الثقب الأسود: عواقب الطلاق وقلة العقل
لماذا؟
لماذا يجيب الدكتور عبد الله بهذه الطريقة؟ لماذا يطلق النار بكل كلمة يقولها؟ لماذا تتفجر كلماتك وتنشر شظايا وتؤلمني؟ لماذا؟ لماذا؟ لا أعلم؟ إن كانت طريقتك لذكر الحقيقة وتعديل المسار، فبئس الحقيقة وبئس الطريقة.
نعم كان لربما طلباً لتضامن، لكلمات دعم.
لكن في ردك لم تكن كلماتك كلمات، بل صفعات قاسية دامية، بت أستجدي كلمات عطف، كلمات تحيي إنسانيتي لتخرجني من حال اليتم التي أعيشها، بت أبث همومي لحاسوبي لتصل كلماتي المتألمة لرجل مثلك. أنَ لك أن تدري، أنَ لك أن تقرأ الموقف. أنت رجل!!!!!!! كائن آخر، أنت في قمة الهرم وبل قمة السلسلة الاجتماعية، هي فقط سطور من مذكرات لا تحمل سوى الألم والظلم وجدت أناملي تندفع تكتب ما يبتلع جوفي لم أبرر لك لا أدري؟ محاولة جديدة لأبرر لنفسي لربما.
لم يكن زواجاً اعتباطياً لا لم يكن فقط للزواج كمبدأ وقطار لا بد من اللحاق به إنما بدأ كل شيء بارقاً وجيدأ كان خطأً وأنا أحتمل عواقبه لوحدي تلك غلطتي، ولم يكن بيت الزوجية قريب من بيت أهل زوجي سابقاً حتى، إنما طليقي لا يفارق أهله أبداً وهذا زاد من تواجدي هناك وإثارة حفيظة الموجودات، ذنبي أيضاً أني إنسانة منطوية وأعيش بين الفضائل، هل ذنبي بأن في مراحل حياتي لم ألوث نفسي بعلاقات أو صداقات؟ ذنبي إني ابتعدت عن زج نفسي في مجتمعات يتخبط بها الجميع، حتى وصلت لمحطة الزواج وارتباطه وتشعباته حيث لم يكن رصيدي من خبرات ومعلومات سوى صفر ليس إلا، لم يسعفني ما تعلمته بين صفحات الكتب وكل ما أحمله في داخلي والفضل لله هو النقاء وحسن الظن، نعم تترجم هذه الصفات لسذاجة وبراءة في غير موضعها، وجاء التخبط في عالم مقرف لا يرى المرأة إلا وعاء لتفريغ ما يكمن بأنفسهم، لقد ربطت حياتي برجل واحد وليس بكل من يعرف، من قرر بإنهاء الفصل البائس.... أنا.
نعم أنا من خرجت عن القطيع كما تحب أن تسميه، هل ندمت؟ أهو الطوق؟ أهو الإخلاص لميثاق ورابط وكيمياء لما جمعنا؟ لا محاولة لخروج من جحيم العائلة فقط، لم أحن في حين استبدلني وأخرجني من دائرة اهتمامه، لا أظنك تفهم، أنا أيضاً لا أفهم، لما أصر عقلي على الانفصال وفي الوقت نفسه يتجرع قلبي الألم، وتكالبت الدنيا وتحولت لمعسكر نازي، تذوق كل أنواع العذاب وحتى الإرهاب كثر الجلادين وتضاعف الألم وتنكر الأحبة وتنصل الجميع مني، بدت تلك اللكمات رقيقة مقارنة بالقذف والجرح بأقسى الكلمات وحشد التكلات وممارسات الحبس الانفرادي، أينتابني جنون بحبي للرجوع لرجل كطليقي، أو ببساطة أحن لما أعتقده حلاً لبؤسي، نعم بعض اللكمات لربما أقل ألماً من بؤس يشبع المكان.
هل فكرت في استشارة متخصص_ أي متخصص قادر على تفريغ ما يتجذر في نفوس الرجال، تخليصهم من الوهم الذي يعيشون به، هل أحب دور الضحية؟ لا أكيد لا. حاولت صنع ثورتي الخاصة بي، وبدأت برنامج إعمار ما دمره الزمن، نلت شهادة عليا رغم قسوة ظروفي، وعينت في جامعة لكني لم أتذوق النجاح ولم ألق أي تقدير من محيطي، أردت إبهارالجميع، أردت أن أرجع ابنتهم التي أنجبوها، الشقيقة التي يعرفونها، هيهات لكونها تلوث بتهمة الطلاق.
تقول إني أؤمن بما يفرضه علي المجتمع، كل الدنيا تعيب وضعي البائس، نظرات قبيحة مستفزة من الرجال ونظرات الشماتة والتخوف من السيدات. لا أدري كيف أمارس عملي وأعود للبيت وأعامل كشيء من الدرجة الثانية، قسوة مفرطة، زجر تطاول، بات همي تحاشي الجميع لحفظ ما تبقى من كرامتي حتى لا يدوسها الجميع. إدانة المجتمع يا دكتور لا يمكن تغييرها، بل تصبح حقيقة لطالما رفضتها وتحول رفضي لتصديق بها. حقيقة بأني حتى أنا لا أجرؤ على نطقها لقسوتها.........
صفعات الأغبياء ليست صفعات هي طعنات غادرة شلت إحساسي ومزقت قلبي وملأته قهراً حتى أنت يا طبيب العقول يا حكيم النفوس لم تمتلك _اعذرني _ كياسة لترد بطريقة تناسب المأساة الماثلة أمامك، إنما أكلت التهم وأصدرت الحكم بقلة العقل، واللامبالاة، الاستمامة للحصول على سبع المدهش (الزوج)، عدم تأقلمي مع ما لا يناسبني كإنسانة من تحرش، كأني إناء لتفريغ حاجات مقرفة، هم كعائلة موجودة وكصفات معروفة للجميع.
لا... سيدي، هل كنت لأرضى رمي نفسي بين براثن العنكبوت رغم معرفتي بدسائسها.
أخبرتك أنا إنسانة انعزالية أكثر مما تتخيل لم تكن لي علاقات البشر ضمن اهتمامي، أحلم ببيت دافىء وجملة من أطفال تتعالى أصواتهم في بيتي، لم ولن تفهم سيدي فأنت رجل، بعقليتك وهيئتك ودعم المجتمع وتقديسه لك، إن خرجت المرأة عن أحد أطوارها تكون معادلة خاسرة، ومحاولات السباحة عكس التيار مجهدة يا ابن آدم، أنا حواء، حواء رقيقة، مسالمة، لا تتقن فنون الخبث والدسائس، لا تحبذ ولا تعرف الطرق الملتوية، لا تعرف مقابلة الإساءة بإساءة، لا تتقن فنون الحرب، حرب آدم وحواء.
أريد العيش لوحدي مع نفسي، لكن أريد كرامتي، أريد أن لا أخجل من النظر لنفسي في المرآة، أكاد أتخيلك، فعلاً أتخيلك وأنت ترد علي، وأكاد أجزم كيف كانت نظراتك، ملامحك الجادة، ابتسامتك الساخرة، أنت الطبيب. أجزم بأنك لطالما كنت الفتى الذهبي الذكي وأصبحت ذلك الرجل القوي تتربع فوق السحاب، تقرأ سطور امرأة مثلي عافها القدر، وابتلعها اليأس فتجرمني، وتقسو جدا جدا علي، وأن لك أن تدري، أعانك الله على الكلمة الطيبة، الكلمات سحر فلا تبخل بكلمة لمن كالت لهم الدنيا الكثير من الألم.
14/03/2013
رد المستشار
أختي التي استسلمت للحبس في الثقب الأسود: سلام عليك!!!
تأملت كثيرا فيما وصلك، وآخرين، حين صرفتم تعبيري بقلة العقل، وكأنه وصف لك، أو لما حصل، ويحصل منك!!!
أرجو أن تعيدي قراءة ردي السابق – مرة جديدة – آخذة في اعتبارك أنني أدين المجتمع الذي حولك بالتخلف، والقسوة، وقلة العقل، وليس أنت!!!
فما توقعته أنا وتؤكدين أنت بعضه في متابعتك إنما يندرج تحت أوصاف أخرى!!! من البداية كانت الإدانة لمحيطك، وكانت دعوتي لك تتلخص في مسألتين:
- الاعتراف بقدر من المسئولية، لأن ذلك يخفف عنك بعض الشعور بالاضطهاد، والعجز، ويربت على قلبك بوصفك تتعلمين وأنت تتألمين!! وبوصفك إنسانة تنضج وتنمو بالتجارب، مثل كل الأسوياء!!|
- عدم الاستسلام لنظرة ظالمة متخلفة من مجتمع ظالم متخلف!! فأخذت أنت الكلمات، وذهبت بها بعيدا، ولا رغبة عندي في رد أي اتهام منك، بل ما يهمني أكثر... هو التركيز على سطورك الجديدة، وما تحمله من معلومات، ومعاني... تعالي نتأملها:
أولا: كل الدعم لك أولا، وأخرا، والدعم بتنوير المساحات الغائبة أنفع من الدعم والطبطبة التي يستطيعها كل أحد، ولم يقصر المعقبون على الاستشارة الأولى في بذله (جزاهم الله خيرا).
ثانيا: دعينا نتفق على أنك تختارين إما ابتلاع تصورات المجتمع، والنظرات والازدراء...إلخ
وبالتالي تصبح إدانة المجتمع هي سواد الدنيا، ورضاه هو الهدف، والشرط لحياة سعيدة، وإما أنك راغبة في التمرد، ورفض هذا الظلم والتخلف، وأبسط رفض هو أن تحاصري حصارك، وتسقطي الاعتبار له، وربما تختارين اللامبالاة – فعلا – بنظرة مجتمع ظالم غشوم.
ثالثا: أكرر وأوضح أنه ينفعك الاعتراف بقدر من المسئولية عن زواجك الذي انتهى، وفي كل خطوة تقع عليك أجزاء من المسئولية، وأكرر أننا جميعا نخطئ، ومن الخطأ نتعلم، هذا أو نظل نتردى في مهاوي الألم دون جدوى، ولا سلوى!!
رابعا: إذا كان الخطأ واردا، وهو جزء طبيعي من الحياة الطبيعية فلا أهمية تذكر سنحصل عليها في التبرير، فهو يؤلمنا أكثر، ويغرقنا في مستنقع الهموم، ولذلك لن أعلق على كلامك عن قلة خبرتك، وكأن المقابل لقلة الخبرة أن يتلوث الإنسان في علاقات مشبوهة وكأن الناس إما ساذج، أو أشرار!!!
لا الناس هكذا، ولا الحياة، ولا يعيبك أنك أخطأت التقدير مرة، ولا يعيبك الخطأ، وإن اعتبره المجتمع فشلا نهائيا!!!
خامسا: أحسب أن عقلك لم يسعفك بأي مخرج من "المعسكر النازي" الحالي، ولما خابت المساعي – أو هكذا تظنين – كان طبيعيا أن يكون الحنين للسجن الأقل سوءا، طالما لا مفر من الاعتقال!! ويبدو لي أن حنينك لطليقك هو نوع من البحث عن رد الاعتبار، وربما محاولة اللجوء العاطفي إلى أي مرفأ، ولو على طريقة المستجير من الرمضاء، بالنار!! لأنه ببساطة هو كما هو، وكذلك عائلته، وهم لفظوك، ورفضوك – كما أنت- ولا أحسبهم سيتغيرون، ولا أحسبك!!
سادسا: هل يحالفني التوفيق هذه المرة لأشرح لك ببساطة أن الأذى لا يصيبنا من مواقف الآخرين ونظراتهم، ولكن يأتي حين نقبلها، ونمكن لها فينا، ومنا!!! وأنك حين "تفعلين" تحاشيا لنقدهم، مثلما تفعلين رغبة في انبهارهم!! طالما كانوا هم القبلة، والمرجعية، والمرآة التي لا ترين صورتك إلا فيها، وبتوقيع رضاهم... فأنت إذن من يختار عذابك!!
سابعا: إذا افترضنا أننا نعيش في مجتمع يعبد البقر، أو يعبد الذكر، ويحقر الأنثى، لأنها أنثى– والمسألة أعقد من هذا طبعا – إذا كنا في مجتمع يعبد النار، فهل نغير اعتقادنا حتى ننال الرضا؟!! إذا كان مجتمعك يدين اعتبار المرأة إنسانا من حقه الطبيعي أن يصيب ويخطئ، وإذا كان يغفر للرجل، ولا يغفر للمرأة، فما هو الموقف السليم من عبادة البقر؟! يمكنك اختيار الشقاء المقيم، ورفض الرفض, والبكاء والنحيب واحتقار ذاتك المرهفة لأنهم يعبدون البقر، ويمكنك ببساطة أن تهتفي: يا قومي "لكم دينكم، ولي دين"!!! إنه موقف شعوري عقلي، وروحي، وإيماني.. عميق!!!
ثامنا: سجني خلوة، وقتلي شهادة، ونفيي سياحة كما قال أحد الأئمة.. وهذا موقفه، وكان يمكن أن يعتبر سجنه إهانة لكرامته، وأنت تعتبرين نظرات المحيط "القاسي" "المتخلف"، وتصرفات "عباد البقر" هي المحدد لشعورك بكرامتك، أو المعيار لإهدار الكرامة!! أي أن كرامتك صارت في قبضة غيرك!!! هل هذا هو اختيارك؟!! هل نستمد احترامنا وتقديرنا لأنفسنا من ذواتنا المرتبطة بالله أم من غيرنا حتى وإن ظلمنا هو، وقسى، وتجبر؟!
تاسعا: لا سباحة ضد التيار مطلوبة إذن، ولا رفض للرفض، ولكن إسقاط الاعتبار، والتقدير لمجتمع لا يستحق اعتبارا ولا تقديرا!! وستجدين رجالا ونساءا بعضهم أسقط عنهم المجتمع تقديره، وبعضهم يبتلع هذا فيتألم عمره، وبعضهم يبادل المجتمع إسقاطا بإسقاط، والبادي أظلم!!!
عاشرا: أكرر وأؤكد أنك لست وحدك، ولن تكوني وحدك أبدا إذا قررت التحرر والانعتاق، وأن دوائر المقاومة صارت تتسع، والبحث عن الدعم المتبادل بين البشر في عصر الاتصالات صار يتجسد في جهود، ومساحات تضامن لو أنك تبحثين عنها ستجدين ما يعينك!! ولا يخفى عليك أن عون الله قريب ممن يطلبه، وما الله يريد ظلما للعباد، هو سبحانه وتعالى بريء من كل ظلم، بل حرمه على نفسه، وحرمه على خلقه، ولكن أكثر الناس لا يعلمون... والاختيار لك.
أهلا بك دائما.
التعليق: لماذا تسمين نفسك بالمنبوذة؟ هل لنبذ المجتمع؟ أم لنبذك لنفسك؟
قومي معنا, و لا تستسلمي إلي الانزلاق في بئر اليأس السحيق، ولا تسوقي نفسك إلي الموت وأنت على قيد الحياة، فمهما فعلت لإرضاء مجتمع ظالم فلن يرضى إلا بالمزيد من التنكيل واللوم.
قد تكونين الآن غاضبة وحزينة, ولكن لا تظني أنها نهاية الحياة, فستقومين إن شاء الله وستشعرين أن الحياة القادمة المتجددة بنمو نضجك ووعيك وإدراكك مختلفة كثيرا عن حياتك السابقة الهادئة المستقرة المعهودة.
وقد تتعرضين إلى خبطات مؤلمة, ولكن ستتعلمين أكثر وستنضجين أكثر وأكثر، وستصبح الحياة كالمغامرة المثيرة التي تستحق التأمل في كل مرحلة.
قد تدركين في كل مرحلة أنك لم تدركي الكثير بعد، ففي الحقيقة نحن لم نتعلم إلا القليل جدا في البيت والمدرسة والجامعة, ولكن خوض الحياه المركبة هو المعلم الأهم، بشرط أن تتقبلي أن تتعلمي من آلامك، ولا تحصريها في المعاناة فقط.
أقول لك ذلك وقد مررت بالعديد من الخبرات المؤلمة، والآن أبدأ بداية جديدة مختلفة, وأشعر بمعني مختلف للوجود والحياة, فالبضد تتضح الأشياء.
وأنا على استعداد لتوضيح المزيد لك، وحاولي أن لا تبقي وحيدة.