذا ركزت أفقده بعد لحظات وأتوه بالمحاضرات. زملائي يقولون لي لو نقضي ما تقضي من وقت بالمذاكرة لأصبحنا عباقرة. زاد وزني كثيرا ومع انتفاخ بالبطن ولكن بدون ألم وبعد كل عملية إخراج للفضلات لا أحس بأنني أخرجت كل الفضلات وبعض المرات تكون هناك مادة سائله بيضاء ملازمة للإخراج وكذلك بدونه ولازالت هذه الحالة معي لحد الآن.
ما بعد المراهقة حتى الآن
أدوخ وأتعب بسرعة، لا أستمتع بالنوم بالليل فعدد ساعات النوم عندي قليلة ومتقطعة،عجل وسريع، عصبي وأهيج على أتفه الأسباب،هناك سخونة بالوجه والجسم لدرجة أنني أخرج بتي شيرت بشتاء بريطانيا، ومتشائم والعياذ بالله أعيش بالأفكار التي تدور برأسي كأفلام هوليوود فلا أرى العالم من حولي ولا أعيشه ولا أحس به كالآخرين، ألم خفيف مزعج بالأذن، مرة من المرات أيقظني ألم شديد بقمة الرأس وكأن طبقة رأسي من فوق متصلبة ومتيبسة فلا أستطيع أن أميز أهي حرارة أم برودة وخف تدريجيا ولكن على فترة أربعة أيام.
بعد سنتين عاودت نفس الأعراض وبنفس الوقت من السنة، وعند الذهاب إلى الأسواق تأتيني حالة غريبة أضيق بها وكأني متشنج الأعصاب وخاصة بالوجه، وأرتاح عندما أخرج من السوق، أكتافي دائما مشدودة وكذالك رقبتي من الخلف أي تيبس بالرقبة، أحس بسخونة وتيبس بقمة الرأس وألم بجهة الرأس من الخلف فوق الرقبة. ألم خفيف مزعج بالأذن ولا أحتمل الضوضاء كما كنت من قبل.أحس بغصة وضيق بالحلق وكذلك بالنفس فلا أحس بأنني آخذ كمية الهواء التي أريد،لا اشتهي أي طعام وأحس أنني لا أهضمه بسرعة كالآخرين والغريب أنني لا أعرف التجشؤ كزملائي بعد الأكل وأتعب بسرعة.
إذا اختلطت مع زملائي يتقطع نفسي وتتجمد أطرافي ويحمر وينتفخ ويسخن وجهي وأتلعثم بالكلام كل هذا مع صداع شديد بالصدغ. أصبحت مندفعا وكأن أفكاري تسبق تصرفاتي ولا أسيطر عليها، مرتبك مشدود الأعصاب، أخاف ولكن لا أدري مم أخاف. أريد أن أهدأ وأتكلم كالآخرين أريد أن أتفاءل وأرى العالم كما كنت أراه في بيت عمي أريد أن أكون سعيدا وأتخلص من الخوف والعصبية والتشاؤم بإذن الله، أريد أن أتغير. فإن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
ملاحظة: ساعات كثيرة أحس بالسعادة وأعيش نفسي فما زلت متأكدا بأنني أستطيع أن أنعم بالحياة بإذن الله، وهذه الأوقات الحلوة لا ينغصها سوى الشد بالرأس من الصدغ والخلف وهو ليس بصداع، أرجو منكم التكرم بالوصف الدقيق للعلاج وهل هو إدماني وآثاره الجانبية حتى على الذكاء والنشاط وهل هناك له بدائل بالطب البديل.
وبالختام بارك الله لي ولكم
وأسأل الله أن يشفي جميع مرضى المسلمين وهو على ذلك قدير.
10/1/2012
رد المستشار
الأخ العزيز، أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، أعانك الله وهيأ لك من أمرك رشدا.
ما تصفُ مرورك به في فترة الطفولة والمراهقة من أعراض هي على أغلب الظن أعراض أحد الاضطرابات الانفعالية ذات البدء النوعي في الطفولة Emotional Disorders with Onset Specific to Childhood فما أشرت إليه من أعراض الخوف وعدم الثقة والأرق وكثرة لوم النفس بغضِّ النظر عن أسبابه كما تراها الآن هي علاماتٌ معرفية وجدانية تشير إلى خلطة من الاضطرابات الانفعالية في طفولتك، إلا أنني في نفس الوقت لا أستطيع أن أغفل قولك في أول سطور إفادتك وأنت تصف طفولتك (بالمرحلة الابتدائية والمتوسطة كنت من الأوائل متفوقا ماهرا في أغلب الألعاب الرياضية)، فمن الواضح أن الأعراض كانت تقتصر على نطاق العائلة أو البيت وكأنها رد فعلٍ لخشونة الوالد معك، بدليل أنك تكون طفلا آخر حين تكونُ في بيت عمك.
وأما في مرحلة المراهقة فقد غلب عليك نوعٌ أو شكلٌ من أشكال الاكتئاب العصابي هو على أغلب الظن اضطراب عسر المزاج مبكر البداية Early Onset Dysthymia، وهو أيضًا كثيرا ما يكونُ مصحوبا بالقلق لكن المزاج الاكتئابي السيئ يظهر عادةً في الواجهة، وهكذا تحور شكل الاضطراب النوعي معك من الطفولة حتى المراهقة فأنت غالبا غير سعيد ولا قادرٍ على الاستمتاع وإن ظل كل ذلك بدرجة أقل من أن يراك الناس أو ترى أنت نفسك مريضًا بمرضٍ نفسي، وهنا نقطتان مهمتان: الأولى هي أن الاضطرابات الانفعالية النوعية في الطفولة -ما لم تعالج في وقتها- غالبا ما تصاحب الطفل في مراهقته، ونادرا ما تقف عند حدودها، والنقطة الثانية هي أن شدة وقسوة كل تلك الأعراض لم تكن بفضل الله معيقة لك أليس كذلك؟
ولا كان غزو صدام معيقا لك أيضًا بفضل الله، فأنت بعدما صدمت بنتيجة الثانوية العامة ولم تفصل لنا كيف؟ إلا أنك استطعت الفوز بدراسة الهندسة (الحمد لله حافظت على تفوقك)، ونجحت في الهندسة وهذا أنت مهندس يدرس الماجستير في بلاد الغربة كل هذه دلائل على قوتك برغم معاناتك النفسية والمعرفية المستمرة.
لكن أجزاء من إفادتك تشير إلى مشكلات جسدية أيضًا قد تكونُ لها علاقة بالبدانة التي نخمن أنها مفرطة بما يؤثر على نومك وتنفسك ومجهودك البدني بوجه عام، فضيق النفس واضطراب الهضم، وسرعة التعب وكذلك ما يفهم من قولك (لا أستمتع بالنوم بالليل فعدد ساعات النوم عندي قليلة ومتقطعة)، يجعلنا نشك في اضطراب تنفسك أثناء النوم، وهو ما قد يكونُ ذا علاقة بتراكم الشحوم في منطقة البطن.
صحيحٌ أنني أدرك أنك تستقبل الأعراض كلها نفسية وجسدية وقد لا تفرق في معاناتك بين هذه وتلك، فتصف التعجل والعصبية والاستثارية العالية مع الصداع ومع ضيق النفس واحمرار الوجه، وصحيحٌ أن هناك أعراضا جسدية للقلق والاكتئاب، إلا أنني أنصح بأن تطلب العلاج الباطني أيضًا عند طبيب الأمراض الباطنية، وليس فقط الطبيب النفسي لأن من بين أعراضك التي اشتكيت منها ما قد يكونُ لأسباب غير نفسية ولا يدخل بسهولة ضمن الأعراض الجسدية لخلطة القلق والاكتئاب التي تعاني منها نفسيا، وقد يكونُ من تلك الأعراض ما يحتاج علاجا لدى الطبيب الباطني.
لكن تذكر أن الانطباع الذي أخذته عنك من أنك إنسان قوي لم يتغير، وذكر نفسك دائما بأنك رغم كل ما عانيت وتعاني من ابتلاءات قد كنت وتظل إن شاء الله موفقا متفوقا وفي وضع تغبط عليه ما شاء الله، وهذا أنت تدرس الماجستير في الهندسة متزوج –وإن كنت أستغرب غياب أي ذكر للزوجة أو أثر الزواج في سطور إفادتك- وتعيش في بلاد الغربة، وتحمد الله أنك كما تقول (ساعات كثيرة أحس بالسعادة وأعيش نفسي، فما زلت متأكدا بأنني أستطيع أن أنعم بالحياة بإذن الله) وكثرة هذه الساعات تجعلني أخمن شدة اضطراباتك كلها بأنها من النوع الخفيف، لكنني لا أملك التفسير لما تشير إليه بقولك (هذه الأوقات الحلوة لا ينغصها سوى الشد بالرأس من الصدغ والخلف وهو ليس بصداع)، عليك أن تسارع بعرض نفسك على متخصصين هما الطبيب الباطني والطبيب النفسي، ونحبذ أن يكون في نفس الوقت، وإن شاء الله ينعم عليك بالشفاء،
وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بالتطورات الطيبة.