لوم الملاك الحزين للسادة موقع مجانين
الملاك الحزين والخوف من النبذ
الملاك الحزين بعد التعديل
أصدقائي الأعزاء في البداية أشكركم جزيل الشكر على هذا العمل الرائع.
النهارده قررت أكتب إليكم بعد أن أكرمني الله سبحانه وتعالى وتمكنت من حل بعض مشكلاتي الرئيسية:
1- كنت أخاف جدا من النار منذ اندلاع حريق هائل منذ صغري مما جعلني أهاب النيران بشكل عام لدرجة أنني أخشى حتى نيران البوتاجاز أثناء إعداد الطعام واليوم وبعد التدريب المستمر استطعت أن أتخطى ذلك وأن أعد حتى أشهى الوجبات في الفرن بدون خوف حيث كنت لا أطهو أي شيء بالفرن فإما أشتريه جاهز أو أستبدله بالفرن الكهربائي ولكن قررت المواجهة بدون خوف حتى استطعت ذلك بمنتهى الجرأة.
2- كنت وقد تعرضت لحرق من الدرجة الثالثة بقدمي مما تسبب لي في أن أمكث بالفراش لمدة طويلة فكان ذلك قاسي على قلبي وأعصابي وزاد الأمر سوء عندما حاولت الوقوف على قدمي ولم أستطع نتيجة لتيبس مفصل القدم فلجأت للعلاج الطبيعي فترة حتى شفيت ولكن بقيت لمدة طويلة لا أستطيع السير عليها لمسافات طويلة ولم أستطع ارتداء أي حذاء مقفول مما تسبب لي في الضيق المستمر من عدم قدرتي على ذلك حتى بعد أن شفيت تماما ولكن بدأت لا أخاف من الأحذية المقفولة وفعلا استطعت أن أرتدي الأحذية المقفولة بكل أنواعها حتى البوط الطويل.
3- ولما كان لموت صديقتي أمام عيني الأثر الأكبر على سوء حالتي النفسية والذي تسبب لي في الفزع والرعب من سارينة الإسعاف وأن أدعو الله عز وجل لمن فيها بأن ينقذه الله من الموت بدأت كل يوم أذهب إلى مقر الإسعاف حتى أتحمل صوت السارينة دون أن أنهال في البكاء وتذكر منظر صديقتي الغارقة في دمائها واليوم لا يتملكني من صوت سارينة الإسعاف سوى الدعاء للمريض بالشفاء.
وتبقى واحدة، إن كنت وقد استطعت التخلص من بعض المشاكل النفسية والتي كنت أراها كبيرة وجئت اليوم وقد تخلصت منها فأراها بحجم حبة الأرز فالحمد لله.
أما الواحدة المتبقية فهي عدم القدرة على التفاعل الاجتماعي مع الناس فبحكم عملي أقابل الكثيرين كل يوم أتعامل وأضحك ولكني من داخلي أختنق لا أطيق التعامل مع أحد على الرغم من أنني محبوبة جدا من المحيطين وذلك لالتزامي واحترامي للجميع ولكن أكون في مجلس والجميع ملتفين حولي ويمدحون طريقتي في العمل وذكائي وسرعتي في إنجاز مهامي مما يجعلني محل ثقة لدى زملائي وأساتذتي؛
إلا أنني دائما أشعر أنني غريبة ومن عالم آخر وكأن شيئا مكسور بداخلي وعندما أنجز أصعب المهام والكل يشيدون بذكائي في عمل ذلك إلا أنني أشعر وكأني لم أفعل شيئا وعندا يكرمونني على إنجاز أجدني أشعر وكأن هذا التكريم ليس من حقي، وكثيرا ما أسأل نفسي لماذا مع كل هذا النجاح أجد شمعة السعادة بداخلي مطفأة وكثيرا ما يتملكني الحزن والأسى بعد كل تفوق أحققه علما بأن هذا الشعور يلازمني طول حياتي على الرغم من أنني دائما أحقق المراكز الأولى في كل شيء وكانوا يطلقون علي "الأروبة" وكذلك "مس برفكت" وذلك لأن كل شيء أكلف به أيا كان أنجزه في أحسن صورة بدون أخطاء لذلك حاولت أن أتخطى هذه فلم أستطع؛
وأضف على ذلك حالة الاشمئزاز والقرف من الجنس الآخر باختصار فأنا أتعامل مع أساتذتي وزملائي بكل حب واحترام ولكن عندما أجد أحدا يتقرب لي راغبا في الارتباط بي أنهره وتلازمني تلك الحالة من الشعور بالاشمئزاز والقرف وأتذكر أشياء منها ما قرأته في الماضي عن إهانة فتاة واغتصابها بالطريق العام ومنها أزمة انعدام الأخلاق التي سادت مجتمعنا هذه الأيام؛
أضف على ذلك ارتفاع معدلات الطلاق والتي أصبحت ظاهرة عامة بين المتزوجين اليوم مما يثير بداخلي الرغبة بعدم الانصياع وراء كلمة حب أو نظرة إعجاب حتى لقبني المحيطين بأنني أملك قلبا جامدا لا يتحرك أبدا حتى قال لي أحد الزملاء ذات يوم لفظا "إنت أصلك واحدة قلبك جامد ومش قادرة تقدري يعني إيه إنسان بيحبك"؛
وجعتني قوي بس والله أنا مبقدرش أحس بجد إن فيه حد بيحبني مش لأني متحبش لا سمح الله ولكن لأني بحس إني مش قادرة أصدقه ولا أصدق أي حد ممكن يقولي بحبك لأني شايفة قدامي نماذج حية وبتخون من غير حساب لحد مرة دكتور ضايقني ولما نهرته طلب يتجوزني ولما قلتله يحافظ على بيته أحسن ويعمل حساب لمراته زميلتنا وهو يقبل كدا عليها ولا على بنته أو أخته قالي عادي كل واحد حر يعمل اللي هو عاوزه هو أنا بعمل إيه يعني.
كذلك عندما توفيت أمي صدمني أبي بعد وفاتها بأيام قائلا لي أن قلبي ميت لا يشعر ولا يتألم وذلك لأني نفذت وصية أمي لي عندما طلبت مني أن أسترها وأساعد في تكفينها ودعت لي بأن يسترني الله في الدنيا والآخرة وأن يقيني شر الدنيا ومن فيها وييسر أمري ويسخر العالم في رعايتي ومساعدتي وخدمتي فلم يكن مني سوى أن أبقى صامدة بتثبيت من الله سبحانه وتعالى فهو الذي أعانني على ذلك ولم أكن ذات مواصفات خاصة.
نفذت وصية أمي حتى ذهبت إلى مثواها الأخير وزد على ذلك بأن قبل وفاتها بأيام كنت أستعد لمناقشة رسالتي فلم أطلب التأجيل وتحاملت على نفسي ووفقني الله في ذلك ولكن بعدها عادت إلي العزلة والبعد كل البعد عن الناس حتى أفراد أسرتي ذلك لأنني تألمت جدا عندما هاجمني أبي قائلا أن قلب ميتا فشعرت أنني لا أملك التعامل مع الناس عموما حتى أن أساتذتي حاولوا معي كثيرا حتى أعود لعملي وأستأنف دراستي للحصول على درجة الدكتوراة فلم أستجب إلا بعد عاميين كاملين ولا أخفي عليك أنه حتى بعد أن خرجت من عزلتي لم أتمكن من الشعور بالسعادة في أي شيء.
أما الآلام العضلية فكانت نتيجة للضغط على قلبي وعقلي وأعصابي طيلة هذه الفترات من حياتي ولكن تخلصت جزئيا من رعدة يداي وجسدي عندما توقفت عن تناول القهوة والنسكافيه والشاي ولجأت لشرب كوب من الحليب صباحا ومساء.
ولكن حتى تكتمل صورة الملاك الحزين بعد التعديل أرغب في مساعدتكم لأن يتحول اسمي بدلا من الملاك الحزين إلى المتفائلة فهل هذا ممكن نابليون قال "مفيش مستحيل" ودكتور وائل أبو هندي قال "اللي عنده عنين ورأس يعمل اللي بيعملوه الناس" وأنا على فكرة مثلي الأعلى في الحياة واللي كان دايما قدام عيني في كل محن حياتي هو الدكتور العظيم عميد الأدب العربي دكتور طه حسين.
كنت دائما أتذكره وأقول لنفسي خلقه الله أعمى ومع ذلك لم يمنعه عدم البصر من تحقيق آماله وأحلامه أما أنا فأملك عينان ويدان وقدمان وعقل واعي وقلب رقيق يشعر ويتألم ولم يكن ميتا ولا جامدا بل كان مؤمنا صامدا راضيا بقضاء الله وقدره والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
هذا وبالله التوفيق لكم أخلص الشكر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
11/1/2014
رد المستشار
شكراً على مشاركتك الموقع مرة أخرى.
هناك عدة جوانب إيجابية في الرسالة تبعث الأمل في الكثير من مشاركي الموقع. عالجت نفسك بنفسك وتجاوزت أكثر من رهاب وسلوك تجنبي.
ولكن هناك بعض الغموض في رسالتك الحالية واستشارتك للموقع.
محتوى الرسالة قد يوحي للبعض بأنك تعبرين عن مشاعر نفسية وصراعك مع التحديات التي تواجهك. لا يختلف هذا كثيراً عن تعبير الانسان في جلسة علاجية نفسية يطلب فيها من المعالج الاستماع إليه حين لا يجد من يستمع إليه في حياته الشخصية والمهنية.
وظيفة الاستماع هذه قد تكون أحد أسباب تعلق الكثير بالعلاج النفسي بصورة منتظمة رغم غياب الدليل على فعاليته. لو تفحصنا الحياة بصورة دقيقة لقلما عثرنا على رجل أو امرأة يستمعون إلى شريكهم في الحياة بصورة مستمرة وبانتباه وبدون انقطاع لمدة 60 دقيقة في الأسبوع. الموقع يستلم الكثير من الاستشارات التي هي أشبه بجلسة علاج نفسي ويفتخر بالاستماع إلى من يستشيره المرة بعد الأخرى ولا حرج في ذلك أبداً.
من هذا المنطلق يستمع الموقع إلى من يستشيره ولكنه يعمل بالضبط ما يفعله المعالج النفسي المحترف. يحرص المعالج النفسي المحترف على خوضه بعملية مراقبة ومتابعة من معالج أو مستشار آخر. هذا المشرف ليس بالضرورة أرفع منه علماً ومركزاً بل وقد يكون أحياناً تلميذا سابق. هذه العملية تساعد المعالج على دراسة الحالة من أكثر من بعد وتفادي الوقوع في دراسة الحالة من زاوية ضيقة للغاية.
هذا ما يفعله الموقع أيضاً. بعد استلام الاستشارة يتم قراءتها وتصنيفها من أحد المستشارين وهو الأستاذ الزميل د. وائل أبي هندي ويتم إحالة الاستشارة إلى مستشار آخر. يناقش المستشار الحالة ويبعثها إلى الموقع ويتم تفحصها ونشرها وربما استشارة مستشار آـخر. كذلك قد يصدر تعليق من مستشار آخر بعد نشر الاستشارة.
العملية الأخيرة تنتهي بالوصول إلى تحليل الاستشارة بصورة علمية بدون مراوغة. من هذا المنطلق لابد من النظر إلى محتوى رسالتك بصورة تحليلية قد تبدو عدائية لك ولكنها العكس من ذلك وغايتها توثيق إدراك الفرد لمشاكله النفسية وتجاوزها. بعبارة أخرى يحرص الطبيب النفسي أو المعالج النفسي على انتقال مستخدم الخدمات على الانتقال Moving On من مرحلة إلى أخرى. إذا لم يفعل ذلك فقد فشل في عمله وقد تولد حالة من اتكال المريض عليه بصورة مرضية.
في استشارتك الأخيرة للموقع كانت هناك إشارة إلى عقدة بؤرية لا تزال متأصلة في الأعماق وهي قلقك وخوفك من النبذ. هذه العقد النفسية يمكن التحري عنها من سردك لتاريخك الشخصي. أحدثت هذه العقدة النفسية حالة من الشلل العاطفي والنفسي في داخلك ولا تزالين تتجنبين التواصل الاجتماعي بصورة طبيعية ومرضية لك.
على العكس من ذلك يمكن القول أنك لا تزالين واقفة في مرحلة من الحياة تتناسب مع مرحلة الدراسة الثانوية حيث يكون هم الطالب المجتهد أحياناً الحصول على مدح المشرفين عليه وزملائه على اجتهاده وفطنته. يتجاوز الطالب هذه المرحلة بعد دخوله العقد الثالث من العمر ويحرص دوماً على تطوير نفسه اجتماعياً والعثور على الحب وبناء علاقات عاطفية سليمة تسعده وتسعد من يحبها وتحبه.
فشل الإنسان أحياناً في تجاوز هذه المرحلة أشبه بسائق سيارة فخمة واقفة أمام إشارة مرور حمراء تغير لونها إلى أصفر وأخضر أكثر من مرة ولكنه يفشل دوماً بدفع السيارة بالسرعة المطلوبة ويرى السيارة بعد الأخرى تتجاوزه على الجانب الأيسر والأيمن على حد سواء.
حان الوقت أن تفكري بالانتقال إلى مرحلة أخرى.
وفقك الله ورعاك.
ويتبع >>>>>: الملاك الحزين والخوف من النبذ م1