كيتي بحاجة للنوم؟
كنت محتاجة لسلام داخلي وهدوء, كنت محتاجة لكلمة جميلة وعناق أبوي أو أخوي, محتاجة لآذان صاغية تسمعني, محتاجة لمن يحسسني يإنسانيتي, محتاجة لفيتامين يقوي ما تبقى من حياتي فالقادم من سنين عمري لن تصل ما مضى وللآن لم تهدأ نفسي ولم تسكن روحي فإن كان الحل عندك إذا كان مفتاح لغزي لديك إن كان إكسير الحياة بين طبك سآتيك ولو حبواً, سئمت أنفاسي وآهاتي ومللت كآبتي, انتصف العمر ولم تنصفني الحياة, لو شئت لبقيت أبكي حياتي وأشكو إلى أن تجف الأقلام و... لا أدري,
ليست حالي هذه ضيقا من موقف أسود بل السواد الحالك الذي يغطي الأفق, أخبرني وأنا في عمري لم أحقق شيئاً واحدا يستحق الذكر أبسط ما يمتلكه البشر من علاقات إنسانية فشلت بها فشلا ذريعا لأني إنسانة من الصعب أن تتعايش معي ومع أفكاري وعاداتي وشخصي فهجرني حتى شريك حياتي, يتحاشاني الأهل والأحبة, فشلت في عملي, فشلت في أمومتي الأمومة شيء لا أستحقه, لم أحتفظ ببيتي ولا بطفلي ولا بعملي ولا بأصدقائي, فقط أنا وجدران بيتي وحاسوب أبث همومي لمجهول من مفترض أن أجد لديه عصا سحرية تقلب الموازين وتحولني للأميرة السعيدة في مملكة السعادة؟ أي سخرية يسخر منا القدر؟
الآن أريد هدنة أريد سلاما لا لا أطلب الكثير لا أريد شريكا يحتملني لا لقد زهدت عزيزي في حكاية آدم وحواء ولا أريد طفلا فلست ذات مقومات لأعطي وأربي ولا أريد علاقات مع البشر لم تعد من دائرة اهتمامي, اعتدت غياب العنصر الإنساني في حياتي, اعتدت حياة الوحدة وبل التوحد؟ تسألني ماذا تريدين؟ أريد ساعات نوم قريرة؟ أريد أن أضع رأسي فوق وسادتي وأن يتسلل النوم لعيني؟ لا أريد أحلام سعيدة إنما أريد النوم نعم أكرر عزيزي أو عزيزتي أعجز عن النوم وأمضي الليل أتمشى في ردهات بيتي أكلم أثاثي وأكاد أجزم بأنه يرد علي؟
أبقى لساعات الفجر أمام تلفازي أقلب قنواته هربا من تفكيري بالماضي اللعين الذي لا ينفك يظهر أمامي؟ أبقى حتى تنهار قواي وأنام نوما متقطعا ليس فيه راحة وأضطر للذهاب لعملي وأنا مثقلة من التعب!! جربت كل الطرق التي تودي للنوم من تغيير إضاءة ومكان النوم والهدوء؟؟
ماذا أقول كأن العلة بتلك الأمور العلة بأفكاري السقيمة التي تستعر ليلا, تدخلني في إعصار حاولت دوما الخروج منه ودائما أنا الخاسرة الكبرى, كيف لا وهو إعصار؟ أريد حلا؟ أريد فقط فقط النوم؟ تستمر هذه الحالة منذ شهر وصبرت كثيرا عليها على أن تستقيم الأمور ولكنها كسائر أموري مريضة لدرجة اليأس؟
رد لي راحة بالي وسأظل شاكرة لك؟
أنقذوني رأسي سينفجر؟؟
24/01/2013
رد المستشار
حضرة الأخت كيتي حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
لبرهة ما، أحسست وأنا أقرأ رسالتك أيتها الأخت العزيزة بأني أقرأ بعض صفحات جبران خليل جبران أو مخائيل نعيمة، لربما غادة السمان كانت تستطيع أن تنجب أفكارا جميلة كتلك التي كتبتها.
قد أحذر لماذا أجدت بزراعة هذه الكلمات الجميلة على حديقة رسالتك!. نعم، فإليا أبو ماضي يقول:
اجرح القلب واسقي شعرك منه فدم القلب خمرة الأقلام
نعم لقد فعلت بك الحياة كعادتها مع الطيبين النخبة من أسى ومرارة ومشاكل وقلة حظوظ.، ولربما ما زالت تضعك تحت الإقامة الجبرية في عزلتك وفراغك، في همومك وغمومك، في حبك الضائع والباحث أبدا عن حبيب بقي ضميرا مستترا لم تخلده الأسماء ولا الحروف. تبحثين وقد أجدت التعبير عن فضاء سمح وعالم مرح ودنيا مليئة بالبحبوحة والرخاء...
أتظنين يا كيتي بأنك في الجنة؟ أم أنك تتصورين بأن الدنيا السعيدة خلقت لأمثالك من الطيبين والأخيار؟
دعينا نبحث في تاريخ الإنسانية عن الذين تخلدوا ونحن نفكر بهم بأحسن التخيلات ونضعهم في منصب المحبوبين والقريبين من القلوب: من الناس العاديين: نجد أن قلبنا يتوسع لاستضافة قيس الملوع وروميو كذلك جميل بثينة وهرولته في الصحراء خلف معشوقته...
من الفقراء الكرماء نجد أننا نفتح أبواب عاطفتنا لحاتم الطائي وأمثاله...
من الحكماء اللطفاء نفتح ذراعينا للقمان الحكيم وللبهلول وأبي دلامة...
من الأقوياء تجدنا نحب ونفتخر بعنترة ابن أبي شداد الأسمر الحالك وشقائه في حب عبلة...
من الؤمنين والأنبياء والصالحين تجدنا نتوه في بحار داوود النبي وعيسى الذي لم ينم تحت سقف بيت وعلي ابن ابي طالب الذي كان يأكل خبز الشعير ويرتدي ملابس الفقراء صائما نهاره قائما ليله مسرجا دموعه لبلوغ الوصال.
نعم وكذلك النبي يحيى ابن زكريا الذي كان يلبس الصوف ويربط نفسه بالجدار وقد حفرت الدموع أخاديدَ على خديه.
أما الحسين ابن علي (ع) وقد ذبح مع عائلته وإخوته وأصحابه واُخذت نسائه سبايا في سبيل الله والحق والإنسانية...
أتوقف هنا لكي لا أتمادى في فتح جروح الإنسانية التي أنجبت من أمثالك الكثيرين وكلهم طالما بكوا في هذه الدنيا وكانوا سعداء إلى الأبد.
يا أخت كيتي، نعم لقد حملت الإنسانية من الذين فرحوا الكثيرين ومنهم مادونا، وليوناردو ديكابريو وأوناسيس وحسني مبارك وصدام حسين ومعمر القذافي وقارون... و"الليستا" طويلة جدا لا أريد أن أذكر المزيد.
فمع أي من هؤلاء تجدين نفسك أو تتمنين أن تكونين؟.
أعرف أنك قد تقولين أنك تريدين الوسط ما بين ذين وذين، ولكن:
كيف السلامة والخطوب تنوب ومصائب الدنيا عليك تجوب
يا غافلا والموت ليس بغافل عش ما تشاء فإنك المطلوب
وهناك آخر يقول :
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت ** أن السلامة فيها, ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها ** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنها ** وإن بناها بشر, خاب بانيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة ** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
أموالنا: لذوي الميراث نجمعها ** ودورنا: لخراب الدهر نبنيها
كم من مدائن في الآفاق قد بليت ** أمست خرابا, وأفنى الموت أهليها
*** * ***
لكل نفس وإن كانت على وجل ** من المنية آمال تقويها
المرء يبسطها والدهر يقضيها ** والنفس تنشرها والموت يطويها
إن المكارم أخلاق مطهرة ** الدين أولها, والعقل ثانيها
والعلم ثالثها, والحلم رابعها ** والجود خامسها, والفهم ساديها
والبر سابعها والشكر ثامنها ** والصبر تاسعها, واللين باقيها .
اعذريني يا أخت كيتي عن التوغل في بحر الأدب متأثرا بأدبك الجميل وكم من أحاديث طويلة كنت لأبثك إياها لو كنا في جلسات العلاج النفسي لساعات وساعات. وان أردت أن أعود للطب الذي تعلمناه على مقتعد الجامعات لنصحتك مؤقتا أن تأخذي بعضا من عقاقير الكآبة النفسية ومهدآت الاعصاب. وأعتذر عن ذكري الأسماء لأنه لا يجوز لنا ذلك عبر الأنترنت فأنصحك حتى حينها أن تتصلي بزميل من زملائي في البلد الذي تعيشين فيه أو أن نتواصل اذا كنت في لبنان لكي يكون لنا شرف خدمة كاتبة مرموقة ومعذبة مثلك.
علّ نفسك تطمئن.
متمنيا لك كل الخير مع تحيات مجانين.
* ويضيف د. وائل أبو هندي... الأخت "كيتي" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، أحسب القسمة الأولى كانت صحيحة... هكذا كانت القسمة نصك الأدبي أرسلناه إلى أكثرنا ميلا للأدب اليوم د. قاسم كسروان، وللرجل موقف من الثورات العربية عبر عنه من قبل ونشرنا ذلك في مرحبا ثورات يا د. وائل! أين القيادة المعصومة؟ بل وأعلن لي اقتناعه -ونحن معا في بيروت- بأن ما حدث بمصر وما سيحدث سيجعل المصريين يوما يقولون "ولا يوم ما أيام حسني مبارك"... وقلت له وقتها لا كتب الله على المصريين شيئا من ذلك.... وما زلت أقول وإن كان مصريون كثيرون قالوها بالفعل متعجلين أو قنوطين... كنا نفضل حقيقة ألا نذكر اسم الفرعون الأخير لكننا دائما نسمع كلام المستشارين وننقله لكم كما جاء.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>> كيتي بحاجة للنوم ! والقسمة قاسم ! م