كيتي بحاجة للنوم ! والقسمة قاسم ! م1
وداعاً
إلى الدكتور قاسم أقول؛
أرادت بعض كلماتي أن تزمجر بغضب أو بهستيرية فأنا_ هستيرية_ , أراد بعضها الآخر أن يسخر من ساحات الوغى التي لم يبقى بها سواي ومن حروب أنا أقودها وأنهي كل من يقف بها كوني فارسة لا يشق لي غبار, أرادت بعض كلماتي أن تتأسف وتتسائل أين ذهبت كلمات مثل, أنت من النخبة الطيبين لربما لا أستحق فأنا لا أتنفس سوى المديح والإطراء؟؟؟, لكن بين ذلك وذلك أود الاحتفاظ بصديق (أنت) رغم المقولة القائلة (الصديق وقت الضيق والحق وقت الضيق تفقد صديق), اعتبرتك صديق وسترد حتماً وقت الضيق.
صدقني أؤمن بأن الموت لا يأتي دفعة واحدة, إنما يتجزأ الموت في حياتنا, كلما رحل صديق مات جزء, كلما غادرنا حبيب غادر جزء آخر, كل حلم سقط صريعاً مات جزء آخر, فيأتي الموت ليكمل على ما تبقى.
الموت موجود في حياتنا وغيب الكثير من أوقاتنا يزرعه الألم واليأس في أنفاسنا, هناك من تناساه وهناك من بقي ساكناً له.
لربما ذكري لعقاقير تنسف خلايا رأسي جرمني في نظرك وحولني من ليلى ذات الرداء الأحمر للذئب المفترس, أعترف بغياب نغمات الحياة, أعترف بمكوثي في القاع, أعترف بعمق مشاكلي وانفضاض الكل من حولي وكثرة الطعن بغيابي, كل أغنية فيروزية معتقة سرت لممرات قلبي لم تفلح يوماً في عزف مقطوعة حب واحدة , ليس ثمة عزف هنا إنما هدوء وصمت كصمت القبور, لقد دفنت قلبي يا صديقي وأهلت عليه التراب ولم أضع شاهد القبر ليحكي قصة موت لفت خلاياه إنما وارايته في التراب وأعيش بلا قلب, هل يمكن أن أعطيك ما أفقد؟ هل يمكن أن أرى عيوني جمال ولقد فقدت كما تقول بصيرتي؟
قلبي متحجر الذي لا يعرف ولن يعرف معنى للحب, أعترف بأن زواجي مجرد قشور اجتماعية, أعترف بأن إنجابي مجرد حاجة نرجسية, أعترف بأني نلت كل شيء ولم أحتفظ بشيء, أعترف بأني أعيش بين عائلة كبيرة يصنعون طعامي ويغسلون ثيابي, ولا يجدون كلمة يتيمة تخرج من فمي.
ماذا تريد أكثر من ذلك لأعترف به؟ لكن كان بإمكانهم تقبلي كما خلقني الله, كان بإمكانهم البقاء بقربي وليس الانفضاض من حولي وعزلي قسراً, كان بإمكانهم الإخلاص وليس الغدر, يحدث بأني إنسانة كئيبة جافة لا أتقن العاطفة؟ يحدث بأن قلبي صحراء قاحلة عقيمة لم تنجب يوماً ولا تهب فيها سوى الوحدة والتوحد من البشر, حتى عملي أقابل به الأموات أكثر من الأحياء.
ماذا أقول: (حتى أنت يا بروتوس)؟؟؟ لم يعطوني حباً لأعطيهم, لم تزرعوا بي عطفاً لتحصدوه من قلبي, كيف تنتظر الثمار ولم تخرج الزهور بعد؟؟؟؟
حتى السماء الصافية لا تنجب مطرا, رغم صفائها وزرقتها, بل السحب الداكنة, المزمجرة بغضب الرعد هي التي تنجب حياة لهذه الأرض, تبكي السماء وتذرف الدموع لنحيا نحن, حتى القمر يقبع هناك في الأعالي وحيداً, ليست ثمة من يدور في فلكه, فتراه هلالاً خجولا ً أو بدراً فخوراً وهو قمر في كل حالاته.
حتى الشمس تتربع في كبد وتنثر أشعتها ببراعة فهي سيدة النظام وحيدة نعم هي مضيئة منذ ملايين السنين والكل يجري في أفلاكها حباَ وكرامة لعيونها فهي نجمة متلألأة تغزل بها الشعراء وغنى لها العشاق, تقف بغرور ولكن في نهاية اليوم تغادر على خجل وتكتسي حمرة وهي الشمس بعظمتها ورونقها في لحظة غضب قد تحرق الأرض بجبروتها, في لحظة عتاب قد تميل بوجهها وتغرق الأرض بحلل بيضاء وصقيع دائم.
حياتي كحال القمر وهو هلال خجول, أو حال الشمس تغرب بهدوء وخجل, أو حال خسوف القمر وإن تدهورت الحال هو كسوف الشمس, ما يحدث يا صديقي بأني دوماً في القاع ولم يحدث بأني أشرقت أو ظهرت كبدر إنما هو القاع.
رغم قتامة قلبي وسوداوية رؤيتي, فأنا لم أرد يوماً الانتحار ولعلك قرأت حروفي بطريقة بعيدة عن الحقيقة, الحقيقة بأن سأزود نفسي بكل ما يسكن آلامها من مسكنات, سأحقنها بما يخفف وجعها سأبتلع ما يهدئ غصة قلبي, قد يكون طريق للنجاة وقد يكون طريق للهلاك بجرعة زائدة أو مفرطة أو أياً تكون لكوني اكتفيت ولتذهب المبادىء للجحيم.
سأوقف شلال الألم لكوني تعبت والله تعبت يا صديقي وصدقني لا يناسب شخصي تعرية نفسي وإظهار فشلي أمام طبيب ما ابتلع مئات الكتب ويعالج الآلاف من المرضى, لن يقف ليجس ألمي ولن يخرجني من همي, صدقني سيصف لي ما سأصفه لنفسي باستثناء بأني سأحفظ نفسي من وجع الاعتراف على كرسي الاعتراف أمام غريب ما, كما تقول فشلت في كل شيء؟ والوحدة تنهش خلايا جسدي الحي.
رغم ذلك ما زالت أنفاسي تتردد, وآلامي تتصا عد, سأبقى من ساكني مدن الألم, سأرتحل لما وراء الشمس إن اقتضى الأمر, بل سأختفي في ثقبي الأسود, روحي ملكي, إنسانيتي شأني الخاص, بعيدة عن أحكام البشر, أنتم بشر لا تعرفون المغفرة وليس الإخلاص من شيمكم, يبقى حبي لمن خلقني ويكفي, بين ذلك وذاك أظنك تسمع قرع طبول الحرب؟ حرب جديدة اخترتها أنا وشياطيني القابعة فوق رأسي, لا أعلم وجهتها لكنها أنت تقول ذلك وأنت الطبيب وأنا مجرد مريض يحتاج لسرايا صفراء وحراس؟؟ مجرد مريض.
في النهاية نقول وداعاً, وداعاً يا صديقي.
19/09/2013
رد المستشار
حضرة السيدة كيتي حفظك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما زلت مصراً على رأيي فيك ككاتبة وأديبة. كما أن رأيي ما زال يقف على الاستفسار عن حجم اللياقة التعبيرية والجمال الخيالي والقلم المطواع مع التناقض الواضح والتشتت البارز والكآبة المستشرية والانفعال غير المنظم عندك.
هستيريا؟ هكذا وصفتها أنت! قد أوافقك الرأي لتحصلي مني على شهادة محدودة في تشخيص الهستيريا من بين الأمراض النفسية. لربما ظلمك الآخرون ممن يحيطون بك بأن أكثروا عليك من الإطراءات وكنت تصدقين كل ذلك من دون أن تعرفي بأنه عليك فعلاً أن تعملي لكي تستحقي الإطراءات المجانية تلك.
كما أعتقد بأنك نسيت تلك العبارة الشهيرة:
بقدر الكد تكتسب المعالي ومن طلب العلى سهر الليالي
ومن طلب العلى من غير كد، أضاع العمر في طلب المحال.
الكل من حولك يريد نفسه ويدافع عن ذاته. وأنت أليس عندك قدر كاف من الأنانية لكي تحبي ذاتك وتدافعي عنك فتحمي بذلك كيونتك ولا تسمحي بعدها ل (الهو) الفرويدي كي يهدد أناك؟ وأقول الهو الفرويدي لأنه يصف الهو الداخلي في كل إنسان بالغريزة التي تطالبنا بإرضائها وإشباع الشهوات. أنا الهو الحقيقي بالنسبة لي؛ فليس إلا الله سبحانه وتعالى ذو الملك والملكوت، والرحمة والجبروت.
صديقتي كيتي؛
أنت فعلاً بحاجة إلى صديق يدافع عنك، لا بل لربما تحتاجين إلى صديق يضيء على محاسنك فيريكها وعلى سيئاتك كي تصلحيها. وهكذا تعودين إلى الصراط المستقيم لتكملي مسيرة الحياة نحو الكمال.
لم تخبريني عن علاقتك بالله سبحانه وعن مدى حبك له وشوقك إليه وصبرك على أحكامه وفهمك لكل اختباراته وعقوباته الظاهرية والتي هي في الحقيقة رحمات اختارها لك لكي تتكاملي وتتسامي.
مرة تقولين بأنك لن تخنقي نفسك، ولن تؤذيها، وبأنك سوف تأخذين كل المهدئات. ومرة أخرى يخرج من فلتات لسانك بعض التهديدات بوضع حد للحياة.
نعم، هستيريا! أعرف أن الهستيريا لا تداوى من جلسة واحدة من العلاج النفسي، وليس لها عقاقير خاصة لشفائها بشكل تام. إنما قد أطلب من الله سبحانه أن يتلطف بك ويهديك الصراط المستقيم، وينصرك على الشيطان الذي يبدأ بعزلك عن الناس وينتهي بالانقضاض عليك ليقتلك بعد أن يكون قد قتل فيك الحب والأمل والإخلاص والشعور بالعبودية.
لك منا أفضل التمنيات بالعودة إلى رحاب المجتمع أكان جيداً فتستفيدي منه، أو سيئاً فتصلحيه. والعودة إلى الرحمات الإلهية فأنت بالنهاية لستِ سوى عبدة صغيرة تطلب السعادة وترنو للنجاة والفوز بفسيح الجنات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.ويتبع >>>>>: كيتي بحاجة للنوم ! والقسمة قاسم ! م3
التعليق: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
شكرا للدكتور على الرد الجميل ..
اسمح لي أستاذي الدكتور قاسم بأن أبدي بما بداخلي وأوافقك الرأي بأن، الحالة أستاذة في الكتابة .
مما جعلني أبحث عن استشاراتها السابقة لـأقرائها وأتلدد بكلماتها . للأسف الحالة لا تنظر إلا بعين واحدة .
لما لا تستغلين كلتا عينيك ؟
في قراءتي القاصره لـاستشاراتك لم أجد في فنك المسطر سوى الحزن والاكتئاب .
كنت أتمنى أن يطلب الدكتور قاسم أن تسطري لنا من فنك بعض الكلمات السعيدة ( وأنتي لها ) .
اقرئي عن زيادة الثقة بالنفس ... واكتبي ...
والله الموفق ..