تائب إلى الله ويتبع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أنا شاب في الواحدة والعشرين من العمر أعيش الآن في بلجيكا لوحدي منذ السنتين أدرس وأعتمد على نفسي في تكاليف الدراسة والمعيشة وأنا والحمد لله مواظب علي الصلاة في المساجد في بروكسيل.
مشكلتي تكمن في أنني أعاني من عذاب الضمير بسبب ذنوب اقترفتها منذ كان عمري 14حتى 18سنة وهي أنني كنت أتحرش بإحدى المحرمات علي جنسيا وهي كانت تصغرني بعامين ونصف وهي كانت في بادئ الأمر تمانع بشدة حتى أنني أحيانا كنت أقسو عليها حتى أصل إلى مبتغاي.
ولكن كان تحرشي بها سطحيا ولم أحاول أن أفض بكارتها، لأنني كنت جاهلا في هذه الأمور، تكرر هذا الأمر حوالي 10مرات خلال ال4 سنوات وكانت آخرهم قبل ثلاث سنوات وكانت مجرد لمسات وأما الآن وقد أنعم الله علي فيها بالالتزام فإني أشعر وكأن العالم كله يحتقرني، وأخاف جدا من عذاب الله عز وجل.
وأستغفر الله دائما لي ولها، التي هي الآن متزوجة من رجل قريب لنا ذو خلق جيد وملتزم أيضا ورزقا بمولود وينتظران الآخر ولكن أحب أن أذكر أنها كانت دائما تمانع وأجبرها أنا علي فعل هذا عن طريق التهديد بالفضح أمام الأهل.
وأنا كنت دائما بعد أن أفعل فعلتي أندم وأعاتب نفسي على فعلتي وأعاتبها لأنها تستسلم لي في النهاية ولكن هي كانت صغيرة أيضا والآن والحمد لله رغم البلد الذي أنا فيه أغض بصري وأبتعد عن كل ما حرم الله بفضل من الله حتى أنه هناك فتاة بلجيكية راودتني عن نفسي ولكنني والحمد لله رفضت.
بالله عليكم ساعدوني وقولوا لي كيف أتخلص من هذا العذاب الذي يحرمني من أن أذوق طعم السعادة جزاكم الله كل خير......
وهل من الممكن أن يغفر الله لي
02/04/2004
رد المستشار
الأخ العزيز، أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين، أُحييك على التزامك وقوتك في مقاومة نفسك الأمارة بالسوء، وإصرارك على الاستقامة رغم كل ما حولك، كما أُحيي فيك رغبتك الصادقة في أن يغفر الله سبحانه وتعالى لك، فهكذا يجبُ أن يكونَ المسلم الحق.
أما ما لا أوافقك فيه يا أخي فهو ذلك الشعور المتضخم بالذنب الذي لم يعد هناك ما يستدعيه، فما اقترفته من إثم وأنت غض غرير ليس أصلا إثما عظيما مقارنة بآثام الآخرين وهم كثير، ثم إن ضحية ذلك التحرش قد تخلصت كما يبدو لنا في إفادتك من آثار ذلك التحرش، فليس الضرار النفسي نتيجةً أكيدة للتحرش الجنسي بأنثى وهناك مآلات عديدة ومتنوعة لحالات التحرش الجنسي وخذ مثلا على ذلك من ردنا السابق على استشارات مجانين تحت عنوان:
الضرار الجنسي ليس دائما ضرارا !
هذا من ناحية قريبتك تلك أكرمها الله وبارك لها في زواجها وأبنائها، وأما من ناحية علاقتك أنت بربك فلا أدري ما بالك تتساءل وكأنك لا تعرف كثيرا عن معنى التوبة والمغفرة في الإسلام، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر الله لكم، والذي نفسي بيده لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك تذكر أن "كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما أن الشعورَ بالذنب في العقيدة الإسلامية لا منشأَ لهُ إلا بعصيان الله عزَّ وجلَّ أي أنهُ حادثٌ "أي ليسَ موجودًا من الأصل ولكن بعد الوقوع في الذنب"، وباب التوبة مفتوحٌ مباشرةً أمامَ العبد دونَ الحاجة حتى إلى إفشاء سره أي أن الشعورَ بالذنب حسب العقيدة الإسلامية حادثٌ وعارضٌ أيضًا "لأنهُ ينتهي بمجرد التوبة"، والتوبة كما يقول حجة الإسلام الإمام الغزالي والذي يعتبر من رواد مؤسسي علم النفس الإسلامي (في إحياء علوم الدين) لها أركان ثلاثة: علم وحال وفعل. فالعلم هو معرفة ضرر الذنب المخالف لأمر الله، والحال هو الشعور بالذنب، والفعل هو ترك الذنب والنزوع نحو فعل الخير.
ويقول عز وجل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} صدقَ اللهُ العظيم (الزمر:53)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التائب حبيب الرحمن والتائب من الذنب كمن لا ذنب له" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحقيقة أن الشعور المتضخم بالذنب لديك يقلقني ويشعرني بأنك قد تكونُ مكتئبا، وفي حالة عدم شعورك بالراحة وانتهاء انشغالك بهذا الموضوع بعد قراءة ردنا عليك، فإنني أنصحك بأن تبحث عن أقرب طبيب نفسي عربي مسلم إن أمكن لكي تتلقى علاجا قد يكونُ لازما،
وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بالتطورات الطيبة.
ويتبع>>>>: التائب من الذنب كمن لا ذنب له مشاركة