الدم والغربة والتوقعات: متاعب نجمة!!!
أنا وذاكرتي ومديري!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
كنت قد أرسلت إليكم مشكلة من قبل وأعجبت بالرد الواعي والمقنع والحمد لله بدأت بالتأقلم مع واقعي مع عدم قبوله والاستمرار في طموحاتي والسعي لتحقيقها، بالإضافة لقراءة كتب في مجال التنمية البشرية ومحاولة الاستفادة منها قدر الإمكان.
بعد رسالتي السابقة، حصلت على عرض عمل ممتاز، ليس ضمن مجال دراستي واختصاصي العلمي إلا أنه مُعين لي من الناحية المادية وسيؤهلني لتحقيق حلمي الأكبر والتقدم لإحدى الجامعات من أجل الدراسات العليا التي أطمح إليها.
أنا حالياً في فترة التجربة والاختبار (100يوم)، لم تقم الشركة بعد بتثبيتي ضمن طاقم العمل لديها وأنا في الحقيقة متخوفة جداً حيال هذا الموضوع حيث أنني أشعر بتوتر كبير في الشركة وأرتكب أخطاء عديدة أغلبها متعلق بمشاكل تركيز ودقة مثلا فترة تسليم طلب الشراء خلال 4 أيام عمل فأقوم بكتابة Three working days (4) فيحصل الخطأ بين الرقمين 3 و 4 ، ولا أدري ماذا يخطر في بالي حتى أكتب الرقم 3 بالحروف والرقم 4 بالأرقام وتتكرر هذه الأخطاء كثيراً،
كذلك في بعض الأحيان يطلب مني مديري التدقيق في بعض البيانات المدرجة في ملفات كومبيوتر فأدقق مرة ومرتان وثلاثة ومع ذلك يكتشف مديري بعض الأخطاء في عملي!!! وقد نبهني أكثر من مرة لمشاكل التركيز التي أعاني منها وأنا أعي هذه المشاكل وأحاول أن أتحرى الدقة في عملي وأقوم بمراجعته قبل تقديمه إلا أنني لسبب ما لا أرى الخطأ ويراه مديري من النظرة الأولى!! وكذلك الأخطاء الإملائية أثناء الطباعة على الكومبيوتر مع أنني أقوم بتدقيق الجمل إلا أنني أمر على الأخطاء دون أن أراها!!
أشعر بالحرج في كثير من الأحيان وأشعر بالخوف لإحساسي الدائم بأن مديري سيتخلى عني في أي لحظة وسأخسر وظيفتي وبالتالي حلمي في الدراسات العليا حياتي في منزلي عادية فأنا أعيش مع والدتي ووالدي وأختي الصغرى، أعاني من القلق من بعض الأمور خاصة موضوع الدراسات العليا ورغبتي الأزلية بالسفر والهجرة وموضوع الزواج، حيث أن كل صديقاتي قد تزوجن وبعضهن أصبح لديهن أطفال إلا أنا ولا أدري ما السبب، بالإضافة لقلقي الدائم على أقاربي في سورية والبلد بأكملها إلا أنني أحاول جاهدة التركيز في عملي وأشعر أنني أصل لأقصى درجة من التركيز إلا أنها تبدو غير كافية.
أعترف بأني أعيش حالات شرود كثيرة وغالباً ما ينظر إلي مديري على أنني لا أفهم كلامه ولا أستوعبه إلا أنني في الحقيقة أفهم جيدا ما يقول إلا أن طابع الشرود يكون واضحاً جداً علي وهذا ما قاله لي وما سمعته مراراً وتكراراً حتى من أساتذتي في الجامعة، ولكنني أعلم تماماً بأنني ذكية وأستطيع العمل والوصول لما أريده على الرغم من حالة التشتت التي أنا فيها.
أود أن أطلعكم على ظروف تعييني، تم تعييني بشكل مفاجئ في الشركة وزميلتي التي سأتعلم منها كيفية العمل فوجئت بأنها قد سافرت قبل وصولي للشركة وبالتالي لم يجلس معي أحد إلى الآن ليفهمني كيف يتم العمل هنا وكل ما أقوم به من أعمال إما من خلال نصائح بسيطة وغير مفصلة يسديها إلي مديري أو من خلال اجتهاد شخصي، فهل هذه الأخطاء مقبولة في فترة التجربة والتي مضى منها أسبوعان فقط؟؟ أم أنه ثمة خلل ما؟
مشكلة أخرى تتعلق بالذاكرة واسترجاع المعلومات، لا أستطيع حفظ الوجوه وأسماء الأشخاص خاصة الذين لا يترددون بشكل دائم إلا أنني أتعامل معهم!! مثلا زميلتي في العمل أراها في الصباح ثم تذهب لمكتبها البعيد عن مكتبي، وعندما يأتي مديري يسألني عنها أنسى تماما أني قابلتها وأخبره بأني لم أراها!! كذلك الأشخاص الذين يمرون لإجراء معاملاتهم في الشركة بعضهم يتردد مرة كل أسبوع إلا أنني لا أحفظ اسمه ولا حتى أذكر شكل وجهه وأتعامل معه كزائر يأتي لأول مرة!! لا أعتقد أن هنالك خلل في ذاكرتي حيث أنني أحفظ الأرقام بشكل جيد جداً (أرقام هاتف أو أعياد ميلاد) وكذلك أحفظ معظم الأشياء بطريقة ربطها برابط معين والتي تعلمتها من كتب الدكتور إبراهيم الفقي رحمة الله وغفرانه عليه ربما ذاكرتي تحفظ أنواعاً معينة وأنواعاً أخرى لا تعترف بوجودها!! الرجاء إفادتي في هذا الموضوع.
هل من الممكن معالجة هذا الشرود والتشتت وقلة التركيز والانتباه والنسيان ببعض الوسائل البسيطة مثل قراءة كتب معينة؟ أو اتباع نصائح لفترة زمنية لزيادة التركيز والقدرة على العمل بدقة واكتشاف الأخطاء؟؟ أم أنني بحاجة لمراجعة معالج نفساني واتباع نصائحه والاستمرار في التردد عليه؟
أود أن أعلمكم أيضاً أنني اليوم قمت بالتدقيق في أعمال سابقة قدمتها للمدير وقام بتوقعيها واكتشفت فيها بعض الأخطاء أيضا التي لم يكتشفها المدير!!
واعلموا أيضاً أنني قد قمت بمراجعة هذه المشكلة أكثر من مرة، أتمنى أن لا تكتشفوا أية أخطاء إملائية فيها
20/06/2013
رد المستشار
من جهتي لم أكتشف أخطاء إملائية في نص رسالتك هذه، وما تشتكين منه يبدو متسقا مع ما تسردين عن وضعك المعيشي، ومخاوفك المتراكمة، وضغوط حياتك!!!
الضغوط والخوف والقلق الدائم لأسباب متعددة هم أكبر الأعداء للتركيز، ودقة الإنجاز، ولما كان التركيز والانتباه هو الشرط الأهم، والخطوة الأولى لتخزين المعلومات، ومن ثم استعادتها حين الطلب، فإن غياب التركيز، وتشوش الانتباه هما مقدمة طبيعية لما تعتقدينه أحيانا ضعف ذاكرة، أو مشكلة في استرجاع المعلومات، التي لم يتم تخزينها بشكل سليم!!!
بلغة الطب النفسي وتصنيفات الاضطرابات تعانين أنت من أعراض اضطراب "القلق المتعمم" وتعالج هذه الأعراض بمضادت الاكتئاب، ولكن العقاقير لا تعالج أسباب هذا القلق، وهذا هو الأهم!!!
تحتاحين إلى ممارسة أنواع الاسترخاء والتأمل التي من شأنها تقليل تأثير الأفكار والمخاوف والهواجس التي تهدد سلامك، وسلامتك النفسية!!!
كما تتناول أدبيات معالجة الضغوط ما نسميه آليات الموازنة والتكيف والتوائم الموصلة إلى التوازن النفسي المنشود، ويتضمن ممارسة الأنشطة الرياضية والترويحية والاجتماعية والروحية التي ينبغي أن تتوافر في كل مجتمع إنساني صحي، ولا أدري مدى توافرها في مثل ظروفك!!
على مستوى علاج الأفكار المقلقة ينبغي أن تنتبهي إلى أفكار تملأ رأسك من قبيل:
"كل صديقاتي تزوجن إلا أنا، ولا أدري ما السبب؟!"
فأنت تعلمين أن المجتمعات كلها لا تتيح أمام الفتاة إلا الصبر والانتظار حتى يظهر الفارس المنتظر وبالتالي لا يوجد سبب لتأخرك بالزواج غير "أن النصيب لم يأت بعد" كما نقول في مصر، وربما يكون اندماجك أكثر في دوائر الأنشطة المختلفة مما يعين على توسيع دوائر معارفك، وبالتالي فرص زواج!! أقول.... ربما!!!
بالنسبة لأوضاع بلدك وقلقك على أقاربك ومستقبل وطنك، فربما يفيدك أن تنظمي نشاطا، أو تلتحقين بنشاط قائم فعلا يستهدف دعم أهلك، وأهلنا في سورية!!
الخروج من مصيدة الشعور بالعجز إلى فعل شيء إيجابي – مهما كان بسيطا – سيكون له عميق الأثر على إشعارك بالهدوء، والسلام، والتحقيق، والثقة بالنفس، وتخفيف الشعور بالذنب المشهور وجوده في مثل حالتك، فيما يخص بلدك وظروفه.
لا أدري هل قرأت ما كتبته مؤخرا ردا على استشارة الشاب الذي يعاني من أحلام اليقظة والشرود؟! أرجو أن تراجعيه بحيث لا أكرر نفس ما قلته، وفي مجمل إجابة تلك الاستشارة نقاط تفيدك، وتحتاجينها!!!
وربما تقررين بعد قراءة نصائحي هذه أن تزوري معالجا نفسانيا راجيا ألا يقتصر تدخله على وصف العقاقير الدوائية لأنها يمكن أن تخفف الأعراض – ولو جزئيا – بينما تبقى الأسباب مؤرقة ومزعجة، وتقبلي تحياتي.
ويتبع >>>>>>>>>> : حماس الدقة الجديدة، وحراس التقاليد القديمة متابعة نجمة! م