صدف أم تخاطر؟!
أنا شاب عمري 20 سنة من دولة خليجية, أدرس بالجامعة وقريب من التخرج بإذن الله, سبق لي أن ارتبطت بعلاقة عاطفية, ناجحة من الناحية العاطفية لكنها شديدة التقلب ففي عامين لو جمعت مدة الانفصالات زادت عن عام, لأني كنت متمسكا بالحب وأعتقد بأن الحب سيغطي على جميع التفاصيل الأخرى فأتراجع عن قراراتي, لكن من النواحي الأخرى غير العاطفية لم تكن تلك الفتاة المميزة, لكنني راهنت على الحب, وأنني سأتولى إدارة المسؤليات الأخرى في حالة عدم قدرتها على إدارتها لوحدها...
لكن في النهاية خاب أملي حينما وافقت على من تقدم لخطبتها لأعذار ليس لها معنى, وسئمت من النقاش العقيم, والقصة طويلة لكن أحببت أن أعطي نبذة في فترة الانفصال من تلك العلاقة في البداية لم أفكر بدخول الشات الذي كنت أتردد عليه في انفصالاتي المؤقتة لكن بعد مرور أسبوع أو أسبوعين دخلت الشات أحدث الجنس الآخر عن قصتي لكي أرى الآراء وأملأ وقت فراغي, تحدثت مع أكثر من فتاة, وكانت هناك فتاة لم أتوقع الارتباط معها نهائيا! رغم انسجامي معها وإعجابي الشديد بصفاتها وميزاتها, لكن الحدود الجغرافية وطريقة حديثنا المفعمة بالصداقة لم تعطني حتى تخيل فكرة ارتباطنا وقد سبق عقد قرانها لكن لم يتم الزفاف, وكان إنسانا لا يصلح للزواج أبدا وعانت منه الكثير.
بعد فترة أحسست بتعلقي بها ومدى كونها شيئا أساسيا أبتدئ به صباحي وأعيش به يومي وأنهي فيه ليلتي, بدأت بجس النبض ثم أعلنت حبي فردت علي بالمثل, أخذ ارتباطنا يزيد يوما بعد يوم ومدى نجاح فكرة الزواج كان يشغلنا, خصوصا بأن طريقة ارتباطنا أبدا لن تقبل عند أهلها, بعد فترة اقتنعنا بأنه هناك دائما حلا وسنجد الحل دائما, ووضعنا فكرة زواجنا كفكرة لن نقبل التنازل عنها نهائيا حتى أننا من فترة بسيطة وجدنا حلا مناسبا لزواجنا قد يقبل للتغيير أو التعديل إلى السنوات القادمة حتى موعد زواجنا, ونجري بعض المحادثات الصوتية بشكل نادر لكون الصعوبة لديها هذا باختصار، علاقتي باختصار شديد مع إنسانة أرى بها الكثير والكثير, أثق بها وبتصرفاتها أكثر من نفسي, أراها واعية مميزة بها صفات المرأة المثالية التي لا أستطيع وصفها.
وعلى الرغم مما مررت به سابقا لكنني مرتاح جدا وليس لدي أدنى خوف من أن تتركنني, فثقتي بأنها لن تتركني مهما حدث إلا لو ألححت بطلبي أن تتركني, كثقتي بأن أمي لن تتبرأ مني مهما حدث, وأحمد ربي على هذه النعمة الكبيرة جدا, وقد مر على حبنا قرب سنة, ونتجاوز أي خلاف بسيط يحدث أو سوء فهم بسلاسة شديدة وتفهم عالي جدا وبعد الاختصار هذا الذي أتمنى أن أكون قد وفقت لأن أوصل مدى علاقتنا الأكثر من رائعة والحب الغير طبيعي الذي يربطنا.
وأعرض حالتي هنا لأمر بدأ يخيفنا ويثير فضولنا... أمر يتزايد يوما بعد يوم, يتكرر بصورة شبه يومية لمرات عديدة فاليوم ذاته... فأحيانا نقوم بكتابة الأمر عينه في نفس الوقت, وندخل مع بعضنا المحادثة في نفس اللحظة على الرغم من غيابنا لفترة ليست بقصيرة, ونجيب بعضنا قبل طرح الأسئلة, ونلبي الطلب قبل أن نقرأ طلب الآخر, نرسل نفس الأفكار, نحس ببعضنا بأن هناك مشكلة حتى لو لم نبين لبعضنا...
وتتكرر هذه الأمور بشكل دائم شبه يوميا وأحيانا أكثر من مرة في نفس اليوم... وهي في ازدياد! مثال: "مرة من المرات وصلت لدرجة أنه هناك العديد من الصور الرمزية الإلكترونية التي بإمكاننا أن نرسلها وما عادة نستخدمها قليل والعديد لا نستخدمها, وقد أرسلنا نفس الصورة الرمزية من أكثر من مئة صورة رمزية في ذات اللحظة حتى أننا صدمنا" وهذا مثال واحد للعديد من الأشياء التي تتكرر بازدياد يوما بعد يوم (من الطرفين) وبدأت تثير فضولنا لمعرفة حقيقتها فالأمر فعلا يثير الجنون...
لا تتكرر الصدف يوميا بهذه الطريقة! ما هذا الذي يحدث بيننا؟ هل هو ما يسمى بالتخاطر أم ما هي تسميته؟!
هل كل اثنين يحبان بعض تحدث لهمل هذه الأمور بهذا التكرار؟!
هل سيتوقف أم سيستمر بالازدياد؟
29/11/2012
رد المستشار
استشارة نفسية علاجية Psychotherapeutic Consultation
نظرة عامة Overview : طالب جامعي يسأل عن تبادل الخواطر من خلال علاقة حب عبر الإنترنت.
التوصيات Recommendations
٠ شكراً على استعمالك الموقع متمنياً لك السعادة والنجاح.
٠ سؤالك يتعلق بما أطلقت عليه تعبير تبادل الخواطر ويمكن تعريف ذلك على مشاركة إنسان بأفكاره وعواطفه إنساناً آخر. قد تتوسع هذه المشاركة وتشمل أكثر من إنسان وهذا ما يحدث أحياناً بمشاركة مجموعة من البشر بعضهم البعض بالأفكار والعواطف والأهداف. يمكن أن تتصور ذلك بتشكيل مجموعة صغيرة من البشر لحزب سياسي أو جمعية فكرية يتبادلون من خلالها الأفكار والآراء وفي نهاية المطاف تراهم متمسكين بجمعيتهم وتجمعهم وحدة الرأي والهدف.
٠ ليس هناك إنساناً يشترك مع إنسان آخر بنفس التفكير والعواطف وحتى التوأم منهم. مع مرور الزمن ترى الإنسان يشارك إنساناً آخر بأفكاره تماماً وإن تحدثا تراهما يتكلمان بنفس الأسلوب والمحتوى. الذي يحدث هو أن العاطفة التي تجمع فرداً مع آخر تصبح كالمادة المحفزة لتفاعل كيماوي بين عنصرين. نتيجة هذا التفاعل هو مادة كيمائية تبدو وكأنها جديدة ولكنها ليست كذلك في الحقيقة. بعبارة أخرى هذا التفاعل أشبه بالتفاعل الكيمائي المخادع.
٠ أما العلاقة بين رجل وامرأه فالعامل المحفز لتفاعلهما هو عاطفة الحب التي تجذب الشخص إلى الآخر، ومن جراء هذا التفاعل يتولد إحساس وكأنهما شخصا واحدا. غير أن التفاعل بين البشر غير التفاعل بين مادتين الذي ينتج مادة جديدة. التفاعل بين رجل وامرأه بتحفيز عاطفة الحب نتيجته رجل وامرأة يتمتعان باستقلالية أفكارهما وتاريخهما وشخصيتهما ولكنهما في تحالف أبدي من أجل الوصول إلى أهداف تم الاتفاق عليها. هذا ما يمكن أن نسميه بالتفاعل الكيمائي الصادق.
٠ خلاصة الكلام أعلاه أن هناك :1. تفاعل صادق بين رجل وامرأة في الواقع أكثر من الإنترنت.
2. وتفاعل مخادع بين رجل وامرأة على الإنترنت أكثر من الواقع.
٠ يتمسك الرجل والمرأة في حالة التفاعل المخادع بمحاولة إثبات نظريتهما وهو اللجوء إلى ظاهرة معروفة هي انحياز الإثبات Confirmation Bias .
٠ هذا الانحياز يتم بصورة غير شعورية لأن الإنسان لا يميل إلى دراسة وجهة النظر المعاكسة التي تناقض نظريته.
٠ ما تحدثت عنه في رسالتك كثير الملاحظة في مراحل الحب المبكرة ويميل إلى التلاشي مع مرور الوقت وبداية مواجهة تحديات الحياة على أرض الواقع. هذه الظاهرة هي جزء من ظاهرة انحياز الإثبات. السبب في ذلك يعود إلى أن الحب عبر عالم الفضاء يولد تفاعلاً بين رجل وامرأة بتحفيز عاطفة في غاية القوة لا تواجه مقاومة من عاطفة أخرى، ومن جراء ذلك تكون نتيجة التفاعل مخادعة.
٠ التفاعل على أرض الواقع بين رجل وامرأة يتم عن طريق الحواس الثلاث: السمع، البصر، والإحساس الجسماني. من جراء ذلك يبدأ الإنسان بوضع تمثيل للشخص المقابل في داخله استناداً إلى تجارب الماضي وتعلقه بالمقربين منه في مراحل متعددة من حياته. بعدها يتخذ القرار بالارتباط استناداً إلى اختياره هو عن طريق ما وهبه الله عز وجل من قشرة مخية في فصه الجبهي يتميز بها عن جميع المخلوقات الحية.
٠ أما عن طريق الفضاء فالتواصل بين البشر غير ذلك: السمع عبر الإنترنت غير السمع على أرض الواقع، والبصر عبر الشاشة الإلكترونية غير البصر على أرض الواقع، ولا وجود لإحساس جسماني. ما يبقى من الاتصال عبر الإنترنت هو تحفيز فقط لعاطفة نسميها الحب لا تواجه مقاومة من عواطف أخرى موجودة على أرض الواقع. قوة هذا التحفيز العاطفي واضحة جداً في رسالة كتبتها بصدق تعكس مستوى عالٍ من أخلاق سامية.
٠ هذه المقاطع من رسالتك تعكس ما تحدثت عنه أعلاه:- وكان إنسانا لا يصلح للزواج أبدا وعانت منه الكثير: انحياز الإثبات في موقع آخر.
- أراها واعية مميزة بها صفات المرأة المثالية التي لا أستطيع وصفها: انحياز إثبات.
- فثقتي بأنها لن تتركني مهما حدث: انحياز إثبات.
- والحب الغير طبيعي الذي يربطنا: لا مقاومة من عاطفة أخرى.
- لكنني راهنت على الحب: لا مقاومة من عاطفة أخرى.
- لا تتكرر الصدف يوميا بهذه الطريقة: الدليل على انحياز الإثبات. بعبارة أخرى مجرد صدفة.
٠ أرجو أن لا تفهم بعضا من كلامي على أنه انتقادا سلبيا للحب عبر الفضاء الإلكتروني، ولكنك تطلبُ تفسيراً من وجهة نظر علمية نفسية وقد طرحت لك وجهة نظري.
٠ وفقك المولى عز وجل.