الزواج الثاني.. وفتور الزوجة الأولى
فتور الزوجة : الماء والتيمم
أنا صاحب المشكلة القديمة: الزواج الثاني.. وفتور الزوجة الأولى، أحببت أن أُطلعكم على ما آل إليه أمري، بعد تفكير طويل قررت عدم الإقدام على الزواج الثاني؛ لأني لا أضمن أن تكون الزوجة الأولى أو الثانية على مستوى المسؤولية؛ فيكون الضحية هم الأولاد، وفكرت في الزواج السري، فوجدت أنه أمر قد يحل المشكلة مؤقتا، ولكن إن حدث، وعلمت الزوجة الأولى في المستقبل فقد تعدّني خائنا ووضيعا (أما من تكون له علاقات محرمة؛ فهو صاحب نزوة يتوب عنها، وأحيانا "شاطر وفهلوي"، ولا حول ولا قوة إلا بالله)، ثم تهجرني للضغط علي، ويكون الأولاد هم الضحية.
ومن جهة أخرى فإن مشكلتي الأصلية -وهي فتور الزوجة- لم تُحل، وهي تمكنني من نفسها متى أردت؛ أداء لواجبها الشرعي، فهي –ولله الحمد- متدينة، ولكن بلا تفاعل أبداً؛ فتكون الممارسة عذابا، وليست متعة وسكناً...
ثم لاحظت أن زوجتي يمكن أن تتفاعل معي في العمل الجنسي إذا طالت المدة بين المرتين إلى فترة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين –أي تقريبا عشرة أيام-، فأصبحت أُصبر نفسي حتى تمر هذه المدة، وعندها أجدها في كامل التفاعل، بل أحياناً لا أقربها إلا إذا لمّحت إلي أنها مستعدة، أو لا مانع عندها، وإذا حصل ونفد صبري (وخاصة ونحن في عصر تحيط بنا فيه الفتن من كل صوب)، وأقدمت على الفعل معها دون رغبة منها، يكون لذلك تأثير سلبي عليها، وتطول مدة الانتظار حتى تستعيد قابليتها للعمل بتفاعل.
وحتى لا يحدث ذلك، فقد وجدت أخيراً حلا أريد أخذ رأيكم فيه، وهل يمكن أن يكون حلاً دائما أم لا؟ وهو أنني إذا اشتدت حاجتي ولم أجد فيها الاستعداد، فإني أتصرف كالمراهقين، وأمارس العادة السرية؛ لأسترخي، وأستطيع الصبر إلى أن تستعيد زوجتي نشاطها، أرجو أن تخبروني إن كان ما أقوم به جائزاً، أو أن ترشدوني إلى ما ترونه مناسباً، ولكم مني جزيل الشكر، وخالص الدعاء.
* تم نشر هذه الاستشارة سابقاً على صفحة مشاكل وحلول
3/10/2001
رد المستشار
الأخ الكريم، يسألنا الكثيرون، وقليل منهم يعود ليروي لنا ما حدث معهم، وكيف تفاعلوا مع إجابتنا، وأغلب هذا القليل إنما يعود؛ لأن لديه سؤالا جديدا يطرحه، ويريد أن يضعه على خلفية السؤال القديم، وتفاعله مع إجابتنا عليه في حينه.
سؤالك الأصلي كان من عام ونصف، وأعتقد أنك اخترت الأحكم حين آثرت مصلحة الأولاد ومراقبة سلوك ونشاط زوجتك الجنسي، ومحاولة التكيف معه، وقبل أن أصل إلى سؤالك الرئيسي هذه المرة أتساءل: هل بذلتما جهدا في استطلاع أسباب فتور زوجتك نفسيا وبيولوجيا؟
هل تحدثتما بانفتاح حول هذه المسألة؟ وهل أجريت بعض الفحوصات على نسبة الهرمونات لديها أو استطلعتما على أية عوائق في مناخ المنزل أو النواحي الأخرى لحياتكما؟.
أنت لم تذكر هذا، وأخشى أن تكون –مثل كثيرين- قد اعتبرت إجابتنا السابقة موجهة إليك وحدك -دون زوجتك- وتخصك بوصف حل من طرفك، ونحن على خلاف ذلك نعتقد أن وجود ثغرة ما في أداء أحد الطرفين إنما هو مسئولية مشتركة تخص العلاقة بينهما، وإصلاحها مهمة ينبغي أن يتعاونا عليها، ومن حق زوجتك عليك أن تفي لها بما في نفسك، ليس بلغة الحقوق والواجبات، ولا صيغة الأمر، ولكن بمصارحة المحبين، وتناجي العاشقين؛ فالأصل أن تصلا معا إلى صيغة، وقد تكون هي منتصف الطريق، حين يحصل كل طرف على بعض ما يناسبه، ويمنح الآخر ما يناسبه أيضا للوصول إلى نوع من التراضي أو الرضا الجنسي المتبادل، وليس إشباع طرف على حساب راحة الآخر، أو مستوى نشاطه.
وأنت في رسالتك تلفت النظر -ربما دون أن تدري- إلى حقيقة غائبة عن أغلبنا، وهي أن المرأة تقبل على الجنس بشوق أكثر إذا شعرت بأن زوجها يراعي أحاسيسها، ويتلمس إيقاع ومسار منحنى رغبتها؛ لأن كثيرا من النساء يجرح مشاعرهن أن تجد زوجها يطلب حاجته هو منها، وينتظر أن تكون في وضع التجاوب الدائم، والإقبال المستمر، والجاهزية القصوى تحت كل الظروف.
ولا يكون هذا -إذا كان ممكنا أصلا- إلا مع غانية بأجر تتاقضاه؛ لتكون مسخرة للمضاجعة، ومهيأة للمعاشرة دون سواها، ولا يكون هذا أبدا لزوجة وأم، وربما لديها عملها خارج المنزل، علاوة على أعمال البيت ورعاية الأولاد.
أنا أعتقد أنه بنقاش مفتوح هادئ محب يمكن أن تصلا إلى صيغة أكثر إرضاء لك ولها، وتسوية عادلة تضمن لكما السكينة والسعادة، وبعد أن تبذل في هذا وسعك كله، وتتأكد من الجانب البيولوجي وسلامة الجانب الاجتماعي والنفسي فلا عليك إن اضطررت إلى ممارسة العادة ، وإن كانت تبدو غريبة ؛ فهي مثل من يصلي دون وضوء، والماء أمامه، والقاعدة الفقهية تقول: "إذا وجد الماء بطل التيمم".
أخي العزيز، تمر الرغبة الجنسية عند الرجل والمرأة -كما في آخر الأبحاث والنتائج العلمية- بدورات صعود وهبوط... ودون أن أطيل عليك وعلى الآخرين أقول: إن هذا الدورات بعضها صغير -على مدار الشهر-، وبعضها أكبر -على مدار العام-، وبعضها على مدار العمر كله، وتتعلق هذه الدورات فيما يبدو بالعديد من العوامل أهمها الهرمونات من الناحية البيولوجية، والاهتمامات والأدوار، وبالتالي صورة الذات من الناحية النفسية.
أجتهد أنا فأقول -إضافة إلى ما تقدم- إن لدينا عوامل اجتماعية تزيد على ذلك؛ فالمرأة عندنا تنظر إلى شهوتها نظرة يغلب عليها التحفظ في أحسن الأوصاف، والاستقذار في أغلب الأحيان، ومن أبسط الأدلة على هذا أن امرأة واحدة وسط عشرات الآلاف اللاتي يزرْن صفحتنا هذه لم ترسل تشتكي أن زوجها لا يُشبع شهوتها، رغم أن هذا قد يحدث بسبب عدم توافق صعود منحنى الشهوة أو هبوطه بين الزوج والزوجة لسبب أو لآخر؛ فلماذا لا تشتكي النساء؟!
أقول لك: تتربى المرأة عندنا على أنها زوجة وأم، دورها في الحب والجنس سالب "غالبًا"، فهي تظل تنتظر المبادرة من الطرف الآخر، فإن بادرت هي كان عيباً وعاراً، رغم ثبوت الشواهد التي تؤكد أن مجتمع النبوة كان غير ذلك.
وتبقى مشاعر المرأة ومشاكلها وأحاسيسها الجنسية محبوسة في صندوق الأسرار المغلق، لا تتكلم ولا تشتكي لغير الله سبحانه، وتخشى الناس، والله أحق أن تخشاه، فلا تتحدث مع زوجها إلا نادراً فيما تحبه أو تكرهه منه في الممارسة الجنسية، ولا تسعى -بمبادرة منها- فيما يمكن أن يجعل هذه الممارسة أفضل وأجمل وأكثر إشباعاً، ولا تنجو المسألة من هذا الوضع إلا كمثل الومضة التي تبرق ليلة العرس، وشهر العسل -كما يسمونه- بعدها تعود الأمور إلى الصندوق، وتمسك المرأة عن الكلام المباح، بل المطلوب أحياناً للتفاهم، وتنمية الحب.
والتجارب كثيرة عن محاولات مبادرة من جانب المرأة لكسر هذا الحاجز النفسي، وغالباً ما قوبلت هذه المبادرات بردود أفعال أهونها الدهشة، وأكثرها الاستنكار؛ فتتراكم وتدعم لديها ميراثا ثقيلا؛ مفاده أن المرأة المؤدبة المحترمة ينبغي أن تظل هي المطلوبة، وأحياناً الباردة في الإجابة أو التفاعل.
ويزداد ذلك مع صعوبة مهمة التربية التي هي –عمليا - ملقاة على عاتق الأم لانشغال الزوج أو قلة خبرته، أو لسرعة غضبه، أو لأسباب أخرى؛ فتقع المسؤولية على الزوجة والأم التي قد تكون منهكة من أعمال المنزل، ومنهكة أكثر إن كانت تعمل خارجه؛ فهل يبقى في النفس بعد ذلك مساحة حقيقية لاشتعال أو إشعال رغبة؟! منطقيًّا لا، والرجل في مثل سنك يحتاج إلى تجديد المشاعر تجاه نفسه، وتجاه الحياة، ويحتاج إلى التأكيد على فحولته، وأنه ما زال مطلوباً من النساء رغم أنه أصبح أباً، وتغيرت اهتماماته، وحتى شكل جسمه عن هذا الشاب اليافع الذي كان، وعندما تتلاقى هذه الرغبات المتصاعدة عند الرجل في منتصف العمر مع الهواجس المكبوتة والأعباء المتزايدة عند المرأة يكون ما تشتكي منه، وما يشكو منه الكثيرون غيرك بالمناسبة.
ومن المدهش أن زوجتك -بحكم سنها وبحسب التقارير والأبحاث والتجارب- هي في قمة نضجها الجنسي رغبة وخبرة وقدرة، لكن العوارض التي ذكرتها لك، وربما تكون لديها أسباب أخرى بيولوجية، من شأنها أن تبقي على المارد محبوساً في قمقمه.
وأنت تريد أن تتزوج خوفاً من الفتنة، وكذلك كنت تخاف من الفتنة حين تزوجت الأولى، ووصلنا إلى ما وصلنا إليه؛ فما هي خطتك مع الثانية حتى لا تلحق بأختها، وتنشغل عنك بالأولاد، وتعود تشكو من الفتنة؟!
وما هو الحال حين تتصاعد رغبة زوجتك الحالية بتحسن في حالتها الجسمانية أو تغير في حالتها النفسية، ولو غيرة من الجديدة؟! وما هو الحال حين تبلغ الزوجة الثانية قمة نضوجها الجنسي، وحينها ستكون أنت في دورة شهوتك أقل من ذي قبل -بحكم السن- رغبة وقدرة؟
أنت تفكر في الفتنة التي أنت فيها اليوم؛ فهل فكرت في الغد وما بعد الغد؟!
وأسألك يا أخي، إذا جاءت زوجتك يوماً، وتقول لك: طلقني لأتزوج رجلاً آخر يمتعني أكثر؛ لأنك لا تكفيني كمًّا أو كيفًّا، هل "ستتفهم" الموضوع كما تتفهم زوجتك الموقف الآن؟ مع العلم أن للمرأة شرعاً طلب الطلاق إذا خشيت الفتنة على نفسها نتيجة لضعف زوجها.
هل حاولت مع زوجتك الحالية؛ رفعاً لبعض المعاناة عن كاهلها، وبحثاً عن تواصل جنسي أكثر مصارحة وانفتاحاً من الطرفين؟!
هل فكرت في خادمة تعينها، وتوفر لها وقتاً للاهتمام بنفسها وبك بدلاً من إحضار ضَرَّة لها؟
هل حاولتما علاج ما تراه مشكلة في رغبتها، واهتمامها بك بدءاً من مسألة الحياء المتوارث الكاتم للمارد في القمقم، ومروراً بالأوقات والأشكال الجديدة للتواصل العاطفي والجسدي بينكما، وطلب العلاج الدوائي إن كان هناك خلل بيولوجي.. إلخ.
قلت قبل ذلك: إن الزواج الثاني قيد يضاف إلى قيد الأول، وإن التجارب تقول: إن عائده يكون أقل مما يستهلكه من جهد ووقت ومال وذهن وطاقة، وذلك طبعاً عند الرجل الذي يتقي الله في أهله، أما الذي يرى أن النساء لسْنَ سوى نِعاج لإنجاب الذرية، وأوعية لاستقبال إفرازات الشهوة؛ فلا الزواج الأول، ولا الثاني ولا غيرهما سيمثل لديه أي عبء أو تكليف.
وأنا أؤكد أن الاختيار لك، فقط حاول أن تكشف الجوانب المختلفة للمسألة؛ ليكون الاختيار عن بينة؛ لأن الانتقاء الواعي يقي عواقب السوء، أعاذنا الله وإياك منها، فانظر ماذا يُرْضِي الله سبحانه، ولا تظلم به نفسك أو أهلك، وما تستطيع تحمل تبعاته ومسئولياته في الدنيا والآخرة، والله معك.
مسألة أخيرة جاءت عرضا في ثنايا رسالتك، وما أحببت أن أتركها تمر، وهي إشارتك إلى مفارقة تمرير نزوات الزوج المحرمة، ثم اعتبار زواجه الثاني خيانة؛ فهذه المفارقة تبدو كذلك من زاوية نظر بعض الزوجات، وهي بمعيارهن صحيحة؛ لأن الذي يزني سرا إنما وزره على نفسه، ولكن الأمور في تحليلها الأخيرة لا تكون بهذا المعيار المتحيز أبدا، والزاني خاسر خاسر، وإن رضيت زوجته، أو تغاضت عشيرته، وتابعْنا بأخبارك.
ويتبع:>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> فتور الزوجة –الماء والتيمم- نصيحة وعتاب م1