المهان من والده, وسلوك الرهاب الاجتماعي:
قبل عرض مشكلتي والتي انتظرت كثيراً لعرضها عليكم لثقتي الغالية في حضراتكم، أود أن أذكر شيء بسيط عن حياتي منذ طفولتي وحتي الآن..
لقد تعودت منذ طفولتي على الإهانة من قبل والدي والتي تصل إلى الضرب المبرح في أغلب الحالات، حتى بسبب أبسط المشاكل، ولم تكن لوالدتي أي سلطة على والدي حيث كان يتدخل لإهانتها وضربها أيضاً إذا ما اعترضته أو حاولت إيقاف الأذى عنا..
فمثلاً لا أزال أتذكر حتى الآن هذا الموقف الذي حدث معي عندما حدثت مشكلة بيني وبين أحد الاطفال أثناء لعبنا في الشارع، عندها عاقبني والدي كالعادة وقال: "هتتعاقب حتى لو كنت مش غلطان" وده طبعاً إرضاء لوالد الطفل الآخر الذي اشتكى لوالدي مما فعلته مع ابنه، وكان والدي يحاول عزلنا عن الآخرين منذ الطفولة -خاصة عن المنطقة المحيطة بنا- حتى أننا لم نكن نذهب إلى أقاربنا كثيراً -مع أنهم قريبون منا في نفس البلد- وكان يقول: "مش عايزين نبقى تُقَال على الناس"..
فأعتقد أن مشكلة الرهاب بدأت من هنا،وقد تولدت بمرور الزمن بعض العادات السيئة لدي فقد كنت أختلس النقود من والدتي في فترة المراهقة واستمر ذلك لفترة وأيضاُ عرفت في فترة المراهقة ما يعرف بالعادة السرية -وقد استمرت معي هذه العادة حتى دخولي الجامعة- والتي كنت أحس فيها بالراحة، والبعد عن كل المشاكل التي تحدث معي.وحتى المرحلة الثانوية كنت شخصاً طبيعياً، إلى أن دخلت الجامعة فبدأت معي أعراض مشكلتي ألا وهي " الرهاب الاجتماعي"..
فقد كنت أرى زملائي يتحدثون مع بعضهم ويشاركون بعضهم في المناسبات بينما لا أقدر أنا على فعل ذلك فلم يكن لدي أي أصدقاء بعد انتهائي من المرحلة الثانوية،وكانوا كلهم مجرد أصدقاء في الدراسة وحتى في المرحلة الجامعية، فقد كنت أفضل العزلة والجلوس أمام شاشة الكمبيوتر على أن أخرج من المنزل وأمارس حياتي الطبيعية، وشعرت أنني أمام عدة مشاكل نفسية معقدة كالرهاب الاجتماعي، ورهاب الساحات؛
ومما زاد من مشكلتي هو أنني عندما أتحدث مع أشخاص جدد أو حتى من الذين أعرفهم لا أقوى على التخاطب، وتخرج الكلمات مني بصعوبة بالغة وتظهر عليّ أعراض مثل زيادة ضربات القلب بصورة ملحوظة وصعوبة في التنفس واحمرار الوجه، فأفضل الانسحاب من الحديث على الاستمرار فيه وهكذا تفاقمت المشكلة. وفي بعض المواقف الأخرى تراني أتحدث بشكل عادي، ولكن هذا يحدث عندما أكون على علم بما أتحدث به أو بمعنى آخر أكون قد أعددت مسبقاً الكلام الذي سأتحدث به..
وأعتقد أن السبب الرئيسي فيما أنا فيه حالياً هو والدي حيث أنني لا أزال حتى الآن أخاف من والدي ولا أحترمه إلا في بعض المواقف، فأخاف أحياناً أن يطردني أنا أو أسرتي بالكامل لمجرد خطأ ارتكبته أو أحد أفراد أسرتي. فهل يكون هو السبب فيما أنا فيه حالياً معاملة والدي أم لا؟؟؟ وأنا الآن في عامي الثالث من المرحلة الجامعية وقد وقعت في حب إحدى زميلاتي وأريد الزواج منها ولكنني لا أقوي حتى على الحديث معها والبوح بما في نفسي لها فماذا أفعل؟!! مع العلم بأنني أريد الارتباط بها والزواج منها، ولكنني أخاف من رفضها لي أو أن يكون رأيها سلبيا تجاهي، وفي النهاية بعد أن تعرفت على هذا الموقع المتميز قررت أن أفصح عما في نفسي وأطرح مشكلتي حتى يستفيد منها الآخرون ولكم جزيل الشكر..
أرجو من الإدارة عدم عرض إيميلي في الموضوع،
وبارك الله فيكم مرة ثانية..
29/03/2012
رد المستشار
الأخ الفاضل "عبد الله"؛
غوصك في تاريخ حياتك تنقيباً عن أصل المشكلة يبدو أنه غوص ناجح فقد وضعت يدك على القسوة المفرطة للوالد، وضعف شخصية الوالدة، وما تعرضت له من عقاب شديد في مواقف مختلفة يدل على أن التربية التي انتهجتها الأسرة قد جانبها الصواب..
والأسرة هي الأصل الذي يشرب منه الأبناء مفاهيم مثل القدوة، والكرامة، والأهم مفهوم الحب، بخلل في هذه المفاهيم تطورت حياتك من مشكلات في المراهقة إلى وقوعك في الحب ورغبتك في الزواج، وأسأل الله أن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى..
تبحث الآن عن حلول ويكمن أول هذه الحلول في أن تتخرج من الجامعة بتقدير يؤهلك للالتحاق بسوق العمل، فبعملك تكسر أول طوق للوالد عليك، بالعمل تنال الحرية في التعبير عن رأيك، وعن تحويل أمنياتك إلى واقع ملموس عندها يبدأ العلاج الحقيقي. لأن الرهاب الاجتماعي –هذا لو ثبت بالتشخيص القاطع أنك مصاب به حسب تشخيص طبيب نفساني – هو في حقيقته خوف من تقييم الآخرين السلبي للإنسان أو لتصرفاته في الموقف الاجتماعي المختلفة..
إلى حين تخرجك ونيل حريتك تحتاج في المقام الأول إلى لقاء طبيب نفساني مختص يعيد تقييم معاناتك ويرشدك إلى العلاج..
ثم تحتاج إلى أن تتبع نصيحة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه إذ قال –أو قيل عنه- "إذا هبت شيئا فقعْ فيه" أي واجه مخاوفك، تفاعل مع الأحداث، تعرف على الأصدقاء ولتبدأ علاقاتك من المسجد ترتاده لتعبد الله عز وجل فيه ثم تتعرف فيه على صحبة صالحة تذوب مخاوفك في ظلال الأخوة في الله الوارفة.
ستجد على موقعنا "مجانين.كوم" كثيرا من البرامج العلاجية التي تناسب الرهاب، ابدأ التطوير الذاتي..
واقرأ على مجانين:
تعديل التحيز المعرفي في الرهاب الاجتماعي
الرهاب الاجتماعي... واتخاذ القرار
الرهاب الاجتماعي حلقات الإدامة والعلاج
التخلص من الرهاب الاجتماعي خطوة خطوة
وليكن بأن كما لوالديك أخطاء جسيمة فلهما فضل عظيم..وتابعنا بأخبارك....