الزواج الثاني.. وفتور الزوجة الأولى
قرأت مشكلة الأخت (المستفسرة) من سوريا، التي تتذمر من أن زوجها يطلبها يوميًّا، ووجدت أنها مشابهة إلى حد بعيد لمشكلتي مع زوجتي، فقد ازداد اهتمام زوجتي بالأولاد الثلاثة عن الاهتمام بي، وأصبحت شهوتها الجنسية تقل مع كل ولادة، وهي الآن لا تستطيع أن تلبي دعوتي أكثر من مرة واحدة أسبوعيًّا، وهذا أمر صعب جدًّا بالنسبة إليّ، بعد أن كنا سابقاً نستمتع بعلاقتنا يوميًّا، ولا سيما أن طبيعة عملي تضطرني إلى الاختلاط بالنساء أحياناً، وأخشى على نفسي من الفتنة.
زوجتي متفهمة للموضوع، ولا تمانع من زواجي، ولكني متردد في هذا الأمر منذ أكثر من سنتين، فأخشى إن تزوجت أن تنقلب عليَّ زوجتي وتتحرك الغيرة، وأقع في مشاكل لن يكون ضحيتها إلا أولادنا الثلاثة، كما أنني إن لم أتزوج أخشى على نفسي من الفتنة، وأخشى أن أكون آثماً؛ لأنني أضع نفسي في صراع دائم مع الفتنة، ولا يحتاج الوقوع في الفتنة هذه الأيام إلا لحظات قليلة من الضعف، أعاذنا الله، وأخشى أن أكون آثماً إن لم أُحَصِّن نفسي بزواج آخر، علماً بأن علاقتي مع زوجتي وأولادي ممتازة جدًّا ومثال للأسرة المسلمة، فهل بإمكانكم أن تعينوني على اتخاذ قرار أو على إيجاد حل للموضوع؟
8/3/2000
* تم نشر هذه الاستشارة سابقاً على صفحة مشاكل وحلول
رد المستشار
أخي العزيز، بالرغم من أنني أجبت على سؤال مماثل تماماً لما تسأل عنه، وربما كنت أنت صاحبه، إلا أنني أحببت أن أعالج نفس المسألة من جانب آخر هذه المرة، فشكراً لك على كل حال.
تمر الرغبة الجنسية عند الرجل والمرأة -كما في آخر الأبحاث والنتائج العلمية- بدورات صعود وهبوط لاحظها أخ في سؤال سابق بشكل تلقائي، حين قال: إن زوجته تشتد شهوتها للجماع بعد انقضاء الدورة الشهرية ثم تخمد تماماً في بقية الشهر، ودون أن أطيل عليك وعلى الآخرين أقول: إن هذا الدورات بعضها صغير -على مدار الشهر- وبعضها أكبر -على مدار العام- وبعضها على مدار العمر كله، وتتعلق هذه الدورات فيما يبدو بالعديد من العوامل أهمها الهرمونات من الناحية البيولوجية، والاهتمامات والأدوار، وبالتالي صورة الذات من الناحية النفسية.
وأجتهد أنا فأقول -إضافة إلى ما تقدم- إن لدينا عوامل اجتماعية تزيد على ذلك، فالمرأة عندنا تنظر إلى شهوتها نظرة يغلب عليها التحفظ في أحسن الأوصاف، والاستقذار في أغلب الأحيان، ومن أبسط الأدلة على هذا أن امرأة واحدة وسط عشرات الآلاف الذين يزورون صفحتنا هذه لم ترسل تشتكي أن زوجها لا يشبع شهوتها، رغم أن هذا قد يحدث بسبب عدم توافق صعود منحنى الشهوة أو هبوطه بين الزوج والزوجة لسبب أو لآخر، فلماذا لا تشتكي النساء؟!
أقول لك: تتربى المرأة عندنا على أنها زوجة وأم، دورها في الحب والجنس سالب "غالبًا"، فهي تظل تنتظر المبادرة من الطرف الآخر، فإن بادرت هي كان عيباً وعاراً، رغم ثبوت الشواهد التي تؤكد أن مجتمع النبوة كان غير ذلك.
وتبقى مشاعر المرأة ومشاكلها وأحاسيسها الجنسية محبوسة في صندوق الأسرار المغلق، لا تتكلم ولا تشتكي لغير الله سبحانه، وتخشى الناس، والله أحق أن تخشاه، فلا تتحدث مع زوجها إلا نادراً فيما تحبه أو تكرهه منه في الممارسة الجنسية، ولا تسعى -بمبادرة منها- فيما يمكن أن يجعل هذه الممارسة أفضل وأجمل وأكثر إشباعاً، ولا تنجو المسألة من هذا الوضع إلا كمثل الومضة التي تبرق ليلة العرس، وشهر العسل كما يسمونه بعدها تعود الأمور إلى الصندوق، وتمسك المرأة عن الكلام المباح، بل المطلوب أحياناً للتفاهم، وتنمية الحب.
والتجارب كثيرة عن محاولات مبادرة من جانب المرأة لكسر هذا الحاجز النفسي، وغالباً ما قوبلت هذه المبادرات بردود أفعال أهونها الدهشة، وأكثرها الاستنكار؛ فتراكم وتدعم لديها ميراث ثقيل مفاده أن المرأة المؤدبة المحترمة ينبغي أن تظل هي المطلوبة وأحياناً الباردة في الإجابة أو التفاعل.
ويزداد ذلك مع صعوبة مهمة التربية التي هي -عمليًّا- ملقاة على عاتق الأم لانشغال الزوج أو قلة خبرته، أو لسرعة غضبه، أو لأسباب أخرى، فتقع المسئولية على الزوجة والأم التي قد تكون منهكة من أعمال المنزل، ومنهكة أكثر إن كانت تعمل خارجه، فهل يبقى في النفس بعد ذلك مساحة حقيقية لاشتعال أو إشعال رغبة؟! منطقيًّا لا، والرجل في مثل سنك يحتاج إلى تجديد المشاعر تجاه نفسه، وتجاه الحياة، ويحتاج إلى التأكيد على فحولته، وأنه ما زال مطلوباً من النساء رغم أنه أصبح أباً، وتغيرت اهتماماته، وحتى شكل جسمه عن هذا الشاب اليافع الذي كان، وعندما تتلاقى هذه الرغبات المتصاعدة عند الرجل في منتصف العمر مع الهواجس المكبوتة والأعباء المتزايدة عند المرأة يكون ما تشتكي منه، وما يشكو منه الكثيرون غيرك بالمناسبة.
ومن المدهش أن زوجتك – بحكم سنها وبحسب التقارير والأبحاث والتجارب هي في قمة نضجها الجنسي رغبة وخبرة وقدرة، لكن العوارض التي ذكرتها لك، وربما تكون لديها أسباب أخرى بيولوجية، من شأنها أن تبقي على المارد محبوساً في قمقمه.
وأنت تريد أن تتزوج خوفاً من الفتنة، وكذلك كنت تخاف من الفتنة حين تزوجت الأولى ووصلنا إلى ما وصلنا إليه، فما هي خطتك مع الثانية حتى لا تلحق بأختها، وتنشغل عنك بالأولاد، وتعود تشكو من الفتنة؟!!
وما هو الحال حين تتصاعد رغبة زوجتك الحالية بتحسن في حالتها الجسمانية أو تغير في حالتها النفسية، ولو غيرة من الجديدة؟! وما هو الحال حين تبلغ الزوجة الثانية قمة نضوجها الجنسي وحينها ستكون أنت في دورة شهوتك أقل من ذي قبل -بحكم السن- رغبة وقدرة؟
أنت تفكر في الفتنة التي أنت فيها اليوم فهل فكرت في الغد وما بعد الغد؟!
وأسألك يا أخي، إذا جاءت زوجتك يوماً، وتقول لك: طلقني لأتزوج رجلاً آخر يمتعني أكثر؛ لأنك لا تكفيني كمًّا أو كيفًّا، هل "ستتفهم" الموضوع كما تتفهم زوجتك الموقف الآن؟ مع العلم أن للمرأة شرعاً طلب الطلاق إذا خشيت الفتنة على نفسها نتيجة لضعف زوجها.
هل حاولت مع زوجتك الحالية رفعاً لبعض المعاناة عن كاهلها، وبحثاً عن تواصل جنسي أكثر مصارحة وانفتاحاً من الطرفين؟!
هل فكرت في خادمة تعينها وتوفر لها وقتاً للاهتمام بنفسها وبك بدلاً من إحضار ضَرَّة لها؟
هل حاولتما علاج ما تراه مشكلة في رغبتها، واهتمامها بك بدءاً من مسألة الحياء المتوارث الكاتم للمارد في القمقم ومروراً بالأوقات والأشكال الجديدة للتواصل العاطفي والجسدي بينكما، وطلب العلاج الدوائي إن كان هناك خلل بيولوجي.. إلخ.
قلت قبل ذلك: إن الزواج الثاني قيد يضاف إلى قيد الأول، وإن التجارب تقول: إن عائده يكون أقل مما يستهلكه من جهد ووقت ومال وذهن وطاقة، وذلك طبعاً عند الرجل الذي يتقي الله في أهله، أما الذي يرى أن النساء لسن سوى نِعاج لإنجاب الذرية، وأوعية لاستقبال إفرازات الشهوة فلا الزواج الأول ولا الثاني ولا غيرهما سيمثل لديه أي عبء أو تكليف.
وأنا أؤكد أن الاختيار لك، فقط حاولت أن أكشف الجوانب المختلفة للمسألة؛ ليكون الاختيار عن بينة؛ لأن الانتقاء الواعي يقي عواقب السوء أعاذنا الله وإياك منها، فانظر ماذا يُرْضِي الله سبحانه، ولا تظلم به نفسك أو أهلك، وما تستطيع تحمل تبعاته ومسئولياته في الدنيا والآخرة، والله معك.
ويتبع: >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> فتور الزوجة: الماء والتيمم... م
التعليق: لجأ الرجل إلى استعمال دفاعات نفسية غير ناضجة. الفتور فقط من ناحيته دون زوجته، ويحاول العثور على تبرير لرغبته في امرأة أخرى.
إذا كانت الأم مشغولة برعاية الأطفال فأين دوره هو في رعاية الأطفال.
العقدة لا تكمن في فتور زوجته جنسياً وإنما في فتوره هو.