لا يتجاوبون إلا بما تعودوا عليه من قمع!!
جزاكم الله كل خير عن كل جهودكم, وأسأل الله أن يجعلها في صحيفة أعمالكم, وأن لا يحرمنا منكم أبدا.. آمين..
بعد أن تعلمت كيفية التعامل السليم مع الأطفال, بدأت بتعديل سلوكياتي معهم, وأخذت أتعامل معهم على القواعد التربوية السليمة.. وخصوصا قاعدة العقوبات..
لقد وجدت أننا كنا نخلط خلطا كبيرا في هذه القاعدة, ونتصرف بعشوائية رهيبة.. المهم..
بدأت بانتهاج الطريقة الصحيحة ولكن واجهتني مشكلة, وهذه المشكلة واجهت أيضا بعض من الأمهات اللواتي أجتمع معهن لتعلم قواعد التربية.. هذه المشكلة هي:
أن الطفل الذي تعوّد على مستوى معين من التفاهم, لم يعد يجدي معه المستوى الأقل منزلة. فمثلا.. لدي طفلة صغيرة تقربني هي الآن تقترب من الثانية عشرة, وأنا بالنسبة لها كأم بديلة, وبما أن أسلوب التعامل معها في البيت من أهلها هو القمع والصراخ وكثيرا ما يكون الضرب, فإنني أعاني الآن من أنها لا تتجاوب معي إلا حين يصل الأمر إلى مستوى الانفعال والغضب الشديد مني..
أنا ولله الحمد أصبحت لدي قدرة كبيرة على ضبط أعصابي, فلا أصرخ في وجه الصغار إلا نادرا جدا, يعني مرة كل عام!! وبالتالي فإنني لا أصرخ في وجهها حين تخطئ الخطأ نفسه للمرة الألف, ولكنني أقول لها بأنني إن لم تكن علاقتنا مثمرة فأظن أنني لن أستمر بها, هذا تهديد.. نعم أعرف ذلك..
ولكن يا سيدي الفاضل لا يجدي معها إلا أن أصل إلى أعلى مستوى من التوتر..
(أرجو عدم نشر ما بين قوسين****************************)
ولكن حديثا, أصبحت أبين لها أنها حين تلتزم وتنفذ ما اتفقنا عليه فإن هذا لها هي.. ولمستقبلها هي..
أي أنني أحاول أن أجعلها تشعر بالمسؤولية تجاه نفسها.. ليس من المعقول أن تظل كل عمرها تعمل ما يجب عمله لأنها تخاف أن تفقدني ..
وطبعا هذا الأسلوب الجديد أدى إلى تسيّبها في بعض الأمور, فقد عادت للكذب في بعض الحالات, وأخذت تغش في الامتحان من جديد.. ولكن ليس بالمستوى السابق, فهي الآن تدرس بجد, ولكن تنقصها كلمة أو كلمتين فتستعين بزميلتها!! نبهتها فقلت لها بنبرة عتاب: يبدو أننا رجعنا إلى الغش من جديد, أليس كذلك؟!؟!
فقالت لي: نعم أشعر بذلك, و والله العظيم لن أغش في الامتحانات التالية أبدا..
أعلم أنها صادقة في رغبتها, ولكنها دائما تعدني ودائما تعود للخطأ من جديد.. نعم الخطأ طبيعة في البني آدم, ولكنه لا يجوز أن يصل أحيانا إلى درجة التسيب..
فمثلا: دائما تعترف بأنها مخطئة في حق أمها إذ كثيرا ما تنتهرها وتتذمر وتصرخ في وجه أمها, تعرف أنها مخطئة, وتريد التغيير, ولكنها تعود سابق تصرفاتها ثانية.. ما المشكلة معها؟؟
هل فعلا لم يعد ينفع معها إلا أقسى أسلوب تعودت عليه في تربيتها حتى الآن؟؟
ما يجعلني أفكر بهذه الطريقة, هو أن هذه الفتاة لم تغير فعليا سلوكها السييء الذي كانت عليه إلا حين هددتها بفصل العلاقة معها إن هي استمرت في غشها وكذبها وخداعها..
عندها لم تحتمل أن تبتعد عني, وأخذت تجاهد بكل ما أوتيت من قوة حتى غيرت كل سلوكياتها السابقة 180درجة.. لم تعد تكذب إلا بنسبة 1% بعد أن كان كذبها 99%.. أصبحت تدرس الدروس ولا تغش في الامتحان.. أصبح لديها هدف في الحياة.. ألغت متابعتها للفيديو كليب وللمسلسلات المكسيكية بعد أن كانت تعشقها عشقا..
في الحقيقة أحرزت تقدما باهرا نعجز عنه نحن الكبار.. ولكن عندما ألين قليلا في معاملتي معها فإنها تعود للتسيب من جديد.. وأخشى أن يستمر هذا التسيب إلى أن تعود إلى سيرتها الأولى..
والآن.. هل حقا لم يعد ينفع معها إلا أسلوب الشدة الذي تعودت عليه؟؟
وهذه المشكلة كما ذكرت لكم تعاني منها أيضا بعض الأمهات الأخريات..
عذرا للإطالة, ولكنني أردت توضيح الأمر على أفضل وجه ممكن..
وتقبلوا فائق احترامي وتقديري وحبي.. يا أساتذتي الكرام..
23/04/2004
رد المستشار
السلام عليكم؛
أهلا ومرحباً بك يا عائشة، سعدت كثيراً أنك استطعت تعلم الجديد في طرق تربية الأبناء وقمت بتنفيذ ذلك وطبقتيه على تلك الطفلة. لا أرى أن المشكلة هي أن "الطفل الذي تعوّد على مستوى معين من التفاهم، لا يعد يجدي معه المستوى الأقل منزلة" بل أرى المشكلة تكمن في جانبين:
الأول: أن ما تبنيه يعمل والدا الطفلة على هدمه من خلال طريقتهم في التربية
الثاني: أن هناك بعض القواعد التربوية من التي اتبعتها مع الطفلة لم تكن سليمة! وربما يكون هناك جانب ثالث هام أيضاً وهو أن الطفلة في مرحلة المراهقة.
الطفلة تحتاج إلى اكتساب الثقة بالنفس وإلى الاحساس بالأمان وإلى من يتقبلها ككل فلا تكون مقبولة حين تطيع الأمور ومكروهة حين لاتستجيب ولا تطيع الأوامر.
وهذه الأمور للأسرة الدور الأكبر في أن تكتسبها الطفلة إذا ما غيروا طريقتهم في المعاملة لأبنائهم. دعينا نبدأ باستعرض بعض الإيجابيات التي قمت بها ثم أشير إلى بعض السلبيات أيضاً، بالنسبة للإيجابيات:
1- أنك حتى تغيري من سلوك الطفلة غيرتِ من سلوكك أنت كما ذكرتِ في رسالتك "بدأت بتعديل سلوكياتي معهم"، وهذا يشير إلى أن لديك قدرة على التعلم وأن تغيير سلوكنا وتصرفاتنا أمر ممكن.
2- أنك استفدتِ من الإجابات التي نُشرت على الانترنت وبالفعل أخذتِ تتعاملين مع الأطفال بناءً على القواعد التربوية السليمة.. وخصوصا قاعدة العقوبات.
3- أنك كما يقولون عندنا "بالك طويل" فلا تصرخين في وجه الأطفال وتتحكمين في أعصابك، وهذا جانب إيجابي جداً في شخصيتك.
4- أن هدفك الأسمى هو مساعدة الآخرين.
بالنسبة للسلبيات:
1- اتباع أسلوب التهديد بفقدانك تماماً، فإذا كانت الطفلة قد بدأت في التحسن نتيجة إحساسها بالأمان معك إلى أن وصلتِ إلى درجة أنك أم بديلة بالنسبة لها فكيف تسلبين منها هذا الأمان؟
2- أحياناُ تطلبين من الطفلة ما قد يكون فوق طاقتها وهو عدم الصراخ في وجه الأم. فالأم والأب يعتمدان على القمع والصراخ والضرب فماذا نتوقع من الطفلة مقابل ذلك، يا آنستي لكل فعل رد فعل. ويمكن الوصول إلى السلوك المرغوب وهو عدم الصراخ في وجه الأم بعمل شيئين:
(أ) أن تتحدثي مع الأب والأم بهدف أن تعرفي ما المشاكل التي لديهما وتوجهيهما نحو حلها، وأن تبيني لهم طرق التربية الصحيحة.
(ب) أن تعملي على الوصول إلى أهداف مرحلية فمثلاً يكون على الطفلة ألا تسب الأم وتكافئينها حين تستطيع عمل هذه الخطوة وتستمر فيها وفي مرحلة تالية تشجعينها حينما تقلل من الصراخ يومين في الأسبوع، وهكذا بالتدريج. لأن الطفلة ترغب في تحسين العلاقة ولكن تجد أن هذا الواجب صعب فلا تستطيع الاستمرار في أدائه.
3- العتاب حيث يعتبر نوعا من أنواع العقاب، وهذا قد يفيد ولكن على المدى القصير أو مع الأبناء الذين لديهم ضمير حي، ويمكنك بدلاً من ذلك أن تتجاهلي تماماً التصرفات الخاطئة لأن التحدث عنها سيجعل الابنة تركز عليها وتتمسك بها، وأيضاُ أن تعملي على مكافأتها على التصرفات الإيجابية وعلى البعد عن التصرفات السلبية ويمكن أن تكون المكافأة معنوية. فلا داعي أن نضبط الطفل متلبساً بصفات سلبية والأفضل أن نضبطه متلبساً بتصرفات إيجابية ونشجعه عليها.
4- أنك قللتِ من أسلوب التفاهم مع الطفلة ولا أفهم لماذا؟
حتى أنك بدأت تشعرين بأن هذا الأسلوب أدى إلى نتائج سلبية فتقولين أن: "هذا الأسلوب الجديد أدى إلى تسيّبها في بعض الأمور".
وتابعينا بأخبار الطفلة، والله الموفق.