استشارة عن حالتي النفسية ووضعي العام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أنا أنثى في الـ 17 من عمري أجد صعوبة في حياتي اليومية بكوني أمام الناس أنثى وأنا من داخلي ذكر!! حاولت الكثير التغاضي عن هذه الفكرة وحاولت جاهدة أن أتأقلم مع الوضع ولكني تعبت من كوني أجسد شخصية أنثى وأنا لا أستطيع ذلك، فمن صغري وأنا أميل إلى أشياء الأولاد من ألعاب وأزياء وغيرها حتى ولم ألقي لها بال ولكني الآن كبرت ومع وصولي إلى هذا السن "المراهقة" وجدت أن ميولي الجنسية للإناث فقط ولا أعلم لماذا حتى أني أصبحت أتغيب كثيرا عن المدرسة لأني لا أستطيع مخالطتهن بشكلي وأسلوبي فأينما أذهب يقال عني "بوية" أدركت معنى هذه الكلمة جيدا، حتى أهلي متذمرون مني إلى أبعد الحدود فأنا لا أرتدي القصير ولا أضع المكياج ولا أحب الشعر الطويل كنت أحسب الموضوع سيتغير عندما أكبر ولكني كلما كبرت أدرك أني رجل لست امرأة في تفكيري وفي نمط زي في مخيلتي وتفكيري العاطفي والجنسي أيضا فأنا لا أتخيل نفسي يوما متزوجة من رجل ولدي أطفال...
سمعت عن حالات التحويل الجنسي لأسباب نفسية بأنه بعد الخضوع إلى فترة علاج إذا لم يتم علاجي وإذا وجدت تقارير طبية تسمح لي بهذه العملية أنا أريد ذلك حقا فأنا متعبة حقا من هذا الصراع بين نفسيتي وجسدي ويعد مرضي النفسي أحد الأسباب الكافية لإجراء هذه العملية وأنا أريد حقا أن أعلم أنا من!!
ذكر أم أنثى إذا كنت أنثى من خارجي وداخلي وأنها مجرد أوهام فأريد العلاج أما إن كنت أنثى من خارجي وداخلي ذكر فأنا أريد أن أكون كذلك. فأرجو منكم المساعدة والدعم النفسي ولكم جزيل الشكر.
21/3/2013
رد المستشار
الأخت العزيزة الفاضلة؛
أعانك الله على ما ابتلاك وعاونك على تجاوزه وجعلنا سببا في مساعدتك
ما تعانين منه هو ما يسمى في الطب النفسي اضطراب الهوية الجنسية Gender identity disorder وهم أشخاص يشعرون من ناحية نفسية أنهم ينتمون إلى الجنس الآخر انتماء كليا أو جزئيا وهم يرفضون رفضا تاما جسدهم الذي ولدوا به ويسعون إلى تغيير الجسد إلى الجنس الآخر, من رجل إلى امرأة أو العكس وهذا النوع يسمى trans-sexual بمعنى العبور إلى الجنس الآخر ومنهم من يشعر بذلك ولكن لا يريدون أن يغيروا جسدهم إلى الجنس الآخر، وهذه الفئة تسمى gender queer.
والهوية الجنسية في الإنسان تتحدد بعدة عوامل هي :
1- التركيبة الكروموسومية (Chromosomal Sex) : الذكر64 Xy والأنثى 64XX , فإذا حدث خلل في هذه التركيبة ينشأ على إثره خلل في التركيبة الجسدية والهرمونية فالجنين يكون تركيبته أنثوية في الأساس, ولكن وجود الجينات الذكرية يؤدي إلى إفراز هورمونات ذكرية, ويؤدي إلى زيادة حساسية المستقبلات لتلك الهورمونات في المخ وفي بقية الأنسجة.
2- الغدد الصماء التي تفرزه الهرمونات (Gonadal Sex) : الخصيتان والمبايض والغدة فوق الكلوية وهناك دراسات تفترض بأن تعرض مخ الجنين لمستويات معينة من الهورمونات سواء الموجودة في دم الأم أو التي تفرزها غدده الصماء يؤثر في تحديد هويته الجنسية وميوله.
3- شكل الجسد ( Body Sex ) فالذكر له تركيبة جسدية تختلف عن الأنثى وذلك من حيث الجهاز العظمي والجهاز العضلي وتوزيع الدهون والشعر في المناطق المختلفة في الجسم.
4- الأعضاء الجنسية ( Organ Sex ) : فالذكر يتميز بوجود القضيب والخصيتين, والأنثى تعرف فتحة المهبل والتي يحوطها الشفران الصغيران والكبيران, والمهبل يؤدي إلى الرحم.
5- التكوين النفسي ( Psychological Sex ) :وهو ينشأ عن التربية وتدعيم البيئة المحيطة للطفل للهوية الجنسية سواء كانت ذكرية أو أنثوية, فمثلا بعض الأسر التي تفضل الذكور أو ترغب في مولود ذكر قد تنمي الصفات الذكرية في أحد بناتها وقد تلبسها ملابس ذكور وتقص شعرها كما الأولاد وربما تناديها باسم ذكوري, فتنشأ هذه البنت ولديها ميول ذكورية وتتشكل أدوارها الاجتماعية على هذا الأساس.
كما أن التكوين النفسي والجنسي يتأثران بالعلاقة بالأبوين فقد يكره الطفل أحد الأبوين ويتوحد بالآخر فتتشكل هويته الجنسية تبعا لذلك.
وفي هذه الحالات يكون المطلب الوحيد هو إجراء جراحة التحول الجنسي على أمل أن يعيشوا الدور الجنسي الذي يرتاحون إليه, وذلك لأنهم يكرهون أجسادهم التي تتنافر مع هويتهم الجنسية النفسية.
وفي الدول العربية والإسلامية غير مسموح على المستوى الطبي وأيضا على المستوى الديني بإجراء عمليات تغيير الجنس نظرا لتعارض ذلك مع القوانين المعمول بها وتعارضه مع النصوص الدينية, ونظرا لما تحمله تلك العمليات من مشكلات هائلة على مستوى الفرد والمجتمع قد لا يقدرها الأشخاص المصابون وفي الدول الغربية التي تسمح قوانينها بإجراء مثل هذه العمليات هناك احتياطات لابد وأن تسبق هذه العملية منها أن الجراح يقوم بفحص الحالة جيدا ليتأكد من التركيبة التشريحية ومن النشاط الهرموني, ثم بعد ذلك يضع الاحتمالات أمام المريض (أو المريضة) فإذا أصر الأخير على إجراء عملية التحول فإن الطبيب الجراح لابد وأن يحوله لطبيب نفساني ليظل تحت التقييم والعلاج معه لمدة عام, وذلك لاستبعاد أن تكون الرغبة في التحول لها علاقة بأي اضطرابات نفسية أو مشكلات في العلاقات الاجتماعية أو تكون مجرد رغبة عابرة ربما تتغير مع الوقت.
فإذا أصر الشخص بعد هذه الفترة على رغبته في التحول فإنه يعطى هورمونات لتغير شكل الجسد إلى الجنس الذي يرغبه, ويطلب منه أن يعيش في المجتمع لمدة عام بالهوية الجنسية التي يرغبها, فإذا نجح في ذلك ورأى أنه متوافق بهذه الهوية الجديدة يبدأ الجراح في ترتيبات إجراء العملية الجراحية بعد أن يشرح للمريض بالتفصيل عوامل النجاح والفشل في تلك العمليات من حيث أنه لا إنجاب بعد التحول لعدم وجود رحم أو خصية.
كما أن العلاج بالهرمونات له مخاطره من حيث زيادة نسبة حدوث الجلطات وزيادة نسبة الدهون في الدم, وزيادة فرص الإصابة بالسرطان كل هذا علاوة على احتمالات الفشل في تبني الدور الجديد في المجتمع, خاصة في المجتمعات التي ترفض هذا الأمر وتستهجنه.
ولا يوجد حاليا علاجات دوائية أو نفسية يصفها الطبيب لحالات اضطراب الهوية الجنسية فتشفى وتكف عن طلب التحول, ولكن العلاج يمكن أن يساعد الشخص في مواجهة مشكلاته النفسية والاجتماعية وأن يحاول التكيف مع ظروفه, ويمارس نشاطات حياتية شبه طبيعية حتى لا يظل أسيرا لكراهية جنسه ولرغبته الملحة في التحول.
بعد هذا السرد الطويل السابق أرى أن أمامك طريقا طويلا من محاولة العلاج والتكيف مع هويتك الأصلية من خلال المراجعة الطب نفسية وفيها سيحاول الطبيب فهم الظروف المحيطة بحالتك وكذلك مساعدتك على تقبل دورك البيولوجي وإذا فشل لا قدر الله سيساعدك على لعب دورك الجديد قبل الدخول في مشكلات التحول وما قد يصاحبها من مشكلات صحية واجتماعية ودينية وخاصة أن هناك العديد من الفتاوي ترى عدم جواز هذا.
أرجو أن تعطي نفسك فرصة لمسار علاجي منتظم وبعدها يفعل الله ما يشاء