السلام عليكم
د.وائل أبو هندي المحترم تحية طيبة وبعد؛
هذه المرة الثانية التي اكتب إليكم، الأولى كانت عبر موقع إسلام اون لاين، حيث قمت بالإجابة عن رسالتي التي كان مضمونها مروري بحالة اكتئاب نتيجة اضطراب حياتي الزوجية، لأني خجولة وبلا شخصية... الخ، وذكرت لي أنني أعاني من اكتئاب شديد وفقدان تقدير الذات وتوكيدها، وطلبت أن لا أتسرع في طلب الطلاق من زوج أحبه... الخ. على العموم ليتك ترجع إلى استشارتي على الموقع المذكور تحت باب مشاكل وحلول الشباب، وعنوان السؤال "أشتهي السكر فهل أعاني من الاكتئاب؟" لتتذكر، وشاكرة لك مقدما.
بصراحة دكتور لقد تم الطلاق بناء على رغبة مشتركة، لكنها كانت رغبة زوجي أولا فقد صرح بذلك اكثر من مرة قائلا: " إذا لم ترغبي في العيش معي أطلقك وسأظل أذكرك بخير!" ثم أنه بدأ يهجرني، ينام في غرفة أخيه، ويسهر حتى الفجر عند أصدقائه، يتحاشى مجالستي، يذهب بي إلى أهلي ولا يأتي لأخذي إلى أن أعود مع آخي صباحا بحجة أن دوامه قرب دوامي.
لم نعد نشعر بأننا متزوجان، أقر بأنني كنت سلبية فلم أصارحه بمشاعري بل استمررت في مسلسل الكبت، المهم سمعته ذات يوم يحادث نفسه بطلاقي فجراً، ففطن إلي فقلت هل حقا ما تقول؟ قال نعم. بكيت، ويبدو انه تأثر نوعا ما لكنه أصر، اخبرني أنه غير مرتاح معي فرضيت بحكمه وذهب معي لإخبار أهلي صدمة تساؤلات.
المهم اخبرني بعدها انه سيرجعني بعد أن تستقر حالته في العمل لأنه مشغول به فرضيت، ثم حدثت مشادات بين أهلي وأهله ثم معي فقلت ليتم الطلاق. قال لي عودي فرفضت. هنا بدا يطالب بالمهر، ثم طلقني وقال لأهلي لن أعيد لكم أوراق ابنتكم الرسمية (الجنسية والجواز) حتى استرد نصف المهر لأنكم خدعتموني بها.
الآن مرت سنة على زواجي و3 شهور على طلاقي، وأنا بحالة جيدة ولله الحمد بعد أن ذهبت إلى مختص وأعطاني تمرينا لتقوية الثقة وتدعيم الذات نفعني بشكل كبير جداً، فلم أعد اشعر بتأنيب الضمير بالدرجة التي كنت عليها، الآن أقرأ في مجال تطوير الذات، واستمع لأشرطة الاسترخاء، وأمارس التأمل، وأحافظ على الدعاء يوميا، واشتركت في نادي السعادة عبر الإنترنت، وحضرت دورات تطويرية، إنني بحال افضل بكثير، ولا أزال اذكر فضلك علي بالرد على رسالتي فجزاك الله خيراً.
لكنني الآن أشعر بالإحباط فجأة لفترات قصيرة، أحن إلى زوجي مع انه لا يبادلني هذا الحنين، اشعر بنظرة الناس لي: الإشفاق، مسكينة لا تعرف كيف تدبر حياتها" آه ربما أثقلت عليك لكن البوح يزيح جبالا فاحتسب إنصاتك لي عند الله!.
دكتور أجد صعوبة في الاتصال مع الآخرين، لكنني طلقة في الإفصاح والتعبير في محادثة نفسي داخليا، أشعر بالخوف من كل شيء الزواج، المواجهة، التحدث، من الألم، الحشرات، البحر العميق.... وهنا أذكر أن أمي قالت لي: "عندما حملت بك شعرت بخوف غير طبيعي وغير معتاد من الولادة مع انك الحمل العاشر لي!!" فهل خفق قلبي هلعا مع قلب أمي آنذاك فترسب في اللاشعور؟!
أرجو أن تجيبني على أسئلتي، وان تقترح لي برنامجا للتخلص من مشاعر الطلاق والشعور بالوحدة والرغبة بمن يشاركني حياتي نفسيا واجتماعيا وفكريا وحتى، جسديا فقد ألهبتني تجربة الزواج جنسيا والآن أعاني الكبت، الحمد لله أولا وآخرا، ولا زلت على كلامي الذي ذكرته لك برسالتي الأولى: أنني محسنة الظن بالله، كما أنني مقتنعة بان الحياة تجارب ومحطات، لكن ما ينغصني هو الشعور بالوحدة ، والناس، والخوف؛
تقبل تحياتي الخالصة ولا تنساني من خالص دعائك.
الشهاب المنطلق!
20/08/2003
رد المستشار
الأخت السائلة العزيزة؛ أهلا وسهلاً بك على موقعنا مجانين بعد التطوير وأهلا وسهلاً بك على صفحتنا استشارات مجانين، فأنت صديقةٌ قديمة لاستشاراتي، وإن كنت لم تأخذي لها تماما على ما يبدو، أو أن الله شاء، وأكررُ مرةً أخرى ما قلته لك في أول ردي عليك من خلال صفحتنا الأم مشاكل وحلول للشباب، (وأبشرك أن من تحسن الظن بالله وتتيقن أن الله سبحانه لا بد سيفرج كربها هي بإذن الله ستحصل على ذلك) ومرةً أخرى أقول لك أنني أجد في إفادتك هذه المرة أيضًا الكثير مما هو جديرٌ بالاهتمام.
لكنني لن أغفل اعتذاري لك أولاً عن رسالةٍ أرسلتها لي قبل تطوير الموقع (رغم أنك لم تذكريها) إذ تقولين لي اليوم في أول إفادتك: (هذه المرة الثانية التي أكتب إليكم)، والحقيقة هيَ أنها المرة الثالثة فالأولى كانت عبر موقع إسلام اون لاين، كما قلت والثانية كنتِ أنت قد أرسلتها عبر موقع مجانين القديم ولم يكن البريد يعمل بعد (على جهازي) مع الأسف فلم أتلقها إلا أثناء تجديد الموقع، وها أنت تبادرين بالمتابعة دون أن تذكري لنا أنك راسلتنا من قبل؟ مع أنك كنت بالتأكيد تريدين ردنا على الإفادة الثانية: والتي قلت فيها:
(تحية طيبة وبعد: هل تذكرني أنا التي رددت عن مشكلتها مع الاكتئاب وضعف الثقة..على موقع إسلام اون لاين، وكنت على وشك الطلاق لقد زرت مستشارا نفسيا وأعطاني تمرينا يقوي الإرادة ويعزز الثقة وقد نفعني الآن على الأقل في أني لم اعد اشعر بتأنيب الضمير كثيرا وأصبحت لدي إرادة لا بأس بها نحو التغيير، المستشار لمح لي بان الانفصال عن زوجي قد يكون أفضل وأني أميل إلى هذا القرار، ذلك أن زوجي -يا دكتور- هو من بدأ بعرض فكرة الطلاق حين قال أنت لا تصلحين لي وأنت غير مرتاحة معي فلنفترق، وسأظل أذكرك بكل خير!
أعلم بأنه مر بظروف صعبة جعلته يبحث عن زوجة تمنحه القوة والحنان فلم أكن أنا مؤهلة لذلك ولم يكن هو مؤهل لأن يتحملني ويغيرني، الآن لدي قرار أكيد بالانفصال عنه لكنه الآن يقول لأهلي انه يريدني وحين ينفرد بي يقول لي فكري جيدا ثم قرري هل تودين العودة فعلا أم لا إني أريد أن أكون على بينة، الآن انتظر قراري الأخير بعد الاستخارة، قرأت في نشرتكم عن الاكتئاب أن عسر المزاج قد يكون عن شخصية كئيبة وليس عن اضطراب فما معنى هذا؟ هل يصعب تغيير الشخصية الاكتئابية؟)
ونحن لم نردَّ عليك لأننا لم نقرأ إفادتك إلا متأخرًا جدا وهو ما اعتذرنا لك عنه، وأيضًا لم نستطع ساعتها تحديد من تكونين لأنك لم تذكري لنا عنوان إجابتنا عليك على مشاكل وحلول، ونصف بل أكثر من نصف المشاكل التي نرد عليها تتعلق بالاكتئاب وضعف الثقة بالطبع، المهم أن الله شاء ذلك، وتم الطلاق، ولم نعرف به إلا من خلال إفادتك الثالثة التي نحن معنيون بمحاولة الرد عليها الآن.
لكنني كنت أنتظرُ منك أن تعبري لنا عن شيء من مشاعرك التي ضايقتك بالتأكيد عندما لم تتلقي ردا على الإفادة الثانية، وكان مثل هذا التعبير ولو حتى بصورةٍ غير مباشرةٍ كأن تقولي مثلاً: هذه هيَ الإفادة الثالثة، والثانية عبر موقع مجانين والتي أرجو ألا تهمل مثلما أهملت رسالتي السابقة لك يا دكتور وائل، فهكذا تكونين قد أفرغت مشاعرك تجاه ما اعتقدت أنه إهمال منا، وأكدت ذاتك وبرهنت أيضًا على أنك استفدت تماما من برنامج تعزيز الثقة الذي أعطاه لك المختص النفسي الذي زرته بناءًا على نصيحتنا، خاصةً وأننا لم نكن لنعرف أنك زرته قبل وقوع الطلاق إلا من خلال الإفادة الثانية التي لم تذكريها لنا، وكان من الممكن أن نقول لك أنك لم تزوري المختص النفسي كما نصحناك إلا بعد وقوع الطلاق لولا أننا تنبهنا لتلك الرسالة القديمة، إذن عليك أن تراجعي مرةً أخرى تمارين تعزيز الثقة بالنفس وتوكيد الذات وتقوية الإرادة.
والحقيقة أن في إفادتك الثالثة ما يثلج الصدر رغم الشعور بالمرارة الذي تعانين منه، فكما يتضح من كلماتك (الآن أقرأ في مجال تطوير الذات، واستمع لأشرطة الاسترخاء، وأمارس التأمل، وأحافظ على الدعاء يوميا، واشتركت في نادي السعادة عبر الإنترنت، وحضرت دورات تطويرية إنني بحال افضل بكثير)، ونحن هنا نود لفت انتباهك إلى أن ما تفعلينه الآن هو قفزٌ بخطواتٍ إن شاء الله سديدة في طريق الخلاص من عسر المزاج Dysthymia التي ربما تكونُ الوصف الأدق للشخصية الاكتئابية التي كنت تسألين عنها في إفادتك الثانية، كما أن العقاقير المضادة للاكتئاب أيضًا يمكنُ أن تساعد البعض ولكن بعد أكثر من ثلاثة شهورٍ من استعمالها، ولكن العلاج السلوكي والمعرفي (الذي بدأت أنت بنفسك وأنجزت بفضل الله فيه) هو العلاج الأكثر تأثيرًا إن شاء الله، فقط انتبهي إلى أنك أنت التي نجحت في تغيير ما لم تكن تظن أنه يتغير.
وأما شرائط الاسترخاء تلك فإننا نريد منك أن تذكري لنا خبرتك الكاملة معها لأننا بصدد دراسة هذا الأمر في المسلمين من ناحية صلاحيته كمدخل علاجي لأفراد أمة يفترض أنهم يصلون في اليوم خمسا ويمكن الدخول إليهم من مدخل الصلاة بحيث يكونُ الاسترخاءُ جزءًا من اطمئنان المؤمن وهو يقف بين يدي الله، وهو الذي أدعوك أن تبدئي في محاولة تجريبه، ولعل في الحديث الشريف التالي ما يشيرُ إلى أهمية الاطمئنان في الصلاة بحيثُ يسترخي المصلي وتخشع جوارحه:
عن أبي هريرة رضيَ الله عنهُ قال:قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) صدقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري ومسلم وابن ماجة.
وأما الدورات التطويرية فأنا أحييك عليها وأتمنى ألا تكونَ مترجمة بالكامل، ولكنني أريد أن توضحي لي ماذا يقدم لك اشتراكك في نادي السعادة عبر الإنترنت؟ فأنا شخصيا لا أعرف عنه شيئًا، كما أنني أفضل أن تتعلمي كيفية الحصول على السعادة من خلال أهلك وناسك الذين تتعاملين معهم بطريقةٍ طبيعية، فيحدث بينكم التواصل البشري الطبيعي لا الاتصال فقط عبر الإنترنت.
أنا أعرف أيتها الصديقة الكريمة أنني ما زلت لا أرد على أسئلتك والتي عبرت عنها بقولك مشاعر الطلاق، وقد جاء تعبيرك رائعًا، إذ يبدو أنك تستفيدين فعلاً من طبيعة عملك، وإن كنا ما نزال نحتاج إلى بعض التوكيدية في التعامل مع الأشخاص الحقيقيين، تشعرين بالإحباط فجأةً لفتراتٍ قصيرة، فماذا تقصدين بالإحباط، إن الإحباط طبيعي إذا تلا فشلاً في الوصول إلى هدفٍ معين، فهل هذا هو ما تشعرين به؟ أم أن قولك فجأةً يعني أنه يحدث بدون سبب؟ ولكن الجميل هو قولك لفتراتٍ قصيرة فهو يعني أنك تستطيعين الخلاص منه والتغلب عليه، وهذا شيء طيب.
وأما مشاعر الحنين لطليقك الذي لا يبادلك نفس المشاعر فهي مشاعرُ متوقعةٌ من زوجةٍ كانت مخلصةً لزوجٍ لم يقدر ما بين يديه من حبٍّ (وهذا قدر الله وقضاؤه أولاً وأخيرًا)، وقد كان من الممكن أن يقف معك ويدعمك إلى أن تصلي إلى ما كنت على استعدادٍ بالفعل للوصول إليه، أي أن تعبري المسافة بين ما كنت عليه ولا يعجبه فيك وما يريد في شريكة حياته، المهم أن هكذا قضى الله، ولا تنسي قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم، سورة البقرة الآية 216 ، فصحيحٌ أنك تعانين من هذا الشعور لكنه دليلٌ على نقائك وحسن تبعلك لمن كان زوجك وهذه من صفات المسلمة الصالحة، وأكررُ لك ما بدأت به معك بأن أذكرك بأن من تحسن الظن بالله وتتيقن أن الله سبحانه لا بد سيفرج كربها هي بإذن الله ستحصل على ذلك.
أما شعورك بصعوبة التواصل مع الآخرين فالطريق إلى الخلاص منه هو أن تزيدي من احتكاكك بأهلك وناسك وبشكلٍ أخص من تختارين منهم ولابد أن الله سيهيئٌ لك الطيبين من عباده، وأن تقللي قدر الإمكان من الاستغناء عن الحياة الاجتماعية في الواقع بالحياة على شبكة الإنترنت بين الشخوص الافتراضية، عليك أن تستثمري ما تعلمته في الحصول على صداقاتٍ جديدة وأن تقاومي شعورك بأن الناس يرون فيك فاشلةً لم تستطع الاحتفاظ بالزوج الذي تحبه، لأنك يكفيك الفخر بأنك كنت صادقةً مع نفسك ومع الله، وبأنك رضيت بقضائه سبحانه، ثم من هم حولك الذين ينجحون في حياتهم دون أن يخالط الكذبُ أفعالهم؟ إنهم جد قليلون والعلم الأكيد عند الله، خاصةً وأن ذلك إضافةً إلى عدم الاستغناء بالعلاقات الإليكترونية عن العلاقات الطبيعية هم الطريق الأمثل لتدريبك على التعبير عن ذاتك مع الآخرين الحقيقيين بحرية وطلاقة، إضافةً إلى أنه سيساعدك على التخلص من شعورك بالوحدة وبالكبت الجنسي، ومن يدريك لعل الله يهيئ لك من تحبين فيغنيك ويعطيك الدفعة الأكبر إلى الأمام.
أما ما حكيته لنا عن مشاعر الخوف التي تنتابك من أشياء كثيرة، فمردها في الغالب إلى القلق، والشعور بالقلق متوقع في مثل ظروفك وأيضًا متوقع أثناء محاولات تغييرك لذاتك التي تقومين بها الآن وقد تساعدك تجربة الاطمئنان في الصلاة كما تفهمينها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم السابق، بعد أن سمعت شرائط الاسترخاء المترجمة، وأما أن تكونَ لذلك علاقةٌ بما حكته أمك لك عن مشاعرها قبل ولادتك، فلا أظن هناك علاقة أصلاً، ولا أظن أننا نعرفُ شيئًا واحدًا عن اللا شعور أو عن محتواه، فكلها من أولها إلى آخرها نظريات لا شيء فيها مؤكد، ولا تنفعنا الآن في العلاج.
ما زلت يا عزيزتي رغم مشاغلي وضغط الاستشارات أود الحديث معك، ولعلك تردين بذلك على قولك (آه ربما أثقلت عليك) فهذا ما لم نشعره أولاً لأنك صديقةٌ قديمةٌ لاستشاراتنا وثانيا لأنك ضيف عزيزٌ على صفحتنا وثالثًا لأنك واحدةٌ من أصدق من عبرن عن أنفسهن، وأخيراً أدعو الله أن يهديك إلى ما يرضيه ويسعدك في دنياك وأخراك، ودمت سالمةً وتابعينا بأخبارك.
التعليق: السلام عليكم ورحمة الله أختي الكريمة أودّ أن أعلّق على جملة قالها الدكتور وائل بخصوص مسيرة تغييرك: (وقد كان من الممكن أن يقف معك ويدعمك إلى أن تصلي إلى ما كنت على استعدادٍ بالفعل للوصول إليه، أي أن تعبري المسافة بين ما كنت عليه ولا يعجبه فيك وما يريد في شريكة حياته، المهم أن هكذا قضى الله) أظنّ أنّ هذا التحدي هو تجسيد قول الله تعالى "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" فالطلاق بحد ذاته كان الجذوة التي أوقدت ثورة نفسك وانتفاضة التغيير عندك. فاحتمالية أن يغيّرك الزوج في إطار علاقة حنونة مطَمئنة، ممكن جدا، ولكنّه يبقى ضعيفا، إذ أنّ تصوّرك عن نفسك وعن الحياة تحت سقف الزوجيّة يختلف عن تصوّرك وأنت مطلّقة وقد تعبت تفسيّتك بطريقة سعَيت بها إلى التخلّص والارتقاء وعدم الاعتماد على الآخرين. فالنعيم لا يُدرك بالنعيم، نعم، نعيم الثقة والاستغناء عن مصدر خارجي لتعزيز الثقة، نعيم الإحساس بالقيمة، نعيم التطوير وبلوغ حدّ الكمال البشريّ. ربما كانت تجربة الطلاق مع مرارتها أفضل من حيث النتائج من زواج تركنُ له النّفس وتتوهّم أنها بخير ما دامتْ مع شريك تحت نظرات القبول المجتمعيّ! وقد نعتقد أنّ التغييرات الكبرى تأتي دون تضحيات في المقابل، ولكن الحياة تعلّمنا عكس ذلك، بل إن التغيير ما هو إلا وجه حسن جميل للمآسي والآلام! فعسى أن تكوني أفضل حالا، لتتطوري وتتغيري للأفضل إلى أنْ يأتي رجل تتركين فيه من أول نظرة ولقاء انطباعا لا يُمكن إلا أن يسْحَرَه، حتى وأنت غافلة عن ذلك ولا تريدينه! لأن نفسك تقوّت وثقتك زادت، ومهاراتك تطوّرتْ... فلا تحملي همّا. فإنّ ربّكِ واسع عليم