شديد الوسوسة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
يا شيخي الفاضل أكرمك الله فى كل وقت. أما بعد فأنا مصاب بالوسوسة فى العبادات وأريد منك مساعدة بفتواك.
بالاقتصار أنني إذا دخلت بيت الخلاء أطوّل هناك حتى نصف ساعة أو أكثر لأنني أشعر كأن الغائط انتهى أو لم ينتهي فأبقى في بيت الخلاء وأحيانا أتغوط ولا يقطع الغائط حتى أتعب في قضاء الحاجة, فما حكم إذا قطعت الغائط وصليت فى هذا الحال؟ وإذا قطعته أيضا وقمت بالاستنجاء أشعر كأنه يخرج الغائط فماذا أفعل؟
وأحيانا إذا استنجيت أشعر كأن هناك قطرا من الغائط، وأستعمل بالماء كثيرا عند الاستنجاء بالغائط أو البول قدر ثلاث لترات من الماء.
m……………….@yahoo.co.uk
13/1/2013
رد المستشار
أهلا يا "عبد مناف" عافاك الله... أسأل الله أن يهيأ لك من هذه الحال مخرجا في القريب إن شاء الله تعالى، لعل وراء ما تشتكي منه عدة أسباب جوهرية هي:
أولاً: الرغبة في الشعور باكتمال الفعل وهذه إحدى مصائد الموسوسين حيث يبقى الموسوس يطيل الفعل أو يعيد ويكرر رغبة منه في الوصول إلى شعور باكتمال الفعل ويكمن الفخ هنا إذ أن الموسوس لا يشعر باكتمال الفعل فيبقى يكرر، فما يحدث أثناء التغوط هو هذا أنت تود الشعور بأن التخلص من الغائط انتهى وهو شعور لا تصل إليه فتطيل البقاء في بيت الخلاء منتظرا الوصول إلى هذا الشعور دون جدوى..... وربما يتعزز سلوك محاولة إفراغ الغائط كله بفكرة أنك إن لم تفعل فسوف لا تستطيع الحفاظ على وضوئك سواء بسبب خروج الريح أو بعضا من الغائط وهذا غير صحيح..... ونفس السبب غالبا هو الكامن وراء إطالة الاستنجاء والإفراط في صب الماء للغسيل رغبة في الشعور باكتمال التخلص من أي أثر للغائط أو البول... والشعور باكتمال الفعل كما تقدم لا يصل الموسوس إليه.
ثانياً: الرغبة في التخلص من أثر الخارج من السبيلين 100% وصولا للكمالية وهو ما لا لزوم له ولا قبل لآدمي بالوصول إليه إذا أردنا الدقة فأنت مهما فعلت تبقى ولو ذرات من الغائط أو البول.... وفي حال الوسوسة تصبح الأمور أصعب حين تنتظر الشعور باكتمال التخلص منها ذلك الشعور الذي لا وصول له.... فقط نصل إلى الإفراط في استخدام الماء وإطالة الوقت المضيع في الاستنجاء فضلا عن الوقت المضيع في انتظار الشعور بالاكتمال.
وقديما انتبه فقهاؤنا يا "عبد مناف" إلى هذه الحقيقة فكان الحل الذي رأوه هو أن يحدد للموسوس عددا من المرات للغسيل لا يزيد عليها بغض النظر عن إحساسه بالاكتمال من عدمه، كذلك انتبهوا إلى إمكانية شعور الموسوس بأحاسيس جسدية كاذبة مثل الإحساس بخروج نقطة من البول من القبل أو ريحا أو قطرا من الدبر وكان أمر الفقهاء واضحا بضرورة التغافل عن هذه الأحاسيس الجسدية الكاذبة واقرأ ما يلي لعلك تستطيع التخلص من وسوستك هذه:
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, وَغَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه, قَالَ: شَكَا إِلَيْهِ رَجُلٌ, فَقَالَ: إِنِّي أَكُونُ فِي الصَّلاةِ فَيُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّ بِذَكَرِي بَلَلا, قَالَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الشَّيْطَانَ, إِنَّهُ يَمَسُّ ذَكَرَ الإِنْسَانِ فِي صَلاتِهِ لِيُرِيَهُ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَإِذَا تَوَضَّأتَ, فَانْضَحْ فَرْجَكَ بِالْمَاءِ، فَإِنْ وَجَدْتَ, قُلْت: هُوَ مِنَ الْمَاءِ"، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ, فَذَهَبَ.
وفي رواية أخرى عن سعيد بن جبير أنه سأله رجل فقال: إني ألقى من البول شدة إذا كبرت ودخلت في الصلاة وجدته، فقال سعيد "أطعني افعل ما آمرك خمسة عشر يوما، توضأ ثم ادخل في صلاتك فلا تنصرفن"
عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ, قَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ, قُلْتُ: إِنِّي أَتَوَضَّأُ وَأَجِدُ بَلَلا, قَالَ: "إِذَا تَوَضَّأتَ فَانْضَحْ فَرْجَكَ، فَإِنْ جَاءَكَ, فَقُلْ: هُوَ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي نَضَحْتُ، فَإِنَّهُ لا يَتْرُكُكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ وَيَحْرِجَكَ".
عنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ, قَالَ: "إِذَا تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنِّي شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنِّي لا أَعُدُّهُ بِهَذِهِ, أَوْ قَالَ: مِثْلَ هَذِهِ"، وَوَضَعَ رِيقَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ.
وهناك أيضًا تيسيرات أخرى في المذاهب تجيز الصلاة مع وجود شيء من النجاسة، وقد قدرها الحنفية بمساحة مقعر الكف (وهو مبسوط)..... بالاختصار والاقتصار لا يوجد ما يستدعي أيا من طقوسك ومبالغتك.... وأخيرا أنصحك باتباع البرنامج الموجود في هذا الرد: الوسواس القهري برنامج علاجي فقهي سلوكي، وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعنا بأخبارك.