كيتي بحاجة للنوم ! والقسمة قاسم ! م
كيتي تستسلم
سكن الألم كل خلية في جسدي, تعبت من سهام القدر التي أثخنت جراحي, جراحي نازفة ومتعبة من كل نفس ترد........ بسطور أخرى نفذ صبري يا دكتور, نعم نفذ تماماً ومستعدة للتصعيد... أي تصعيد لنيل راحة نفسية وبأي ثمن.
لا أريد أن تلتئم جراحي, ولا أريد طباً يسعفني إنما ً أريد ما يسكن ألماً يستعر في كل جسدي, أريد قتله فقد قتلني وأضعفني, أن لي قتل من كان سكناه في الجفون, أن لي أن أغير مجراه؟ فبدأت سفينتي بغرق بطيء فأنا لا أصل شاطئ النجاة ولا أغرق فيكون الموت حليفي إنما عالقة بين العالمين, مرة قطرات من الحياة ومرات أجزم بأن وصلت لنهايتي.
نزف قلمي بما يكفي, مرض قلبي بما لا يحتمل وأريد لحظات كتلك التي يحظى بها البشر, قالها أحمد مطر وضعوني في إناء ثم قالوا لي تأقلم وأنا لست بماء.
في الثلاثين, ثلاثة عقود وأنا في طريق الآلام, ولربما الوقوف في وجه التيار والتصدي حماقة لم ولن تنجح, يحاصرني واقع لا أجيد قراءته, ولا أمتلك أبجدياته، فأنا قاب قوسين أو أدنى من التخلص من ما يقتلني وبطريقتي.
الحياة انتهت منذ عقود ولم يبقى سوى سويعات لكنها بطيئة وثقيلة فقررت تسكين ما يلم بي, لم تكن الدنيا كريمة معي فجعلتني ميت في رداء الأحياء, فقررت مقابلة ذلك بما يناسبني, تبدو فكرة تسكين جراحي وتهدأت قلبي ولربما نسف رأسي بما يناسبني من عقاقير هكذا دون استشارة طبيب أو حكيم؟ لو رأى أحدهما ألمي الباطن لأطلق رصاصة الرحمة علي.
تلك العواصف تدور وتدور في رأسي وصبري يبدأ بالانهيار ليسعف ما تبقى، أظن بأن من حقي فعل ما أريد من أجل لحظات راحة, ماتت الكثير من مبادئي لقسوة الغاب الذي يغرز أشواكه بي.
أمامي عشرات القوارير من مسكنات ومهدئات أطالعها بعيون يائسة, عيون ملت التعب, جفت منها الدموع, وسؤال يجول في ممرات رأسي هل أبدأ رحلتي بضياع جديد غير ضياعي الحالي؟
ما زالت قوارير الدواء تقف زاهية أمامي ونفسي الضعيفة تحدثني بروعة حباتها ومآل تناولها من راحة غابت عقوداً وجاء زمن الحصول عليها؟
خسرت كل علاقاتي بالبشر وأضحيت حبيسة قمقم, فقاعة مظلمة, خسرت الأهل والأحبة, خسرت عائلتي, طعنت بطعنات غادرة من أعز أصدقائي وأسوأ كوابيسي فقدان طفلي، لم أشعر يوماً بأمومتي ولن أشعر بها بعدما اغتصب حقي بالاحتفاظ بطفلي وغادرني هو ووالده ليحيا في كنف امرأة أخرى وهنا انتهى كل ما أملك، هنا جردت من إنسانيتي وحقي بطفلي الذي يكبر دون أن أراه وأحضنه؟؟؟؟ يكبر في أحضان امرأة تدعي الأمومة؟
اقتلعوا قلبي واجتثوا منه كل معاني الحب والإنسانية فأنا في خواء تتقاسمني هبات الرياح فأضيع في الكون الفسيح, كورقة خريف ذبلت وتناثرت هنا وهناك. ليس لدي الكثير لأقوال فالصمت أبلغ حكمة,
لم يعد من يتكلم سوى قلمي يقول ما يريد فلقد فقدت لغة الحوار مع البشر.
أنقذوني
29/08/2013
رد المستشار
حضرة السيدة "كيتي" حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
عند قراءتنا رسالتك لا نستطيع إلا أن نحمد الله ونسبحه على هذه الموهبة الجميلة التي أنعم بها عليكِ، فإذا بك فنانة في تنميق الكلمات، وتنسيق الحروف، لكي تخرج من بين أناملك مزخرفة بأجمل ألوان التعابير، وتبدو سطورك وإن كانت سلبية وكأنها لوحة ربيعية مزهوة الألوان.
لقد أعطاكِ الباري سبحانه وتعالى العديد من النعم، بالإضافة إلى الذكاء، ومنها العائلة الطيبة، والزوج، والولد، والوظيفة، والصحة... ولكن كل ذكائك ومقدراتك وهواياتك تنصبّ في كيفية النكران وليس الشكر، وكيفية تضييع ما وهبك إياه الله سبحانه وليس المحافظة عليه.
وبعد ذلك بدل من البحث عن الأسباب التي أدت بك إلى خسارة ما خسرتِ؛ نجدك تبحثين عن سبب خارجي كالزمن والظروف القاهرة والآخرين... كلهم طبعاً من دونكِ أنت! وأنتِ لم تتسائلي في يوم من الأيام عن كيفية الشكر، أو كيفية المحافظة على القيم التي تمتلكينها، بل ما زال فكرك السلبي يشتم الدهر، ويصوّب المسدس على رأسكِ أنت لأن شيطانك لم يكتفِ بأن خسّركِ كل ما خسرتيه وضيّعتيه حتى اليوم، بل يريدك أن تخسري حتى نفسكِ ويجمّل لك وسيلة الانتحار من عقاقير براقة، أو غيره من وسائل القتل.
مسكينة أنتِ وتستحقين الشفقة! فحتى أنتِ أصبحتِ ضد نفسك ويلزمك مجموعة من الحراس لتحميكِ من ذاتك. فيا لقوة الشيطان ما أقدره على التملك فيك. لقد استفحل في التسلط عليكِ حتى لم يعد بين عباراتك أية كلمة تدل على الدفاع، بل الإستسلام المطلق لشره وغطرسته، ما عدا كلمة واحدة: أنقذوني!
قد تكونين شخصية هستيرية يا صديقتي، وقد نلتِ في حياتك كل ما تطلبينه، وعندما رفض مَن حولك الانصياع لطلباتك المتزايدة في المديح اللامبرر والإطراء الزائد؛ أطلقتِ عليهم اتهامات مختلفة بشكل أن تحولوا إلى أعداء. فصرفتهم عنكِ، ولم يبقَ حولك من معين أو صديق.
والآن، بعدما أفرغتِ الساحات من حولك، ولم يعد أمامك مَن تتخاصمين معه بسبب أو بدون، جلستِ أمام مرآة نفسك وأخذتِ تتخاصمين معها، وتهددين نفسكِ بالقتل!
ما أروعكِ أيتها المجرمة الذكية؟!
لقد فشلتِ في كل شيء، واليوم تريدين أن تنجحي في قتل الذات! وهل هذا نجاح؟ أم أنه التاج الذي تضعينه على رأس انهزاماتك؟
كنت أتمنى أن تسأليني "كيف نحب؟" أو كيف نتحمّل الآخرين؟ أو كيف نستطيع أن نستنبط الجمال في كل ما يدور حولنا: في المجتمع، في الأهل، في الجيران، في الأخوة، في الأصدقاء، في الزملاء... في الزوج، في الولد... في السماء، في الطبيعة... في التاريخ، في الجغرافيا... في كل شيء جماله، وإن لم يكن عندكِ إلا جمال الكلمات؛ لمدحناك على ما هو جميل عندك وتناسينا ما سواه.
وبالمناسبة أود أن أقص عليك قصة عن السيد المسيح عليه السلام، بينما كان ذاهباً مع تلاميذه في الطريق مروا على جيفة كلب. تقزز التلاميذ من رائحته، وقالوا ما أنتن رائحة هذا الكلب. ولكن المسيح عليه السلام أجابهم متبسّماً: ما أجمل بياض أسنانه!
نرجو منك يا كيتي أن تنظري إلى الجمال من حولك حتى في الجيفة، وعندها سترين كم أنتِ جميلة، وكم كان زوجك جميلاً، وكم هي الحياة جميلة... ولكن إذا عُميَ القلب فلا رؤية للبصر. وقد قال الباري عزّ وجلّ في محكم أياته: "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"
وقبل أن أطلب منك أن تحبينا وترحمينا، فأحبي نفسك وارحميها، فليس لها سواكِ من معين، ومن ثم إن نار جهنم أعظم بكثير مما تقاسينه في هذه الحياة مهما حاول الشيطان إقناعك بعكس ذلك.
والسلام
ويتبع>>>>>> كيتي بحاجة للنوم ! والقسمة قاسم ! م2