ماسوشية أم سادية... وما العلاج
أنا شاب مصري أعمل مهندسا بالمملكة السعودية بفضل الله ناجح في عملي، متزوج منذ 8 سنوات رزقني الله بطفلة عمرها الآن 7 سنوات مصابة بالتوحد وأحبها حبا شديدا لا أستطيع وصفه.
أنا الآن ومنذ 4 شهور أعيش بمفردي حيث اضطررنا إلى أخذ القرار بنزول زوجتي وابنتي إلى مصر لصالح انتظام ابنتي في مراكز جيدة للتوحد بعد عدم جدوى المراكز التي هنا لضعف المستوى الفني بها.
علاقتي بزوجتي علاقة ممتازة من الطرفين وعن العلاقة الحميمية بيننا فهي علاقة راقية طبيعية تخلو تماما من أي مظاهر غير سوية، وهي علاقة ترضيني جنسيا وكذلك ترضي زوجتي، وعلى مستوى المشاعر فزوجتي والحمد لله تجتهد لعمل ما يرضيني وأنا كذلك معها لا أقصر أبدا في حقوقها وحقوق بيتي، هي تحبني حبا شديدا وأشعر دائما بذلك وهي تفصح دائما عن مشاعرها على عكسي أنا، هي تتكلم دوما أني زوج مثالي، تتكلم مع غيرها، مع أهلي، مع أهلها. أنا الحمد لله متدين وأخشى الله في عملي، في بيتي، وأنا حنون معها.
ولأنها زوجتي فهي تشعر أحيانا بما بداخلي من قسوة أداريها وأتحكم فيها وأخفيها ودائما ما تعودت التغلب عليها، يردعني ديني مرة وضميري مرة وتربيتي مرات، هي تقول لي (وهي تحبني كثيرا) إنك حنون جدا علي وعلى كل من حولك، ولكن كل ما يحزنني أنني أشعر منك وقت غضبك مني بقسوة مشاعر لا أستطيع تحملها، وهي صادقة في ذلك لأن نفس تلك المشاعر كانت تشكو منها أمي بنفس الألفاظ والعبارات، كانت أمي تقول أنك ابن بار وحنون جدا علي وعلى أخواتك البنات، ولكنها وقت غضبي تشكو من قسوة مشاعري، رغم أنني لست بغضوب أو عصبي، وأتحكم بنفسي جيدا وقت غضبي.
أما عن نفسي، فأنا حساس وأعتز جدا بشخصيتي لدرجة أن كل من حولي يراعي ذلك، في عملي أو في محيط العائلة أو في محيط علاقتنا الاجتماعية، يدققون في انتقاء الكلمات في كلامهم معي بشكل خاص حتى لو كان على غير عادتهم، وكذلك زوجتي تراعي ذلك جيدا حيث أنني لا أسمح لها حتى في وقت التهريج إلا بانتقاء الكلمات المهذبة، وأنا أراعي ذلك أيضا مع الناس وأحرص على أسلوبي وعلى كلماتي وعباراتي.
رغم أني ماسوشي، لكن ربما جسديا فقط، حيث أني كنت أتعمد أن أؤذي نفسي منذ طفولتي الأولى بالدبابيس وغير ذلك، أحب أن أؤكد على أنه لم يشعر أحد بماسوشيتي، حتى زوجتي لم تشعر به على الإطلاق، وأنا أهتم جدا بعدم معرفتها بذلك لأنها تحترمني جدا وتهابني كذلك. أشعر بتناقض غريب، كيف لي أن أحب تعذيب جسدي، وفي نفس الوقت أهتم جدا باحترام الناس لي، ولا أسمح لأحد أن يتعامل معي إلا بكل تقدير واحترام مبالغ فيه، حتى مديري في العمل يقول لي أنه يفكر قبل أن يتكلم معي.
من المهم أن أقول أن بداخلي تحقير شديد للمرأة، منذ صغري وإلى الآن، كانوا يلقبوني وأنا صغير بعدو المرأة، وما زالت تلك المشاعر بداخلي، يغالبها تديني، ثقافتي، ولكني إدارية وكثير ممن حولي لا يشعرون به، حتى زوجتي من المفيد أن أصف مشاعري وقت ممارستي لماسوشيتي، فألاحظ أني أمارسها وقتما أكون محبطا، أو وقت تقصيري في عمل ما، ولو حاولت وصف مشاعري وتخيلاتي حينها، لقلت أنني أتخيل أني لا أغذب نفسي بل أعذب جسد امرأة، حيث يعجبني مشاهد تعذيب المرأة جدا، وهذا التناقض في المشاعر يشعرني أني سادي.
أود أن أؤكد أن علاقتي مع زوجتي سوية جدا، فأنا حين أكون معها بالخصوصية، أحتضنها بحب شديد وأكون حنون جدا معها ولا تشعر هي بأي قسوة بل دائما ما تغتبط برقتي معها، وأنا كذلك أكون سعيدا معها، ولا يمر بخاطري معها أي خيالات غير طبيعية بالعكس لا أرى سواها وأشتهيها، وهي رقيقة جدا معي وهي بطبيعتها رقيقة وأنا أحب منها وفيها رقتها الشديدة شعوري تجاه المرأة بشكل عام، أحنو عليها، لكن بداخلي تجاه المرأة الغريبة علي كره دفين لا أظهره، لا أشعر بذلك الكره تجاه زوجتي، أخواتي، أمي، أحب المرأة المنكسرة، أكره بشدة المرأة المغرورة العنيفة وأصطدم معها، وبداخلي لكي أكسرها.
طفولتي: أنا ابن وحيد لثلاث أخوات أكبر مني، نشأت مدللا.، أب حنون، خلوق، حكيم، قدوة، كان تربويا من الدرجة الأولى، له وضعه الاجتماعي الكبير، كان مثقفا، ورثت عنه مكتبة عظيمة، وورثت منه حب القراءة منذ صغري، بكاه الكثير عند موته وشعرت وقت موته (منذ عشر سنوات) أن المصاب ليس مصابنا وحدنا، فالكل بكاه، المساجد في الحي الذي نسكن فيه خطب خطبائها كلهم خطبة الجمعة عنه. كان صديقي منذ طفولتي -رحمة الله- لا أنسى أنه تركني وسافر وأنا ابن خمس سنوات ليعود وأنا عندي تسع سنوات أمي كنت ابنها المدلل، كانت عصبية، دقيقة، تراعي البروتوكول بالدرجة الأولى، كانت تدقق على كل شيء وخاصة مع أخواتي البنات وليس معي حيث كنت ابنها المدلل، كانت من ممكن تستعمل الضرب للتربية وخاصة مع أخواتي البنات، على عكس أبي الذي كان ينهاها عنه، أبي لم يضربني قط إلا مرة واحدة فقط طوال عمري.
شيء أخير أذكره عن طفولتي، ربما يفسر علاقتي بالمرأة، لأني كنت الابن الوحيد لثلاث بنات والأصغر، ولطبيعة لعب البنات المختلف عن لعب الأولاد، كنت لا أعرف كيف ألعب معهم، ولطبيعة البنات لهم خصوصية، ونحن في سن صغير طبعا، كانوا يحبون أن يجلسوا سويا، وأنا لا أحب أن أتطفل عليه، فكنت أتألم جدا من ذلك الشعور، وكان يشعر بي أبي فيعوضني عنه لكي لا أشعر أني منبوذ منهن ربما شعور أني منبوذ من المرأة سيطر علي، فكرهت المرأة، ولكن ليس كل المرأة، فأنا والحمد لله أحب أخواتي إلى الآن حبا شديدا يغبطه علينا كل من يعرفنا، حتى على مستوى العائلة صرنا مضرب المثل في حبنا لبعض والحمد لله أخيرا أعتذر عن الإسهاب المتعمد في موضعه.
وأسأل الآن : هل ما عندي ماسوشية؟ أم سادية؟ وهل هذا كان له أثر على ما تعانيه ابنتي من توحد؟ أي هل الماسوشية تورث؟ أو تورث بعض الأمراض الغريبة؟
ملاحظة: حملت زوجتي بعد مريم ولكن لم يرد الله أن يكتمل الحمل ونتابع في هذا الأمر والله يرزقنا وهو خير الرازقين.
وجزاكم الله خيرا على ما تبذلونه من مساعدة لمرضاكم ولكم جزيل الشكر.
06/05/2013
رد المستشار
صراع لم يتم حله منذ الطفولة Unresolved conflict since childhood
هذه الاستشارة يمكن دراستها من عدة أبعاد، ولكن ما يلفت النظر أن مستخدم الموقع كتبها في وقت فراقه المؤقت من زوجته وابنته المتعلق بها. كذلك يشير في نهاية الرسالة إلى شعور بالذنب إلى حد ما حول تأثير تركيبته النفسية على الاضطراب التوحدي لابنته وعدم اكتمال الحمل مؤخراً. كل إنسان يمر بفترة زمنية يكون فيها بمفرده وتسنح له الفرصة للتبصر في ماضيه وحاضره ومستقبله. هذا بالضبط ما فعله الأخ الكريم وهي ظاهرة صحية.
يشير الأخ الكريم إلى عمليتين نفسيتين يكثر من استعمالهما منذ الطفولة وهما:
٠ التحول العدائي ضد الآخرين
٠ التحول العدائي ضد النفس .
هذا الخليط من العمليات الدفاعية النفسية يدفع الفرد إلى الإكثار من السيطرة على نفسه وعلى من حوله في محيطه وهذا ما يشير إليه بوضوح في علاقته مع زوجته وفي محيط العمل والحرص على استعمال الألفاظ في التواصل مع الآخرين.
قلما يطلب الإنسان الممتلك لهذه الصفات الشخصية جواباً على سلوكه إلا عند حدوث انقطاع ما في حياته وهذا ما حدث هنا في الانفصال الوقتي عن زوجته التي تربطه بها علاقة قوية. هذا الانفصال الوقتي ربما كان عاملاً في تأجيج مشاعر الفراق المؤلم عن والده الذي كان أقرب الناس إليه. كانت علاقته بالوالدة تتميز بتعلق غير آمن وضياعه بين أخواته الثلاث ويفسر ذلك نظرته إلى النساء التي يصارعها لتعلقه الآمن بزوجته.
يتميز الأفراد الذين يمتلكون هذه الصفات الدفاعية بتذبذب تعريف أنفسهم من خطر معتدي خارجي متمثل في ألم أو تعريف أنفسهم بمعتدي داخلي هو الضمير Conscience أو نسميه في الطب النفسي الأنا العليا SuperEgo مستخدم الموقع على مرتبة عالية من الخلق والتربية والالتزام الديني، ومن جراء هذا التذبذب والإسراف في السيطرة على مشاعره النفسية يحدث اضطراب مؤقت يفقد السيطرة عندها على نفسه ويتصف بالتحول نحو الآخرين عند غضبه أو إلحاق الأذى بنفسه.
هذا السلوك لا علاقة له بالسادية أو المازوشية لا من بعيد أو قريب.
التوصيات Recommendations
٠ شكراً على استعمالك الموقع.
٠ ليس هناك في الرسالة ما يشير الى أصابتك باضطراب عقلي وتخلو الرسالة من ذكر أي أعراض ذهانية، أو وجدانية. كل ما تحتويه الرسالة الاستفسار عن صفاتك الفردية الشخصية التي احتفظت بها منذ الطفولة.
٠ لست مصاباً بأي اضطراب عقلي ولست مازوشياً أو سادياً. سردت اعلاه تحليلاً لشخصيتك، وما عليك الا ان تتأمل فيه وتكثر من الكلام في شتى المور مع زوجتك.
٠ هناك عقدة نفسية حملتها منذ الطفولة حان الوقت لوضعها جانباً. لا علاقة بين شخصيتك والاضطراب التوحدي لابنتك. رغم ذلك فان القلق على طفلتك ومستقبلها ربما لم يساعدك على تجاوز محنتك وخاصة وقد دخلت العقد الخامس من العمر.
٠ لا تطيل الفراق عن زوجتك ولا تراجع طبيباً أو معالجاً نفسياً فانت شخص طبيعي بدون ادنى شك.
وفقك الله.