الكذب باحترافية والخوف الشديد
السادة الأفاضل في موقع الاستشارات العظيم؛
حقيقة يعجز لساني عن شكركم ولا أملك إلا الدعاء أن يبارك الله جهودكم ويسدد خطاكم.
مشكلتي باختصار والتي احتجت عشر سنوات حتى أفهمها وأستوعب أنني أتصف يهذه الصفة هي الخوف، نعم الخوف بكل صوره وأشكاله، فأكذب لأني خائفة، وأكتئب فجأة لأني خائفة، وأنام كثيرا لأني خائفة مما قد يحصل لي لو كنت مستيقظة.
أنا للأسف أكذب وباحتراف جميع أنواع الكذب، أؤلف قصصا خيالية وربما تكون واقعية لكنني أزيد فيها وأنقص حتى تختلف تماما عن القصة الحقيقية، ولا أفعل ذلك إلا إذا وجدت نفسي في موقف أنال فيه حظا وافرا من التهميش.
قد تبدو مشكلتي غريبة لكنني بالفعل أعاني جدا جدا وأنا أكذب حيث يترائ لي خيال طفلة صغيرة ترتجف خوفا وهلعا وتعاقب بالضرب المبرح الذي يترك آثارا دامية على جسدها الصغير كل ذلك لأنها قالت الصدق واعترفت بخطئها الذي قد يكون كسر كأس بالخطأ أو إزعاج الوالد فترة الظهيرة، ولكنها تنجو من هذا العقاب بل وتنال الرضا حينما تكذب باحتراف شديد.
أنا أخاف على أولادي أن يصبحوا مثلي، حتى أنني صرت أكافئ الصادق منهم حتى لو كان خطؤه كبيرا، لكنني أقول لهم: لا تفعل هذا السلوك الخاطئ مرة أخرى، ولكني أعلم أن هذا لا يفيد فهم يكذبون نفس كذباتي خصوصا ما يتعلق بأمر والمذاكرة وما شابه.
تمر علي ليالي أبكي فيها بحرقة وأظل أتحسس مواضع الضرب في جسدي وأرتجف وكأنني ضربت للتو وأنا سيدة في الثلاثين من عمري. والدي بعد أن كبر في السن صار نادما جدا على ضربه لي ويبكي أحيانا ولكني لم أراه بنفسي، فقط أمي أخبرتني بذلك، وأنا سامحته لأني عرفت كم عانى في طفولته وشبابه من تسلط والده.
طبعا أصبحت متذبذبة في تربيتي لأولادي فمرات أكون نعم الأم الحنون ومرات يركبني الشيطان وأكون كالثور الهائج حتى أن أولادي يختبئون مني ويرتجفون خوفا.
علاقتي بزوجي متوترة فهو قاس وأناني ويحرمني من أشياء كثيرة منتشرة في مجتمعي له تحفظات عليها كما يقول كالنت والموبايل الذكي.
أنا كنت حساسة وعاطفية ومرحة مبتسمة أول زواجي ولكن كل يوم ينكسر في داخلي شيء جميل حتى أصبحت الآن ميتة وأنا على قيد الحياة كئيبة حزينة دائمة البكاء لوحدي وألوم نفسي كثيرا على أشياء فعلتها في الماضي حتى لو كانت تافهة جدا كتزيين كيك أو ترتيب ملابس.
ليس لدي معارف أو زيارات عكس زوجي الذي لا يمكن أن يمر يوم بدون مبالغة إلا وهو مع أصدقائه يزور ويزار.
أنا متعبة جدا وحائرة أقوم بأعمالي المنزلية وأنا أبكي بصمت وأمثل للجميع أني سعيدة فأنا أجيد التمثيل.
بالنسبة لكذبي فوالدتي تعرف أنني أكذب ولكنني أنكر وبشدة، أما زوجي فأشك أنه يكتشف بعض المواقف وذات مرة قال لي يا كذابة أنت كذابة فأنكرت بشدة حتى صدقني أو ادعى أنه صدقني.
أنا أخاف الرفض جدا وأخاف أن أكون مكروهة وأحب أن أتقمص شخصيات جميلة وأظن أنه بسبب ذلك يحبني الناس في البداية ولكن لا أحد تستمر علاقته معي إلا البعيدين عني والذين لا أراهم إلا نادرا.
أنا خائفة من عذاب الله ولا أريد أن أستمر في هذا الطريق.
أرجو ألا تنشروا مشكلتي كاملة بالله عليكم فجميع من أعرفهم يتابعونكم باستمرار وأخاف أن تكون هذه الاستشارة سببا في طلاقي وتشتيت أولادي كفانا الله وإياكم الشر والأشرار ووفقنا لما يحب ويرضى وكل عام وأنتم بخير
04/07/2013
رد المستشار
مناقشة:
شكراً على استعمالك الموقع وعلى صراحتك في عرض معاناتك النفسية والزوجية والاجتماعية ليس من الإنصاف وصفك بسيدة مصابة بالكذب المرضي Pathological Lying لأن هؤلاء الأفراد لا يقرون بكذبهم ويصرون عليه اليوم بعد الآخر ويستمرون في مسيرتهم طوال العمر أما الكذب الذي تشيرين إليه فهو وسيلة يستعملها الإنسان أحياناً للتقية من الجبابرة الذين حوله والمتسلطين عليه.
لا أطيل عليك في الحديث عن طفولتك التي تركت آثارها عليك، ولا تزالين تعانين منها على شكل أعراض نفسية تشابه الكرب الذي يحمله الإنسان من جراء صدمة نفسية رغم ذلك تجاوزت هذه العقدة النفسية مع والدك وهذا يعكس بعداً نفسياً دافئاً في شخصيتك.
الكثير من النساء والرجال يتجاوزن أزمة العنف المنزلي بعد انتقالهم إلى حياة زوجية سعيدة مع الأسف الشديد هذا لم يحدث معك ولا أظن أن اختيار الزوج تم بمطلق حريتك ورضاك وتمت إعادة مسيرة العنف المنزلي وهذا نسميه بالتكرار القهري Repetition Compulsion الزوج في غاية القسوة والأنانية وإهماله لك أسوأ بكثير من قسوة الأب الجسدية من جراء ذلك ليس لديك حيلة أخرى سوى استعمال وسيلة الدفاع الطفولية وهي الكذب.
التشخيص:
لا دليل على اضطراب نفسي ولا حتى اضطراب الشخصية.
التوصيات:
٠ الخروج من سجن الزوجية الحالي ليس بالأمر اليسير ولا أظنك تفكرين بهذا الحل.
٠ الكذب الذي تشيرين إليه ليس في غاية الخطورة والصراحة أفضل بكثير. الصراحة في الكلام تجذب احترام الآخرين مهما كان محتواها.
٠ ليس هناك أفضل من محاولة تغيير سلوكك مع زوجك ومحاولة جذب انتباهه قدر الإمكان كوني صريحة وصادقة معه وتحدثي عن معاناتك في الطفولة وهذه الأيام.
٠ ليس هناك مبرر لسوء معاملة الأطفال وعليك تحمل المسؤولية كأم حنون بدون قسوة جسدية أو نفسية.
٠ حاولي الاتفاق مع زوجك حول توسيع اتصالاتك الاجتماعية .
وفقك الله ورعاك.
واقرئي أيضًا:
الكذب القهري لا يكون انتقائيا
أولا الكذب وثانيا الكذب وليس...مشاركة
البنت الشقية والكذب القهري
التعليق: جزاكم الله خيرا
كنت أتمنى أن تفصلوا في الحل أكثر لأني ما زلت أعاني
لا أستطيع إخبار زوجي بطفولتي فهو قد يأخذها شتيمة أو يستضعفني وقد بحت له سابقا فتعاطف قليلا معي ثم سخر مني ولا زال يذكرها رغم مرور سنوات طويلة