لا أعرف ما مشكلتي
سوف أورد لكم بالتفصيل مشكلتي وهي في الواقع سلسلة من المشاكل لا أعرف مدى ارتباطها ببعضها.
أشعر أحيانا بأنني منفصلة عن العالم كما لو أنني في حلم حتى جسدي لا أشعر أنه لي وتعذبني المشكلة حتى أكاد أجن وأنا أنظر إلى يدي محاولة إقناع نفسي أن هذه أنا ومؤخرا استسلمت للموضوع بعد سنين من المعاناة.
بدأت المشكلة في صغري حيث توفي والدي عندما كنت في السابعة وتأزمت المشكلة في سن ال11سنة، ظننت أن موت أبي هو السبب لكن أتذكر موقفا حين حدث هذا لي مرة قبل موته، كنت في السادسة وكنت أنظر إلى أمي وأشعر أنها ليست أمي، وكنت أبكي طوال ذلك اليوم ولم يعلم أحد لماذا، كنت أشعر بالرعب مما اعتراني، لذا لا أظن أن موت أبي هو السبب
تزداد المشكلة عندما أكون في خطر أو موقف صعب إذ أذكر الشعور عندما تسلقت جبلا وأنا في الحادية عشرة وخفت النزول فكان كل شيء حولي كما الحلم وغير حقيقي. كما شعرت بهذا عندما عرفت أن أبي مات ولم يخبرني أحد أنه مات بل أخبروني أنه سافر وسيعود بعد 10سنوات، وبعد سنة تقريبا أخبروني بموته وبعدها بقيت أكثر من 4سنوات لا أستطيع أن أنطق باسمه عندما يسألني أحد عن اسم أبي لم يكن خللا نطقيا إنما نفسيا كنت لا أستطيع أن أجبر نفسي على هذا وبعد 4سنوات تمكنت من نطقه لكنني كنت أحوره أو أحاول نطقه بسرعة وأحس بضغط نفسي عندما أفعل، وأذكر أنه مرة سألني أحدهم عن اسمي الكامل فركضت هاربة إلى البيت كنت حينها في التاسعة.
الآن حلت هذه المشكلة ولكن أردت أن أذكرها زيادة في المعلومات حتى تحيطوا بظروف حالتي. كنت أعاني منذ الصغر من حالة غريبة هي أنني أخاف من الأماكن المرتفعة وفي نفس الوقت أشعر كأنني سأقفز فأخاف أكثر وأبتعد عن الحافة.
تطورت حالتي هذه فأصبحت في حالة كبيرة من اللامبالاة والعزلة لا يهمني شيء سوى الاستمتاع بوقتي، وبعد أن كنت الأولى في دفعتي في السنة الأولى تركت حضور المحاضرات تماما، أصطنع أعذارا واهية وأدعي المرض بتمثيل متقن وأزور شهادة علامات بنفسي لأريها لأهلي، وأستغل جميع أنواع الكذب للحصول على مبالغ كبيرة من المال من أهلي (أمي وزوجها) حتى أنني خفت أن تنذر الجامعة أهلي بإنذار فقمت بإجراءات كاملة للسفر إلى دولة أخرى، وهربت وأقمت 5أيام في فندق حتى موعد الطائرة لكنني استلمت رسالة إلكترونية من عمي يخبرني أن أمي مريضة فعدت ولم أكن مهتمة بما قد يحصل لي.
ومرت المشكلة وأنا الآن أقضي معظم وقتي أمام شاشة الكمبيوتر في الألعاب والبرامج والبرمجة، تخرج عائلتي لا أخرج معها لأنني لا أشعر بالمتعة، أحيانا لا أشعر بالمتعة في أي شيء أفعله وهذا يزيدني طلبا للتسلية والمتعة فأزيد ساعاتي على الكمبيوتر حتى أصبح معدل نومي 4ساعات وأهملت النظافة ومع ذلك عندما أستمع إلى موسيقى أحبها أحس بالنشوة تهزني وأستمتع بها كثيرا.
لا أهتم بالعلاقات الاجتماعية ليس خوفا إنما فقط لا أهتم، أشعر بالملل والضيق النفسي لأنني أكره المجاملات والتكلف ولكنني أضطر له ولي أراء خاصة في التعامل والدين والسياسة, يسألني أصدقائي النصح كثيرا ويعجبون بما أقول وبثقافتي العالية لكنهم لا يعلمون أنني أنا من تحتاج إلى المساعدة وكثيرا ما أعتذر عن لقائهم والوحيد الذي أتمنى قضاء وقتي معه هو زوج المستقبل.
حاولت إنهاء حياتي أكثر من مرة بسبب المزيج الغريب من اللامبالاة والضغط النفسي الشديد, الثقة الكبيرة بنفسي والضعف الداخلي، الأنانية الكبيرة والاستعداد للتضحية من أجل من أحب والكثير من المتناقضات الأخرى فرغم حصولي على جوائز في الكتابة والرسم ودرجة 131في مقياس الذكاء أشعر أنني لا شيء وفي نفس الوقت أشعر أنني كل شيء ومركز الكون.
شعوري أن جسدي ليس لي يجعلني لا أهتم بأذيته فأجرحه عندما أريد (لا يحصل هذا كثيرا) وثقبت أذني بنفسي في مكان خطير جدا يعتبر ملتقى للأعصاب ولا أهتم بالنوم.
وصل وزني إلى 122فرغم كرهي لما أصبح شكلي عليه أحاول الالتزام بحمية يوما أو يومين ثم أشعر بالملل ولا أهتم فأستمر بالأكل. كثيرا ما أخطط لشيء فيه مصلحتي وأعجز عن تنفيذه.
لدي مشكلة أخرى هي أنني أخاف من الأعين في الصور خاصة في الليل ولا يصل هذا الخوف إلى حد الوسواس لكنني أظن أنني أكبر من أن أشعر بهذا الخوف الطفولي.
مؤخرا بدأت أسمع أصواتا بصوت شاب أعرفه في معظم الأحيان (سبب لي مشاكل سابقا) وتشتم هذه الأصوات زوجي فأكرهها لكن قليلا ما يحصل هذا.. ولم يلاحظ أحد خللا فيّ سوى الانسحاب الاجتماعي حتى الأعراس لم أعد أحضرها بحجة أنه ليس لدي ما ألبسه للعرس.
أرجوكم مساعدتي فأنا أخاف أن أنهي حياتي بالانتحار أو أن أحول حياة زوج المستقبل إلى جحيم، فأنا أحب شابا منذ 5سنوات وهو يحبني كما لم يحب مخلوق من قبل فقد تحمل مني ما يكفيه لا أريد أن أظلمه معي (نحن نخطط للزواج إن شاء الله)
أنا لا أغار عليه عادة لكن في بعض الأحيان أكون شديدة الغيرة وأتمنى أن أقتل نفسي وأتمنى الموت لتلك الفتاة.. لكن سرعان ما أهدأ ولا أشعر أنني أكرهها وأنسى كأن شيئا لم يكن بل بالعكس أشجع زوجي على محادثتها ثم بعد مرور فترة أشعر بالغيرة مجددا وكثيرا ما يحدث أن أحب أشخاصا وبعد فترة أكرههم ثم أحبهم وهكذا..
كما لا تنقطع عني الأفكار بأنه قد يتركني في أي لحظة.. فإن تأخر في الرد عندما نتكلم في الإنترنت أخاف خوفا شديدا أن يكون قد تركني فألومه وأصطنع مشكلة لأنه تأخر (لقد سافر إلى بلد آخر بهدف العمل ولأنه يكون في عمله عندما يكلمني يضطر أحيانا أن يتركني بعض الوقت).. شعرت بما أسببه له من ضغط نفسي فما عدت ألومه بل أبتلع خوفي وأسكت.
لن أستطيع أن أخبر أمي بأي شيء إذ ستبدأ بلومي لأنني ضيعت سنة أخرى من حياتي وقد ضيعت 3سنوات من جامعتي حتى الآن وما أكثر ما أهدرت من نقود. كما أنني أخاف ألا تسمح لي بالسفر بعد أن أنهي دراستي لملاقاة زوجي والزواج منه بحجة عدم مسؤوليتي التي دائما تتهمني بها.
أرجو أن تقرأوا ما كتبت بتمعن للتوصل إلى أقرب حل
وشكرا
02/04/2004
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على مجانين، وشكرا على ثقتك، واقع الأمر أننا نقرأ كل الإفادات التي تصلنا بتمعن وتركيز لكننا لا ننسى أبدًا أنها سطورٌ إليكترونية، لا تنقل كل شيء، وكثيرا ما تكونُ الصورة التي تنقلها غير كاملة الأبعاد، وأما سطورك أنت فقد قرأناها عدة مرات وكلما أعدنا قراءتها كلما زاد اقتناعنا بمدى المعاناة التي تعانينها وطول فترة تلك المعاناة يعني إما أنك لا تعرفين أنت أو أفراد أسرتك أن عرضك على الطبيب النفسي أمرٌ كان يلزم أن يحدثَ منذ زمن بعيد، أو أنك ببساطة لا تريدين التعب من أجل التغير، فلابد من معاناة تعانينها من أجل التغيير.
أما أول ما تصفين من أعراض فهو ما نسميه باختلال الإنية Depersonalization، والذي يظهر واضحا في قولك (أشعر أحيانا بأنني منفصلة عن العالم كما لو أنني في حلم حتى جسدي لا أشعر أنه لي وتعذبني المشكلة حتى أكاد أجن وأنا أنظر إلى يدي محاولة إقناع نفسي أن هذه أنا ومؤخرا استسلمت للموضوع بعد سنين من المعاناة)، فهنا ما يشير إلى عرض اختلال الإنية وإلى وجود استعداد عال لديك لانشقاق الوعي Dissociation of Consciosness أيضًا، وتجدين شرحا كاملاً لاضطراب اختلال الإنية في كل من المشكلتين السابقتين على استشارات مجانين تحت عنوان:
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب
اختلال الإنية في نطاق الوسواس القهري
تشيرين بعد ذلك إلى بقية أعراض خلطة القلق والاكتئاب فالخوف من الأماكن العالية والخوف من الرغبة المفاجئة في أن يقذف الواحد نفسه عندما يصل الخوف إلى درجة مرضية تجبر الشخص على اتخاذ سلوك التجنب، ربما أكثر قليلا مما هو واضح في حالتك، هذا النوع من الخوف يسمى بالرهاب النوعي وإن أخذ لديك شكل العرض العابر وليس الاضطراب الكامل، بعد ذلك تشيرين إلى ما قد يكون عسر مزاج Dysthymia، والذي تجدين كل شيء عنه أيضًا في ردودنا السابقة على استشارات مجانين تحت العناوين التالية:
عسر المزاج والاكتئاب
الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج
اللا مبالاة هل هي اكتئاب ؟
كما أن هناك في إفادتك ما يشير إلى بعض سمات الشخصية الهستنرجسية، كما يتضح من علاقاتك بالآخرين، وإن كنا بالطبع عاجزون عن الوصول إلى انطباع أكيد بهذا الخصوص، كما أن سمة التهور أو اتخاذ القرارات الطائشة موجودة أيضًا، ووجودها هنا قد يشير إلى بعض سمات الشخصية الحدية أو البين بينية خاصةً وأنت تصفين إيذاءك المتعمد لذاتك أحيانا، إضافة إلى ما قد نعتبره أعراضا ذهانية ميكروسكوبية كما يتضح من قولك: (مؤخرا بدأت أسمع أصواتا بصوت شاب أعرفه في معظم الأحيان (سبب لي مشاكل سابقا) وتشتم هذه الأصوات زوجي فأكرهها لكن قليلا ما يحصل هذا..)، فهذا عرضٌ ذهاني وليس واضحا مدى شدته ولا تأثيره عليك، وكثيرا ما يكونُ أصحاب الشخصية الحدية على شفا حفرة من الذهان العابر، ولكننا نود التنبيه هنا إلى مبالغتك في وصف العلاقة بالشاب الذي ارتبطت به فهو زوج المستقبل إن شاء الله، ولكنه الآن ليس زوجك أليس كذلك يا بنيتي؟، ولعل يفيدك أن تقرئي ما قلناه لصاحب المشكلة التالية: مدافع عن حقوق المكتئبين
إذن يوجد في إفادتك ما يشير إلى خلل في تعاملك مع رغباتك واندفاعاتك، كما يوجد ما يشير إلى حساسية مفرطة في علاقاتك مع الآخرين، وكذلك خللٌ في تعاملك مع مشاعرك وانفعالاتك بوجه عام، كل هذا يجعلنا لا نستطيع الحديث عن حل من خلال الإنترنت فالحل ليس سهلا ولا مفر من علاج نفسي طويل إذا أردت العلاج، ونحن لا نستطيع أكثر من إرشادك إلى ما يتوجب عليك فعله وهو اللجوء بعد الله سبحانه وتعالى إلى أحد الأطباء النفسيين أو المتخصصين في العلاج النفسي المعرفي السلوكي وربما التحليلي أيضًا إذا كانت حالة أسرتك الاقتصادية تسمح به، وأما خوفك من إبلاغ والدتك، فلا أظن أن بإمكانك قطع مشوار العلاج وحدك، لأن الأمر سيطول بعض الشيء ففكري من فضلك في الأمر وتابعينا بأخبارك.