شيء مميت, قبل الموت......
الحياة بائسة بشكل عام وخاص وأخص وإذا بدأنا نفكر بالآخرة و"الله" في عدد كبير من ال(؟)
إذا أحببتم أن تجيبوا على هذه الأسئلة فتفضلوا...
*نحن مكرمون لدى الله وقد خلقنا بيديه ونفخ فينا من روحه؟
إذن هل الإيحاء بوجود الله والأمر بعبادته لشخص واحد (من أفضل الموجودين), كل فترة طويلة من الزمن هو تكريم؟
يقولون الله رحيم, الله كريم، كل قسوة وظلم هذه الحياة وهو فيه هذه الصفات؟ (كيف يمكن أن يجمع بين نقيضين دون أن يكون انفصام؟، رحمة وقهر!! إذا كان الجواب أنه على المحسن رحيم وعلى الظالم قهار، حتى هذا غير مقبول الرحيم رحيم في كل شيء وعلى كل شيء, على سبيل المثال, في دول "البشر" لا أشباههم, حتى المحكوم بالإعدام يكون إعدامه رحيما وبدون عذاب، مع العلم أنهم يقدمون على الإعدام حتى ولو كان رحيما, لأنهم يحتاجون هذه "الحكمة" لأنهم غير قادرين على كل شيء وإن لم يفعلوا سوف يتفشى الإجرام).
ربما يقال يجب أن نرى الدنيا و"الحديث" عن الآخرة, لنفهم ذلك لكن لما القسوة و"السماح بالظلم تحت أي مبرر؟!
ربما يقيسونها, أنه كلما قوي الكائن يجب أن يزداد بطشه، أي مقياس هذا؟ ربما هو محقق فينا ككائنات حية حيوانات وبشر, لكن نحن لدينا حاجات نفسية ومادية تكون السبب وراء هكذا أفعال، لكن الله كذلك؟!
شيء آخر, لما مصطلح "عبد" ولما التعذيب والابتلائات ولما إذا أعطى الله شيء جيد, يكون شيء عجيب ويدعو إلى الذهول؟
- من جانبه, كريم ولا يحتاج إلى شيء, وعنده كل شيء ولا ينقص.
ومن جانبنا, نحن أولا وأخيرا, صنعته ومن روحه، ولم نفعل له شيئا, هذا إذا كنا قادرين على ذلك...
فلما هذه المعاملة؟
لما حتى المسيحي والبوذي يقولون أنهم يشعرون بحلاوة وسعادة بالقرب من ربهم؟ إذا كان الإسلام هو الدين الصحيح الوحيد في هذا الزمن, لما لا يكون هذا الشعور مقتصر فيه؟*
- النبي محمد سيسجد سجودا طويلا ويمدح الله و.... و.. يوم القيامة ليرحمنا الله_ الله يحب الكلام الجميل والمديح؟!.
الذي يحبه يبتليه أكثر!!!!*
إذا كان ذلك من مبدأ أنه يجب أن تدفع شيء مقابل الجنة, لما؟ إذ أن الله أعلى شيء في"الكرم" في "الرحمة",..., ولا يحتاج إلى شيء ولا ينقص منه شيء على الإطلاق!!
يقولون امتحان..‘أنا‘ أرفض هذا المصطلح.. الله لم يعرف ماذا خلق؟!
ربما يرد على ذلك أن الإنسان عنده إرادة حرة, فأفعاله مبنية عليها، لكن إعطاء "الإرادة الحرة" بحد ذاته أليست معروفة نتائجها؟ إضافة إلى ذلك أضع عدد لا يحصى من العقبات في طريقك, بدون أن أبرمجك على تفاديها أليست معروفة نتيجته؟
ربما يقال لا, هذا كلام خاطئ فهناك من نجح بتفاديها مع إراته الحرة.... ولكن هناك من لم يفعل، لم أكن أقصد "بمعروفة نتائجها" بالضرورة على كل الأفراد, لكن بعض منهم يكفي على ما أظن، ألا يدل ذلك أن الله بإرادته ليس "بإرادة البعض الحرة" أراد تعذيبهم؟ إذ أن إرادته فوق وقبل إرادتهم.
"ولو شاء الله لهدى الناس جميعا, ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" كيف بالإمكان تفسيرها؟
ربما مصطلح ابتلاء(كدفع ثمن مقابل الجنة) معقول أكثر..*
يقولون "لحكمة الله": عن أشياء سيئة.., أي يريد الله بها خيرا، لكن لا أظن أن الله يحتاج إلى حكمة "كحكمتنا" أي فعل شيء سيء أو قاسي أحيانا, بغرض خير، لسبب بسيط أن الله يستطيع أن يفعل ما يشاء, ويكفي أن يقول كن فيكون، أليس كذلك*
فإذا لماذا لا يفعل الخير مباشرة!!!!
على سبيل المثال: لتربي ابنك تحتاج أن تقسو عليه في بعض الأحيان، لكن (لأنه ليس لديك وسيلة أخرى)
شيء أيضا, لما اختيرت لغة ابتكرها البشر لتكون كلام الله؟ أليس الله بقادر أن يكلمنا بلغة يفهمها كل مخلوقاته؟!
يقال عن الذي لم تصله الدعوة أو عن المجانين أو الذين يموتون صغارا أنهم غير محاسبين, كيف هذا من الممكن أن يكون منطقيا؟!!*
إذا فرضنا أن الله لم يستطع أن يوصلها لهم فإذن(!!!!!!!!)
وعلى فرض أنه لم يشأ ذلك بإرادته, فأيضا(!!!!!!!!) ألم يقل (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون..), وأن الدنيا ابتلاء ويجب أن نعيشه, (ونبلوكم بالخير والشر فتنة وإلينا ترجعون)..
ما محل أولئك من الإعراب؟!!! ما مكانهم في الآخرة؟ لما لم يبتلو مثل باقي الناس؟.
لما من تعاليم الدين "القتال" أعلم أنه بقواعد ولكن لما يضطرنا لفعل شيء همجي "القتل" لما لا يتعامل معهم أو يميتهم هو؟
لما الحيوانات تقتات على قتل بعضها؟! وأيضا حلل لنا قتل مخلوقات وأكلها، ما الحكمة من السماح بالقتل؟ التدريب على الهمجية؟ لما يكون الطعام لذاته لم يكون مخلوقا فيقتل, فيأكل..؟! ما الحكمة؟
لما الحيوانات تعذب وتجوع؟ نحن لنلقى الثواب ونذوق الابتلاء, هم لما؟
سأل زغلول النجار أن الله يقول أنه أحسن الخالقين ومع ذلك هناك تشوهات وإعاقات وأمراض مع أن صنع الإنسان كشركات السيارات تكون أدق وبنسبة خطأ أقل، أجاب أن هذا بإرادة الله لحكمة أو لابتلاء.
لكن ماذا عن ذلك عند النبات والحيوان..؟؟ هم مبتلون أيضا؟!
يقال عند رؤية شيء أو رائحة جميلة, سبحان الله, أو صلاة على النبي، لما لا نتذكر في الأشياء القبيحة خالقها؟
نعيب كوننا ضعفاء وفي بعض الأشياء مقرفين, ولكن من يعاب الخالق أم المخلوق؟ "إذا كان يجب أن يلام أحد"
كيف التوفيق بين أن الطبيعي أن يكون الخير والشر ابتلاء من الله.. (ماذا بقي؟) وما من مصيبة إلا من أنفسكم...*
كيف يعاقب ويثاب المرء بنفس الشيء!!! مرة يقال من ذنوبك, ومرة من إحسانك!!
يقال إذا سألت من الذي خلق الله؟, يقال هذا السؤال من الشيطان، مع العلم أنهم يستدلوا على وجوده بهذا الشيء, بأن كل شيء معقد وكبير يجب أن يكون هناك أحد ما ورائه، لما عندما نصل إلى الله يلغى.
أعرف أنه لا يمكن أن يكون هناك أحد/شيء خلق الله, ولكن هذه (؟!) كسؤال من أين جاء الله, الاثنان مستغربان.
أنا لا أسأل هذا السؤال عادة، ولكن أستغرب كيف يصنف سؤال من الشيطان وليس من العقلBy the way..
كأن يقال هذا الكون كبير ومعقد...., فكيف تستطيع القول أن ليس هناك إله؟ (كبير ومعقد على أن يكون بدون خالق) هي (!!) ولكن ليس بالضرورة أن يكون الله هو الجواب.
*هناك نفس أمارة تأمرنا بالسوء (في أغلب الأحيان حاجات), الإنسان يحتاج نفس تأمره بحاجاته!! عندما الحيوان يأكل أو يتزوج أو يقتل ليأكل أو يتشاجر مع آخر من أجل الطعام أو غيره أو حتى عندما يتشاجرون من أجل السيادة (حتى عند الحيوانات) يكون عندهم نفس أمارة!!
كيف الرب يتركنا هكذا في حيرة في كثير من الأشياء؟!
صاحب دين يقول شيء والآخر يقول نقيضه!! حتى بتفسير القرآن..(لما القرآن يحتاج تفسير؟!) أليس الأقوال الخاطئة عن الدين لو أنه كان باجتهادهم بمثابة تحريف؟ بما أن بعض الناس اقتنعوا بكلامهم, لما يسمح الله بالأقوال والتفسيرات الخاطئة عن الدين!!
إذا كان لم يفعل هذا فإذن لما ليس كل الناس مؤمنين؟ لا أظن أنه من الممكن قول استكبار أو شيء من هذا القبيل, لأنه لابد أن يكون مجنون ليتغاضى عن شيء كالآخرة إذا كان مقتنع بها, (وفي هذه الحالة هو ليس محاسب!)
يقال أن هناك أدلة كافية، إذن بما أن هناك أدلة كافية تثبت أن الله موجود, إذن لم لا يطرح دليل قوي لا يقبل الشك؟ أو يوحي الله لكل البشر بوجوده؟
بالنسبة لي, يقال أن جثث الأنبياء والشهداء لا تفنى..؟ هذا دليل كافي إذا رأيت ذلك، لم لا يظهر ذلك؟!
هذه بعض الاستفسارات التي تفقدني يقيني.
أسأل البعض يقولون من شيطاني أو يقولون استكبار أو أنه يجب أن أكثر من الذكر والقرآن لأفهم، ما هذا الهراء المطلق؟!
أسئلة لم يجد لها عقلي (الغير سليم) أجوبة وشيء يدعو للغرابة يكون من الشيطان!
أو إذا قلنا أنه من منطلق الضعف والتواضع أن لا أسأل أو أستغرب, إذن المفروض أني إذا اخترعت لكم دينا غير منطقي, وأقول لكم أن هناك مخلوق, يوسوس لكم بأنه غير منطقي، المفروض أن تخضعوا له لكي لا تطيعوا المخلوق الذي اخترعته, أو لكي لا تكونوا مستكبرين بترك عقلكم يفكر في هذا الدين وفي محتواه.
حتى فكرة أنه يجب "الذكر" قبل الفهم، كيف أؤدي الفعل قبل أن أقبل الفكرة؟ وأيضا مثبت أن أي شيء يكرر كفاية يصبح عادة، فإذا أكون قد فرضت على نفسي القبول بالفكرة, وليس عن قناعة.
وهل من أسلم من الصحابة وغيرهم, كانوا يذكرون و... و.., قبل إسلامهم, أو هل كانوا لا يرتكبون أخطاء؟!!
ربما هذا ليس المكان الصحيح لطرح مثل هكذا موضوع، لكن بما أن الجميع هنا مؤمنين, فأعتقد أنه يجب أن يكون لديكم إجابات.
وأعرف أن هذا الكلام لن يعجب الكثير، لكن إذا كان أحد عنده جواب لكل هذا، وهو ليس “Closed mind”
أي يعتقد أن الحق ربما يكون في أي مكان, ومن أي شخص, وأن كل شيء قابل للنقاش والطرح وليس محظورا، فليتفضل ويجيب وله جزيل الشكر.
27/11/2013
ثم بتاريخ 12/12/2013 أرسل صاحب نفس الاستشارة أسئلته نفسها مع إضافة في بدايتها لم تعرض على المستشارة قبل النشر هي:
عندي بعض الأسئلة والتعجبات .. أظن أنهم بحاجة لإجابة...
لقد سألت بعض الناس, لكن لم تكن لديهم إجابة حقيقية, كانت أجاباتهم تقتصر على أن هذه الأسئلة (من شيطان أو تكبر), أو لأني أحتاج لأن أذكر الله كثيرا حتى أفهم إجابتها..
ولكن بكل بساطة, أعتقد أن هذا الكلام ينم عن السخف, والإفلاس.
مثال بسيط.. أنا إذا قمت بتأليف دين لكم, وقلت إن من ضمن هذا الدين مخلوق يحاول منعكم عن فهم ديني ويضلكم عنه..
إذا, المفروض أن تنصاعوا لهذا الدين مباشرة, وبدون تفكير,(لكي لا تطيعوا "المخلوق الشرير, أو أن لا تكونوا مستكبرين وتناقشون في أمور إله) أليس كذلك؟ هذا منطق سليم؟!
حتى قول أنه يجب الذكر و و, قبل الفهم, أيضا أظن أن هذا غير مقبول, لأنه مثبت أن أي شيء يكرر على العقل كفاية, يصبح عادة أو قناعة, وهنا أكون قد فرضت هذه الفكرة فرضا وليس عن قناعة, وأيضا لا أظن أنه من المنطقي أن يقوم "المخير" بالفعل قبل القناعة بالفكرة التي تحرض على ذلك الفعل.
12/12/2013
رد المستشار
أهلًا بك يا ولدي،
رسالتك تعكس حياة مليئة بالمعاناة، ونوعًا من ردات الفعل البشرية المتنوعة تجاه تلك المعاناة...
لي قريبان شابان، أحدهما توفي رحمه الله تعالى. والثاني ما زال حيًا وهذا من حسن حظه، الله يحبه إذا أعطاه فسحة في الأجل ليعود ويغير من سلوكه...
أما الأول فقد ابتلاه الله تعالى بمرض عضال نادر، يبدأ من سن البلوغ، تضمر فيه العضلات شيئًا فشيئًا، حتى تصل إلى القلب فيكون الأجل...
عاش عمره عاجزًا...، أصدقاؤه يلعبون فلا يلعب معهم، الناس يمشون وهو بحاجة إلى من يحمله...
الناس يذهبون إلى الحمام وحدهم، وهو يحتاج إلى من يحمله إلى هناك، ثم في النهاية أصبحوا يضعون له الحفاظات...
الناس يصومون، وهو محروم من هذه الطاعة لا يستطيعها...
الناس يذهبون إلى المساجد، وهو يصلي في سريره إيماءً...
أصدقاؤه تابعوا تعليمهم، هذا الطبيب وهذا المهندس وهذا، وهذا...، وهو بالكاد أنهى الابتدائية، ولا أدري إن حصل على الإعدادية وغالبًا لا...
وكان الأولاد يستهزؤون به دائمًا قبل أن يتبيّن مرضه، لضعف بنيته وقلة نشاطه...
صديقه استعار منزلهم من أجل حفل عقد قرانه، وهو داخل غرفته وفي سريره، يسمع الفرح، ويعلم أنه لن يحظى بهذه الفرصة، والبيت بيته، وليس بحاجة أن يستعير منزلًا كبيرًا لفرحه...
سألوه حينها: ألا تحزن إذ ترى صديقك أصبح عريسًا، وأنت هكذا؟ قال لهم: بلى.. أحزن... وكيف لا أحزن؟ طيب هل اعترض؟؟؟ هل قال: يا ربي شو جاييك من مرضي؟ ليش أنا بالذات ابتليتني؟
أستغفر الله العظيم من هذا الكلام...
في المرات القليلة التي رأيته فيها، كنت أسأله: كيف الحال يا فلان؟ فيجيب والابتسامة تملؤ فمه: الحمد لله بخير!!!!
دائم المعاناة، ودائم الرضى!!
كلما زرته أراه مبتسمًا، يقول: الحمد لله... رغم آلامه المبرحة...
أهله من عوام الناس...، يعني ليسوا مشايخ ليقال قد أتيح له ما لم يُتَحْ لغيره...، أبوه مريض نفسي يعني كقلته عندما كان حيًا، ثم توفي وتركه... وأمه معلمة تتركه في فترة الصباح وحيدًا في سريره لا مؤنس له إلا الله!!!
توفي في الثلاثين من عمره....
كان شيخًا كبيرًا... أليس كذلك يا ولدي؟ طبيعي يطلع معه كل هذا الرضى والشكر... أليس كذلك يا ولدي؟
يوم مات، ذهبت إلى داره، ودخلت غرفته بعد أن خرج منها إلى الدفن...، أعجبني جدًا رائحة العطر المنعشة التي تملأ المكان...، لم أشم أطيب منها من قبل...
وإذ بي بعد مدة أسمعهم يتهامسون... أشممتم هذه الرائحة الطيبة؟ فسألتهم: ألستم أنتم الذين وضعتموها؟!!! قالوا: لا!! فاحت في الغرفة وحدها بعد موته!!! سبحان الله!!
ومعلومك، شخص مريض، يضع الحفاظ، لابد أن يكون في غرفته شيء من الروائح غير المستحبة مهما كان هناك عناية...
من أين أتت الرائحة؟ ربما عفاريت أو أشباح؟ أليس كذلك؟ أو ربما أوصى ابن الجيران أن يرش في غرفته شيئًا دون أن يشعر به أحد!!! اطمئن، فالرائحة لم أشم مثلها من قبل، ليس لأجل جمال الرائحة فحسب، بل لأنها منعشة مريحة للنفس على نحو غريب!
رحمه الله...، قلت سبحان الله! الأصحاء يكدحون ويتعلمون ويعلمون ويفعلون من الطاعات ما يفعلون، لينالوا حسن الخاتمة...، وهذا مغمور لا يعلمه أحد، ليس له إلا صلاته، فأكرمه الله لصبره ورضاه!!! لن يحاسبه الله إلا على ما أعطاه... وليتني أضمن أن يكرمني بخاتمة حسنة كخاتمته...
وأما قريبي الآخر، فهو من عمرك تقريبًا، نشأ نشأة مليئة بالمشكلات الأسرية، وانفصل والداه... بالمختصر يفتقد جميع مقومات الحياة الأسرية وما فيها من رعاية...، لكنه بكامل صحته، وكامل حواسه...، هل نظر إلى نعم الله عليه؟ أم حصر نفسه فيما ينقصه؟!! له أخ أكبر منه، عانى في طفولته أكثر منه، ولكنه حوّل معاناته إلى تصميم في طلب الحق وما يرضي الله تعالى...
أخوين في نفس الظروف، ونفس المنزل... الأصغر مكتئب تعيس معترض سيئ العلاقة بالله تعالى...، والأكبر يسعى ويبحث عن الحق... حاله قمة في النجاح بالنسبة لشاب في مثل ظروفه؟
هل أعطي كبيرهما يدا زائدة؟ أو دماغين؟ هل ينقص أصغرهما رجل أو سمع أو بصر؟ هل هو منغولي أو معتوه؟؟
لا طبعًا إنما هو الرضى، والصدق في طلب الحق... فعلهما الأول وأعرض عنهما الثاني...، وإني على أمل أن يغير طريقة حياته يومًا، فالذي أكرمه أن يبقى حيًا ولم يأخذه على بعده وشروده، قادر على هدايته...، لكن الخطوة الأولى يجب أن تكون منه، ليظهر من خلال فعله رغبته الصادقة في الهداية... فيعطيه الله إياها...
المهم يا ولدي، هل تطرح أسئلتك رغبة في الهداية، أم لتعترض على هذه الحياة، وتنفس قليلًا عن غضبك منها، واعتراضك عليها، فما وجدت له حلًا، انتقلت إلى غيره، وما لم تجد جعلته برهانًا على ذكائك الذي اكتشف تناقضات الكون وتناقضات العلاقة بين الخالق والمخلوق...!!
اسمع يا ولدي...
إما أن تكون عبدًا أو إلهًا ...
أما أنك إله فلا أنت ولا أحد منا يصدق هذا...
فلست إلا عبد...، أتيت إلى هذه الدنيا، ولم يسألك الله قبل أن يخلقك، وفرض عليك عبادته ولم يسألك...، ووضع الأحكام التي تناسبك، ولم يأخذ رأيك، ولن يأخذه...
خلق الدنيا وما فيها، ولم يُشهدك، ولم يسألك...، الأرض والسماوات والكواكب والمجرات، وكل ما تراه حولك ملك له، الجنة والنار ملك له، وأنت ملك له!!!
ولما كان كل ذلك ملك له، فله أن يتصرف به كيف شاء، ويقولون: لو أن الله تعالى وضع خلقه كلهم في النار بَرَّهم وفاجرهم، لما كان ظلمًا منه، لأنهم ملكه، والمالك لا يوصف بالظلم إن تصرف بأملاكه...
فقلمك إن كتبت به أو أهديته أو بعته، أو حتى كسرته لا أحد يدّعي عليك الظلم هو ملكك وأنت حر...، ولله المثل الأعلى، فالله له الملك المطلق، أما البشر، فهم وما بأيديهم ملك لله، لهذا ترى العقلاء يصفون من يتلف بلا فائدة بالسفيه والمبذر، فضلًا عن تسمية الشرع...
ومع أن الله تعالى له أن يفعل كل ذلك بنا، إلا أنه كتب على نفسه الرحمة تفضلًا منه وكرمًا... أرسل الرسل كي لا يتيه الناس، وأنزل لك برنامجًا لفعل الخير وتفادي العقبات....، لكنك أنت الذي أعرضت وادعيت عدم البرمجة، فافتح عينيك وحرر عقلك قبل أن تدعي وتتهم...، أكرمك الله وأرسل إليك رسولًا كما يرسل الملك رسولًا إلى ملك آخر، وإنما أنت عبد له خلقك هو... أتستوعب معنى عبد؟ يعني مثل أيام الرق والعبودية.. الرقيق ما له شيء، كل أمره بيد سيده... تخيلتها هذه؟
وبعد إرسال الرسل رحمة وتكريمًا، وعد المطيع بالجنة، وجعله يعيش سعادة الدنيا قبل الآخرة عندما يذوق لذة الطاعة، ولذة الصبر، ولذة العطاء والإحسان إلى الغير، ولذة العمل والكدح... ومن لا يشعر باللذة في هذه المواطن، مريض يحتاج إلى نظر في صحته النفسية... فليعالج نفسه أولًا وليشعر بالمشاعر الطبيعية، ثم ليجادل وليناقش، وحينها يكون العقل هو الذي يسأل وهو الذي يتلقى الإجابة، وليست العاطفة والمشاعر المضطربة التي لا تعي قولًا ولا تفهم خطابًا...
وبالمناسبة، كل نشوة سوى نشوة مناجاة الواحد الأحد، عند الأديان الأخرى، إنما هي نشوة زائفة كالتي يشعر بها أي شخص عند سماع أغنية تروق له...، ولو شئت لأعطيتك مثالًا من موسيقى عند الهنود الحمر يتعبدون بها آلهتهم... تعطي النفس نشوة أيما نشوة، ولكني لا أخبر باسم المقطوعة أحدًا لأني لن أدله على معصية، وأنا نفسي لم أسمع إلا بدايتها!!!!
ما رأيك بهذه النشوة الزائفة، هل تدخل الناس الجنة وتخرجهم من النار؟ هل تقربهم من الإله الحق الواحد الأحد؟ قطعًا ويقينًا: لا. مالنا ولتلك النشوة إذن؟ نحن لا نعبد الله للنشوة، ولكن لأنه يستحق العبادة...
فهذا الذي ذكرته لك، حقيقتك وحقيقة الدنيا من حولك... فإن لم تعجبك الدنيا، ولم ترق لك قوانين الله تعالى فيها، فابحث عن مكان آخر لا يدخل في ملك الله تعالى، فإن وجدته –ولن تجده- فافحصه جيدًا، لعله لا يعجبك أيضًا...، فإن أعجبك اجلس فيه وافعل ما تشاء...
وحيث إن السطرين الأخيرين نسج الخيال ولا وجود لهما في الواقع، فأنت مضطر لأن تعيش في ملك الله شئت أو أبيت...
والقوانين واضحة، إما أن تطيع فتدخل الجنة، وإما أن تعصي فتدخل النار، ولا خيار ثالث، أعجبك أم لم يعجبك!!!!!
لديك أدلة عقلية وحسية تحيط بك، تدلك على الله لتؤمن به وإن لم تكن تراه... ولو شاء الله لأرى الناس دليلًا يقينيًا قاطعًا يجعلهم يؤمنون به دون شك، ولكنهم حينئذ يكونون مؤمنين بالاضطرار لا بالاختيار، حيث لا مجال للتفكير...
وحينها سيكون الناس كسائر المخلوقات سواهم، لا ثواب ولا عقاب ولا تكليف، والنهاية إلى الفناء التام....
فكما ترى، البراهين القاطعة تنافي التكليف، فإن كنت لا تريد التكليف، فعالم المجانين يرحب بك... لا تدري لعلك تنام اليوم فتستيقظ وقد انضممت إليهم... فطريقة تفكيرك كفيلة بجلب الجنون لقبيلة وليس لك فحسب....
تراجع عما أنت عليه يا ولدي قبل فوات الأوان، وقبل أن يضعوك في صندوق، ويحملوك على الأكتاف، ثم يدفنوك في التراب مع الدود...، وإبليس عرف الله يقينًا ورأى جنته وناره، وآثر أن يجعل نفسه ندًا لله، رغم كل ما يعرفه، وأن يسأله لم فعلت؟ ولمَ لمْ تفعل؟ لمَ هو وليس أنا؟ كان ينبغي أن يكون كذا وألا يكون كذا!!
واحذر أن يستدرجك اللعين لتصبح من عبدته لا مجازًا بل حقيقة!!!
فجماعة عبدة الشيطان هذا منطقهم: يعترفون بالله، وأنه خالق الكون وخالق الناس، وأنه المستحق للعبادة، ويعترفون بسائر ما نؤمن به، لكنهم جعلوا أنفسهم ندًا لله تعالى... أرادوا (بالجكارة) أن ينصروا إبليس ويعبدوه من دون الله بحجة (ليش عمل رب العالمين فيه هيك؟)... يعرفون أن مصيرهم إلى النار مع إلههم إبليس، ولكنهم ضحكوا على أنفسهم وعدّوا النار نعيمهم وسعادتهم، والرذائل حريتهم وحقهم، والانتحار سبيلهم إلى نعيمهم....
ويلا يا بشرية... انتحري دفعة واحدة وأهلًا بك وسهلًا في جهنم، المقاعد متوفرة، والحجز سلفًا في الدنيا...
لا إجابة لأسئلتك سوى هذا، وأما التفاصيل فأنت تعرف إجابتها أكثر مني، وكلما جئتَ بتساؤل رَدَدتَّ على نفسك ثم انبريتَ تنقض الرد وتنكر الإجابة، وهكذا بلا توقف...
فإن لم يوقفك إدراكُك لعبوديتك، وانصياعُك لأوامر الله تعالى ورضاك بأقداره، فلن يوقفك إلا الموتُ يسكت لسانَك، ودودٌ في القبر يتسلى بأكل دماغِك الذي أعملته في الترهات، وقعر جهنم الذي سيرتطم به رأسك عندما تلقى فيها...
أعاذك الله منها وإيانا وثبتنا جميعًا على الإيمان إلى أن نلقاه وهو راضٍ عنا...، وإن شئت نصيحة صادقة: ابحث عن صحبة صالحة تمضي غالب وقتك معها بدلًا من صحبة إبليس الذي يعطيك دروسًا نموذجية فتحفظها وتنجح فيها بدرجة الشرف الأولى...
التعليق: قوة العقل والشخصية = إدراك أكبر لمعاني الحياة، واستعداد أكبر للهداية (1)
السلام عليكم.
مع كل محنة منحة، فالله له الحكمة في جعلنا أكتر قوة بعد الأمراض والابتلاءات وأكتر حكمة وخبرة في الحياة.
الكلام مش بيعلم الإنسان كالتجربة. فالكلام قد يتهاون معاه الإنسان، أما التجربة فبتخلي المعلومة راسخة وحقيقة لإدراكها.
التفكر في مشاكلك يجعلك تتيقن إما هي واقي لما هو قد يدمرك، أو ليعلمك علشان ما يخدكش الوقت وتعيش وتتلذذ بالحياة إلى أن يفاجئك الموت ويكون وقتها لا ينفع الندم.
من الجميل إنك تحس إنك بتتعدي العقبات والصعوبات، مش كائن ضعيف القيمة والقدرات وعايز كل حاجة تكون جاهز. إنت بتحس بنجاحك في التحديات بإنك مخلوق مكرم، يقوي نفسه ويجعلها تستقل من إنها تنجرف بإن تعبد الحياة بتلذذاتها.
فعبودية الله هي قمة الحرية، لأن الله أحق بالعبادة وهو الخالق، فالخالق يقدر عبادتك له. لأنك لو ما عبدت الله، هتقع في عبادات أخري كعشق المال أو الأهواء أو الشهوات أو السلطة وغيره. لأن طبيعة الإنسان تهوي وتشتهي لما حوله، ولكن المنظم الرائع لما تهوي وتشتهي هي عبادة حقيقية تجعلك أكثر توازن لإعطاء كل شئ قدره الحقيقي دون تعذيبك، لأنك مش هتقدر تحصل على كل شيء وبأسلوب معين إنت عايزه... يتبع