البحث عن الحنان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
لا أعرف من أين أبدأ الكلام، ولكن حكايتي طويلة أرجو منك الاهتمام بها والرد. أنا فتاة عمري 24 عام متزوجة منذ عام ونصف لا يوجد لدي أطفال، زوجي يعمل في دولة عربية، أعلم أن مشكلتي بها كثير من المعاصي والفواحش سوف أتلو عليكم.......
أنا تربيت في عائلة مكونة من أب وأم وأخ يكبرني بعامين، كنت مدللة من أبي كثيرا وكنت متعلقة به تعلق كبير، لم أكن في صغري بنت جاذبة، لم يلتف حولي الشباب ولكنني كنت علي تربية جيدة، كنت أسمع من صديقاتي أن هذا معجب بها، وهذا أيضا... كنت أتمنى أن أكون مثلهم.
توفي أبي وعمري 16 عام، كان أبي أحن إنسان في الوجود، كان لدي فراغ كبير بعد موت أبي وفي نفس العام لاحظت نظرات إعجاب من صديق لأخي، فرحت كثيرا، ظل دائما يلاحقني بعينيه وكان دائما يتصل علي الهاتف وأنا أجيب، حتى جاء اليوم وصرح لي بحبه، خجلت جدا وطلبت منه أن يقول لأمي، وبالفعل قال لها وأمي وافقت أن يكون بيننا حب بريء، أحببته كثيرا جدا وهو كذلك، كنت لا أستطيع العيش بدونه ولا أرى حبيبا غيره.
كنت فتاة بريئة لا أعرف أي شيء عن الحياة، كان يعلمني كل شيء -هو يكبرني بعامين- علمني الخطأ وعلمني أشياء صحيحة، طلب مني أن يكون بيننا علاقة جنسية، كنت لا أفهم شيء ولكن تجاوبت حتى لا أخسر حبه المنتظر، حتى جاء اليوم وفقدت عذريتي، يومها لم أفهم خطورة الموقف ولكن هو قال أن لا أقول لأحد وأنه يحبني وسوف يظل معي ويتزوجني، وبالفعل لم أقل لأحد ولكنه قال لابن عمته وصديقه حتى يكون بجانبه.
وجاء اليوم وتقدم لخطبتي ووافقنا وفرحت كثيرا وأصبحت فتاة مثيرة وجذابة جدا وتلاحقني نظرات الشباب ولكن منذ ذلك اليوم وأنا فقدت شعور المتعة معه، تعرفت علي أكثر من شاب عن طريق الإنترنت وقابلت بعضا منهم كنت أكون في غاية السعادة عندما أسمع منهم كلمة حب أو كلمة إعجاب وكنت أيضا أشعر بالرغبة ولكن مع خطيبي لا أشعر بأي شيء كنت دائما أبحث عن حب آخر وحنان آخر وبدأت أرى عيوب كثيرة في خطيبي وكنت عندما أتعرف بشاب أكون متمسكة به في البداية، بعضهم يتركونني وبعضهم تركت ولكن عندما يتركونني كنت أحزن كثيرا ولكن عندما أترك أنا لا أشعر بالحزن، وكنت دائما أريد أن أترك خطيبي لكنه لا يقبل يقول أنه يحبني.
وفي فترة الخطوبة تعرفت علي شاب من دولة أوربية بهرني وأحببته وتعلقت به ولكنه تركني، لم أستطع نسيانه بسهولة ولكني أخذت فترة طويلة حتى أنني أتذكره أحيانا، وظللت مخطوبة لمدة 4 أعوام وقبل الزفاف بعام سافر خطيبي إلى دولة أخرى للعمل وظل يعمل هناك إلي الآن وجاء الزفاف وكنت على أمل الشعور بالمتعة عندما أكون زوجته وأيضا لم أشعر بالمتعة ظل معي شهر وبعدها سافر شعرت معه بفتور كبير وبدأت بيننا مشاكل وبدأت ألاحظ من والده تصرفات تخجلني.
تعرفت بشاب عن طريق الإنترنت وأحببته لكنه تركني بعدها تعرفت علي شاب آخر وقصصت لأنه أنني متزوجة وزواجي فاشل، كنا أصدقاء ولكنه أحبني وهو أيضا يعمل في دولة أخرى لم أحبه ولكني كنت معه وكنت دائما أتركه وأرجع أتركه وأرجع وهو يفرح عندما أعود مرة أخرى كنت مستمتعة بحديثه معي وكلامه عن حبي وبعد ذلك عملت فترة قصيرة وفي العمل أعجب بي شاب حاول التقرب مني ولكني لم أمانع، أحببته أيضا وتعلقت به وقامت بيننا علاقة كاملة، في البداية كان لديه مشكلة لم أحسسه بشيء وقلت في نفسي لو تركته أكون جنيت على نفسيته وأحاسيسه ورجولته.
ظللت معه وأصبح بخير ولم أنكر أنني شعرت بالمتعة معه ولكنني مللت من حبه ومن وعوده الكثيرة التي لا تتحقق ورأيت عيوبه وتركته، وبعد 9 أشهر من زواجي ذهبت لزوجي وعملت عمرة ودعوت الله أن يغفر لي ويهدني ويمتعني بزوجي لم أشعر أيضا بالمتعة الكاملة مع زوجي ولكنه في بعض الأحيان أشعر أنه ابني وعلمت أنه مريض ولا يستطيع الإنجاب، الآن شعرت بحزن عليه ووقفت بجانبه وعدت بمفردي إلى بلادي ورجعت أجلس مع أمي وأخي ثانيا.
شعرت مرة أخرى بالفراغ وتعرفت على شاب كنت مستمعة بكلامه عن جاذبيتي ولكنني تركته وعاودت التحدث مع الشخص الذي يعمل في دولة أخرى ما زال يحبني وينتظرني أحببت هذا الشخص لحبه لي ولانتظاره لي كل هذه الفترات ورأيت به مميزات كثيرة لم أراه من قبل ولكني لم أره أبدا في الحقيقة كنا نتحدث على الهاتف وأيضا بالكاميرا والمايك.
أحببته حبا جنونيا حتى أنه عرف مقدار حبي ولكنه فجأة أراد البعد لأنه شعر أنه لا يوجد أمل من حبنا.
قلت له سوف أنفصل عن زوجي ونتزوج شعرت بأنه لا يضمن لي هذا ربما يحدث شيء ولا نستطيع بدأ يبتعد أيضا ولكنني لا أستطيع نسيانه، أشعر بأنني أحبه كثيرا ولا أستطيع العيش بدونه، وأشعر بالحزن الشديد لبعده عني، أعرف أنه خطا كبير ولكن ليس بيدي الآن لا أعلم هل أنا أحبه حقا أم أنني في احتياج أي حب آخر.
هل أنفصل عن زوجي، أم لا هل أنا مريضة أم لا أريد أن أكون امرأة مخلصة لرجل واحد وأعيش لرجل واحد أشعر معه بالمتعة والحب والحنان وكل شيء وأن لا ترى عيني غيره، لا أريد أن أفعل فواحش، ولا أريد أن أكون مع أكثر من رجل ماذا أفعل هل أظل مع زوجي وهل سوف تمشي الحياة معه بطريقة جيدة أم لا، وهل أنا حقا أحببت هذا الشخص الآخر أم لا.
لم أستطع فهم شيء عن شخصيتي أنا متوترة وأشعر كثير بالذنب والخوف من الموت وأخاف أيضا من روتين الحياة ماذا أفعل أرجو الاهتمام ومساعدتي؟؟؟؟؟؟
15/03/2012
رد المستشار
أتأمل كثيرا حياة أغلبنا "العادية": تربية محافظة، عادية أو مرفهة من حيث النواحي المادية، والأشياء، الأسرة هي المسرح الأساسي ـ وربما الوحيد للمتفاعلات، مجتمع ينكر بشدة احتياجات الإنسان الطبيعية، وبالتالي لا توجد خطط حقيقية للتعامل مع هذه الاحتياجات، وتخبط شديد في فهم الإنسان لنفسه، وعلاقته بها، ومن حوله!!! ورعب من عقاب الله ينسينا حبه لنا، ورحمته بنا.
ونحتاج إلى أن نعرف أن الحب بداخلنا، والبهجة/ والسلام، والحنان!!! لو تأملنا طفلا طبيعيا لم يتشوه في كنف أسرة غبية المشاعر، جاهلة بأبسط بديهيات تنشئة البشر، لا تربية البهائم!! لو تأملنا الطفل السليم (على فطرة الله) سنجده يغضب، ويبتهج، ويخاف حتى دون مؤثرات من الخارج!! لأن بداخله جذور الفرح والحزن!!
قرأت مقالا حديثا لطبيب نفساني يصف مشهد زيارة أطفال لأمهاتهم المريضات في مصحة عقلية بدولة أجنبية كان يدرس بها، ويطيل في تفصيل مستوى الانضباط، والقدرة على التمييز، والرعاية التي كان يلاحظها من الأبناء الصغار الأطفال تجاه الأمهات المريضات!!!
بداخلنا هؤلاء الأطفال تلك القدرات الفذة مثل كل الأطفال، ومثلنا جميعا حين نولد على "خلقة ربنا"، ثم يحصل لنا التعويق، وتتواصل الإعاقة حين ننشأ على أننا محتاجون لغيرنا، عاجزون عن إسعاد أنفسنا، ورعايتها، والاهتمام بها، وبمشاعرها، وثقافتها...الخ، وهكذا نبدأ رحلة الإدمان، والاعتماد على غيرنا، والبحث عن السعادة!
أوهام شائعة ومتداول تتجمع في عقولنا من الرسائل التي نتلقاها على مدار الساعات والأيام والشهور، والنتيجة أننا نعيش حالة من البحث الدائم عن الحنان، والحب، والأمان، نلتمسه في الأماكن، والأشياء، والأشخاص بينما هو بين جوانحنا، ولكنه معطل يحتاج إلى استعادة!! وتزداد المعاناة حين يسلمنا نفي الحياة "العادية" التي يعيشها أغلبنا إلى نوع من الخواء عجيب!!!
وحين أقول هذا ينصرف التفكير إلى فراغ الوقت من المشاكل أو المشاغل، بينما المعنى المقصود هو فراغ النفس والعقل من القضايا والاهتمامات، وهي آفة قاتلة ومدمرة لنفوس البشر، وتسلمنا إلى، وتسلمنا لها، حياة رتيبة مكررة فارغة بفعل الجهل العميق لطبيعة الحياة والإنسان، والتشدد الأبله الأعمى الذي ينعق، ويردد ما يسمع دون فقه ولا تمحيص، ولا يهدأ إلا بتفريغ الحياة من كل نشاط إنساني فيتحول الناس إلى قطعان بائسة، فاقدة الإنسانية من باب الأخذ بالأحوط، وسد الذرائع، واجتنابا للفتن... ما ظهر منها، وما بطن!!!
لا أعرف على وجه التحديد نسبة من يعانون من البحث المتواصل عن أشياء هي أصلا بداخلهم ولكنها مهجورة معطلة، ولا من يعانون من حياة خاوية من المعنى والهدف، أو القضية، أو الاهتمام... لكنني متأكد أن حياتهم تعيسة مثل حياتك تماما، وأحيانا أسوأ، وزيادة في البؤس تختارين وغيرك التخلي عن المسئولية عبر الاعتقاد أن التخبط الذي تعيشينه ليس سوى قدر قاهر، وليس محض نمط حياة تعودت على الاستسلام له لأنه يحقق لك الرضا، والإشباع المؤقت عاطفيا، وجسديا أحيانا!!
إذا لم تكن ثقتك بنفسك والامتلاء بمشاعر أنك شيء مذكور مستقرة بداخلك فأنك ستبحثين عن الثناء، والحب، والحنان مثلما يبحث المدمن عن جرعة المخدرات: لا هو يشبع، ولا يكف عن البحث، ولا يشعر بالرضا أبداً، ويقضي وقته في الجري وراء ما يعتقده الحل لمشكلته في الإدمان الذي صنعه بنفسه حين استسلم لأحوال خواء قلبه وحياته، وضياعه بلا هدف، ولا قضية، ولا معنى، ولا وجود حقيقي يليق بإنسان!!!
الجديد يصلنا كل لحظة في نبضة قلب،أو فكرة تنبثق في العقل، أو لون نراه، أو رائحة نشمها، أو حالة إنسانية جديدة نسمع عنها، أو نقرأ... ولسنا في حاجة إلى كل تلك التخبطات والمغامرات اليائسة لنتجدد!! فقط علينا أن نفتح أبوابنا للجديد الذي ينهال علينا كل يوم وساعة، ولكننا عطلنا حواسنا، ومستقبلات مشاعرنا، وبراءة أرواحنا، ودهشتنا الطفولية في التعامل مع الجديد الذي يحيط بنا، ويلامس مشاعرنا ووعينا ليل نهار!!!
أنت وحدك تحددين إذا كنت تريدين الاستغناء عن المخدرات، والتعافي عبر رحلة استعادة ذاتك الحقيقية التي ضاعت منك حين استسلمت للحياة العادية الكئيبة الممرضة!!!
إذا بدأت في استكشاف عالمك الداخلي ستجدين جمالاً، ونوراً، وسكينة، وستجدين شوقاً إلى الله الذي هو معك في كل لحظة، وأنت تختارين وحدك: إما التواصل معه سبحانه، أو الانقطاع عنه!!
وتذكري أن حياة الخرائب التي يختارها بعضنا هي التي تستدعي الشياطين، حيث الاستمتاع بالخرائب هي عادة قديمة لديهم!!! وتذكري أن المتعة الروحية والجسدية هي قرار واختيار ينبع من داخلنا شعوراً، وإدراكاً، وتفكيراً، وتواصلاً مع الشريك/ الزوج وهو مثل كل، تعتقدين ليس شيئا ننتظره أن يحصل، إنما هو نتيجة نحصدها حين نستجيب لمبادرات الطرف الأخر، أو نبادر نحن، وننفتح للتواصل.
نحن نختار يا عزيزتي –طوال الوقت- ونحصد نتائج اختيارنا دائماً، ويحلوا للبعض منا أن يسمي النتائج السلبية لاختياراته "قدراً" قاهراً من الله عز وجل، بينما هو محض حصاد لما يختاره لنفسه!!! وأنت تختارين اليوم بين أن تعرفي وتتعرفي على نقطة ضعفك الداخلية الأساسية، وهي شعورك بالرضا، والانجذاب الجنسي لما يشعرك بأنك مرغوبة، ولذيذة، وأنثى مشتهاة، ولا أدري ماذا يفعل زوجك في هذه المساحة؟! وماذا تفعلين أنت معه ليفهم ويتفاعل؟! هل تنتظرين الفعل أن يأتي من غيرك، ويقتصر دورك دائما على رد الفعل؟! أم أنك تملكين أيضا ذمام المبادرة العاطفية؟!
وكيف تستخدمين هذه المبادرات- في حالة وجودها- ومع من؟! وهل تصدر عنك حركات أو تصرفات تلفتين فيها الانتباه إلى جوعك العاطفي للحنان؟!!
أنت تختارين ألا ترين نفسك إلا في مرآة إعجاب الآخرين بك، وفقط!!!
وأنت تختارين العلاقات السطحية مع أسرتك، ومع زوجك!!!
وتختارين أن تنتظري التغيير من الوضع جالسة!!!،
أو أن تتحركي متواصلة مع الطبيعة، والناس، ومع نفسك، وأن تتحملي مسئولية حياتك، واختياراتك، وأن تمنحي الحنان والحب بلا انتظار للمقابل فتكتشفين أنه بداخل معين لينبض من هذه المشاعر الجميلة!!
ربما في تجولك هذا تختارين مقابلة مرشد خبير يساعدك لتشخيص أعراض اكتئابية يمكن أن تكون جزء من تشكيل صورة حالتك!!!
وستجدين في حركتك لا في عزلتك من يدعمك ويعاونك في البحث عن ذاتك، وأهدافك، ومعنى حياتك!!! وينفعك في هذا أن تجدي العمل المناسب، والاهتمام والهواية، والأصدقاء، وأن تمارسي بعض الأنشطة البدنية والروحية، وتابعينا بأخبارك.
التعليق: هل تعلمين أصل مشكلتك؟
أنك لا تدركين معنى الحياة الدنيا، فطبيعة الدنيا هي الانتهاء، عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه.
تريدين ضمانا لتكوني سعيدة ولا يوجد تأمين على السعادة،كلنا نمر بلحظات ألم وحزن وفقد، ولكن هل الحل في استمرار الجري وراء سراب لتروي عطشك للحنان والتقدير والإعجاب؟؟ مهما أحببت فى الظلام والحرام فلن تجني إلا العذاب، لأنك تخالفين فطرة الله، اشكري نعمة الله عليك بأن ستر عليك معصيتك ولم يفضح أمرك، بل وأمهلك لتتوبي ولم يأمر ملك الموت بقبض روحك وأنت على معصية الزنا وفي أحضان زاني "من يزين لك الشيطان أنك تحبينه".
هل تعلمين حد الزانية المتزوجة؟ الحد هو الرجم حتى الموت مع شهود طائفة من المؤمنين لعظم هذا الذنب الذي يعد من أكبر الكبائر.
إن بركة الزواج قد تمحق بسبب ذنوب الخطبة فتوبا إلى الله تعالى أنت وزوجك وابدأي حياة جديدة ذات معنى لإنسانيتك وروحك ووجودك وليس جاذبيتك وإغوائك.