الملاك الحزين والخوف من النبذ
في البداية أشكر حضرتك جدا على موقع مجانين وأدعو الله أن يكلل جهودكم وجهود العاملين به بالمزيد من التوفيق وأود المشاركة في عرض معاناتي التي لم تنتهي.
أعرفكم بنفسي فأنا فتاة أبلغ من العمر 36 عاما وحيدة بين أربعة من الأخوة الذكور وأمي متوفية وأعيش مع أبي وأخوتي الذين أكون أنا أكبرهم أعمل دكتوره، أعاني من ارتعاش يديّ وجسدي مع وجود آلام عضلية مبرحة منذ عدة سنوات وذلك لتعرضي للعديد من الصدمات النفسية منذ أن كان عمري 7 سنوات وأرجو أن تلتمسوا لي العذر في الإطالة عليكم حتى أستطيع طرح مشكلتي فأنا انطوائية بشكل عام منذ طفولتي لا أجري ولا ألعب مثل باقي الأطفال.
1- عند عمر سبع سنوات اشتعل حريق هائل بأحد المطاعم المجاورة لمنزلي وكنت وقتها وحيدة بالمنزل وشاهدت النيران المشتعلة من أعلى من البلكونة وأتذكر جيدا مظهر النيران المشتعلة ومنظر المصابين المحمولين على ناقلة سيارة الإسعاف كما أتذكر جيدا منظر سيارة الإطفاء فتخلل الرعب جسدي وكنت أرتعد بشدة وقتها وبكيت كثيرا أثناء مشاهدتي لذلك ولكن لم أصرخ ولم أتفوه بكلمة واحدة ثم خلدت للنوم بعد ذلك وترتب عليه:
الخوف والفزع من النار عموما إلى وقتنا هذا وأحلام مزعجة والهلع عند سماع سارينة الإسعاف
2- عند عمر 12 سنة سكبت الماء المغلي على قدمي والذي تسبب في أن أمكث بالفراش لمدة طويلة حتى تماثلت قدمي للشفاء بعدها أصبت بتيبس مفصل القدم ولم أستطيع تحريكه إلى أن تم الشفاء منه بعد ذلك بإجراء العلاج الطبيعي وبمرور الوقت شفيت تماما وزالت آثار الحريق.
3- عند عمر 14 عام توفت صديقتي في حادث مروع أمام عيني عندما كنا نعبر الطريق أمام المدرسة مما أدى إلى الخوف من الطريق إلى يومنا هذا الهلع من سارينة الإسعاف والأحلام المزعجة.
4- عند عمر 16 سنة قرأت في الجريدة عن خبر اغتصاب فتاة في الطريق العام مما أدى إلى الخوف من الناس بشكل عام الشعور بحالة من الاشمئزاز والقرف من الجنس الآخر الإصابة بحالات تشنجية على فترات متقاربة ثم تباعدت بعد ذلك أحلام مزعجة.
5- عند عمر 22 عام أصيبت أمي بالمرض اللعين والذي ظلت تعاني منه لمدة 6 سنوات.
6- عند عمر 28 عام توفيت أمي (ناقشت رسالة الماجستير بعد وفاة أمي بشهر واحد) وأصبت بحالة من الاكتئاب لازمتني لمدة عامين كاملين (لم أذهب إلى طبيب).
7- تعرضت لآلام عضلية مبرحة أثناء تسجيلي للحصول على درجة الدكتوراة ولكن تخطيتها والحمد لله وحصلت على درجة الدكتوراة عام 2012
8- بعد حصولي على الدكتوراة زادت حدة رجفة اليدين والجسد والشعور بالضعف والهوان وعدم القدرة على فعل أي شيء آخر.
9- أميل بشدة للعزلة والوحدة منذ طفولتي وإلى يومنا هذا ولكن الجديد أنني لا أرغب في التعامل مع أي مخلوق وذلك لعدة أسباب منه ذكريات الماضي التي تسببت في الخوف والرعب من الناس بشكل عام والشعور بحالة من الاشمئزاز والقرف من الجنس الآخر بالإضافة إلى أنه تمت خطبتي لزميل بالعمل ووجدت لديه نموذج سيء لا أقدر على التعامل معه وأضف على ذلك الكثير من النماذج المقرفة من مضايقات المبتذلين سواء في الشارع أو في محيط العمل (التحرشات)
10- توجهت إلى أحد الأطباء للعلاج ولكن ما أن بدأ في العلاج إلا وتركني وسافر فشعرت مرة أخرى بالوحدة وأنني لم أجد من يساندني في محنتي حيث أن كل المحن السابقة كنت فيها وحيدة لم أجد من يساندني فيها فقررت أن لا أذهب إلى أحد وأغلقت قلبي على أحزاني ولم أبوح لأحد بما أشعر به كما تعودت أن أطوي جراحي بداخلي ولم أترك المجال لأحد.
11- وأخيرا كانت نتيجة كل ما سبق ما يلي:
الملاحظ في كل صدمات عمري أنني أبكي ولم أصرخ أبدا ولم أحكي ولم أشتكي
لا أرغب في التعامل مع أي مخلوق حتى أبي وإخوتي.
أميل دائما إلى الانطواء والوحدة.
أظهر دائما لكل من حولي أنني صامدة وقوية ولكني من داخلي أضعف من ريش الطير.
تلازمني نوبات متكررة ومستمرة من البكاء مع نفسي وليس أمام أحد.
لذلك قررت أن أكتب لكم فلا تتخلوا عني
هل من الممكن إرسال الرد على الإيميل الخاص بي إذا كان هذا لا يضايق حضرتك بالله عليك ماذا أفعل كي أعود من جديد وأستطيع استئناف عملي الذي أحبه جدا والذي يعتبر هو النافذة الوحيدة التي أتنفس منها، والسلام عليكم ررحمة الله وبركاته
13/11/2013
رد المستشار
شكراً على رسالتك وتمنياتي لك بالنجاح والتوفيق.
في بداية الأمر لابد من التطرق إلى صحتك النفسية الآن من خلال محتوى الرسالة بعبارة أخرى رسم صورة جانبية Psychological Profile هذه الصورة تكشف عن ما يلي:
٠ الشعور المزمن بالحزن وعدم السعادة.
٠ الشعور بالقلق والخوف من التعامل مع الآخرين.
٠ الميل إلى تجنب التفاعل الاجتماعي.
٠ الشعور بالهشاشة داخلياً.
هذه الصورة قد تكون واضحة لمن حولك أو خافية.
يصعب على الطبيب النفسي في هذه المرحلة الجزم بوجود اضطراب الاكتئاب رغم إشارتك إلى هذا الاضطراب خلال عامين من رحيل والدتك معدل مرحلة الحزن بعد رحيل المقربين 30 شهراً ولذلك أستبعد إصابتك بنوبة اضطراب اكتئاب كبرى أيامها.
بعد رسم هذه الصورة يجب النظر إلى تاريخك الطولاني Longitudinal History هذا التاريخ يتميز بتكرار صدمات متكررة منذ الطفولة تفسر من وجهة نظرك حالتك النفسية وشخصيتك على مر السنين يمكن وضع الصدمات في إطارين:
٠ الفقدان Loss.
٠ التهديد Threat .
الصدمات التي أشرت إليها تميل إلى الفقدان بدلاً من التهديد عموماً لكن هناك شعورا مزمنا يلاحقك وهو التهديد الذي يشمل كل من هم حولك أنت لا تشعرين بالتهديد منهم ولكن تعانين من عقدة فقدان من يتقرب لك وهذه لم تفارقك إلى اليوم.
يتجاوز الكثير من الأطفال والشباب الصدمات حتى وإن تكررت وربما البعض منها أشد بأساً من الصدمات التي تعرضت إليها وهنا يتساءل الطبيب النفسي لماذا؟ ويبدأ بالبحث عن النزاع البؤري Focal Conflict هناك إشارة إلى إطار هذا النزاع إلى تجربتك في تلقي العلاج النفسي هذه الإشارة يمكن دمجها مع ظروفك العائلية وموقعك في البيت والاستنتاج بأن النزاع البؤري الذي أنت فيه هو الشعور المزمن بالخوف من النبذ Fear of Rejection.من الممكن تلخيص التحليل الشخصي كالآتي:
لا يمكن التخلص من مشكلتك في الانبساط والانفتاح والتوافق مع الآخرين دون الانتباه إلى العصاب الذي تحملينه في داخلك.
التوصيات:
٠ لا تزالين في مقتبل العمر والحياة تفتح الأبواب على مصرعيها لمن يرغب في الرحيل من مرحلة إلى أخرى.
٠ عليك بالانتباه إلى عقدة الخوف ونبذ الآخرين لك أولاً ثم عليك بالتفكير في خطوات عدة يصعب حصرها في رد على استشارة ومنها:
- الانتباه إلى أنوثتك
- البحث عن الاستقلال من الوسط العائلي
- الاتصال الاجتماعي مع الآخرين.
- البحث عن الحب إن عثر الحب عليك فلا تهربي منه.
تغيري اليوم قبل الغد ومن الله التوفيق.
ويتبع >>: الملاك الحزين والخوف من النبذ م