انفصام أم وسواس قهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، رغم علمي أنّ الله بائن عن خلقه غير حالّ فيهم، فأنّا أعيش وأعبد الله على أساس أنّه حالّ في مقدمة رأسي ومتحد معي يراقب أفكاري وخواطري، لا أعبده كغيب بل كحقيقة وشعور داخلي، أنا متأكد أنّ ما أشعر به خلقته بنفسي، إذ كنت أبحث على اليقين التام بالبعث ووجود الخالق، كنت أبحث على أن يقذف الإيمان إليّ، إذ مررت بمرحلة شك طويلة فقلت مع نفسي أنّه بالصلاة والاستغفار ربمّا أجد اليقين، وفجأة جاءني شعور في رأسي على أساس أنّه حقيقة الله.
للأسف كل محاولاتي للتخلص من هذا الشعور والإحساس عن الله في مقدمة رأسي تبوء بالفشل أطلب منكم علاج معرفي وسلوكي إذ للأسف ليس بإمكاني لا زيارة الطبيب ولا شراء أدوية.
آلامي ومعاناتي وفقداني لحريتي أنهكتني، أريد أن أعبد الله كغيب لا كما هو مسيطر على تفكيري وإحساسي.
أرجو الاهتمام بي وعيدكم مبارك سعيد.
20/08/2012
رد المستشار
الأخ الفاضل الحبيب، أهلا ومرحبا بك على الموقع؛
رغم أن رسالتك قصيرة جدا ولا تشتمل على معلومات كافية للتشخيص لكنني سأحاول أن أصل معك إلى حقيقة معاناتك وأجتهد أن أعاونك بالحل إن شاء الله.
(كنت أبحث على اليقين التام بالبعث ووجود الخالق، كنت أبحث على أن يقذف الإيمان إليّ، إذ مررت بمرحلة شك طويلة) وهذه العبارات تدل على شيء من اثنين إما أنك تميل إلى التدين وتتحرى الخير والصدق مع الله، أو أنك شخصية وسواسية (يمكنك الدخول للموقع ومعرفة سمات هذه الشخصية) وربما الاثنين معا.
وما يهمني هنا هو الثانية، لأن وجود هذه الشخصية قد يفسر ما سارت إليه أعراضك المرضية بعد ذلك.
(بالصلاة والاستغفار ربمّا أجد اليقين) بداية لمحاولة العلاج الذاتي بطقوس دينية لمحاولة الهروب من الفكرة التي تدفعك نحو الشك وتدفعها أنت بطقوسك نحو اليقين.
(للأسف كل محاولاتي للتخلص من هذا الشعور والإحساس عن الله في مقدمة رأسي تبوء بالفشل) وهذه المرحلة الثانية التي يقع فيها الشخص بعد اندفاعه في محاولة السيطرة على فكرة الشك عن طريق عمل طقوس وسلوكيات عكسها (أنت تشك في وجود الله فتصلي له أكثر، فتزداد وساوسك وشك وهكذا تدخل في الدائرة المفرغة من الشك والطقوس).
وبالتالي أرى أنك في الغالب تعاني من اضطراب الوسواس القهري، ويتكون الاضطراب من جزئين رئيسيين:
1. الوساوس المسيطرة Obsessions : وتتميز بأربعة أشياء:
- فكرة معينة تسيطر على التفكير.
- هذه الأفكار لا تكون لها صلة بالمشاكل التي يتعرض لها المريض.
- محاولة مجاهدة النفس لتجاهل هذه الأفكار ونسيانها وعدم تكرار الفعل مما يشكل ضغط نفسي عليه (حيث يدرك مريض الوسواس أن هذه الأفكار لا أساس لها من الصحة بعكس مريض الفصام الذي يعتقد بصحة أفكاره).
- يعي المريض تماماً بأن هذه الأفكار نابعة منه هو وليس لأي شخص آخر دخل بها.
2. الفعل الإجباري (القهري) Compulsions :
- تكرار هذا الفعل لعدة مرات على الرغم من رغبة المريض بإيقاف هذا الفعل إلا أن الرغبة لتكرار الفعل أقوى منه مثل تكرار الصلاة بالنسبة لك.
- يحاول المريض أن يتخلص من هذه الأفكار بصفة مستمرة وكلما أجبر نفسه على إيقاف هذا الفعل يتعرض لضغط نفسي عنيف مما يؤدي به إلى معاودة الفعل مرة أخرى.
وما تعاني منه يسمى وساوس الاجترار Rumination Obsessions : حيث تسيطر على المريض أسئلة متكررة لا يستطيع الإجابة عنها كسيطرة (من خلق الله؟)، لماذا أكل آدم التفاحة؟، ولماذا نعيش؟، لماذا نموت؟، لماذا أبي هذا وليس غيره؟، أسئلة لا نهاية لها والمريض لا يستطيع الإجابة عنها أو التخلص منها.
المآل:
- تميل أعراض الوسواس القهري إلى التراجع والضعف مع مرور الوقت (يحدث لحوالي 10% إلى 20% من المرضى). وبعضها لا يعدو كونه بعض الخواطر الخفيفة التي لا تعيق التفكير والعمل.
- تتحسن حالة 80% من المصابين بمرض الوسواس القهري بشكل كبير مع تناولهم العلاج المناسب من العلاج الطبي والعلاج السلوكي. وقد تحدث حالات انتكاس أو عودة إلى السلوكيات والأفكار غير المرغوبة.
العلاج:
ويشمل العلاج 3 أشياء هم : العلاج الدوائي Pharmacotherapy ، العلاج السلوكي Behavioral therapy ، العلاج الجماعي Group therapy .
أولاً: العلاج الدوائي Pharmacotherapy :
وذلك عن طريق استخدام مضادات الاكتئاب ويحتاج المريض إلى استخدام نوع واحد من مضادات الاكتئاب، وفي الحالات الشديدة يستخدم أكثر من نوع مع بعض، ويبدأ أثر العلاج في الظهور بعد حوالي من 6-10 أسابيع من العلاج المنتظم .
ثانياً: العلاج السلوكي Behavioral therapy :
يتم العلاج السلوكي بمساعدة الأخصائي النفسي فيما يعرف بالعلاج الإدراكي (Cognitive behavioral Therapy (CBT وذلك عن طريق تعريض المريض للمؤثر الذي يدفعه لتكرار الفعل مع محاولة تقليل تكرار الفعل تدريجياً أو منعه تماما مثال ذلك في حالتك يتم إيقاف الفكرة التي تدور في ذهنك باستخدام مشتت قوي مثل أستك مثلا أو استخدام كلمة قف مع تعلم مهارات الاسترخاء Relaxation techniques ، وعملها بشكل روتيني حتى تعتاد عليها وتستخدمها لمحاربة الفكرة (هناك العديد من تمارين الاسترخاء ستجدها على الموقع أو الإنترنت أو اطلبها لأرسلها لك). يتم مناقشة أسلوب التفكير الخاص بالشخص ومعرفة الانحرافات أو التشوهات المعرفية لديه مثل أنه يرى الأمور دائما أبيض أو أسود، أنه يركز فقط على الجانب السلبي من الأمور، القولبة وغيرها من التشوهات التي تحتاج أن تعرفها عن نفسك.
كيف تستطيع الأسرة المساعدة
يشعر معظم أفراد عائلات المصابين بالحيرة والإحباط. فهم لا يعرفون ما يمكن أن يفعلوه لمساعدة المريض القريب إلى نفوسهم. إذا كانت صديقًا أو فردًا من عائلة مصاب فردا منها بمرض الوسواس القهري فيجب أن تعرف كل شيء عن المرض وعلاجه وأسبابه. وفي نفس الوقت تأكد من أن الشخص المصاب يعرف هذه المعلومات.
ويجب أن نعلم أن المشاكل العائلية لا تسبب مرض الوسواس القهري، ولكن رد فعل الأسر يمكن أن يؤثر على المرض، مثلا يمكن أن تتأثر الأعراض المرضية بوجود مشاكل داخل الأسرة. وكذلك يمكن أن تؤثر طقوس الأفعال القهرية على الأسرة بشكل سيء، وفي العادة يكون من الضروري على العائلات أن تذهب للعلاج النفسي مع المريض. فيمكن للمعالج النفسي أن يعلم العائلة كيف يمكنها التخلص من الأعمال القهرية في خطوات بسيطة متدرجة وبموافقة المريض.
وفي العادة فإن التعليقات السلبية والنقد الموجه للمريض تجعل الحالة أكثر سوءًا، بينما يمكن أن تحسن العائلة الهادئة المساندة من حالة المريض.
٠ إذا كان المريض يرى في محاولتكم المساعدة تدخلاً غير مرغوب فيه فتذكر أن مرضه هو الذي يتحدث.
٠ حاول أن تكون متفهما وصبورًا في معاملتك مع المريض لأنها الوسيلة الأفضل للتخلص من الأعراض المرضية. كذلك لا يساعد المريض كثيرا أن تأمره بالتوقف عن أعماله القهرية.
٠ حاول أن تركز على الجوانب الإيجابية في حياته. ويجب أن تتوقف عن توقع الكثير منه.
٠ لا تقم بحث المريض بشدة للتوقف عن الوسوسة. تذكر أن المريض يكره مرض الوسواس القهري أكثر مما تكرهه أنت.
٠ عامل الأشخاص المصابين بشكل طبيعي بمجرد شفائهم ولكن كن حذرًا عند الإحساس بحدوث أعراض انتكاس في الحالة.
٠ إذا بدأ المرض في الانتكاس مرة أخرى للمريض فيجب أن تلاحظ ما يفعله المصاب، قم بالإشارة إلى التصرفات التي تمثل الأعراض الأولى بشكل يجعل المريض يحس أنك تهتم به، فهذا يحدث تغيرًا كبيرًا في شخصية المصاب.
وفي النهاية أمل أن أكون قد وفقت في مساعدتك وأنتظر منك التواصل والمتابعة.
واقرأ على مجانين:
كيف تتعامل الأسرةُ مع المريض بالوسواس القهري
الانتكاسات المرضية لمرضى الوسواس القهري
الاجترار الوسواسي ( Obsessive Ruminations )
ويتبع >>>>>>: الله في مقدمة رأسي متحدٌ معي : تصوف أم وسوسة؟ م
التعليق: أشكر جزيل الشكر يا دكتور على ردك، وأود أن تدلني عن كيفية مواجهة هده الفكرة التسلطية عن حلول وإتحاد الله بي وبالضبط في مقدمة رأسي،خاصة أثناء دخول وقت الصلاة أو أثناء الصلاة وعند فوات وقتها،
للأسف لا أستطيع ولظروف مادية مقابلة الطبيب أو شراء أدوية،
أود منك توضيح كيف يتم إيقاف الفكرة والتصورالخاطئ الذي يدور في ذهني عن الله باستخدام مشتت قوي مثل أستك مثلا أو استخدام كلمة قف.؟
في انتظار ردك
لكم منّي أزكى التحية والسلام