السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
جزاكم الله خيرا على جهودكم، أود بالبداية تقديم الشكر والعرفان لكم على مساعدتي لتجاوز أمور نفسية كثيرة والبدء بالنظر إلى الحياة بشكل أفضل بكثير الحمد لله الآن أنا راضية أكثر عن حياتي.
لدي مشكلة لم أستطيع حلها وهي اللعب والتفرغ لأولادي، كنت قد كتبت مشكلتي هذه مع مشكلات كثيرة ولكني سأخصص هذه الرسالة لهذه المشكلة بالتحديد في الواقع أنا لا ألعب مع أطفالي ولا أخصص لهم وقت أبدأ إلا في أوقات أكون مضطرة لها مثل أن أقوم بتدريسهم أو تسريح شعرهم وهكذا من أمور الخدمة!
أنا مع الناس ومع زوجي هادئة جدا جدا أتقن التعامل برفق وروية معهم إلا مع أولادي فلا أستطيع السيطرة على عصبيتي أبدا تجدني أصرخ على كل الأمور التي تزعجني منهم أكره جدا أن أضربهم ولكني أضطر لذلك في بعض المواقف.
أشعر بشعورهم ولدي قدرة عالية لتفهم الغير وقراءة أفكاره... أعلم أنهم بحاجة للحنان وبحاجة إلى أن أخصص لهم وقت ليشعروا أن لهم أم!
أنا في غاية الأسى عليهم وعلى نفسي لأني لا أستطيع أن أكون معهم لا أدري لماذا لا أستطيع أبدا، أجد نفسي مشغولة دائما بأعمال البيت أو بممارسة هواياتي. حتى عندما لا يكون لدي شيء أفعله من ذلك كله أجد نفسي أشغل نفسي بالجهاز الخلوي، أشغل نفسي بكل شيء إلا أطفالي!
هنا نبذة عن طفولتي التي أشك أن لها دورا بما يحصل رغما عني الآن!
كانت أمي مشغولة دائما دائما بالعمل لا أراها إلا وقت الطعام فقط كنت أذهب إليها وأقاطع عملها لأحضنها ثواني قليلة وأذهب!
لم يكن لي أخوات كنت وحيدة دائما كانت تضربني على كل خطأ ضربا قاسيا وأبي أيضا نفس الشيء كان يضرب بشكل جنوني ولم يكن يعطي أي حنان فهو بطبعه قاسي وجامد جدا ونخاف منه كثيرا باختصار ما عشته في طفولتي الآن أكرره بطفولة أولادي فأحرمهم من أمهم وهي موجودة كما حرمت أنا من أمي وهي موجودة! وكأن فاقد الشيء لا يعطيه أفهم مشاعرهم التي هي مشاعري أصلا ولكني أقف عاجزة عن تغيير الواقع أقرر مرات أن أغصب على نفسي وأجلس ألعب معهم، أجد نفسي مضغوطة أفعل الشيء هذا رغما عني ولا أكرره باليوم التالي... وأحزن كيف أن أولادي لم يصدقوا أعينهم عندما رأوا أمهم تشاركهم ألعابهم.
المشكلة أن أولادي يخافون مني أيضا ويتهمونني أني أضربهم كل يوم مع أن هذا غير صحيح وأجدهم لا يخبرونني بمخاوفهم أو مواقف تحصل معهم حتى وإن حاولت الحديث معهم بأسلوب لطيف... أجدهم يبتسمون ابتسامة صفراء ويلتزمون الصمت أجدهم يحبون أي شخص لأنه وفقط قام بالطبطبة على أكتافهم مثلا! وهذا يزعجني ويشعرني بمدى تعطشهم للحنان إذ أنني بصراحة لا أحضنهم أبدا ولا أقبلهم إلا في المناسبات!
أرجو منكم النصح ومساعدتي بتجاوز الموضوع نفسيا ثم تطبيقه بشكل عملي في حياتي قبل فوات الأوان وقبل أن تنتهي مرحلة الطفولة لدى أولادي الذين تبلغ أعمارهم 6 و 7 سنوات،
وجزاكم الله خيرا.
11/06/2013
رد المستشار
السلام عليكم؛
نقول عادة أن التشخيص نصف الحل، وها أنت شخصت مشكلتك بدقة وهي عدم رغبتك أو قدرتك على العناية بأطفالك نفسيا وعاطفيا. انظري لما تسببه مشكلتك لك من معاناة حاليا وما قد تسببه لك في المستقبل دون التفكير في أطفالك، اكتبي أفكارك على ورقة لتري أثار سلوكك الحالي وتقدري قيمتها عليك أنت، خذي وقتا كافيا للإجابة على هذه الجزئية قبل الاستمرار في قراءة رد الاستشارة.
تحديدك لأثار سلوك الحالي عليك مستقبلا سيساعدك في تحديد أهمية تغير سلوكك وزيادة دافعيتك لتغييره، هذا إن وجدت أن إهمالك النفسي لأطفالك قد يترتب عليه أضرارا، السلوك تحكمه نتائجه فهل يترتب على إهمالك لأطفالك أي نتائج سلبية عليك لا ترغبين بها، إن كانت الإجابة نعم يجب عليك أن تعملي بما يتناسب مع مصحلتك ليس الآن فقط بل مستقبلا. إن قررت أن العناية النفسية والإشباع العاطفي لأطفالك سيترتب عليه تقوية علاقتهم بك، وتحسين شعورك بالانجاز والرضى عن نفسك كأم، ويضمن لك قربهم واحترامهم لك مع تقدمهم وتقدمك في العمر هذه القناعة ستولد لديك الطاقة للتغيير.
إن وصلت لنتيجة أنك تريدين فعلا من منطلق مصلحتك الشخصية إشباع حاجات أطفالك ا لنفسية قومي بتقييم مستوى أدائك الحالي، اكتبي على ورقة لمدة أسبوع ما قدمته لأطفالك، وضعي هدفا لزيادة مستوى هذا التفاعل تدريجيا حتى يصل إلى درجة ترضينها، يمكنك أيضا أن تشركي أطفالك بخطتك هذه بسؤالهم عن الأمور التي يرغبون بمشاركتك بها، ويمكنك أن تقدمي لهم قائمة من الأعمال التي تضمن تواصلك العاطفي معهم والأقل إزعاجا لك.
من الأنشطة التي تقرب الأطفال من أهلهم المشاركة باللعب، يمكن لطفلك أن يقوم بتلوين صورة في كتاب تجلبينه أنت له وتكتفين بمساعدته في اختيار الألوان للصورة أو التعليق على دقته في التلوين أو حسن اختياره للألوان أو حتى مجرد الجلوس بجانبه أثناء قيامه بالتلوين. قراءة قصة مكتوبة أو روايتها لهم من ذاكرتك أو حتى الاستماع لقراءتهم لقصة تعتبر فرص جيدة للتعبير عن الاهتمام، السماح لهم بمشاركتك في بعض أعمال الطبيخ الجذابة للأطفال من عمرهم من تقليب أو تقطيع للعجين أو مجرد الجلوس بجانبك والحديث معك ستعطيهم الشعور بالقرب منك، من الأمثلة السابقة أريد أن أقول لك أن صور التعبير عن الاهتمام والعاطفة لأطفالك عديدة ومتنوعة ومعظمها سهل للغاية فقط يتطلب منك الاقتناع بقيمة السلوك.
إن قررت أن إهمال أطفالك مردوده سيء عليك تكون الخطوة التالية تحديد النشاطات التي يمكن أن تشبعهم عاطفيا ويمكنك في نفس الوقت الاستمتاع بها، ولاحظي استخدمت كلمة الاستمتاع لا التحمل فاختيارك لنشاط تحبينه سيزيد من رغبتك في مشاركتهم له.
قد يكون إهمالك لأطفالك عاطفيا ليس فقط نتيجة لتأثرك بنموذج والدتك بل نتيجة سوء توزيعك لوقتك بحيث تستنزف جوانب حياتك الأخرى طاقتك النفسية والجسدية فاحرصي على إعادة تنظيم وقتك بما يسمح لأطفالك ببعض من هذا الوقت والطاقة.
عزيزتي أطفالك سيكبرون بحبك ودون حبك، بالطبع سيكبرون إن شعروا بحبك بصحة نفسية أفضل وفرص نجاح وسعادة أعلى في الحياة، ولكنهم سيكبرون بكل الأحوال، فقط أنت من يجب عليها أن تعيش مع عذاب الضمير لإهمالك جانب هام من دورك كأم، بالإضافة لانزعاجك من تقليدك لنموذج لا تشعرين نحوه بالتقدير وهي والدتك.
إذن أنتظر منك قائمة بالأعمال التي اتفقت وأطفالك على التشارك بها وكمية الوقت بالطبع بعد أن تقتنعي داخليا بأهمية هذا الجانب من التربية والذي يفوق أمور الرعاية الجسدية أهمية، تذكري أن تقديم الحب يترتب عليه الحصول على المزيد منه،وحرمان أطفالك من هذا الحب والاهتمام يترتب عليه أيضا حرمانك من مصادر حب وتقدير ثرية.