وسواس الطهارة
السلام عليكم؛ أعاني من وسواس في الطهارة من 10 سنوات وبدأ يقل تدريجيا ولكن لم ينتهي الآن أعاني من وسواس في الطهارة عند الاستنجاء وعند الغسل في الوضوء وكذلك طهارة الملابس وقد قرأت كثيرا جدا في هذا الموضوع وطريقة العلاج السلوكي ولكني لم أستطع أن أنفذه وذلك لأنني أشعر أحيانا أنني على حق وأنني لا أستطيع أن أفعل غير هذه الطقوس التي أفعلها دائما.
لكنني مللت من ذلك وأريد أن أعيش حياة طبيعية مثل كل الناس لذلك أريد أن أعرض عليكم هذه الأفكار والتصرفات لترشدوني للخطأ والصحيح منها وما يجب على أن أفعل:
أولاً: عند الاستنجاء أحس أن البول قد تناثر على قدميَّ ورجليَّ فأقوم بغسلهما وأظل في ذلك حوالي 10 دقائق فهل ما أفعله صحيح وإذا كان خطأ ماذا يجب علي أن أفعل؟
ثانياً: عند الوضوء أتخذ ثيابا خاصة للوضوء وثيابا خاصة للصلاة وأكرر غسل قدمي كثيرا لأنني أشعر أن الماء ينزل على الأرض ثم يرتد على قدمي
ثالثاً: لا ألمس الأشياء التي لمسها أحد قبلي وإذا لمستها أغسل
وأفكار أخرى تأتيني لا أذكرها حتى لا أطيل أريد فقط أن ترشدوني كيف أتعامل مع الأشياء التي ذكرتها؟؟ فأنا عندي استعداد أن أفعل مثل ما يفعل إخوتي وأهلي وأعود لحياتي قبل 10 سنين ولكني لو فعلت ذلك أشعر أنني غير طاهرة، وأنا الآن أرفض الزواج خوفا من الوسواس لأنني أعرف أنه لن يتحملني إنسان
فماذا أفعل هل أستمر في الرفض وعذرا للإطالة
وجزاكم الله خيرا
10/01/2014
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "رولا"، وأعانك الله على معاناتك وشفاك ...
لفت نظري قولك: أشعر أحيانًا أنني على حق.
والذي أرجحه أن هذا عائد إلى عدم ثقتك بعلم من حولك بأحكام الطهارة، لا إلى قلة استبصار بحالتك. والحقيقة أنك أنت التي لا تعرفين الأحكام لا هم، ففعلك في الأسئلة الثلاثة التي ذكرتها غير صحيح، ولم يرد في حديث ولا فقه، وورد عن الإمام أحمد رحمه الله: (من قلة فقه الرجل ولعه بالماء).
أما غسل الرجلين: فدعي الإحساس جانبًا، فالمعول على ما ترينه، انظري نظرة عادية، لا نظرة تفحص لقدميك، فإن رأيت شيئًا فصبي عليها قليلًا من ماء، ولو أنك أخذت بكفك شيئًا من الماء وصببتِه على رشاش البول الذي رأيته كفى هذا... أما أن تجلسي عشر دقائق، فهذا حتمًا غلط، وتصرف غيرك هو الصحيح.
الموسوس يا "رولا" لا يشعر باكتمال الفعل، أي مهما صببت الماء سيبقى شعورك أنك ما طهرت المحل بعد!! لهذا ليس أمامك إلا ضبط نفسك بعمل، لا بإحساس. اضبطي غسلك لرجليك بما ذكرته لك: إن لم تشعري برشاش البول فلا تحاولي التفتيش، إن شعرت فانظري نظرة اعتيادية لا فاحصة مدققة، إن لم تجدي شيئًا بعد تلك النظرة فلا تغسلي رجلك، وإن رأيت شيئًا واضحًا ظاهرًا فصبي قليلًا من الماء. تحملي القلق والله يعينك وسيزول بإذن الله.
وبالنسبة لاتخاذ الثياب الخاصة للوضوء والصلاة: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا؟ هل سمعت أن أصحابه أو أحدًا من أئمة العلم فعل هذا؟ كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء ويتوضأ ويصلي مستعملًا ثوبًا واحدًا...، وكذلك أصحابه، أصلًا كثيرًا منهم لم يكن يملك سوى ثوبًا واحدًا.
أيضًا ليس أمامك إلا ألا تستجيبي لشعورك بالنجاسة –وقد قرأت بما فيه الكفاية عن هذا كما ذكرتِ- كذلك شعورك بارتداد الماء، طالما أن هناك احتمالًا ولو 1% ألا يكون الإحساس صحيحًا، أو أن الماء الذي أصابك ليس نجسًا فلا تعيدي الغسل، اسألي نفسك لماذا أنا أعتبره نجسًا؟ هل أنا متأكدة أن الماء نجس على الأرض؟ في أغلب الحالات ستجدين نفسك تقول: ربما نعم وربما لا..، محتمل..، غالبًا..، كل هذه العبارات لا تقوى على التنجيس لأنها لم تبلغ مبلغ تيقن النجاسة، وإنما احتمال وشك. (اليقين = 100%، والاحتمال في أحسن أحواله 99%. و 99% لا تغلب 100%).
كذلك لمس الأشياء، اسألي نفسك: لماذا لا ألمسها؟ ستقول لك: ربما تكون نجسة، فربما كان من لمسها لا يتورع عن النجاسة! طيب، هل أنت متأكدة أنه حين لمسها كانت يده نجسة ولم تكن طاهرة؟ لا طبعًا!! إذن القاعدة الفقهية تقول: الأصل في الأشياء الطهارة. وأخرى تقول: لا تنجيس بالشك. إذن شكنا بالنجاسة لا يزيل طهارة الأشياء الأصلية. ولا حل أمامك إلا لمسها دون غسل يدك بعدها...
لا حلّ للوسواس بعد أن عرفت خطأ الفكرة إلا التطنيش... وإلهاء النفس عنه بأي وسيلة كانت.
هذا الأمر –بعد الاستعانة بالله- بيدك أنت لا بيد غيرك، فقد أكتب لك مقالًا لأقنعك، لكنك لن تستفيدي شيئًا إن لم تطبقي...
استعيني بالله ولا تيئسي من فشلك مرة أو اثنتين...، وبإذن الله لن يخيب أملك.
ولا ترفضي الزواج بسبب الوسواس، وإنما بعد أن يوافق الخاطب على كل شيء، أخبريه بينك وبينه أن لديك وسواسًا في كذا وكذا، وأنك تحاولين التخلص منه... فإن قبل فبها ونعمت، وإن لم يقبل فلن تكوني أنت من جنى على نفسه بالرفض.
وانتبهي ألا يكون هو الآخر موسوسًا، لأن زواج الموسوس من الموسوسة يجعل احتمال إصابة الأطفال بالوسواس أقوى.
التعليق: أشكر المستشارة على وضوح التعليق.
تعليق
لا بأس أحياناً من طرح رأي آخر. رد المستشارة لا غبار عليه في إطاره ومحتواه.
ما يسمى بالوسواس في الطهارة أو العبادات ليس حصراً على المسلمين وإنما يمس جميع الطوائف الدينية بصورة أو بأخرى. وسواس طقوس العبادة مساره حميد في الغالبية العظمى ويميل إلى التلاشي بعد فترة قصيرة ولا يمكن تصنيفه كاضطراب عقلي.
في النادر من الحالات يكون جزءًا من اضطراب عقلي أو نفسي ومنها الوسواس القهري، الاكتئاب وغيرها.
الوسواس القهري هو أكثرها شيوعاً ولكن عند النساء يتميز بمسار حميد ويبدأ كما هو الحال هنا في نهاية العقد الثاني ويستمر لعام أو أكثر بقليل وينتهي. قد يعود في بداية العقد الثالث ويتلاشى أيضاً ويستجيب للعلاج. أما مسار أعراض الأخت المستشيرة فلا يمكن وصفه بالحميد ويتطلب مراجعة طبيب نفسي والعلاج بالعقاقير مع علاج نفسي أحياناً.
توكلي على الله وراجعي أحد الأخصائيين.