الله في مقدمة رأسي متحد معي! بل وسوسة!
وهم اتحاد وحلول الله بي
السلام عليكم ورحمة الله؛ إليكم بالتفصيل كيف أصبحت من حيث لا أدري أعيش عقيدة اتِحاد وحلول الله بمقدمة رأسي، كنت أبحث وعلى مر أكثر من 13 سنة عن اليقين والدليل الملموس عن البعث دون أن أجده، كنت أحسد المصلين على طمأنينتهم وذهابهم للمساجد. وفي إحدى الليالي قررت أن أفرض على نفسي الصلاة كي أجد من خلالها الإيمان بالله، بعد صلاة العشاء قضيت ليلة بيضاء أتذكر ذنوبي ثم أستغفر الله، عند الفجر أرغمت نفسي على الذهاب للمسجد، بعد الصلاة عدت لتذكر ذنوبي ثم استغفارها داخل نفسي، وبعد طلوع شمس الصباح توجهت عند البقال جلست لأدخن وأشرب قهوة داخل محله، عندها عدت لتذكر ذنوبي ثم استغفارها وفجأة شعرت أنّ الله حَلَّ بمقدمة رأسي إذ أصبحث أحسه متواجدا بها، أُصبت برعب شديد فهرولت للمنزل للنوم والتخلص منه، للأسف ما إن استيقظت حتى وجدته بمقدمة رأسي.
أعي جيدا أنّ الله غيب وأنّ دماغي خلق هذا الإحساس ردّا على بحثي وحبي عن اليقين بالله والبعث، لدي الآن أدلة مقنعة على أنّ القرآن كلام الله، وأنّ الله لا يمكن أن يتَّحد أو يحِلّ بي، ومع ذلك شعوري بأنّه بمقدمة رأسي ويراقب خواطري أفقدني حريتي وتفكيري، أنهكني، أشعر بقلق وتوتر شديد عند قرب دخول وقت الصلاة، لا أرتاح إلاّ بعد صلاة العشاء، فأنا أسير تواجد ما أحسه على أساس أنّه الله طول النهار.
لا أحد من أقاربي أو أصدقائى يعرف أو يمكنه أن يلاحظ معاناتي أبدو جد عادي وأفضل كتم معاناتي حتى لا أوصف بالجنون، أملي فيكم كبير جدا
وجازاكم الله خيرا
21/09/2012
رد المستشار
أهلا وسهلا بك يا "مصطفى" على مجانين.... عندما أرسلت متابعتك هذه لمجيبك أ.د علي إسماعيل عبد الرحمن ضمن حظه من المشكلات والمتاعبات... أجاب على كل ما أرسلَ له ولم يرد على متابعتك، وحين كررت عليه الإلحاح –خاصة أنه طلب منك التواصل والمتابعة في آخر رده عليك- كررت أجب يا دكتور على متابعة المصطفى فأجابني أنا أجبت عليه من قبل!.... وحقيقة فقد صدق وأنت لم تضف جديدا في هذه المتابعة إلا تفاصيلَ تفيد فهمك لما قاله لك مستشارك في السطور الأولى فقط حين شرح لك ديناميكية الحالة كما تصورها ببراعته وفطنته... لكنك يا "مصطفى" تبدو كمن اكتفى بهذا الجزء من رد المستشار.... ثم تابع يكرر السؤال! يا ترى ما هو السؤال الذي تكرره لنا بعد رد د. علي إسماعيل الكافي؟
يا "مصطفى" يا "مصطفى" -وهذه بالمناسبة جملة غنائية في أغنية مصرية قديمة- أنت في متابعتك لم تسأل سؤالا معينا ولم تقل زيادة على التفاصيل التي لم تقدم جديدا إلا عبارة: (أملي فيكم كبير جدا).... ولأننا في أول أيام عيد الأضحى وبينا أراجع ما تم وما لم يتم الرد عليه من استشارات مجانين وجدت أن بإمكاني تقديم شيء من العلاج المعرفي لك عبر مجانين وأسأل الله التوفيق
اسمع يا "مصطفى": نحن مدركون تماما لمعاناتك مدركون لما استتبعه ويستتبعه وجود الوعي بفكرة "الله في مقدمة رأسي متحد معي!" في نفسك من الشعور الدائم والمستمر بخشية الله عز وجل.. ومدركون لكيف وقعت في شرك الرفض لتلك الفكرة بل وبررت ذلك لنفسك بقولك "أريد أن أعبد الله كغيب لا كما هو مسيطر على تفكيري وإحساسي"...!
نحن مدركون لصعوبة ذلك كله عليك.... بل على أي شخص يفكر بطريقتك، فهناك يا "مصطفى" سقطة -أو سقطات- معرفية وقعت فيها ولعلها السبب في معاناتك من الفكرة واتخاذها الشكل التسلطي أو الوسواسي عندك رغم أن فكرة أن الله معنا مطلع علينا موجودة عند كل المؤمنين بوجود الله عز وجل من البشر.
كل المؤمنين يشعرون بل يستشعرون ويفرحون بالشعور بوجود الله معهم فلماذا وقد أصبحت مؤمنا يا "مصطفى" يزعجك هذا الشعور؟ لماذا حاولت التخلص منه؟ محاولتك التخلص من هذه الفكرة أو من هذا الشعور هو سبب المشكلة كلها الآن.
لكأن نزوعك المستمر للشعور بالذنب جعلك لا تستشعر من صفات الله عز وجل إلا أنه الرقيب... فأصبحت في خوف دائم!... تقول (شعوري بأنّه بمقدمة رأسي ويراقب خواطري أفقدني حريتي وتفكيري، أنهكني)
أنت نسيت أو لم تنتبه إلى أنه سبحانه وتعالى العفو الكريم الغفور الرحيم الذي عفوه يسبق غضبه، وأنه أرحم بنا من أمهاتنا؟.... دعني أذكرك بواقعة ذكرنا فيها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى... ففي يوم حنين بعد النصر كان كبار الصحابة حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأوا بين السبي امرأة كأنها مجنونة، كأنها قد أصابها مس أو جنون، تفتش يمنة ويسرة وتقبل وتدبر وتركض وتجيء وتعود حتى شقت الطريق بين القوم، ثم لقيت طفلاً فأخذته واحتضنته وضمته وقبلته، ثم كشفت ثديها، لم تشعر بحالها بين القوم، وألقمته في فم الرضيع وهي تبكي، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر والصحابة ينظرون، فقال صلى الله عليه وسلم: (أترون أن هذه المرأة تقذف بولدها في النار؟ قالوا: لا يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعبده من هذه بولدها)...
ليس الله موجودا وحالا في مقدمة رأسك وحده إنما الله سبحانه وتعالى موجود وحال في كل مقدمات وكل مؤخرات الرؤوس لكننا فقط بالتوازن بين معرفتنا لصفات الله عز وجل نتماسك ولا نقع في مثل ما وقعت فيه!!
عندما قرأت إفادتك الأولى وعرفت أنك من المغرب وفيكم أهل تصوف وعلوم تصوف ولذلك كان العنوان الذي وضعته لاستشارتك (الله في مقدمة رأسي متحد معي! تصوف أم وسوسة!).. لكنني اليوم أؤكد لك أنها وسوسة.
وأصل مشكلتك التي تسألنا فيها الآن هو أنك -بعد فترة من الاجترارات الوسواسية الدينية التشكيكية- داهمتك تلك الفكرة "الله في مقدمة رأسي يراقبني" وهي تمثل نوعا من الوساوس نسميه الوساوس الغازية Autogenous Obsessions وعادة ما تثير الوساوس الغازية شعورا كبيرا بالذنب أو الخطأ كما تثير كرها للفكرة نفسها، كما يصاحبها شعور بالتهديد من مجرد وجودها في الوعي وهو ما يجعل الرغبة في السيطرة عليها عقليا وقمعها أو محاولة تحييدها أو معادلتها رد فعل مهما وتلقائيا من الشخص.
اسمع يا "مصطفى" إذا عدنا إلى لب الفكرة التسلطية "الله في مقدمة رأسي متحد معي!" أي "الله يراقبني 24×7"،... لا ترفض هذه الفكرة بل قل فعلا الله معي يراقبني ويعفو عني ويرحمني، وهو أرحم بي من نفسي ومن أمي وعفوه يسبق غضبه وشعوري هذا يقين أني من المؤمنين.... آمنت بالله" ثم توقف.
تقول أيضًا في متابعتك (أشعر بقلق وتوتر شديد عند قرب دخول وقت الصلاة، لا أرتاح إلاّ بعد صلاة العشاء، فأنا أسير تواجد ما أحسه على أساس أنّه الله طول النهار).... وحقيقة ليس واضحا لنا سر زيادة القلق والتوتر عند اقتراب وقت الصلاة، فهل تختلف المراقبة أثناء الصلاة عنها في غير الصلاة؟ أم -كما أخمن- توجد لديك وساوس أخرى وربما أفعال قهرية لكنك لم تذكرها لنا لأنك تعتبرها بسيطة الآن وتهتم بالوسواس الأكبر والأكثر إزعاجا "الله في مقدمة رأسي".
ذكرنا لك ما نحسبه يساعدك معرفيا إن شاء الله ولسنا على دراية ما نزال بسبب عدم الشعور بالراحة إلا بعد صلاة العشاء أو سبب زيادة القلق أوقات الصلوات.... لكن على كل يمكنك القراءة عن وساوس الوضوء والصلاة... وتذكر أن أهم المطلوب منك سلوكيا في مسألة الصلاة هو ألا تستسلم لما يمكن أن يطرأ عليك من أفكار مثل أن تجمع الصلوات أو حتى تتركها عليك أن تزيد التزاما بالصلاة وفي المسجد طالما استطعت ذلك فهذا التعرض المستمر مطلوب.
إن لم يفدك ذلك يا "مصطفى" لا مناص من اللجوء بعد الله إلى أقرب طبيب نفساني ليصف لك العلاج اللازم لمساعدتك عقاريا على العلاج السلوكي المعرفي أو (الع.س.م) وهذه هي أكثر الممارسات العلاجية نجاحا على مستوى العالم....
أهلا وسهلا بك، وشكرا على متابعتك.
ويتبع>>>>>> : الله في مقدمة رأسي ..... بل وسوسة م1