السلام عليكم مستشارو موقع مجانين
تحية طيبة وبعد: لقد قرأت في موقعكم الخصب الكثير عن مرض الصرع سواء في مقالات مختصة به أو تحت عناوين أخرى وبشكل غير مباشر، إلا أن هناك تساؤلات تجول في خاطري حوله إذ ما هي الأعراض والاضطرابات النفسية التي قد تواجه مرضى الصرع؟
وما هي الحالة المزاجية التي يمر بها المرضى؟
وما هي الأثار الجانبية النفسية على المريض وحالته المزاجية التي قد تسببها العقاقير وأخص بالذكر التيجريتول؟
هل من الممكن أن تكون الخوف من مخالطة الناس والخوف من التجمعات والتعود على العزلة وتفضيلها ولكن الشعور بألمها هي أحد أعراض المرض أم أنها حالة سيكولوجية أخرى؟
لا أخفيكم سرا أني مصاب بالصرع وأتناول التيجريتول بشكل يومي صباحا ومساء، لكن ما فاجأني أكثر عند سماعي في أحد البرامج الإذاعية من طبيب مختص بالصرع أن منشأ المرض هو الحالة النفسية وليست البيولوجية فقط (خلل في كهرباء وعصبونات الدماغ) أريد الإيضاح في ظل هذا الادعاء أو هذا التشخيص.
أريد الفصل بين المنشأ السيكولوجي والعضوي للمرض وأيهما الأسبق؟
فأنا أتعالج من المرض بناء على العقار المذكور ولا أعرف إذا ما وجب التعالج له على أساس نفسي؟؟؟؟
أرجو من حضرتكم أن تقتلوا فضولي المعرفي!
وشكرا لكم على صبركم وحسن المساعدة
26/07/2012
رد المستشار
الأخ العزيز؛
شكراً على استعمالك الموقع وسأحاول أن أرد على استفسارك وجميع الأسئلة المطروحة. إن كان لديك سؤال آخر فلا تتأخر في السؤال ثانية.
في بداية الأمر، الصرع مرض عضوي مزمن بحت سببه وجود بؤرة صرعية في الدماغ. هذه البؤرة الصرعية قد تكون بسبب عوامل وراثية أو جرح بالدماغ قبل أو أثناء أو مباشرة بعد الولادة. إن كانت هذه البؤرة في وسط الدماغ تسببت بصرعات عامة. إن كانت هذه البؤرة في فص من فصوص المخ فتؤدي إلى صرع جزئي قد يؤدي إلى صرعات جزئية تتطور إلى صرعات عامة. هذا التصنيف مبسط للغاية ولكنه لا يقل صدقاً ووضوحاً من الناحية العلمية.
النوبات الصراعية قد تكون علامة لأي مرض يؤثر على الدماغ بصورة مباشرة وغير مباشرة ولكن هذا غير الصرع الأولي ونسميه أحياناً الصرع العرضي Symptomatic Epilepsy ، و5% من جميع الناس قد يتعرضون لنوبة صرعية يوماً ما.
بعبارة أخرى الصرع سببه عضوي وبيولوجي بحت. أما القول بأن الأمراض النفسية تؤدي إلى الإصابة بمرض الصرع فهو حديث يبقى خالياً من الصحة تماماً.
مصطلح الصرع النفسي Psychogenic Epilepsy
هذا مصطلح قديم لا يستعمل اليوم طبياً. كان يطلق على النوبات الصرعية المشكوك في تشخيصها وفي المرضى المصابين بأمراض نفسية خاصة الهستيريا. تم التخلص منه تفادياً للمضاعفات الطبية الناتجة عن عدم صحة التشخيص وتوفير العلاج الصحيح.
استعاض عنه البعض بمصطلح الصرع الهستيري Hystero-epilepsy وهو مصطلح غير مقبول أيضاً.
اضطراب الهجمات الغير صرعية Non Epileptic Attack Disorder
هذا المصطلح يشمل كل النوبات الغير صرعية والتي قد تشبه النوبات الصرعية. أسبابها متعددة ومنها نوبات الهلع، الإغماء، الشقيقة وغيرها. ما يهم الطبيب النفسي هو التشنجات الانفصالية Dissociative Convulsions والتشنجات الانفصالية لا علاقة لها بالصرع تماماً غير أن الكثير منها يتم تشخيصه خطأ وعملية تصحيح هذا التشخيص من أكثر المسائل الطبية تحدياً، ومن الأفضل أن يقوم بها أخصائي الصرع Epileptologist أو أخصائي الأمراض العصبية.
الأمراض النفسية والصرع:
هناك حقيقة لا تخفى على الجميع بأن الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب واضطرابات الشخصية هي:
1- شائعة في جميع الأمراض المزمنة مثل أمراض المفاصل والسكر مقارنة بعامة الناس.
2- هي أكثر شيوعا من الأولى في الأمراض المزمنة للجهاز العصبي.
3- هي أكثر شيوعا من الثانية في مرض الصرع.
السبب في ذلك يعود إلى أن مرض الصرع هو أكثر أمراض الجهاز العصبي انتشاراً، وربما المرض العصبي الوحيد الذي يمكن معالجته بالعقاقير بصورة فعالة للغاية. على ضوء ذلك ترى أن الدراسات الميدانية في الصحة النفسية أكثر انتشاراً في مجال الصرع مقارنة بالأمراض العصبية الأخرى.
رغم ذلك لابد من التنبيه إلى أن معظم المرضى المصابين بالصرع لا يعانون من أعراض نفسية.
القلق والسلوك التجنبي في مرضى الصرع:
يتميز الصرع بأن في معظم الحالات لا توجد علامات تنذر المريض بقرب هجوم النوبة الصرعية. بعبارة أخرى لا توجد علامة إنذار أو حتى إن وجدت فهي غير مبكرة جداً. إن فقدان السيطرة هذا يلاحق المريض أين ما ذهب ويكون على أشده في الفترة الزمنية التي تتبع النوبة الصرعية.
النوبات الصرعية لها مضاعفاتها على المريض وتسبب الكثير من الحرج له إن حدثت في مكان عام، وخاصة أن هناك إفراطاً في الجهل حول هذا الأمر في جميع أنحاء العالم ولكنه أكثر بكثير في العالم العربي. نستعمل في علم الصرع مصطلح أن نقطة السيطرة عند مرضى الصرع خارجية الموقع External Locus of Control أما نقطة السيطرة التي تسمح للإنسان بعدم تجنب الناس فهي داخلية عند غيرهم وبيد الإنسان نفسه ونسميها Internal Locus of Control
مع تحسن السيطرة على نوبات الصرع يتجاوز الإنسان هذا القلق تدريجياً وتراه لا يختلف في قدراته المعرفية والسلوكية عن باقي البشر.
تأثير الصحة النفسية على الصرع:
القلق والضغوط النفسية والاكتئاب قد تؤدي إلى عدم السيطرة على الصرع أحياناً لعدة أسباب:
0 الكثير من المرضى لا يبالي بتناول العلاج وهذا في نظري أهم العوامل.
0 يصاحب الأعراض النفسية عدم انتظام إيقاع الفرد اليومي وخاصة النوم.
إن عدم انتظام النوم قد يؤدي إلى نوبات صرعية وخاصة أن النوبات الصرعية العامة أكثر شيوعاً في الساعات الأولى بعد الصحو من النوم وبالتحديد قبل العاشرة صباحاً.
0 يلجأ الإنسان أحياناً إلى تعاطي الكحول وهذا يؤدي بدوره إلى فقدان السيطرة على الصرع.
0 الغالبية العظمى من العقاقير المضادة للاكتئاب والذهان لها تأثير سلبي على السيطرة على الصرع.
علاج الصرع:
لا سبيل إلى جميع المرضى المصابين بالصرع إلا تناول العقاقير المضادة للصرع له حتى وإن تم علاجهم جراحياً 80 – 90% من المرضى المصابين بالصرع يتم الوصول إلى السيطرة الكلية على النوبات الصرعية. على ضوء ذلك يجب على كل طبيب يعالج أمراض الصرع أن يضع هذا الهدف وهو أن 90% من المرضى يتم السيطرة كلياً فيهم على الصرع 10% المتبقية قد يحتاجون إلى مراجعات مستمرة وخليط من العقاقير وحتى هؤلاء تتم السيطرة على الصرع لفترات زمنية طويلة. هناك القليل بحاجة إلى تداخل جراحي.
العقاقير المضادة للصرع:
العقاقير المضادة للصرع سليمة، ولكن تحتاج إلى إشراف طبي مستمر ولا بديل لذلك.
التكرتول علاج معروف وخالي من الأعراض الجانبية المزعجة بشرط أن يكون تركيز العقار في الدم بمعدل مقبول يساعد على السيطرة على الصرع وتجنب الأعراض الجانبية. هذا العقار يتطلب قياس تركيزه في الدم كل ستة أشهر حتى في المرضى الذين تمت السيطرة على الصرع فيهم لسببين:
1- هناك ظاهرة يختص بها دون العقاقير الأخرى وتسمى بالاستقراء الذاتي Auto-induction من جراء هذه الفعالية يتم تحفيز أنزيمات الكبد التي تبدأ بالتخلص من العقار في الدم ومع الوقت ينخفض تركيزه في الدم ويؤدي ذلك إلى تدهور السيطرة على المرض.
2- هناك ظاهرة التسمم السلوكي المزمن الناتجة عن ارتفاع تركيز العقار في الدم والتي تؤدي إلى أعراض نفسية بدون علامات سريرية توحي بذلك.
عليك دوماً أن تخبر أي طبيب أو صيدلي أنك تتناول هذا العقار لكثرة تفاعلاته مع عقاقير أخرى.
إن كان لديك سؤال آخر فلا تتأخر بمراسلة الموقع.
حفظك الله.
واقرأ أيضاً:
العقاقير المضادة للصرع والصحة النفسية
الصرع في الأطفال: نصائح عملية
الصرع بين العلم والدجل والطب النفسي