السلام عليكم؛
إخواني أنا بحاجة ماسّة للمساعدة, أنا فتاة في ال22 من عمري. أنا من عائلة يعتبرونها في محيطنا "مهمة" وممن يرغب الشباب في مصاهرتها عادة, فأقاربي كلهم أطباء ومهندسون وأساتذة جامعيون...
بدأت مشكلتي حين كنت في ال15 من عمري, بدأت اسمع مضايقات من أهلي, علما أني لم أكن فاشلة... إلّا أنني كنت أحصل على معدل جيد جدا بينما إخواني يحصلون على معدل ممتاز. ومع ذلك, فكان أبي "المهندس" يقول لي دائما: الحمد لله أن لك أخوة أطباء لتكوني سكرتيرة لديهم وإلا لبقيت بلا عمل في المستقبل...
وبعد أن حصلت على الشهادة المتوسطة بمعدل 15\20 قرر والدي أن أدخل معهدا لأكمل دراسة التربية الحضانية, ومن المعروف في بلدنا خاصّة أنه لا يدخلها إلّا من فشل مرّات عدة في القسم الثانوي.
طبعا رفضت وتخرجت من فرع علمي في الشهادة الثانوية ولكن بمعدّل نجاح 11\20 ثم أصرّ والدي أنّي لن أدخل جامعة محترمة بحجة أنّي لست من قدرها . فزرنا الجامعات المجاورة للمنزل وهي جامعات يدخلها عادة من طرد من الجامعات المحترمة ومن عانى سنين للحصول على الشهادة الثانوية, فكان في صفي من درس على الأقل سنوات طويلة من اختصاصات مختلفة بالإضافة إلى خرجي المعاهد الثانوي التي سبق أن تكلمت عنها...
عانيت كثيرا وتمنيت لو أتزوج من رجل يحملني إلى بلاد أخرى لا غيّر الجامعة وأكمل دراستي في جامعة تليق بي... لكن دون جدوى, فلم يكن قدر لي ذلك.
بعد سنين من العذاب, اقتنع والدي بتغيير الجامعة, فدخلت أخيرا الجامعة التي كنت أحلم بها والفرع الذي أحلم به, ولكن السنين الضائعة لم تغب عن بالي ولم تتوقف مضايقات أهلي وسماعي عبارات فشل وهمك لا يغيب من بالنا وما شابه ذلك...
لا أستطيع البدء من جديد علما أن ثقتي بنفسي قوية! وقد أجريت الاختبار الخاص في المنتدى وكان الرد "ممتاز"
أرجوكم ساعدوني فحلمي يضيع مني ولست قادرة على تحمّل المزيد... ماذا أفعل؟
28/10/2012
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
بنيتي من الواضح أنك شخصية صلبة قادرة على مواجهة التحديات ولديك من المثابرة ما يكفي لتصلي لأهدافك كما هو الحال في إقناع والديك برغبتك الدراسية. ما يعطل انطلاقتك الجديدة لتحقيق أحلامك ليس ضعف ثقتك بنفسك قد يكون أحد احتمالين وقد يكون خليطا منهما، الأول هو خوفك من الفشل ومن تحقيق نبوءة والديك حول ضعف قدراتك فتتهربين من البدء كي لا تتحملي النتائج، أما الاحتمال الثاني فهو أنك منهكة نفسيا بعد طول الصراع والخلاف مع والديك لتصلي إلى ما تريدين.
أيا كان السبب اجعليه وراء ظهرك واستمتعي بالفرصة المتاحة أمامك لتعيشي أحلامك. لا تجعلي هدفك من دراستك ولا غيرها من قرارات حياتك أن تثبتي لأهلك سوء تقديرهم لك فهو أمر - رغم احترامي للوالدين - غير مهم، ولا يستحق أن تصرفي من طاقتك النفسية عليه، فهم غالبا لن يغيروا القالب المعرفي الذي وضعوك فيه.
أريدك أن تتجاوزي مرحلة النمو التي يكون فيها تقدير الوالدين أهم مصادر تقدير الذات فعدم حصولك عليه في ذلك الوقت يعني غالبا ضعف احتمالية حصولك عليه مهما سعيت وحاولت.
تخلصي من حساسيتك لانتقاداتهم ورأيهم فحرية الرأي والاعتقاد مكفولة للجميع، وغيري من استراتيجيتك الدفاعية معهم فبدلا من إنكار أنك أقل من أخوتك ركزي على كونك مختلفة عنهم، وفي الاختلاف رحمة ونعمة فسبحان من خلقنا بقدرات واهتمامات مختلفة لتكمل الحياة، ولن تتخيلي كيف يعطل غياب السكرتيرة العمل فهي عنصر فاعل ولبنة أساسية في العمل مثلها كالممرضة في غرفة العمليات لها دور مختلف ولكنه أساسي، حارس الأمن قد لا يكون بارع في الرياضيات والأدب ولكن يقظته توفر لنا الأمان اللازم لنسير في حياتنا، لن تنتهي الأمثلة على أن التنوع يضمن للحياة التكامل.
ركزي تفكيرك على أنك كيان مستقل حتى عن والديك وهذا الاستقلال يحملك مسؤولية كبيرة فما تفعلينه في حياتك أو ما لا تفعلينه سيؤثر فيك فانشغلي بنفسك عن رأي الآخرين.
التعليق: أود أن أضيف لكلام د. حنان طقش الرائع، أنا أيضًا بدأت دراستي الجامعية في سن 22 لظروف التغرب، وعندما كنت بالسنة التمهيدية كنت حساسة لأن صديقاتي وقريباتي بعمري بدؤوا حياتهم العملية وأنا ما زلت أبدأ الدراسة، بمرور السنين الدراسية تراجعت هذه الحساسية لأن الناس غير متفرغين لمراقبتي ولديهم همومهم ولم تعد تهمني هذه الفروق لأني بدأت أقتنع أننا مختلفين.
بعد تخرجي بقيت عاطلة عن العمل كنت أقاوم فيها العمل بمجال أكاديمي كوالديّ لأني لم أشعر بعد باحترامي لنفسي بقدرتي على عمل شيء بعيدًا عن الأسرة، الآن والحمد لله أعمل بمجال مختلف تمامًا عنهما و علاقتي بهما أكثر قربًا من قبل.
لا أدري ماهو التخصص الذي تدرسينه لكن ادرسي وانجحي فيه، تدربي في هذا المجال خلال إجازات الدراسة، حاولي أن تقومي بأنشطة أو دورات أو تطوع في محيطك، وعندما تصنعي لنفسك محيط خاص وناس لا يعرفهم أحد من عائلتك ستشعرين بالاستقلال والتسامح وكل ماحدث لكِ سيبدو بعيدًا وصغيرًا.
حاولي قدر الإمكان ألا تعملي في مكان أو مجال به أحد من أفراد عائلتك أو معارفهم، صدقيني إن شاء الله عندما يجدون نجاحك ستتغير العلاقة بينكم لاحترام ومودة أكثر.