الوساوس القهرية والخوف من النهاية
أنا أعاني من مشكلة منذ سنوات عدة أتعبتني كثيراً ونغصت علي حياتي وسعادتي وهي الوسواس القهري، إن هذه الوساوس تأتيني كل يوم وباستمرار وبسببها أشعر بالنكد والاكتئاب فهي تأتي من دون قصدي وليس بإرادتي ورغما عني.
أكاد أصاب بالجنون من ورائها فأنا أضرب نفسي ورأسي كثيراً حتى أني أصاب بألم في رأسي. أنا لا أستطيع التركيز في عبادتي والأهم في الصلاة فصرت أبتعد عن الصلاة مخافة الوساوس التي توترني وتخيفني فتلك الوساوس فيها إساءة إلى الله سبحانه وتعالى وإلى الأنبياء وغيرهم وأخاف أنني قد أكون أشركت بالله وأنني مطرودة من الملة لأنها تحفزني على الكفر والشرك مع أنني دائما أسعى بالتوبة إلى الله تعالى وأسارع بها وأتشهد كثيراً ولكنها تعود مجدداً، فأرجو منكم مساعدتي وإخباري بالعلاج المناسب لحالتي هذه وأن تنصحوني في مشكلتي هذه وأن تخبروني بكيفية التوبة النصوح والتقرب إلى الله تعالى والابتعاد عن هذه الوساوس.
منذ فترة أصبحت أخاف من النهاية أو بمعنى آخر أخاف من نهاية العالم ويوم القيامة وأنا أعلم أنه يجب الخوف من هذا اليوم ولكني أخاف أحياناً لدرجة أنني لا أستطيع فعل شيء، ولقد قرأت عن علامات الساعة ولقد رأيت أن علامات الساعة الصغرى معظمها قد حدث وأنه بقي منها القليل ليحدث فأخاف وأفزع وأتوتر وأحس بأن القيامة سوف تحدث قريباً جداً.
إنني كلما سمعت أننا في آخر الزمان وكلما سمعت عن الأحداث السيئة التي تحدث في العالم من فيضانات وزلازل وحروب وخصوصاً في العالم العربي أخاف كثيراً وأصير أفكر في أن الحرب العالمية الثالثة على وشك الحدوث.
أصبحت أفكر كثيراً في المستقبل مع العلم أنني قرأت أنه يجب عدم التفكير في المستقبل ولكن لا أستطيع منع نفسي فأتخيل مستقبلاً سيئاً وأخاف أكثر، فأنا أيضاً أعاني من مشاكل كثيرة أريد أن أتخلص منها وأهمها أنه أصبح يأتيني وسواس الرياء وأحاول على قدر المستطاع إبعاده لكنه ما يلبث أن يعود.
إنني بسبب هذه الوساوس والمخاوف أخاف ألقى الله وأنا لم أعمل ولم أفعل شيئا فأنا أصلي ولكنني أقطع في صلواتي بسبب الوساوس الذي يأتيني فأخاف من الصلاة،
فأرجوكم ساعدوني في التخلص من هذه الوساوس ومن الخوف من النهاية اللذان يجعلاني لا أستطيع فعل شيء، فأنا أريد أن أكون من أشد العابدين لله والمخلصين والمتقين له،
وأريده أن يكون راضيا عني فأرشدوني أرجوكم لذلك.
20/06/2013
رد المستشار
الابنة الفاضلة "relena" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على الثقة، تقولين في إفادتك (هذه الوساوس تأتيني كل يوم وباستمرار وبسببها أشعر بالنكد والاكتئاب فهي تأتي من دون قصدي وليس بإرادتي ورغما عني)
الحقيقة أن الوساوس بغض النظر عن محتواها تكاد تأتي لكل بني آدم فيهملها وينساها، ولا شيء يجعلها تأتي كل يوم وباستمرار لبعض الناس مثلما حالك يا ابنتي إلا أن يتبعها أو يحاربها فهي في الحالتين تزيد وتتغلب عليه!
معنى هذا هو أن الفرق بين الإنسان العادي الذي تأتيه الوساوس عابرة والإنسان الذي تأتيه كل يوم وباستمرار إنما يكمن في طريقة استجابة كل منهما للوساوس وليس هو محتوى الوساوس فالمحتوى متشابه إلى حد بعيد، لكن قدرة الشخص على تتفيهها وعدم الانزعاج من ورودها على الخاطر هي التي تحدد مسارها مع ذلك الشخص وتلك القدرة يا "relena" حاضرة في الإنسان الطبيعي، لكنها تحتاج إلى من يحفزها في مريض الوسواس القهري.
ترى فكرت لماذا تشعرين بالنكد والاكتئاب من تلك الوساوس؟ ليست الإجابة إلا لأنك ترفضين حدوثها بشدة ويزعجك جدا وجودها في وعيك وهو ما يعني أنك غير منتبهة إلى انتفاء مسؤوليتك عنها فهي كما تقولين (تأتي من دون قصدي وليس بإرادتي ورغما عني) أي أنك مكرهة على ورودها في وعيك وهذا يا ابنتي يعني عدم مسؤوليتك أي لا يوجد ذنب وبالتالي لا داعي للتوبة!
لا تلزمك التوبة من الوساوس التي تأتيك أثناء الصلاة مهما كان محتواها جنسيا أو كفريا أو حتى بلا معنى فكلها وساوس تحدث رغما عنك ولا توبة مما أنت مكرهة عليه لا تختارينه ولا تملكين له دفعا.... وفوق ذلك فإن المبالغة في أفعال تتعلق بالتوبة قد يتسبب في استمرار الوسوسة.
تقولين: (أضرب نفسي ورأسي كثيراً حتى أني أصاب بألم في رأسي) وضرب النفس والرأس كثيرا ما يكون رد فعل قهري يفعله الموسوس كنوع من الأفعال المعادلة Neutralizig Actions التي تعطيه بعض الراحة وكأنه عاقب نفسه على الوساوس... والاستمرار في هكذا أفعال هو واحد من الأسباب التي تجعل الوساوس تستمر ولا تنقطع.
تقولين أيضًا: (صرت أبتعد عن الصلاة مخافة الوساوس التي توترني وتخيفني) وليس هناك أي داعي بناء على ما تقدم لأن تخافي أو تتوتري... وكذلك لا داعي لمحاولة التخلص من الوسوس ولا مقاومتها ولا تحاشيها بتحاشي ما يزيد حدتها من الأفعال والأقوال بما في ذلك العبادات!
يعني إذا كانت الصلاة تزيد حدتها فإن عليك المواظبة على الصلاة وعلى أي من العبادات التي تزيد الوساوس وليس التقليل منها.... لأن الابتعاد عن الصلاة هنا (أو عن أي شيء يزيد الوساوس) هو أيضًا واحد من الأسباب التي تجعل الوساوس تستمر ولا تنقطع.
إذن فالعلاج المناسب لحالتك هذه هو أن تهملي تلك الوساوس كلية وأن تستمري في عباداتك بغض النظر عن حدوثها من عدمه وأن تصري على ذلك مهما زادت حدتها فأنت لا مؤاخذة على ذلك بل مثابة إن شاء الله تعالى، وتجدين على الموقع كنوزا من أقوال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم وأقوال الفقهاء في مثل حالتك فاقرئي:
مغربية2 تسأل عن وساوس الوضوء والصلاة
موسوسة قحة وسواس الوضوء والصلاة والحسد
الصور الجنسية وسواس أثناء الصلاة
وساوس جنسية وكفرية حتى في الصلاة
آنسة وسواس بين الصلاة والحمام
وأما مسألة وسواس الرياء فتجدين عنه كثيرا أيضًا على مجانين اقرئي منه:
مريم من الجزائر: وسواس الرياء
ودارت ماكينة الوسوسة! رياء شرك وسوسة
الرياء والوسواس القهري
وتبقى لنا حكاية الخوف من يوم القيامة ومن ظهور علاماتها وحكاية التفكير في المستقبل فليس كلاهما مذموما كلية بل على العكس إن قليلا من ذا وذاك يجعل الإنسان أحرص على تقويم نفسه واختيار الصالح من الأعمال لكن الإفراط في أي منهما هو سلوك مرضي يستدعي إصلاح طريقة التفكير والتدرب على استراتيجيات معرفية وسلوكية تجنب الإنسان الوقوع في براثن القلق الذي لا يفيد.... وآفة الموسوس (أو كثير من الموسوسين) يا ابنتي هي الانقياد وراء ما لا يفيد من الأفكار مدفوعا في أحيان كثيرة بالخوف والتوجس مع الرغبة في التعمق والوصول إلى بواطن الأمور وأحيانا مدفوعا بإعجابه بطريقة تفكيره التحليلية بشكل مفرط بما يوقعه في فخ المخاوف المبنية على تصورات وتخيلات لا علاقة لها بما يعيشه الإنسان وهو المحدود في الزمان والمكان!
إذن اعلمي أن شعورنا بالخوف من يوم القيامة وتوجسنا من اقترابه لأننا رأينا ما فسرناه على أنه من علامات القيامة الصغرى (وهذا بالمناسبة قد لا يكون صحيحا)، هذا الشعور في درجاته العادية مفيد ربما لكن الإغراق في التوقعات والتخيلات المبنية على ذلك ليس أمرا قهريا بل هو غالبا يبدأ برغبتك أنت في التعمق وتستطيعين تدريب نفسك على عدم الانسياق فيه.... ونفس الكلام ينطبق على الخوف من المستقبل....
تخلو إفادتك من أي إشارة إلى طلب العلاج من طبيب نفساني وهو ما يستطيع أن يساعدك كثيرا في اجتياز هذه المرحلة من حاتك شريطة أن تجدي معالجا معرفيا سلوكيا محترفا.... ونصيحتي لك هي متابعة مجانين فهو على الإنترنت قبلة الموسوسات والموسوسين اقرئي قدر استطاعتك ما تأخذك إليه الارتباطات التالية:
نطاق الوسواس OCDSD اضطراب وسواس قهري
علاج الوسواس OCDSD فقهي معرفي إسلامي Religious CT
ونبقى في انتظار متابعتك بالتطورات الطيبة إن شاء الله