أحب صديقي بجنون
أنا عمري 18 لست من النوع الاجتماعي ومليش أصحاب كتير لأني مش برتاح لأي حد ومش بحب أكون مع حد غير لما أكون مرتاح له مية فالمية فأصحابي يتعدو عالصوابع رغم أني دائما أبحث عن الصديق وتعرفت على صديق لي وأحببته بجنون لدرجة لا توصف وأغار عليه حتى من أهله ومن أصدقائه وأشعر بالضيق إذا تكلم مع أحد منهم وأحبه لدرجة العبودية، وهدفي في الحياة هو أن أظل معه أطول فترة ممكنة ويكون في خيالي لفترة طويلة وأشعر بالحنان والطمأنة في أحضانه وأحبه أكثر من أهلي بكثير.
وعلاقتي ضعيفة بأمي وأخواتي ووالدي متوفي، فهو بمثابة والدي وأظن أن نصف تنشئتي الاجتماعية كانت معه علما أني أعرفه منذ عام فقط وأشعر أنه أبي فعلا ووصلت لدرجة أني أعشق رائحته ورائحة فمه وأفرح عندما أعانقه أو أقبله أو أمسك يده أو يحدث أي تلامس بيني وبينه ويكون كثيرا في أحلام اليقظة، والغريب أني أقوم بتقليده كثيرا في الملبس وفي المأكل وفي طريقة المشية وطريقة التعامل مع الناس فقد أصبح هدفي الوحيد في الحياة وجالي الضغط بسببه أما نتخانق.
وهناك نقطة مهمة جدا أحب أوضحها إن مفيش بينا أي علاقة شاذة حصلت.
أريد حلول عملية أرجوكم وليس القول أن هذا خطأ فأنا أعلم أنه خطأ أريد التفصيل في العلاج.
29/08/2013
رد المستشار
أرحب بك "ممدوح" وأشكرك على استعانتك بالموقع ليساعدك في حل مشكلتك، بادئ ذي بدء أود أن أذكرك بأن الله سبحانه وتعالى خلقنا وصوب لنا عواطفنا وغرائزنا والطبيعة الحنيفة التي جبلنا عليها, هي أن ينجذب الشاب للفتاة وهذه فطرة ربانية، والهدف منها الحفاظ على النسل.جميل أن تحب الشخص لذاته ولأخلاقه وصفاته أن تتعامل معه بالإحسان أما التعلق الزائد عن حده والذي لربما يسبب أمورا محرمة فهذا ما لا نرضى لأن الله لا يحب الجهر بالسوء، فقال تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِين آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)) [البقرة:165] فالمؤمن يحب في الله، ولكن حبه لله أشد من حبه للناس...وتذكر دائمًا مقولة ابن القيم –رحمه الله- وهي مجربة وصحيحة: (وقد قضى اللهُ تعالى قضاءً لا يُرَد ولا يُدفَع أنّ من أحب شيئًا سواه عُذِّب به ولابدّ، وأنّ من خاف غيرَه سُلِّط عليه، وأنّ من اشتغل بشيءٍ غيرَه كان شؤمًا عليه، ومن آثرَ غيرَه عليه لم يُبارَك فيه، ومن أرض غيرَه بسخطِه أسخطَه عليه).ولابدّ إن ما تشعر به ناحية هذا الشاب وأمثاله هو مرض لابد من العلاج منه، مرض قد يكون في بدايته، ولكن سيحتاج إلى العلاج المبكر؛ حتى لا يتفاقم، ويصبح مرضاً عضالا،لا علاج منه، وهنا سيكون السؤال: ما العلاج؟! إن أول العلاج أن تدرك خطورة هذا التعلق، خاصة وأنه قد أثر على مسار حياتك، إذن فالأمر ليس محل نقاش أو خلاف فيكون هذه العلاقة مرضية أم لا؟!الأمر الثاني هو ضرورة قطع هذه العلاقة تمامًا مع هذا الشاب أو غيره، وهو العلاج الوحيد الناجح لمثل هذه الحالات؛ حيث أن الرؤية واللقاء والحديث، حتى لو كان حديثًا غاضبًا أو لقاءً عابرًا، يؤدي إلى تفاقم هذه العاطفة؛ فلا حل لها إلا قطعها من جذورها. سيؤدي ذلك إلى بعض الألم أو كثير من الضيق، ولكن مع مرور الوقت ستستعيد توازنك النفسي، وتدرك مدى خطورة هذه العلاقة على صحتك النفسية؛ حيث سترى نفسك وقد استعدت علاقاتك الطبيعية مع باقي زملائك، وقد عدت إلى نفسك وإلى حياتك، وعدت لترى الدنيا مرة أخرى بعد أن كنت قد تحولت إلى عالم محدود لا يوجد فيه إلا هذه النوعية من الشباب.
إن الشباب في مثل سنك يكونون عاطفيين، وفي بعض الأحيان لا تنضبط هذه العواطف بالضوابط الشرعية أو حتى العرفية المتعارف عليها بين البشر، وإن الصداقة بين شابين أمر مقبول، ولكن في حدودها الطبيعية؛ فتجد أن الصفات الطيبة والمشتركة في كل طرف هي محور هذه العلاقة، وأنها قابلة للزيادة والنقصان، وللاتزان والابتعاد بدون تأثير على حياة أي من الطرفين؛ حيث يعتبر كل طرفا للآخر عونًا له، ولكن لا يعتبره كل الدنيا أو كل الحياة، فالصداقة تتسع لتشمل آخرين، حتى إذا ما ابتعد أو سافر أو غاب أحدهم وجدن السلوى في الآخرين بهدوء وبدون تشنج أو انهيار، إن الصديق يحب صديقه، ولكن في حدود أن يتصارحا ويتعارفا ويتشاركان، ويظل لكل حدوده وحياته الخاصة، إن الفهم المبكر والتطبيق الصارم لهذه المعاني لهو العاصم من هذه التجربة.توقف تمامًا عن هذه المشاعر، وستعود لحياتك الطبيعية متى يصبح التعلق مشكلة؟؟يتحول التعلق إلى ظاهرة مرضية عندما يتحول سلوك الشخص إلى الاتجاه التمثيلي التام والكامل للشخص المتعلق به ويعرف التعلق المرضي على أنه قابلية الإنسان على إدراك التفكير هو تفكير الآخرين تمثيلي Representational في طبيعته، وأن سلوكه وسلوك الآخرين مدفوع بحالة داخلية مثل الأفكار والمشاعر.بمعنى أن التعلق يتمسك بالشخص الذي ارتبط به عاطفيا بحيث يذوب فيه تماما فيصبح تابعا أو ظلا ويفقد استقلاليته تماما فيصبح شغله الشغل ومحور تفكيره وانسحاب تفكيره للداخل فهو دائما الانشغال بالطرف الآخر المتعلق به.مظاهر التعلق المرضي:للتعلق المرضي مظاهر معرفية، وأخرى سلوكية، وأهمها:٠ هيمنة المتعلق به على تفكيره فهو من شغل به على الدوام.٠ انسحاب طاقته العملية إلى الداخل لانشغاله بالتفكير في المتعلق به.٠ إدمان النظر إلى المحبوب، وتقديم رؤيته على كل شيء. فإذا أعياه ذلك تمنى المحال حتى يراه، وربما بالغ بعضهم في طلب وصال من تعلق به.٠ السعي الدائب للقرب منه.٠ شعور بالسعادة والسرور بالمحبوب.٠ موافقته في كل ما يقول وإن كان محالاً٠ الاضطراب عند رؤيته فجأة .٠ الرغبة الدائمة في ذكره والحديث عنه وتتبع أخباره.٠ محاولة إظهار النفس أمامه في أجمل صورة، حتى ولو كان ذلك على غير طبيعتها (فالبخيل يكرم، والجبان يتشجع)٠ ظهور بعض الأعراض الاكتئابية: من حزن وبكاء عند فقدان المتعلق به، وانسحابه من الحياة الاجتماعية، وخمول، وهزل الجسد.قد يكون من أسباب التعلق المرضي:1- الحرمان العاطفي في الأسرة: سواء كان بسبب خلافات أسرية، أو مخطوطات معرفية خاطئة تمنع الآباء من إظهار عواطفهم لأبنائهم.2- التأثر بالنموذج: والنماذج التي يمكن أن يتأثر بها الإنسان متعددة، ومنها:٠ نماذج أسرية: الأب، الأم، الأخوات، الإخوة، الأعمام، العمات، الأخوال، الخالات .٠ نماذج الرفاق في الحي أو المدرسة أو العمل .٠ نماذج إعلامية: في الأفلام أو المسلسلات أو البرامج أو الأغاني (الفيديو كليب).٠ نماذج مقروءة: القصص والروايات.3- ضعف الثقة بالنفس، والبحث عن شخصية يتوحد فيها لكي يشعر بشيء من القوة.4- ضعف الصلة بالله جل وعلا: والأصل في ذلك قوله تعالى "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ......." (البقرة 165) والإمام بن تيمية رحمه الله يقرر قاعدة متميزة في ذلك فيقول في كتاب "العبودية": من لم يكن عبدا ًلله كان عبدا لهواه، شاء أم أبى.5- وفرها لتعزيز في العلاقة: فإذا كان الفرد يشعر بالحرمان، ثم يجد لذة بالغة في تعلقه المرضي، فستكون هذه اللذة دافعاً لاستمرار العلاقة.6- اضطراب الشخصية: هناك اضطرابات خاصة في الشخصية يمكن أن تؤدي إلى التعلق المرضي؛ فالشخصية الاعتمادية: بطبعها تبحث عمن يسيرها، وتدور حوله، وكثير من التعليقات المرضية تنشأ بسبب اعتمادية كامنة، وكذلك اضطراب الشخصية الحدية عند المتعلق، واضطراب الشخصية النرجسية عند المتعلق به.مآل الحالة:تتغير مع مرور الوقت إما بأن تتطور لتصبح مرضا وإما أن تنحصر باكتساب الخبرة ويعود الشخص إلى حالة السواء وكلما كان يحتاجها لوقت الذي ازداد فيه خبرة وتعرض لمواقف ناجحة في حياته جعلته أكثر ثقة في نفسه وأكثر قدرة على إقامة علاقات اجتماعية بشكل سوي واكتساب صداقات جيدة.
العلاج لهذه الحالة:٠ مراجعة أفكارك ومعتقداتك التي تحاول فيها مع بعض أصدقائه العقلاء ترتيب أفكارك.٠ إرضاء الأهل مطالب تقدير الذات عند أبنائهم: يضن كثير من الآباء على أبنائه بالمديح على أفعاله الإيجابية، ويجد الابن هذا التقدير له في علاقة التعلق، فينجرف إليها باعتبارها صورة من صور تقديره لذاته، وإذا أشبعت حاجة "تقدير الذات" بصورة سوية لم تلجأ إلى الصور المرضية .٠ حل النزاعات والمشاكل الأسرية: الأسرة المضطربة مرتع خصب للمشاكل والاضطرابات الانفعالية، ويكون التعلق المرضي مهرباً لابن هذه الأسرة، وفي حل النزاعات الأسرية، وإضفاء جو المودة بين أفراد البيت إشباع للرغبة في الحب .٠ سد المنافذ المهيجة عليه: لأن التعرض لها يقوي من حدة التعلق، كالقنوات الفاضحة، الأسواق المختلطة، الروايات المهيجة... إلخ.٠ التقليل من الاختلاط بالجنس الآخر أو رفقاء السوء: بين الجنسين، أو رفقاء السوء من نفس الجنس.٠ تفريغ الطاقة في الهوايات المحببة، وإن لم يكن فخلق هوايات جديدة.٠ غض البصر وكف الذهن عن التفكير في المتعلق به: ورغم مشقة ذلك في البداية إلا أنه آلية رئيسية، فلا يمكن علاج التعلق مع إدامة النظر إليه والتفكير فيه.
وحاول من الآن أن تراقب قلبك وتضبط حجم محبتك له، وتجعلها أكثر اتزانًا، فالقلب أغلى وأثمن من أن يسكنه البشر –خلا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم- ففرغه لحب الله عزو جلّ ورسوله...، أنت عندك قلب واحد فلا تهبه إلا لعظيم يستحقه.أتركك في رعاية الله وحفظه...
واقرأ على مجانين: