كيفية التعامل مع فاقدي الذاكرة
السلام عليكم، منذ قرابة الأربع سنين جاءت جدتي لتسكن معنا بعد أن أصيبت بألزهايمر، أو خرف الشيخوخة لا أدري أيهم، المهم أنها لا تفتكر إلا الماضي، ولا تستريح ولا تريح أحد، فهي مشغولة البال طول الوقت بزوجه، أو أطفالها أو أخيها أو أمه، وطبعا لا أحد يستطيع أن يسايرها إلى ما لا نهاية، فنضطر إلى العنف اللفظي أحيانا معه، وخصوصا أمي التي أصبحت لا تحتمل المزيد، فأصبحنا نعاني الاثنتين معا تقريب، فلكي تفرغ الضغط المتزايد عليه، تعيد كل ما تقوله لها جدتي مرات عديدة ولا تكل أبدا إلى أن نطلب نحن منها الكف عن ذلك، كل أفراد العائلة تحت ضغط رهيب إلى درجة أن بعضنا أحيانا يتطاول لفظيا على أمي أو جدتي، وأحيانا يتمنى الموت فعلا لجدتي كي يرتاح الجميع؛
أعرف أنه خطأ ولا يغير من الأمر شيئا بل لا يزيد غير الذنوب، لكن جدتي إنسان فاقد للذاكرة وعنيد جد، وأحيانا يتوقف مخها عن الفهم فلا تفهم أبسط الكلمات، فنبقى نصف ساعة أحيانا ولا أبالغ، نطلب منها أن تخلع خفيها.
كمثال آخر، تنادي جدتي: أمّيييي، وذلك بأعلى صوت، فأجيبها نعم، فتقول تعالي اجلسي جنبي، مع أني أكون جنبه، فأقول حاضر، تمر 30 ثانية فتعيد: أمييييييي، فأجيب: نعم، إلخ إلخ إلى ما لا نهاية... أنا قد لا أمل من الإعادة، لكن لكم أن تتخيلوا إذا كان أحد ما إلى جانبي، كيف سيكون وقع ذلك على مسمعه، أكيد سيشتاط غضبا لأنك عندما تكون السامع تمل أكثر من أن تكون أنت الفاعل أو القائل.
مثال ثالث، تنادي وتطلب منا أخذها إلى أهلها كي لا يذهبوا ويتركوها ورائهم، ولا تمل إطلاقا من ذلك الطلب، هي قد تبقى أحيانا 48 ساعة واقفة لا تجلس ولا تنام ولا تسكت، تعيش الماضي بكل مآسيه وشجونه، وأحيانا أفراحه هي عبارة من مجموعة مشاعر لا أكثر، فهي أحيانا تشتاق إلى أبنائها أو أمها أو أخيه، وأحيانا تعيش حالة خوف فهي تظن نفسها في البراري ولا يوجد أحد معها سوى الوحوش من بني البشر، وأحيانا أخرى تظن نفسها مسؤولة عن الطبخ وتحضير طعام زوجها وعائلته، وهكذ، ومن ثم تفرض علينا مساعدته، والأمثلة كثييييييرة ومتعبة جد،
المهم نحمد الله أنها كفيفة حيث يسهل التمثيل عليها ومسايرته، ما أريد معرفته هو كيف يمكننا التعامل معها بدون أن نفقد أعصابن، للحفاظ على صحتنا النفسية، لأننا فعلا تعبنا نفسيا كلن، وخصوصا أمي التي أصبحت تشبه جدتي في تصرفاتها كثير، وكل الخوف أن تصاب هي الأخرى بنفس المرض، خصوصا أننا نشتغل كلنا وتضطر أمي للبقاء معها أغلب الأوقات لوحده،
ولكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خير الجزاء
السلام عليكم
20/04/2012
رد المستشار
مشكلة الألزهايمر هي مشكلة طبية حيث لا يعد فيها التشخيص ولا كتابة العلاج من الصعوبة بمكان، ولكن تكمن المشكلة الحقيقية في إعطاء الرعاية الكافية لذلك المريض، إنها حقا مشكلة للشخص القائم برعايته أكثر من كونها مشكلة الشخص نفسه، حيث أن الشخص نفسه قد نسي من يكون ومن هؤلاء الغرباء حوله، ولذلك لا تتعجبي أن تكون خائفة ومتوجسة وتنظر إليكم وقد امتلأت أعينها شكا وحيرة إنكم بالنسبة لها غرباء تماما وليس هذا فقط ولكنكم تعيشون معها تتدخلون في أخص خصوصياتها، تتحكمون فيها في الجلوس والأكل والنوم والنظافة، فمن الطبيعي أن تواجهكم من حين لآخر بالغضب والتوجس.
كما قلت أن هذا المريض قد نسي كل شيء عنكم، ولكنكم أنتم تتذكرون، تتذكرون الجدة والأم والزوج، في وقت ما من حياتهم أعطوا الكثير، ولم يكونوا يتمنون أبدا أن تكون تلك هي النهاية، عجوز يقعد يبول على نفسه، يكرهه كل من حوله ويتمنون موته، إن لم تتذكر من تكون فأنتم تتذكرون.
لا تفهميني خطئا وتتوهمين أنى ألومك، إن واجب رعاية مريض مزمن بغض النظر كان مريضا نفسيا أم عضويا لهي مهمة من أشق المهام وتتطلب فعلا ملائكة حتى لا تتأففي من المجهود. من الرائحة، من العناد من تكريسك الوقت بأكمله له، من طغيانه على حياتك حتى لا يصبح عندك حياة شخصية أو وقتا للخروج والراحة.
وكل ذلك وأنت غير مشكورة بل وقد تتم إهانتك، ولهذا ليس غريبا أن يصاب العديد من هؤلاء الناس القائمين على الرعاية بالاكتئاب، وقد تظهر لديهم نوبات القلق والبكاء المستمر وقد تتفاقم لديهم الأمراض العضوية.
إذن ما الذي نحتاج أن نتذكره عند رعاية مريض مزمن..؟؟
أولا: أنه لو أراد لكان تمنى نهاية سريعة لا يؤذي أو يتعب فيها أحدا ولا يهان كإنسان بتلك الطريقة ولكنها إرادة الله التي لا نستطيع دفعا لها.
ثانيا: أن لا أحد محميا من المرض، مهما كانت درجة محافظتك على صحتك.
ثالثا: لابد من تقسيم المسئولية عليكم جميعا، فشخص واحد لا يكفى بالتأكيد لرعاية مريض الألزهايمر، ومن الممكن طلب مساعدة بالأجر أو إدخاله في مصحة علاجية لبعض الوقت حسب نصيحة طبيبة، هذا لا يعني أبدا تخليكم عنه، قدر احتياجكم أنتم أنفسكم للراحة حتى تستطيعوا الاستمرار.
رابعا: لا تنسي أن تسألي الطبيب النفساني عن أي أعراض قد تعانين منها أنت شخصيا، بقائك في صحة نفسية وجسدية جيدة يساعدك على الاستمرار.
خامسا: أتركك بكلمة واحدة، إن كان هو لا يعلم من يكون فأنت تعلمين، والسلام.
واقرئي على مجانين:
لا تستسلمي لليأس
خرف الشيخوخة
الأعراض الذهانية في كبار السن
والدي الحبيب: ثرثار شتام شكاء!
ويتبع >>>>>>: كيف نتعايش ؟ ضعف من بعد قوة م