الهرم
السلام عليكم. لا أعلم من أين أبدأ كلامي, ولكني دائما أشعر أن بداخلي الكثير من الآلام التي لا أستطيع البوح بها لأحد حتى أقرب الناس لي.. فأنا نشأت في أسرة كبيرة العدد. ووجدت الكثير من الخلافات بين أمي وأبي فنشأت في بيت اتعدم فيه الحب والحنان الأسري وأنا أكون أصغر بنت في أخواتي لذلك أشعر أني لم آخذ القدر الكافي من الاهتمام. فنشأت بشخصية انطوائية لا أستطيع التعامل مع الآخرين.
دائما كانت أمي تعاملني كبنت صغيرة لا تعرف شيئا. فأصبحت إلى الآن أحتاج إلى شخص يقف بجانبي دوما لكي أنجز عملا ما. أما عن علاقتي بأخواتي. فهي علاقة مادية بحتة. فقد علمنا أبي هذه الأنانية. فهو دائما يبحث عن مصلحتة فقط ولا يهمه أي شيء. فأنا أبلغ من العمر واحد وعشرين عاما ولم أتذكر أني تحدثت مرة واحدة مع أبي في مشكلة تخصني ولا أي شيء. لا أتكلم معه إلا عندما أريد بعض الأموال لشراء شيء ما. فخلاف ذلك لا يوجد حوار بيننا على الإطلاق.
فأشعر دائما أننا نعيش في بيت واحد ولكن لا أحد يعرف شيء عن أحد, فكل من إخواتي في واد مختلف. فأنا لدي ثلاثة إخوة وبنتان، وأريد أن أقول أيضا علاقتي بكل من فيهم:
- أخي الأكبر: متزوج ولديه ثلاثة أبناء، كنت شديدة الارتباط بأولاده ولكن ليس بيني وبينه حديث مشترك بسبب فرق السن بيننا ولكن منذ حوالي سنة ونصف حدثت مشاكل عائلية بينه وبين أمي فقرر أن يقطع علاقته بنا جميعا, مع العلم أني لم أكن سبب ولا طرف في هذة المشاكل ولكنه يسير بمبدأ الحسنة تخص والسيئة تعم وهو الآن سافر إلى السعودية وحاولت الاتصال به كثيرا ولكنه يغلق في وجهي الخط أحيانا وأحيانا يرد ويزعق لي..
- أما عن أختي الكبيرة أيضا: تزوجت وسافرت أيضا عندما كنت في ابتدائي, ولم أكن على تواصل معها بالقدر الكافي، عشت معها ومع أخي فترة لم تكن طويلة، الفترة اللي عشتها معاهم كنت صغيرة، لا أتذكر منها شيء أما أخي الذي يليها.. عشنا مع بعض فترة طويلة ولكنه طبعه كطبع أبي, لم يكن حنونا علينا, فكنا دائما نتشاجر سويا, هو الآن تزوج ولكنني لا أستطيع نسيان ما فعله بي.
- أما أخي الآخر فهو أطيب منهم وأحن منهم, فهو دائما يشغله ما يقلقني، ولكني أيضا لا أستطيع التحدث معه على الرغم أني أحبه جدا فهو الآن سافر أيضا فأشعر بفقدانه
- أما عن أختي الأخرى فهي أقرب إلي منهم جميعا، ولكنها تزوجت منذ عام تقريبا فأشعر بالوحدة الشديدة من بعدها فنحن سابقا كنا يلمنا بيت واحد فهو الذي يدفعنا للعيش سويا, أما الآن فكل واحد قطع حياته غير الآخر ولكنه لا يحرص على الاجتماع حتى ولو مرة أسبوعيا، فأشعر أن الذي ينقصنا هو الحب، لا يوجد حب بيننا فكل واحد يفكر في نفسه وفي مصلحته فقط..
أما حالي الآن؛ فأنا غير مرتبطة فأعيش مع أمي وأبي فقط، فمن طبع أبي أنه يريد أن يذل من يريد منه شيء، ويريد مقابل لهذا الشيء، فأصبح لا يشتري لنا الطعام الكافي، فقط يشتري ما يريد هو. أما نحن فيجب أن أذل نفسي له وأن أقول التفاصيل الكاملة للشيء الذي أريده ولو لم أقول له لن يعطيني شيء، وأنا من طبعي شديدة الحساسية ولا أحب شخصا يذلني, فأستاء من هذا النظام، فأريد أن أكون دائما حرية نفسي أشتري ما أريد وقت ما أريد، ولكن هذا محرم علي..
دلوني على طريقة لكي لا أذل نفسي كل ما أريد أن أشتري شيئا فأشعر دائما أن جميع المشاكل التي تعرضت لها في صغري إلى الآن تؤثر في شخصيتي سلبا، فدائما أشعر أني حزينة وكئيبة, وبالتالي لا أمتلك كما هائلا من الصداقات فأشعر أني شخصية غير جذابة، لا ينجذب إليّ أحد, وعندما ينجذب إلي أحد فإنه يمل مني بسرعة, وفي النهاية يتركني ولقد تعرضت لصدمة نفسية من إحدى صيقاتي التي أحببتها جدا عند دخولي الجامعة ولكنها كانت تبتعد عني بسبب أني لست إنسانة اجتماعية وتراني دائما أني إنسانة كئيبة وحزينة.
أنا أريد أن أغير من نفسي وحاولت كثيرا ولكني سرعان ما أعود لحالتي الطبيعية فبعدها عوضني بوحدة صحبتي تاني هيه بتحبني أوي وأنا كمان بحبها. بس مبعرفش أتكلم معاها وبخاف جدا تعرف اللي جوايا وتبعد عني. وهيه بتزعل جد ا من الموضوع ده. بس أنا حاسة أني مش بعرف أحكي لها مش عارفه ليه..
أما عن تخصصي فأنا اتخرجت من قسم لغة يابانية بتقدير جيد ولكني لا أستطيع التحدث بها جيدا فأشعر دائما أنه يوجد هناك من يجيد اللغة أكثر مني, فأشعر بعدم الثقة في نفسي, لأنه يوجد من هو أحسن مني.. فتخرجت من هذا القسم ولكني لست بمهارة في اللغة، فأشعر أني قد أضعت سنين من عمري هباء, لا أستطيع أن أعمل به لأني لا أجيد اللغة؛ وأيضا يصعب على نفسي أن أغير مجال عملي, وأيضا ليس لدي خبرة بمجالات أخرى.. أما عن المشكلة الأخيرة التي تتعبني نفسيا, هو فقداني للجمال. فأنا بشرتي سمراء مثل الكثير من المصريين ولكني لدي ضعف في الأعصاب, فيبدو في إحدى عينيّ حول بسيط ولكن من حولي يعلق لي على شكلي حتى أقرب الناس لي؛
وذهبت إلى دكتور العيون قال لي لا يوجد لديك شيئا, فلماذا الناس لم يسلموني من ألسنتهم التي تجرح في الآخرين. فما المطلوب من أن أفعله، هذه خلقة الله لي, من يعترض فإنه يعترض على إرداة الله ولكن كلام الناس يجرحني كثيرا فكلما أحاول أن أنسى ما قاله لي بعض الناس. أسمع كلام آخر من شخصية أخرى من يعترض على لوني ومن يعترض على شكلي فكلامهم مختلف ولكنه متحد في تجريحهم لي, حتى وصل بي الأمر إلى أن كرهت نفسي, وأسأل نفسي كثيرا, ما أفعل في شكلي حي يحبني الناس؟؟
فعلى الرغم أني لم أسيء إلى أحد بكلمة واحدة، فقد تلقيت كلاما كثيرا من أقرب الناس لي الذين يدعون أنهم يحبونني حتى أمي التي ولدتني تقول لي ذات مرة أنت لست جميلة -إخواتك أجمل منك- وحتى أختي التي كانت قريبة مني, تقول لي أنت حولاء، إلى أن وصل الأمر إلى أولاد أختي الكبيرة فأصبحوا يرددون نفس الكلام الذين يسمعونه... فكيف تحبونني وتجرحون مشاعري؟؟!! وماذا أفعل في خلقتي التي لا تتغير وليس في يدي أن أفعل بها شيء؟؟!! وكيف أتصرف معهم وأعاملهم وكأن شيئا لم يحدث فكيف أحب شخصا يجرح في قلبي..؟؟ وكيف أفتح له قلبي وهو يجرحني؟؟
لذلك لا أتكلم مع أحد, كل ما أحسست باختناق, أجلس أبكي ولا أستطيع أن أتكلم فهذا كل الكلام بداخلي ولا أستطيع أن أخبر به أحدا, ولكنه يؤلمني كثيرا.. فأنا أصبحت في سن الخطوبة ولكني ليس لدي ثقة في نفسي ولا في شكلي من كثر كلام الناس لي وليس لدي خبرات في الحياة ولا معاملة الناس ولكني أريد الارتباط بفارغ الصبر حتى أخرج له مشاعري ولكني بطبعي انطوائية وقليلة الكلام فهل من الطبيعي أن أتأقلم مع شريك حياتي..؟
أم أنه سييأس مني ويتركني؟؟
هل يوجد لدي من القدر الكافي من الجاذبية التي أجذب بها شخصا ليختارني دون الناس؟؟
دلوني ماذا أفعل؟؟
21/09/2012
رد المستشار
استشارة نفسية علاجية Psychotherapeutic Consultation
نظرة عامة Overview : آنسة خريجة كلية الآداب عمرها 21 عاماً تتحدث عن شعورها بعدم السعادة وفقدان الثقة بالنفس. طرحت الآنسة اضطرابات في الوسط العائلي وضعف ارتباطها بالوالدين. كذلك لا وجود لشبكة اتصال اجتماعية مساندة. تصف شخصيتها بالانطوائية وقلقة من عزلة اجتماعية تامة تنتظرها مستقبلاً.
التوصيات Recommendations :
٠ شكراً على استعمالك الموقع.٠ ما هو الرائع في استشارتك طرحك لمشاعر داخلية بكل صراحة تنم عن ذكاء فكري واجتماعي. إن القابلية للحديث عن مشاعرك يكشف أيضاً عن قابلية وقدرة على التغيير في المستقبل وتذكرين أنت أنك لا تزالين في بداية العقد الثالث من العمر.
٠ وصفت شخصيتك بالانطوائية ولكن حديثك من خلال الاستشارة لا يوحي بذلك. هناك تعبيراً ربما أدق من الانطوائية وهو أنك شخصية كثيرة الانتقاد لنفسها Self-Critical تولد هذه الصفة من جراء غياب تعلق صحي بين الطفلة والوالدين، ولا أظن أن هذا بسببك.
٠ يبدو أن هناك خللا مزمنا في النظام العائلي Family System مصدره الأب والأم. هذا النظام العائلي يتصف بالانتقاد وعزل وتهميش بعض أعضاء العائلة ومن جراء ذلك يتم خلق وحدات صغيرة يتعلق فيها الطفل بالأخوة أكثر من الوالدين. لكن هذا التعلق بغير الوالدين له مضاعفاته لأن الأخوة الكبار يغادرون الوحدة العائلية الكبيرة عاجلاً أو آجلاً ويستقلون عنها تماماً حتى وإن لم تكن لهم أزمات مع الوالدين كما الحال في عائلتك.
٠ العائلة أحياناً تكون كعش مليء بالعطف والحنان ومن خلاله يتطور الفرد ويمتلك ثقة بالنفس والعزيمة للتطور طوال العمر. هذا العش أصبح خالياً من الذين كان يشعرون بالعطف تجاهك من جراء عزلة الوالدين وصفاتهم الشخصية ولكنهم أيضاً غير الوالدين ولدى كل منهم الآن عشٌ آخر يضمه مع أطفاله وهذه حقيقة يجب أن تدركيها بدون إلقاء أي لوم عليهم.
٠ لا تزالين كثيرة الانتقاد لنفسك وهذا كثير الوضوح في حديثك عن شهادتك الجامعية. هناك نوعان من الشهادات الجامعية: مهنية Vocational وغير مهنية Non Vocational إن الغاية من الحصول على الشهادات الـ "غير مهنية" ليس البحث عن مهنة وإتقان لغة وإنما تطوير طريقة التفكير وبعدها العمل في شتى المجالات التعليمية، الاقتصادية والسياسية. بعبارة أخرى إن الفرص المهنية أمام خريجي الدراسات الـ "غير مهنية" متعددة على عكس المهنية. لذلك لا تقللي من قيمة ما حصلت عليه من معرفة، ولكن الأهم من ذلك عليك بالتفكير أي من أبواب المجتمع تحبين دخوله. لابد من أن تعطي هذا الأمر ما يستحق لأن عملية تطوير الذات لا حدود لها.
٠ ليس هناك أفضل من البحث عن عمل، والإنسان يبدأ من أسفل السلم في هذا العمر. ذلك ينظم الحياة اليومية، يعطي معنى للوجود الاجتماعي، وبعدها يوفر الفرصة للاتصالات الاجتماعية.
٠ تحدثت في رسالتك عن إشارة الناس إلى حول في عينيك رغم أن طبيب العيون قد أشار إليك أن لا وجود لمثل هذا الأمر. أهم ما يجب أن تفعليه هو عدم السماح لمن حولك بإصدار التعليق بعد الآخر حول مظهرك، فالاحتمال الكبير أنك توجهين بعض الأسئلة بصورة غير مباشرة للناس بحثاً عن الطمأنينة وهذا بدوره يفسح المجال للبعص بإصدار تصريحات عدوانية Hostile Statements.
٠ أما الحديث عن لون البشرة فهو لا يختلف أيضاً عن عدم رضاك بشكل عينيك. لا علاقة بين لون البشرة والجمال، ولا أظن تجهلين بأن أجمل نساء العالم بشرتهم سمراء، وشقراوات الغرب يبحثون عن بشرة سمراء في رحلات الصيف والشتاء. الجمال رحلة المرأة في هذه الدنيا وتبدأ أولاً باكتساب الثقة بالنفس وليس بالقناعة بأن جمالها دون المستوى المقبول. إن ما يلفت نظر الرجل لجمال المرأة ليس لون بشرتها بل ثقتها بنفسها، قوة شخصيتها، وحديثها وهذا بدوره سيبرمج نظرات الرجل ويبدأ برسم صورة جميلة في ذهنه لمن يراها أمامه أو حوله.
٠ كذلك ليس هناك من مبرر يمنعك من السعي لتحسين أناقتك ومظهرك واستشارات التجميل في هذه الأيام متوفرة في كل مكان. لكن هذه الخطوات يجب أن تكون صادرة من قناعة ذاتية وثقة بالنفس، ولكن لا بأس من استشارة من حولك من النساء في هذا الأمر.٠ ابنتي العزيزة: ليس هناك في رسالتك ما يشير إلى أنك مصابة بمرض نفسي أو عقد عصابية يصعب التخلص منها. لم تكوني سعيدة الحظ في طفولتك ولم يعطك الوالدان حقوقا شرعية في الشعور بالأمان، ولم يزرعوا الكبرياء في أعماق الذات، وبالتالي لم تولد الثقة بالنفس فيك من جراء ذلك. تم توكيل مهام الأب والأم إلى إخوتك الكبار وها هم اليوم قد رحلوا كما يرحل كل ابن وبنت من بيوت العائلة. تركوا ورائهم آنسة لا تخلو من ذكاء ومهارات وموهبة. حان الآن أن تبدئي الكفاح في هذه الدنيا لا من أجل البقاء ولكن للفوز بلذاتها، وتفرغين حقيبتك من عقد عصابية ليس هناك أسهل من التخلص منها.
٠ وفقك الله دوماً.
واقرئي أيضًا على مجانين:كل واحد في ناحية: أسرنا المشوهة
أسرنا البائسة..هل من نهاية لعذابات الأحبة...مشاركة
دور الآباء في تطور شخصية الأبناء
أبناؤنا والأسر المعتلة
أخطاء آباء يدفع ثمنها الأبناء متابعة
أبناء الصمت والقسوة : تغيير العالم مشاركتان
أبناء الصمت والقسوة، برنامج عمل مشاركة
أبناء الصمت والقسوة : لا تنسوا أسرانا
الأمومة علمٌ أم فطرة ؟: مغامرة د. وائل