أحلام اليقظة
السلام عليكم ورحمة الله، تحية طيبة وبعد؛
الحقيقة لا أعرف كيف أبدأ وماذا أكتب لكم بالضبط ولكن أرجو أن تحاولوا فهمي وتجاوبوني، أنا لدي العديد من المشاكل في حياتي ولكني سأكتفي بذكر اثنتين منها.
المشكله الأولى: التخيلات التي أعيشها طوال اليوم عندما دخلت إلى النت عرفت أنها تدعى بـ (أحلام اليقظة) أنا حقيقة أعيشها طول اليوم وهذه المشكلة قديمة قدم التاريخ لدرجة أني لا أعرف متى بدأت بالضبط لكني أذكر عندما كنت بالعاشرة من عمري إذا لم تخني الذاكرة أن أختي دخلت علي الغرفة وكنت أبكي بطريقة جنونية لدرجة أن أختي خافت علي وأخذت تلح لتعرف ما بي... وأنا لم أكن أبكي إلا لأني كنت أتخيل أني مريضة مرض خطير وأني أودع أهلي، أنا أتعمق كثيرا في تخيلاتي أبكي، أتكلم، أحرك يدي عندما أناقش أحدهم في تخيلاتي وكان هذا ملاحظا عندما كنت صغيرة ولكني الآن لا أجعل أحدا يلاحظني.
مررت بجميع أنواع التخيلات لكن أكثرها والذي استمر معي ليومنا هذا هو تخيلات إني مريضة والناس تبكي علي أو أن أهلي يموتون بحادث أو حريق في منزلنا وأنا الناجية الوحيدة أو أن أصاب بحادث سيارة أمام الملأ والناس تحاول إنقاذي الحقيقة تخيلاتي كثيرة جدا وهذا ليس سوى القليل.
عرف أن أحلام اليقظة طبيعية وتوجد عند جميع الناس ولكن هل هي حقا بهذه الكثرة عندهم فأنا قد أتحدث مع شخص وفي نفس الوقت أعيش تلك الخيالات، ولا أعرف أيضا إذا تخلصت منها بإذن الله ماذا سوف أفعل، وكيف سوف أعيش حياتي؟ وبماذا سوف أفكر بعد اليوم؟ فهذه الأحلام هي كل ما أملك.
المشكله الثانية: لا أعرف إذا كانت مشكلة من الأساس، ادعاء الأمراض فأنا أحب أن أمرض حقا، سواء بمرض نفسي أو عضوي خطير لا أعرف سر هذه الرغبة فأنا أحس بها منذ فترة طويلة فأنا أعرف من المعلومات الطبية الكثير وبإمكاني محاكاة المرض الذي أريده ولكن للأسف هذا ليس سوى تمثيل ولست مصابة بأي مرض، أعرف كيف أفقد نفسي الوعي أو كيف أجعل ضغطي منخفضا جدا طبعا أمام الناس سواء كانوا أهلي أو بالمستشفى.
وإذا ذهبت للعيادة أو لطبيبة نفسية أجعلها تشخصني بالمرض الذي أريده لأني أعرف أعراض كل مرض نفسي ببساطة، وحتى عينة البول -أكرمك الله- أخلطها بالدم لتجري لي العديد من الفحوصات وأنا عندي فقر دم صحيح إنه ليس بشيء خطير لكني سعيدة به فأنا أذهب من مستشفى لأخر وأقول لهم أعراض ما أحس بها ليأخذوا عينة من دمي وبعدها يخبروني بأني مصابة بالأنيميا ويصرفوا لي الدواء وبعدها نفس القصة مع مستشفى آخر.
وإذا استمريت مع الطبيب نفسه والمستشفى نفسه فأنا لا آخذ الأدوية ولكني أخبرهم أني ملتزمة بها وبالنظام الغذائي الذي أوصوني به (وطبعا هذا ليس حقيقيا) لكي يستغربوا من عدم ارتفاع الدم ويطلبوا فحوصات أخرى. وأيضا مع علمي أنه عندي ضعف الدم ولا أستطيع التبرع بدمي إلا أني أذهب بشكل دائم لحملات وعربات التبرع بالدم وعندما يحددون نسبة الهيموجلوبين يخبروني بأني مصابة بالأنيميا ولن يأخذوا من دمي عندها أشعر بشعور غريب وجميل بنفس الوقت أريد أن أجري عملية خطيرة.
أريد أن أقترب من الموت ولا أريد الموت نفسه أريد أن أصاب بحادث سيارة لدرجة إني أفكر أن أعرض نفسي لحادثة، ببساطة أحب الشعور بالشفقة أريد أن يشفق علي الجميع بلا أي استثناء وأخيرا أبي مصاب بالاضطراب الوجداني (باي بولر) ويتعالج بأدويته وأمي مصابة بالقلق النفسي والاكتئاب لكنها لا تأخذ أي دواء لعدم اقتناعها ووسوستها من الأدوية، فرحت عندما علمت أن الاضطراب الثناقطبي مرض وراثي ومن أكثر الأمراض النفسية انتقالا بالوراثة فأتمنى أن أصاب به وكذلك قرأت أنه يصيب المبدعين فإذا أصبت به فسأكون مبدعة بنظر طبيبي وبنظر الناس.
أبي يأخذ دواء يسمى (rivotrill) وأعرف أنه محظور عندنا ولكن أستطيع الحصول عليه لكني أذهب كل فترة لصيدلية وأسألهم إذا يملكون هذا الدواء أعرف أنهم لن يصرفوه لي لكني أرتاح عندما يسألوني من صرف لك الدواء؟ ولماذا تأخذينه؟ ومن ماذا تتعالجين فأخبرهم بأني مصابة بالباي بولر وأحس بنفس الإحساس الجميل.
علاقتي مع أهلي غير طبيعية، فأنا أكرههم بشدة لكني أحبهم بنفس الوقت ولا أتمنى لهم السوء أبدا كرهي لهم ليس لأني أكره شخصهم لكني أكره تصرفاتهم وطريقة تفكيرهم، أنا لا أكلم أهلي وأخاصمهم بالسنوات وهذا الخصام من طرف واحد لأنهم يكلموني وأنا لا أكلمهم لدرجة أني أخاصم أبي وأمي وعمتي كذلك.
متفوقة في دراستي إلى الآن وقد تستغرب إذا أخبرتك أني لا أتنازل عن المرتبة الأولى بأي ثمن، لكني حاليا متعبة أصاب بالأرق كثيرا وأفقد تركيزي بسهولة، مشتتة أحس بحرارة برأسي وعقلي لا يتوقف عن التفكير المتواصل، أحس أحيانا إني غير موجودة أو موجودة بجسدي فقط فعقلي في مكان آخر لا أعرفه بالضبط، كنت أتوضأ من فترة ووقفت جامدة أفكر أي اليدين أغسل أولا اليمنى أم اليسرى وجلست أفكر مطولا مع أني أعرف، حتى أني كنت أنوي صلاة الظهر فسألت نفسي أي الصلاتين أولا العصر أم الظهر، أحس أني متنحة وأحيانا لا أستطيع التفكير بأبسط الأشياء.
أفكر أن آخذ إجازة من الجامعة لأني متعبة حقا، ولا أريد لمعدلي أن يتأثر، حساسة لأبعد الحدود لدرجة أني لا أستطيع أن أقول نكتة مثلا لأختي عن أصحاب الوزن الثقيل لكي لا تفهمني بطريقة خاطئة وتتحسس مني (لأنها سمينة)
لا أنسى بسرعة بل لا أنسى من الأساس وإذا غضبت من شخص أتذكر جميع تصرفاته السيئة معي حتى لو حدثت بالطفولة ثم أستغرب أني كلمته بعد ما حدث بيننا في السابق وألوم نفسي بشدة.. إخوتي يقولون أني حقودة وأنا لست كذلك أبدا. لا أنسى حتى لو سامحت الشخص الذي أخطأ بحقي، ولا أخطئ بحق أي شخص مهما كان ولا أريد لأحد أن يخطئ بحقي بالمقابل، أتجنب المزح حتى مع إخوتي وأقرب صديقاتي لكي لا أغلط عليهم ولكي لا يمزحوا معي مزحا ثقيلا بعدها أتمنى عدم التطنيش والرد علي ردا مطولا وباستفاضة كل عام وأنتم بخير وشكرا...
وفي نفس الوقت في استشارة منفصلة قالت "ليان" تحت نفس العنوان:
نسيت أن أذكر أني مشتركة في العديد من المنتديات المعنية بالأمراض النفسية والعضوية الخطيرة وأضع مشاكلي وأعراضي التي لا أساس لها من الصحة وأحصل على الدعم والتواصل من الأعضاء المختلفين،
وهذه المرة الوحيدة التي أعترف وأضع مشكلتي الحقيقية،
أنا حقا مدمنة بتمثيل وادعاء الأعراض ومدمنة للمستشفيات وإجراء الفحوصات.
27/10/2012
رد المستشار
استشارة نفسية علاجية Psychotherapeutic Consultation
نظرة عامة Overview :
آنسة عمرها 21 عاماً تصرح باصطناعها المرض وتربط ذلك بكثرة أحلام اليقظة منذ الطفولة. بالإضافة إلى ذلك تكشف عن سلوك يمكن وصفه بالتردد أحياناً في أداء بعض الفعاليات اليومية، الأرق، اضطراب في العلاقات الاجتماعية مع الأقارب والأصدقاء، ومشتركة في العديد من المنتديات المعنية بالصحة النفسية والعضوية.
التوصيات Recommendations :
٠ شكراً على استعمالك الموقع.٠ يعطي موقع مجانين فرصة علاجية للفرد قلما تتوفر على أرض الممارسة العملية للصحة النفسية، وخير مثال على ذلك هو استشارتك التي تكشف عن التاريخ المثالي لما نسميه بالاضطراب المصطنع Factitious Disorder يوفر الموقع للفرد الفرصة للكشف عن معاناة نفسية خلف شاشة معتمة. غاية الموقع الكبرى هو أن يستوعب المستخدم الاستشارة والرد عليها والعمل على تجاوز محنته.
٠ رغم أن الاضطراب المصطنع هو اضطراب مصنف في جميع مجلدات تصنيف الأمراض النفسية ولكنه لا يعتبر مرضاً نفسياً يستحق العلاج برأي الجهات الصحية والرسمية. متى ما تم اكتشاف اصطناع المرض، وهذا سيحدث معك عاجلاً أم آجلاً، يتم وضع المريضة في قائمة تحذر الكادر الطبي والتمريضي منها. بدلاً من الحصول على الشفقة سيكون سلوك العاملين في المؤسسات الصحية سلوكاً عدوانياً.
٠ لا شك أن هذا السلوك الذي تمارسينه سيتطور مع الوقت، واصطناع المرض سيتحول من مجرد الحديث عن أعراض مرضية غير موجودة إلى اصطناع المرض بحقن عقاقير وإلحاق الأذى بالنفس. بعد ذلك سيتحول الاضطراب إلى مرض مزمن وحتى في هذه المرحلة لا مجال إلى الحصول على العطف والشفقة من الآخرين.
٠ بالطبع الكثير وربما الغالبية من العاملين في مختلف الاختصاصات الصحية يعتبرون هذا الاضطراب مجرد خداع ويصنفون المستخدم ضمن قائمة الأفراد المصابين بالشخصية المضادة للمجتمع Antisocial Personality يعتبر الكثير بأن سلوك اصطناع المرض هو سلوك تحت إرادة الإنسان وهذه مقالة لا تخلو من الصحة.
٠ هناك اشتباك بين الاضطراب المصطنع والخداع والهستيريا. لا شك أن ترددك على مراكز التبرع بالدم رغم معرفتك بأنك مصابة بفقر الدم هو مجرد خداع وهدر وقت الآخرين علاقتك بمن هم حولك من الأهل والأصدقاء يعكس درجة عالية من صفات شخصية تتصف بالعدوانية والنرجسية أما الأرق وسلوك التردد فهذا ليس بغير المألوف في الهستيريا والاضطراب المصطنع والخداع لا أظنك بحاجة إلى أي عقار لمعالجة الأرق أو القلق.
٠ لا أدري ما هو سبب فقر الدم في حالتك، ولكن ما يقارب ال 70% من الحالات التي تابعتها في الممارسة العملية يكون السبب هو نزيف متعمد بين الحين والآخر هذا السلوك في غاية الخطورة ويصعب الكشف عنه في الفتيات، وعليك التوقف عنه.
٠ نشر الموقع الشهر الماضي حالة مفصلة لما يمكن أن يحدث في حالات الاضطراب المصطنع لمستخدمة من فلسطين عليك بمراجعة هذه الحالة التي توضح بأن هذا السلوك لا يؤدي إلى الحصول على الشفقة وإنما بعدم المبالاة من الآخرين وأسوأ من ذلك أحياناً، سواء من الأهل أو الأصدقاء المصيبة الكبرى بأن الإصابة بمرض عضوي ونفسي ستحدث يوماً ما وحتى عند ذلك لا توجد شفقة عليك حتى من الذي يشرف على علاجك.
٠ تحتوي رسالتك على تحليل ذكي لظروف البيئة التي ترعرعت فيها هذه البيئة لم تكن مثالية والأب والأم كلاهما مصاب باضطرابات عاطفية لم يتم تجاوزها يوفر الاتصال الصحي بين البنت ومن يرعاها تطوير طريقة الاتصال الاجتماعي عقلياً مع الآخرين مستقبلاً بحيث تدرك الفتاة ماذا سيكون رد فعل الآخرين قبل حدوثه. هذا ما نسميه نظرية العقل Theory of Mind. هذه النظرية لم تتطور صحيا في حالتك وإنما انحرفت نحو سلوك مرضي بالطبع الحديث هنا هو عن نظرية العقل في إطار اجتماعي وتفاعل مع الآخرين، ولذلك لا مجال إلى تغيير المسار إلا بإرادتك.
٠ إن ذهبت إلى مراجعة طبيب نفساني فعليك بالصراحة وعسى أن يحالفك الحظ وتعثرين عليه الأهم من ذلك قيام علاقات اجتماعية من نمط آخر والابتعاد عن المراكز الصحية.
٠ أهم نصيحة يمكن لطبيب نفساني أن يقدمها لك هو أن ترحلي عن البيت هذا يحدث مع جميع الأفراد المصابين بهذا الاضطراب عاجلاً أم آجلاً، ولكن الغاية من نصيحتي هو الابتعاد عن بيئة عائلية فشلت في تلبية احتياجاتك النفسية لفترة طويلة يبدوا أنك متفوقة في دراستك وربما سيحالفك الحظ على طلب التعليم في مدينة أخرى أو بلد عربي آخر مع ذلك تبدأ حياة جديدة واتصالات اجتماعية من نوع آخر لكن تذكري أيضاً إن سلوك الاضطراب المصطنع هو تحت إرادتك أنت فقط لا غير.
٠ وفقك الله دوماً.
واقرئي أيضًا:
حالة اضطراب مصطنع
التعليق: شكرا دكتور سداد على ردك على الرغم أن ردك غير مفصل، لكن شكرا على كل حال .
قلت أن اصطناعي للمرض سيتم اكتشافه عاجلا أم آجلا ، حقيقه لا أعرف سر هذا التأكد !!
وأشكرك على نصيحتك الأخيرة المبهرة والأكثر من رائعة والتي تنم عن فهمك العميق لاستشاراتي