شخص يحتاجني هل أتوقف عن مساعدته؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أنا فتاة معي دبلوم في برمجة الكمبيوتر بكر أبي وأمي والحفيدة الأولى لكلا العائلتين, أنا بالتحديد من المملكة العربية السعودية (أقول لك هذا ليتسنى لكم السؤال عن طبيعة مجتمعي).
لأنني لو أحببت أن أطلعك على طبيعته فلن يكفيني حبر لها, وبشكل مختصر أن كل ما تعرفه عن طبيعة المجتمعات الخليجية (عندنا بزيادة حبتين).
أود أن أقسم مجتمعي إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ملتزم (وأشدد على ملتزم) ولكن بالعادات والتقاليد أكثر منه بدينه.
القسم الثاني: متحرر فكريا ولا يؤيد ما يقوم به القسم الأول من تمسك عنيف بالعادات وقد يفعلون ما يرونه مناسبا أحيانا حتى لو خالف القسم الأول لكنه أمر نادرا حصوله فهم مقيدون من القسم الأول.
القسم الثالث: الندرة في المجتمع وهم من يضربون بكل ما يؤمن به القسم الأول عرض الحائط ويفعلون ما يرونه مناسبا لهم.
أمي تندرج تحت القسم الأول وأبي يندرج تحت القسم الثاني, تولى تربيتي الكاملة فكريا والدي فزرع في رأسي كل ما كان يجول في رأسه وكان يطبقها معي على أرض الواقع، المهم أنني استمريت على ذلك ولم أبخل على نفسي بتطوير كل ما يدور في عقلي, كنت سعيدة في طفولتي فلقد حظيت بأب وصديق وكل شيء, سارت طفولتي المتحررة من دون شيء يذكر تقريبا, ولم أكن أعلم ما يعاني والداي بسببي وما يفعلانه لأجلي.
كبرت الفتاة (أنا) وكبر والداها, واشتد قرب القيود ليديها, فبعد بلوغي ودخولي عالم الإناث رسميا, نستطيع القول أنني انتقلت من مملكة كان يحكمها أبي إلى مملكة تحكمها أمي، فلك أن تتخيل كم الصراعات والمواجهات التي حدثت بيني وبينها وبين عالمها (ولأكون منصفة) ليس هي فقط بل والدي كان يصطف إلى جانبها أحيانا (خوفا علي), وليقنعني والدي بوجهة نظر أمي يصرح أحيانا كثيرة بأننا لا نستطيع فعل كل ما نفكر فيه حتى لو كان صحيحا, ويرددان دائما كلاهما أننا لا نريد أن تكوني شخصا منبوذا من مجتمعك.
أنا أشفق عليها كلاهما لما عرفت ما عانوه في صغري من انتقادات لهم على طريقة تربيتهم (المخلة) لي, وأراعي ذلك بل وأقدره وأعلم أنهم لا يريدون لي إلا حياة خالية من المشاكل, ولو أنني أعتب على والدي أكثر (لمَ تربيني وتهدر تلك السنوات لتزرع بي شيئا تريد أن أنساه بعد ذلك؟) من الأساس وفر على نفسك وربني كما يربون أبناءهم واجعلني إحدى تلك الخراف في ذلك القطيع الكبير, فستوفر عليك وعلي أيضا الوقت والجهد؟؟!!
إن لم يستطيعوا أن يكملوا الطريق فأنا أشكرهم على ما فعلوه وأحمد ربي أنهم لم يربونني على أنني ماعز بل إنسان وهبني ربي عقلا لأفكر به وليس لأحشوه بكلام وعادات سخيفة ولكن سأكمل الطريق لوحدي,,,, هذا ما يرفضونه جملة وتفصيلا.
أريد أن أوضح شخصية والدي ووالدتي لكم ببعض النقاط الملخصة:
*في طفولتي لا أذكر أنه حدث بيني وبين أمي أي اتصال كلامي أو عاطفي.
*في أغلب وقتي في طفولتي كنت مع والدي في الخارج (أقصد خارج البيت) وفي كل (مشاويره) كان يأخذني حتى المسجد صليت فيه.
*عندما بلغت أخبرت أمي ما حدث لي فركضت مسرعة إلى الهاتف لتخبر والدي بذلك وكأنني حررت القدس؟؟!! (لعلمك سيدي هذا من أهم الأسباب لعدم بوحي بما في قلبي بعد ذلك لأمي).
*أمي تبث كل أحزانها لي بل وتستشيرني في مشاكلها سواء مع والدي أو تلك التي تحدث عادة بين الأقارب.
*أبي كذلك يقول لي كل شيء حتى الصغير منها حتى أنه أخبرني بأنه فكر بأن يتزوج على والدتي وأيضا يقول لي كل ما يحزنه ويعكر مزاجه وهنالك أشياء لا يخبرها أمي ويخبرني بها (طبعا بحكم ما تقوله لي أمي أعرف ما أخبرها وما لم يخبرها).
*حتى موضوع الجنس (المحرم اجتماعيا التحدث فيه) أنا ووالدي نتناقش فيه بشكل كبير ونتطرق لجميع جوانبه (ماعدا العملية نفسها لم نتحدث بها).
*بينما والدتي لو شاهدت قبلة على التلفاز لا تجد على لسانها سوى عبارات القرف؟؟!!.
*أبي يعتقد بضرورة فك الحصار عن شبابنا وشاباتنا فلابد للجنسين أن يلتقيا مع بعضهما بشكل حر مضبوط, فالكبت الذي نعيشه هو سبب ما نسمع به من شذوذ وعزوف عن الزواج هذا رأيه!!.
*والدتي تعارض أبي جملة وتفصيلا بالموضوع السابق!!
*أمي لها بعد نظر في أمور كثيرة وهي سيدة فاضلة متفانية في أداء واجبها وهي تحاول أن تجاري والدي أحيانا في أفكاره وتحاول أن تتقبلها أو على الأقل أن لا ترفضها.
*لوالدي عيوب كثيرة على الرغم من كل ما يحمله من أفكار شخصية أحيانا لا أفضل أن يكون زوجي بنفس تلك الشخصية!!!
سوف أحدثك عن نفسي قبل الدخول بمشكلتي:
تبعا للتحرر الفكري الذي أعيشه مع نفسي فإنني لا أجد حرجا أبدا في أن أتكلم مع أخ لزميلتي أسلم عليه وأسأله عن حاله وأهنئه إذا وجدت مناسبة ثم أطلب زميلتي زميلاتي وإخوانهن عرفوا طبعي وعرفوا أن تصرفي طبيعي جدا أعتاد من أعتاد عليه وأرفض من أرفضه ومن اعتاد عليه أحبني لأجله, فأنا أكره أن أرى أحدهم (عندما أكون ضيفة في بيتهم) أن أفر هاربة وكأنه وحش أو ذئب بشري (كما يصورونهم لي) فأنا ألقي التحية بكل احترام فلا أعتقد أنه سيأكلني!!!!!!
بحكم حبي للقراءة وخصوصا في علم النفس وتعودي على سماع مشاكل الآخرين ومن يكبرني ومن يصغرني, وعقلي الذي منحني إياه ربي والحمد لله فأنا أُعتبر واعية ومن الناس الذين تستطيع أخذ نصيحة منه بعد توفيق ربي
وبحكم قربي للمجتمع الذكوري بسبب طفولتي (صحيح أنني أول حفيدة ولكن هنالك أولاد من نفس العائلة يكبرونني بسنة أو سنتين وكذلك هنالك من جاء من بعدي أقلهم بعد شهرين وأكثرهم بعد سنتين أي عدد من كنت ألعب معهم بل وأعيش معهم 12ذكر لا يوجد بينهم سوى بنتين فقط ولم أكن أراهما كثيرا) وكذلك الآن فأصدقائي هم والدي وخالي وعمي والأخيران من جيلي، فمعرفتي التي لا بأس بها وبطريقة تفكيرهم وما يدور في خواطرهم وما يضايقهم ويزعجهم وما يجعلهم مسرورين, فعندما تأتي مثلا إحدى زميلاتي شاكية من أحد أخوتها فإنني أسدي لها نصيحتي بكيفية التعامل معه وأنه سيتقبل منها ذلك إذا فعلت ما أقول لها ولها حق التجربة,, تأتيني بعد أيام بأن مابينها وبين أخيها قد زال,,أنا هنا أورد مثالا للتوضيح لا أكثر.
مقدمة مشكلتي:
أعز صديقاتي تربطني بكل عائلتها علاقة قويأ حيث إنني أساهم بشكل أو بآخر بتهدئة الأوضاع فيما بينهم (حيث إنهم عائلة زوابعهم لا تهدأ) وأحمد الله كثيرا فحدث أن ابن عم صديقتي سافر إلى بلده بعد تخرجه من الثانوية ليستكمل دراسته هناك, المهم أنه رسب في سنته الأولى وأنا كنت في السنة الثانية أخبرتني صديقتي عنه وكيف أن أهله غاضبون منه ليس لرسوبه فقط وإنما لتصرفاته وأفعاله هناك, حيث إن هنالك من يجلب لهم أخباره أولا بأول وأنه إنما رسب لأفعاله وإثارته للمشاكل (حسب إفادة الناقل الرسمي للأخبار)
ونحن الآن تقريبا على مشارف نهاية الترم الأول من السنة الثانية له هناك, وأنها تريد منه أن ينجح حتى تهدأ عائلته ولأن لها علاقة مع ابن عمها (ما أقصده أنها قريبة منه فهو يبوح لها بكل شيء ولست أقصد حبيبة أو ما شابه) اقترحت عليها أن تتصل عليه وترى حقيقة ما يقال عنه, اتصلت عليه ونحن في الجامعة جلست تتحدث معه ثم أغلقت السماعة فجأة سألتها ماذا هناك قالت أنها لم تتم الحديث لأن (كارتها) انتهى فعرضت عليها هاتفي لتتصل منه, اتصلت أتمت حديثها وعرفت المشكلة وأثناء حديثها معه فاجأتني بطلبها مني,,,
- خذي وكلميه.
- ولمَ أكلمه؟!
- لا لشيء ألقي التحية فقط.
- حسنا.
ألقيت التحية وانتهينا بذلك,, أوضحت لي ما الموضوع وأنه أقسم لها بأنه لم يفعل ما قاله (الناقل الرسمي) وأن سبب رسوبه صعوبة المواد وصعوبة التخصص وليس أكثر من ذلك.
بعد فترة بسيطة ساءت الأحوال في بيت علي وأحوال علي هناك أيضا,,,
وفي يوم طلبت مني صديقتي أن أتحدث معه وأحاول إقناعه بضرورة استمراره هناك وإكمال دراسته لأنها لاحظت أنه بدأ يمل وسيرجع بما أنني أمتلك أسلوبا للإقناع (على حد تعبيرها) طلبت منها أن تجمعني به للتحدث على الإنترنت وأن يكون الوضع طبيعيا (ولقد أخذت عنه معلومات قبل اللقاء) منها كونت فكرةعن الشاب فلم يسبق لي اللقاء به ولا حتى صادف أن تحدثت معه قبل سوى تلك المرة محاولة أن أجد الطريقة المثلى لاقتحام عالمه الخاص (لأنه شخص كتوم جدا وحساس ولا يحب التكلم عن حياته الخاصة مع أحد فما بالك بالغريب عنه؟!)
أول مرة كانت بحضور صديقتي وكذلك الثانية والثالثة وكان خلال تلك الفترة حادثته صديقتي من هاتفي الخاص أثناء تواجدنا بالجامعة وبيني وبينه مجرد SMSعادية سألت صديقتي عن انطباعه عني فقالت أنه ارتاح لي كثيرا أحب طريقتي ومزاحي وكذلك كيفية تناولي للمواضيع (لأنه أثناء لقاءاتنا على الانترنت كنا نتناول ونتناقش بمواضيع كثيرة) وأنه كان لديه فكرة مسبقة بسيطة عني لكنه لم يتوقع أن أكون بهذه الطريقة تنفست الصعداء وأحسست أنني تجاوزت أهم خطوة لي معه وهو ارتياحه لي وبعد ذلك ومن خلالSMS اتفقنا على أننا سندخل لنتجاذب أطراف الحديث, وبدأت أتحدث وأدفع بجرعات قليلة حتى أرى مقدار تجاوبه معي فكان لا بأس به, حتى أرسل لي SMSوطلب فيه أن ألتقيه على الانترنت لأنه متضايق ويريد أن يتحدث إلى شخص فقبلت بذلك, فأخبرني بكل شيء حصل له هناك مع بعض التحفظ (باعتبار أنني لا أعلم ما حدث له)
وأنه متضايق وأشياء كثيرة حتى أنه أخبرني بأشياء لم يخبر صديقتي عنها (عرفت لاحقا أنه لم يخبرها) فأحسست أنه فعلا بدأ يرتاح لي وبالتالي سوف يتقبل مني أي شي (وأنت تعلم أننا نحن الشباب أحيانا نتقبل النصيحة من الأغراب أكثر من تقبلها من القريبين) وطلبت منه أن يستعد للامتحانات وأن الطريق الوحيد لإثبات كذب (ناقل الأخبار) هي نجاحه هذا الترم فيجب أن يشد على نفسه ويقوي إرادته ويفعل كل ما يستطيع, ولأتابع التطورات وصلني من صديقتي أن أهله لاحظوا تغيرا لا بأس به في سلوكياته فأصبح أكثر هدوءا ولاحظوا اهتمامه بدراسته بشكل أكبر من قبل,,,, هذا ما وصلني.
المهم أننا وصلنا إلى آخر الأيام وبقي على الاختبارات أقل من أسبوع في بلده, حتى فاجأني بـSMS أنه سوف يعود للسعودية....!!!
اتصلت بصديقتي وخلال المكالمة سألتها عن علي هل اتصلت به أو اتصل بها؟ قالت أنه على ما يرام هناك هذا ما أخبر به أهله,,,,, لا أحد يعلم أنه سوف يعود!!! فقلت أنها أكيد مزحة أو ما شابه ذلك, كل هذا حدث في المساء, اليوم التالي,لاشيء,,,
اليوم الذي يليه تحدثت معه على هاتفي وسألته عن الحقيقة فأخبرني أنه جاد وأنه حاليا ينهي أوراقه, لم يبقى سوى 4أيام لتهدم كل شيء فأخبرني أنه اتخذ قراره وانتهى الأمر, وهل أخبرت أهلك؟؟ قال سوف أخبرهم اليوم أو غدا.
صعقت بهذا الخبر,, عند حلول المساء أرسل لي طالبا وهو دخولي على الانترنت, تحادثنا وسألته عن دافعه وراء هذا القرار الذي لا يصدقه عقل, فأخبرني بمشكلته, لا أخفيكم أن السبب قد يكون تافها للبعض ولكنه لعلي لا يعتبر تافها أبدا, بل إنني أحمد ربي أنه لم يتهور ويفعل شيئا بنفسه, فلقد قلت سابقا لكم إنه إنسان حساس لأبعد الحدود, احترمت قراره وقدرت ظروفه ولكنني غير موافقة,,,وهذا ما أخبرته إياه.
(رجع وبعد فترة ليست بالقصيرة بدأت تحدثني صديقتي عن أنها عرفت سبب رجوع علي, وما هذا السبب؟؟ وما إلى ذلك من تحقير المشاعر,,,, ابتسمت وسكت فلقد كنت أعرف السبب قبل رجوعه)
المهم أنه بعد رجوعه بيوم اتصل بي وسلم علي وتكلمنا قليلا وطلب مني أن نكون على اتصال, المهم برجوعه إلى السعودية لم تهدأ العواصف التي في بيتهم ولم تهدأ المشاكل على امتداد 3أشهر, وكان على اتصال بي طوال تلك الفترة وما زاد من شدة تعلقه بي هو حرمانه من ابنة عمه (صديقتي) حيث منعوهم من محادثة بعضهم فكانوا يتحدثون بالخفاء مع بعضهم,,, إلى أن التهت هي المسكينة بمشاكلها.
فكان كل مرة يتضايق فيها (ويتشاكل) مع أهله يتحدث إلي ويقول كل ما يؤرقه ودائما يكرر على مسمعي أنني الباقية له التي تسمع مشاكله دون أن تكرر على مسامعه بأنه مخطئ وأنه كذا وكذا,,, وأنني الوحيدة التي تسمع مشكلته للآخر دون مقاطعة أو تحقير,, وأنه يعتبرني فعلا صديقته (بالمعنى الصحيح وليس بالمعنى السائد) وأخته.
في البداية كنت أحاول تهدئته دون أن أعطي رأي في المشكلة, كان همي فقط أن يهدأ بعد فترة أصبحت أوضح له أين المشكلة بالضبط وكيف يجب أن يتعامل معها دون أن أصرح بأنه مخطئ أحيانا, بعد ذلك أصبحت أبين أين الخطأ بالضبط وأن عليه أن يبدأ بالتصحيح ولمن عليه أن يعتذر بسبب خطئه كل ذلك بدون صيغة الأمر التي يكرهها وأعتقد أن الجميع يكرهها, أصبح أكثر هدوءا وأكثر إيجابية, حتى تعامله مع أخوته أصبح أقل عنفا.
أهله لا يعلمون أنني أتحدث إليه, فلا أحد يعلم سوى صديقتي, وهي التي توصل لي أخباره وتغيراته, كذلك تخبرني إذا ما وقع بمشكلة مع أحد أعمامه (فهم لا يتركونه بحاله), أتصل عليه لأعرف منه ما حدث وأحاول تهدئته ومساعدته ألححت عليه أن يجد عملا حتى يبتعد عن المشاكل وينشغل بأمور عمله فلا يجد وقتا لا للمشاكل ولا للتفكير فيها, وبدأ جديا بالبحث وحاولت من ناحيتي أن أوجد له عملا, من خلال محادثتي له كنت أحاول أن أبث فيه روح الأمل والتفاؤل وأنه أخفق في سنة لا بأس لم تتوقف الحياة ولم ينتهِ العمر,
وبالتأكيد تلك السنة قد استفاد منها تجاربا قد لا تسمح له الفرصة بمعايشتها (وهذا الكلام كان معاكسا لكلام أهله الذين لا يكفون عن لومه وترديد أنه فاشل وما إلى ذلك من المحبطات) وأنه لابد عليه أن يحاول جاهدا ليدرس ويكمل تعليمه في أي تخصص بشرط أن يكون مطلوبا في سوق العمل, فقد كنت أبحث له عن إعلانات لتخصصات تدرس هنا لأشجعه على الفكرة ولأرسخها في رأسه,
بعد فترة بدأ هو الذي يحدثني عن تلك الإعلانات وأنه اتصل بذلك المركز وسيحاول التسجيل في ذلك المعهد حتى أنه فكر أن يسافر إلى الأردن ليكمل تعليمه هناك, وهنا قامت الدنيا وعدنا إلى الصفر من جديد, عارض أهله وتدخل أعمامه بالموضوع وبدأوا بتكرار وترديد ما حصل معه تلك السنة وأنه لن ينجح وسوف يعيد الفشل مرة أخرى, وأنا من جهة أحاول دعمه ودفعه للأمام وتهدئته كذلك, وأن عليه أن يصر على رأيه ويحاول أن يقنع والديه بالحسنى ويبتعد عن الصراخ والعصبية لأنهما لا تعملان لمصلحة موضوعه,
وعليه أن لا يلتفت إلى رأي أعمامه فالمهم هو رأي والديه ورضاهما, وعليه أن لا يحبط نفسه أو أن تتراجع ثقته بنفسه لمجرد ترديدهم لكلام وأخبار لا يعرفون مصداقيتها, وأنه هو الوحيد الذي يعلم الحقيقة ولأنه واثق من نفسه ومن عدم خطئه, عليه أن يحاول ويستمر بالمحاولة هذا ما يسمعه مني كلما تحدثنا سويا, كنت أحاول وبكل جهدي أن أجد حلولا وطرقا لتلك المشكلات العارضة التي تدخل في موضوع سفره وكلما أحسست أنه تراجع وهبطت معنوياته أزيد من جرعات الثقة بالنفس والتأييد وما إلى ذلك حتى حصل ما نريده أو ما يريده هو بالأصح وتحقق فلقد كانت فرحتي به أشد من فرحتي بنفسي يوم تخرجي, إن إصراره على الدراسة ومواصلتها هي تكذيب لهم كلهم بنظري لأنهم دائما يقولون إن عليا ليس له بالدراسة, وأنه شخص غير طموح ولكنني أحسست معه غير ذلك كليا فلقد أبدى رغبة في الدراسة ورغبة شديدة.
أريد أن أقول أن هذا الفتى كان محطما (وقد عرفت السبب وهو أسلوب عائلته ونظرتهم له) لعلم سيادتكم هذا الشاب والذي لم يتجاوز 19عاما كان يفكر بالانتحار,,,, سواء كان سيفعلها أو لا,,, مجرد التفكير بهذا الموضوع هو مؤشر خطر
في البداية كان دائم الأسى على نفسه, وأن لا معنى لحياته وإذا سألته مثلا ماذا تتمنى أكثر شيء,,,,, يردد على مسمعي كم أتمنى أن أنام ولا أستيقظ!!
أما الآن فقد أصبح شخصا مختلفا مسحة الحزن لم تختفي فيه ولكن على الأقل أصبح ينطق بكلمات كان يعجز عن قراءتها,,,, عندما أتحدث أحيانا عن موضوع يخصني وأنني أكاد أيأس من إتمام هذا الأمر,,,, أجد شخصا آخر يرد علي يقول كوني متفائلة ليكون لديك أمل ما لم يحدث اليوم سيحدث غدا,,,, كلمات لم يتصور أحد أن تخرج منه.
لأورد لك مثلا:
يقول لي إنه في عمر الـ25 -27سوف يموت فلا يريد الاستمرار أكثر من ذلك أما الآن يقول أنه سيبقى إلى عمره 45-47وآخر محادثة لي معه قال لي (سوف أراكي عندما تكبرين وتكونين بعمر الـ60وأنه سيضحك علي وعلى شكلي وشعري وما إلى ذلك,,, أترى كم ارتفع تقديره لعمره من 25الى 60!!!!!
أخيرا أريد أن أقول لك أن علي لم يرني ولا مرة واحدة حتى.. ولمزيد من التطورات أعلمكم بأنه أصبح من المحافظين على الصلاة وفي المسجد (لم يكن يحافظ عليها قبلا) أيضا كذلك هو الآن في مرحلة لا بأس بها للتوقف عن التدخين
مشكلتي (أعلم أنكم تقولون وأخيراااااا)
لا أحد من أهلي يعرف أنني أتحدث معه مع أنهم يعرفون تفكيري بل ويتوقعون مني حدوث ذلك, ولكنهم لاحظوا وحتى لو لم يلاحظوا ففاتورة هاتفي سوف تبين ذلك لأنني كنت أصرف 200-300ريال تقريبا, ارتفع الآن إلى 700-800
لا أستطيع إخبارهم الآن لأنهم سوف يمنعونني من محادثته, من ناحية والدي أنا أعرف أنه سيتفهم موضوعي ولكنه سيطلب مني أن أقطع علاقتي به إرضاء له ولأمي وليس لأي أمر آخر, وعندما يطلبون ذلك وأوافق عليه فإنني لا أستطيع أن أحادثه من ورائهم, لأنني عندما أعطي كلمة فإنها كالسيف على رقبتي (المؤمنون عند أقوله) ولا أريد أن أضطر أن أقف بوجه أحدهم وأكلمه رغما عنهم لأنني لا أريد أن أزعلهم لأنهم أغلى ما عندي.
أريد أن أخبر والدي وأصارحه بالموضوع وأنا واثقة تمام الثقة بأنه سيقدر لي عملي, ولكن عقله الآن أصبح يفكر بمجتمعه بشكل أكبر وقد يقولها لي (إرضاء لي توقفي) فهل تتوقع أنني لن أقبل؟؟ وأحيانا أقول لماذا أفتح الموضوع فلم يفتح أحدهما الموضوع معي, قد أكون أتخيل أنهم يعرفون فأصارحهم وتقع علي رأسي.
في النهاية أود أن أقول لكم أنني مقتنعة تمام الاقتناع أن ما أفعله ليس خطأ أو حتى حرام, لأنني لم أرد إلا أن أساعد وأقف مع شخص أحتاج لي, هذه الدنيا ما هي إلا مجرد دائرة كبيرة وما يحدث مع غيرك سيحدث معك لا محالة, ويوما ما أنا أو أحد ممن أحبهم قد يحتاجون إلى شخص يقف بجانبهم, فما تزرعه لابد أن تحصده ولا أريد أن أقطع صداقتي به فجأة هكذا وكأنني أؤدي عملا معينا وانتهى لهذا الحد, نحن بشر وما بيننا هي أحاسيس ومشاعر لا نستطيع إنهاؤها بأسلوب إنهاء الآلات, وما أعطيته من عندي كان صادقا خالصا ولم أحس أنني أقوم بأداء واجب بل لأنني فعلا أحسست بمعاناته وأحسست باحتياجه لشخص خارج دائرته يتحدث إليه غير مجبر.
وأنا متأكدة أن الموضوع برمته لا مشكلة فيه المشكلة فقط....... أننا من جنسين مختلفين
أشكركم واعذروني للإطالة الشديدة
أتمنى فقط عدم نشر الأسماء أو ما يدل على الهوية منعا لأي حرج قد يحصل (وآمل أن الجزء الأول وهو الشرح الوافي عن عائلتي وطبيعتها أن يتم حجبه عن النشر (---فضلا لا أمرا-----)
02/04/2004
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك على صفحة الاستشارات بموقعنا مجانين، عزيزتي أنت إنسانة ناضجة بقدر كبير بالنسبة لسنك وقد يرجع ذلك إلى طريقة تربيتك، التي جعلتك تنظرين إلى الأمور وتحللينها بقدر كبير من الفهم.
فهذه التربية قد ساعدتك على رؤية التيارات المختلفة الموجودة في المجتمع والمتوقع أن تكون أكثر ظهوراً في الفترة القادمة. اتركي الزمن والخبرات الحياتية والنضج يحددون لك الخط الذي تسيرين عليه، والخط الأنسب هو الخط الذي يشعر فيه الفرد بأنه يرضي الله أولاً ويعطيه إحساسا براحة داخلية وقدر أقل من الصراعات الداخلية والخارجية، وطوال السير في هذا الطريق نظل نتعلم طرقا للتكيف مع الآخرين والمجتمع ككل.
أختلف معك في ختمك لرسالتك فلا أرى أن الأمر متعلق بكونه شاب وأنت فتاة، فلقد قرأت خطابك من منظور مختلف عن الذي طرحتيه، وأرى أن مشكلتك هي أنك لعبت دوراً ربما أكبر من دور الصديق، فالعلاقة بين الأصدقاء يسودها تبادل الأخذ والعطاء ولاحظت من خلال ما سردته ومن عنوان المشكلة الذي اخترته أنها علاقة قائمة على العطاء من جانبك والأخذ من جانبه هو.
أين إذاً علاقة الصداقة الحقيقية؟ أقر أنك قد ساعدته بقدر كبير وأرى أنك قد لعبت معه دور"المعالج النفسي" المعالج الذي لديه ذكاء واستبصار أو بعد نظر في الأمور، واستخدمتِ معه أساليب كثيرة من التي نستخدمها مثل: التدعيم والمساندة ومساعدة الآخر على الاستبصار وجعله يرى المشكلة بشكل آخر والتفهم التام لمشاعر الآخر وأفكاره وتشجيعه على إحراز التقدم وزيادة دوافعه في الخروج من مشكلاته والعمل على تحسين المزاج الاكتئابي........... وغير ذلك وقد نجحت بالفعل في كل ما ذكرته والدليل أن حالته قد تحسنت عما قبل. فجزاك الله خيرا على مساعدتك له، وآمل أن تظلي تساعدين الآخرين ولكن ليس على حساب طاقتك وأسرتك وصراعاتك الناتجة عن هذه المساعدة.
يبدو أنك تحبين الآخرين فتساعدين والدتك وصديقتك وغيرهم، وربما تعملين في المستقبل في المهن الاجتماعية وأعتقد أنك ستنجحين. يبدو أن جزءً مما كنت تريدين الوصول إليه -من خلال علاقتك بذلك الشاب- هو إحساسك أنت بالنجاح وبقدرتك الفعلية على مساعدة الغير وأتفق معك أن هذا غاية ما يطمح إليه المعالج النفسي وهو إحساسه بأن جلساته لها نتائج إيجابية وأن جهده لم يذهب هباءً وأنه معالج ناجح......
ولكن ما يمكن أن أقوله هو أنك لعبت بكفاءة دور المعالج غير المتدرب أو المتخصص!! سأذكر لك أحد أسرار المهنة لعله يفيدك ويساعده هو أيضاً، ما تعلمناه هو أن نجعل المريض يعتمد على نفسه ويصل إلى اختيارات نابعة من داخله ومناسبة لقدراته وشخصيته أي أننا تعلمنا ألا نتدخل بآرائنا الشخصية وتحيزاتنا ونفرضها على الآخرين!
فإذا كان للشخص الآخر طموح معين متناسب مع إمكانياته الفكرية والأسرية والمادية والشخصية... هنا أتركه يمارس اختياراته وأعطيه فقط إشارة أن طموحه يمكن أن يرتفع وأن قدراته يمكنه أن يعمل على تنميتها ليحقق الطموح الجديد الأعلى في مستواه، وهنا أساعده حين يطلب المساعدة وأعطيه فرصة لينمو وينضج ويحسن الاختيارات.........
وإلا لتحول الأمر إلى الاعتماد الكامل على المعالج وتقلص الاستقلالية بشكل كبير ولأصبح كل شخص زار عيادة نفسية غير قادر على اتخاذ قراراته إلا بعد استشارة معالجه النفسي!! ومن هنا تعلمنا أن نعمل على تنمية الاستقلالية في الآخرين -حتى إن سارت الأمور على غير ما نشتهى- يا سيدتي الآباء والأمهات يقاومون اعتماد أطفالهم عليهم ويتخلصون بصعوبة من التصاق آبائهم بهم، فرغم أنهم يتمنون من داخلهم أن يظل ابنهم يحتاج إليهم طوال العمر، يتركون الحياة تعلم أطفالهم.
إلى متى سيظل "صديقك" معتمداً عليك؟، فكري أنك يمكن أن تنشغلي عنه في دراسة أو عمل أو زواج وإنجاب ومن ثم لا تكوني متفرغة له فكري كيف سيكون حاله في تلك اللحظات التي يبحث فيها عنك ولا يجدك، فكري في أن والداك قد عرفا بالأمر وطلبا منك التوقف عن الاتصال به -ولأنك توفين بالعهد- توقفتِ فعلاً عن استقبال مكالماته، إذا كنت تهتمين بأمر ذلك الشاب وتريدين مصلحته أسدي إليه معروفاً -كما يقولون- وأعطيه حريته وفكي أسره منك واتركي له فرصا ليتخذ قراراته بنفسه، افعلي ذلك بالتدريج حتى يقف على قدميه وتكونين قد حققت نجاحاً أكبر فالمثل الصيني يقول: لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد.
نقطة أخيرة أود الإشارة إليها وهى طول رسالتك واهتمامك بذكر تفاصيل كثيرة، وهذا مؤشر لطبيعة علاقتك بذلك الشاب من حيث أنك تهتمين بتفاصيل حياته اليومية وتقضين في سماعها وقتا طويلا، تعلمي يا صديقتي الاختصار والتحدث عن النقاط الرئيسية بدلاً من الخوض في التفاصيل الكثيرة.
ولعل من المفيد أن تقرئي ما كتب عن الصداقة في الروابط التالية:
صديقتي مزعجة: ماذا أفعل؟
أشك في صديقتي
وتابعينا بالأخبار.