خليط من الأمراض النفسية
أود في البداية شكركم على هذا الموقع الجميل، أنا شاب عمري22 عاما مشكلتي أني إنسان مكون من العديد من الأمراض النفسية والعقد النفسية وسأحاول أن أذكر كل مشكلة بشكل نقاط لكي يسهل الشرح وآسف كثيرا على طول الاستشارة:
1- أعاني من الوسواس القهري وخاصة مرض الإيدز وقد تعالجت بدواء سبرالكس لمدة سنتين ثم تركت الدواء لفترة شهرين بسبب سفر طبيبي الذي أتعالج عنده فعادت الأعراض وأنا الآن أستخدم سبرالكس 10 mg مع مهدئ بسيط نصف حبة في اليوم وما زالت المعاناة مستمرة حتى اليوم، الحمد لله تحسنت كثيرا عن قبل لكن عندما أترك الدواء لفترة تعود لي الأعراض كما في السابق.
2- أنا إنسان طموح جدا وعندي كثير من الأهداف التي أتمنى بإذن الله تحقيقها ولكن أمراضي النفسية تحطمني كثيرا وتمنعني أن أحققها فمثلا لقد تخرجت من الجامعة منذ شهرين وأنا أبحث عن عمل إلى الآن وأنا عندي رغبة بأن أعمل وأكون إنسانا ناجحا ولكن في نفس الوقت عندما أوشك أن أبدأ وظيفة تحدث لي أعراض كثيرة فمثلا حدث هذا الموقف معي قبل أسبوع كنت على وشك أن أبدأ عمل مؤقت لمدة أسبوعين فقط في معرض فكانت تأتيني حالة من الرعب والخوف والتقيؤ وفقدان الشهية والإسهال والاكتئاب والرغبة الدائمة في النوم وفقدان الطاقة وخوف شديد إلى درجة الرجفة وكنت أضرب رأسي بالجدار من شدة القلق والخوف كنت دائم الجلوس بجوار والدتي كان شعورا يشبه ذلك الشعور عندما كنت أذهب إلى المدرسة وأتعرض للضرب من قبل زملائي أو التحرش كنت آتي إلى والدتي وأجلس بجوارها وأنا حزين لكني كنت لا أخبرها بالذي حصل ولم تذهب هذه الأعراض إلا عندما تلقيت اتصالا وقالوا لي أنه قد تم إلغاء المعرض وبالتالي إلغاء الوظيفة المؤقتة ففرحت في أعماق نفسي وذهبت كل هذه الأعراض فأصبحت أتهرب من العمل فهذا الشيء يقتلني وأنا أشاهد جميع طموحي تنهار أمامي بسبب هذه الأعراض.
3- أنا شديد التعلق بوالدتي كثيرا حتى أنني لا أتخيل نفسي أني أستطيع الابتعاد عنها وعندما أخرج من البيت لأي مكان أريد أن أرجع إليه بسرعة لأرى وأجلس عند والدتي فأنا أشعر أني ما زلت طفلا يحتاج إلى والدته وأريد أن أعمل وأنجح وأصبح غنيا فقط من أجلها لكي أسعدها وأعوضها عن أوقاتها الصعبة التي عاشتها.
4- أما الجانب العاطفي في حياتي فلقد تعرفت على سيدة أكبر مني بعشرين عاما وهي أجنبية من بلد أوروبي متزوجة ولديها أولاد ولكنها تعيش في دولة أخرى غير الدولة التي أعيش بها علاقاتي بها فقط من الفيس بوك ولم ألتقي بها أبدا هي تحبني أو تقول أنها تحبني وأنا أقول لها كذلك أني أحبها ولا أعلم إذا كانت هذه المشاعر حقيقية أم لا منذ شهر تقريبا حدث شيء غريب دائما عندما أتذكرها أو تتصل بي وأيضا عندما لا تتصل بي فترة أولا أكلمها في الفيس بوك أو عندما أتذكرها أو أشاهد صورة لها أو حتى أفتح صفحتها في الفيس بوك تحدث لي حالة من الكآبة والحزن وأعراض شبيهة بالتي تأتيني عند بدء الوظيفة التي ذكرتها في النقطة الثانية أنا وهي متفقان على أن ننتظر حتى أجد عملا جيدا وأولادها يكبرون في العمر ثم تنفصل عن زوجها وأتزوج بها لأنها هي أخبرتني أن زوجها إنسان سيء وهي غير سعيدة معه ويسيء معاملتها.
5- منذ فترة خمسة أشهر تقريبا شاهدت فيلم أمريكي عن زوجة تخون زوجها وعندما يعرف الزوج يقتل عشيق زوجته وتعرف زوجته بذلك ثم يقرران الهرب من الشرطة إلى دولة أخرى لقد شاهدته مرة واحدة فقط منذ خمسة أشهر ولكن أيضا منذ شهر تأتيني حالة غريبة عندما أتذكر هذا الفيلم وأحداثه أشعر باكتئاب وحزن وأتذكر المرأة الأوربية التي أعرفها من الفيس بوك التي ذكرتها في النقطة الرابعة وتأتيني وأعراض شبيهة بالأعراض التي تأتيني عند بدء الوظيفة التي ذكرتها في النقطة الثانية ولكن في نفس الوقت أحب أن أتذكر هذا الفيلم كثيرا وأتمنى مشاهدته مئات المرات على الرغم أنه عكر حياتي ونغصها وزادها كآبة مما هي عليه
6- أنا شخص انطوائي وخجول كثيرا وكانوا جميع المدرسين حتى في الجامعة يشكون لأبي بسب انطوائيتي وعدم وجود أصدقاء لي فأنا لا أخرج مع أصدقائي ولا أعرف كيفية تكوين الصداقات فكلما أحاول أن أصادق أحد سواء شاب أو فتاة لا أجد أي قبول منهم.
7- عندي لعبة خيالية ألعبها حتى الآن مع أن عمري 22 عاما وهي أنني أتخيل أي شيء أتمناه وأقوم بتمثيل الدور تماما من كلام وأفعال لا أعلم هل هذه هي أحلام اليقظة أم ماذا ولكنها تشعرني بالسعادة كنت ألعبها منذ أن كان عمري خمس سنوات حتى الآن فأنا أعيش في ذلك العالم الخيالي فأتخيل أنني إنسان مشهور أو غني جدا أو وأقوم وأمثل الدور وأتكلم وأعيش في الدور وكل شيء كما لو كان حقيقي وقد تستمر هذه التخيلات بالساعات فهي تشعرني بالسعادة كبيرة جدا.
8- طفولتي كانت صعبة فكنت دائما أتعرض للضرب من زملائي في المدرسة والتحرش الجنسي ولم أشعر يوما أني إنسان طبيعي مثل بقية الناس.
لقد يئست كثيرا وتعبت أكثر فقدت الاستمتاع بالحياة فأنا دائم البكاء على حالي أحب النوم ليس لكسلي إنما هروبا من واقعي وحياتي فأنا أشعر بتعاسة عند الاستيقاظ على هذا الواقع كل صباح لا أريد العيش بهذه الطريقة أريد أن أعيش حياة طبيعية فحتى في نومي الكوابيس لا تتركني وعندما أستيقظ أستقبل معاناتي من جديد هذه هي حياتي أتمنى أن أستطيع أن أزيل مخي من رأسي حتى أرتاح وأشعر براحة نفسية وراحة البال ولو دقيقة واحدة فقط أفكر كثيرا بالانتحار وما يمنعني هو جبني عدم توفر وسيلة الانتحار فأنا أريد أن أقتل نفسي بمسدس فهي مجرد طلقة وتنهي كل هذه المعاناة أعرف أنه علي المحاولة لأكون إنسان طبيعي والمحاولة لا تخلص من هذه الأمراض فأنا أعرف هذا الكلام بل أني حافظه من كثرة ما سمعته فأنا حاولت عشرات بل مئات المرات بلا مبالغة لكني فشلت حاولت كثيرا وفشلت كثيرا.
أرجوكم ساعدوني هل أحتاج إلى علاج دوائي أو علاج سلوكي معرفي أو تحليل نفسي أو الجمع بينهم جميعا
أرجوكم أخبروني ما علي فعله أم أن الموت هو علاجي الوحيد وآسف على الإطالة مرة أخرى.
27/07/2012
رد المستشار
الابن العزيز:
شكراً على استعمالك الموقع، وعلى صراحتك في طرح مشاكل وأزمات نفسية تكشف عن وعيك في سبب المعاناة ولكن أيضاً على التعثر في مواجهتها.
في عمر 22 عاماً تكون شخصية الإنسان مكتملة إلى حد ما ويبدأ عملية إنتاج عملي وفكري ويتهيأ للارتباط بشريكة حياته والابتعاد عن الوالدين. هذه العملية التطورية الشخصية تتفاوت في سرعتها بين فرد وآخر وتكون معرضة لعوامل اقتصادية واجتماعية قد تفعل فعلها في التحديد من السرعة ولكنها لا تقوى على توقيفها. هذه المسيرة متعثرة وليست هناك إشارة في رسالتك أنها قد بدأت.
في بداية الأمر أتطرق إلى النقاط 3 – 5 وهي متصلة بالتعلق الـ "غير آمن" مع والدتك الذي لا تزال تعاني منه وحاولت تعويضه بإقامة علاقة حب لا علاقة لها بالواقع عبر عالم الفضاء مع امرأة لم تقابلها ولا صلة لها بواقعك. ابتعد عن هذه الممارسات التي تزيدك إحباطاً ولا تنفعك في التخلص من عقد نفسية مزمنة. البحث عن الأم البديلة أو في حالتك ضمان وجود الأم البديلة مستقبلاً إن تعدى الخيال فهو كارثة نفسية واجتماعية.
لا شك أن لديك وعيا بأن التحرش الجنسي والاعتداء بالضرب منذ الطفولة هو عامل رئيسي في ما طالت إليه تركيبة شخصيتك.
رغم ذلك هناك عوامل أخرى ربما لم تتطرق إليها تتعلق بالاتصال بينك وبين الوالدين وفشلهما، أو بالأحرى عدم قدرتهما، على مساندتك نفسياً منذ الطفولة والتخلص من القلق والرهاب وأعراض الاكتئاب التي تطرقت إليها في بقية النقاط.
إن القلق والرهاب بدوره بدأ يدفعك تدريجياً إلى حياة خيال جامح يتضاءل بشدة بعد البلوغ في معظم الناس. هذا لم يحدث لك لأنه يؤدي وظيفته في تخفيف معاناتك من القلق والاكتئاب والرهاب الاجتماعي الشديد الذي تعاني منه.
أعود إلى استعمال النماذج النفسية إلى تفسير حالتك.
1- الاجتماعي: لا تزال عاطلاً عن العمل ولا توجد لك علاقة عاطفية وصحية. لا يوجد صديق تتصل معه ويساعدك على تجاوز العزلة الاجتماعية. أنت خريج جامعي وعليك بالسعي للبحث عن وسائل للاتصال الاجتماعي بدلاً من الإنترنت.
2- النفسي الديناميكي: تعرضت ذاتك للاعتداء ولديك مشكلة في فراق والدتك. من جراء ذلك جميع وسائلك الدفاعية غير الشعورية عصابية وغير ناضجة ولا تزال أسير تعلق غير آمن مع الأم.
3- السلوكي المعرفي: تعلمت السلوك التجنبي لحماية نفسك، ويضاف إلى ذلك تصرفات سلوكية تراجعية دون سن المراهقة. إلى حد هذا النموذج يمكن تفسير صفاتك الشخصية التجنبية والرهاب الاجتماعي الذي تعاني منه. أما ما تبقى فهو النموذج الطبي الذي يتمثل في النقطة الأولى من الرسالة.
4- الطبي: من الصعب أن نسمي الخوف من الإيدز بوسواس قهري وإنما هو مجرد عرض من أعراض القلق التي تعاني منها. فليست كل فكرة وسواسية تعني إصابة الإنسان بالوسواس القهري. المشكلة تكمن أيضاً في أن تطبيب سلوك تجنبي على خلفية عقد نفسية عصابية مزمنة وظروف اجتماعية قاهرة لا يساعد الإنسان على تجاوز محنته.
إن الحل لمشكلتك لا يكمن في تناول عقار طبي فقط والمؤلم أن الكثير منها لها تأثيرها في ضعف الاندفاع للتغيير.
الحل هو أن تتغير وهذه العملية لو سعيت في ممارستها ستكون نتائجها رائعة ودائمة. أما إذا كانت هذه العملية على خلفية تناول عقار بعد آخر والدخول في علاجات نفسية محتواها الثرثرة فلا خير فيها.
الرهاب الاجتماعي ليس سهلاً ولكن كلما أكثرت من مواجهة ما تتجنبه سترى بأن الخوف سيتلاشى تدريجياً.
القاعدة العامة:
1- تواجه ما تتجنبه = تلاشي الخوف والرهاب.
2- تتجنب ما ترهبه = زيادة في التجنب والرهاب.
حاول أن تضع جدولاً لإحداث تغير تدريجي وسريع لحياتك المهنية والاجتماعية. لا بأس من علاج نفسي ولكن دون الإسراف فيه وإلا أدمنت عليه نفسياً كما أدمنت على العقار.
وتذكر أن الحياة حلبة صراع لابد من دخولها وإن دخلتها تبدأ بالمصارعة وإن صارعت لا يجب أن يكون في ذهنك إلا هدف واحد وهو الفوز. عند ذاك ستدرك بأن الإدمان على مواجهة التحديات والصراع من أجل الفوز الذي هو ألذ إدمان.
وفقك الله.
واقرأ أيضاً:
التشاؤم والوسوسة هل من علاقة ؟
نطاق الوسواس القهري :: وساوسُ الحب والرغبة