مأساة اسمها أم
السلام عليكم؛
أشكركم جزيل الشكر على موقعكم هذا وعلى تفرغكم – رغم انشغالكم – للرد على استشاراتنا التي لا تنتهي.
أنا فتاة في الرابعة والعشرون من العمر، عزباء، حاصلة على شهادة بكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها، أقيم مع عائلتي المكونة من أب وأختي التي تصغرني وتقطن معنا كارثة تسمى أم. أعتذر على الأسلوب، أعلم أننا كمسلمين لا يجوز لنا التجرؤ على الأم أو الأب، ولا يجوز أن نقول لهما أف، إلا أن هذه الأم تستحق ما هو أكثر من أف!!
منذ صغري، عشت في جو من المشاكل والنزاعات وكلمة طلقني التي ترددها أمي كثيراً، بسبب وبلا سبب، فإذا ما ضاقت الحالة المادية لوالدي، طلقني!!
وإذا ما رأت إحدى صديقاتها وقد جددت فرش منزلها، طلقني!!
وكان منظر حقيبة السفر المملوءة بالثياب لا يغادرني، كانت تضع حقيبتها في مدخل المنزل لتعلن أنها تريد الطلاق وترغب بالعودة إلى أهلها.
منذ صغري، كلما حدثت مشكلة بينها وبين والدي، كانت تضربني، بحكم أنني ابنته!!
منذ صغري، اعتدت الضرب والشتائم والإهانات والسخرية من شكلي – علماً أن شكلي جميل ولا عيب بي - ومن رغباتي المستقبلية وأحلامي المهنية، حتى أصبحت شخصيتي مهزوزة وضعيفة ولا تملك الحد الأدنى من الثقة. إلى هذه اللحظة، لا أعرف أن أتكلم بشكل صحيح، غالباً ما أقول كلماتي بطريقة خاطئة، ذلك أنها ما كانت تكلمني أو تتحاور معي، وحوارها الوحيد هو بالتهديد والوعيد.
كنت في مدرستي، انعزالية جداً وغير اجتماعية، وغالباً ماكانت الفتيات ينسجن حولي الحكايا، تارة معقدة، تارة مريضة نفسية وتارة أخرى مغرورة.
أثرت هذه العلاقة السيئة بيني وبين والدتي على حياتي الاجتماعية بشكل كبير، أنا الآن في الرابعة والعشرين ولا أملك أي صديقة، بل حتى أنني لا أشعر بالرغبة في التعرف إلى إحدى الفتيات بقدر ما أشعر بالرغبة في الدخول إلى غرفتي وإغلاق الباب كما كنت أفعل عندما كانت تضربني وتنهال علي بالشتائم.
والدتي تعتبر أنها الطعام الذي تقوم بطهيه، ليس من واجباتها، وإنما هو شيء تتفضل به علينا، وكل ما تحدث مشكلة ما تقوم بالتوقف عن إعداد الطعام كذلك الأمر بالنسبة لأي شيء آخر، كانت تتوقف عن توصيلي إلى المدرسة – حيث أوكل والدي مسؤولية توصيلي لمدرستي إليها - في تلك الأيام!
كانت كلما غضبت مني لأتفه الأسباب، تقوم بالمجيء إلى المدرسة والتكلم عني بأقبح الصفات لمدرساتي، مما كان يسبب لي أزمة حادة وسيئة وعند حصولي على صديقة ما، كانت تقوم بالاتصال بها وإعلامها بمدى سوء خلقي وبأنني فتاة غير صالحة وكانت في أحيان كثيرة تقوم بشتم صديقتي والتفريق بيني وبينها.
كانت دائما تضربني، بكل وسائل الضرب المتاحة، يتضمن هذا إمساك رأسي وضربه بالحائط!! ويتضمن أيضاً رمي أي غرض وتوجيهه علي، يتضمن استخدام يدها أو قدمها في ضربي، وكل ما يتاح أمامها.
أما الأمر الأخير الذي أود ذكره، وعذراً للإطالة، هو الدعاء. كثيرا ما تقوم بالدعاء علي لا لي، تدعو علي بأن أموت، أو أن أصاب بالشلل، أو أن أفشل في حياتي كلها، ودائما ما تقول لي جملتها المعهودة التافهة: الله يغضب عليك، وفي أيام الدراسة كانت تدعو علي بالرسوب وتقوم برمي دفاتري وكتبي على الأرض!!
صدقاً لا أبالغ ولا أكذب، هذه هي أمي التي أمرني ربي أن لا أقول لها أف، وأنا إن أدركني خبر موتها لن أذرف دمعة لأجلها.
ملاحظة: أثناء فترة المدرسة، كانت أغلب أسباب الضرب والشتائم هي إما كرهها لوالدي ومن حياتها معه، أو لأنني لا أقوم بمساعدتها في الأعمال المنزلية.. والسبب الأول هو الأعم، علماً أن والدي حاول ولا زال كي يفعل ما بوسعه ليجمع شمل العائلة ويردم الهوة بيني وبينها، ويقوم ببذل أقصى ما يستطيع في تأمين حياتها وحياتنا، احتياجاتها واحتياجاتي أنا وأختي الصغرى، ووالدي لم يقصر بحق من حقوقها وتحمل شتائمها وكلماتها التي قالتها لي دوماً: يا بنت الحرام وكان يكتفي باحتساب أمره إلى الله، وهو أكثر حناناً منها وعلاقتي به جيدة جداً.
ملاحظة: قامت بمعاملة أخي البكر بنفس الطريقة حتى هاجر إلى دولة أجنبية منذ 4 سنوات ولم يعد ودائما ما يقول لي بأنه لا يرغب برؤيتها، قامت أيضاً بمعاملة أختي التي تكبرني والمتزوجة بنفس الطريقة أيضاً.
لا أعرف كيفية التعامل مع هكذا أم، لا أذكر منها كلمة حنونة أو دعوة طيبة، كل ما أذكره هو يدها الممتدة أمام وجهي لتضربني أو دخولها المخيف إلى غرفتي لتقوم بمهاجمتي... باختصار أنا أكرهها وأكره حياتي معها وأكره وجودها ولو كانت في الطرف الآخر من الكرة الأرضية فكيف إذا كانت تقطن معي في نفس المكان؟؟
عذرا للإطالة وأرجو منكم الاهتمام بالموضوع فقد تعبت، ولم أتزوج للآن،
وصرت أرغب بالزواج من أي رجل كي أبتعد عن شرها وحقدها.
21/01/2014
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
حياك الله وأعانك الكريم على ما ابتلاك به. والدتك ونمط شخصيتها المضطرب هو امتحان رب العالمين لك، وسبحانه الذي لا يسأل عما يفعل والذي لا يكلف نفس إلا وسعها. اجعلي هذه الآية الكريمة من آخر سورة البقرة أمام عينيك، وتذكري رغم ما تشعرين به من ضيق إلا أن لديك القدرة للتعامل مع هذا الموقف.
أتمنى لو كان بالإمكان ايجاد وسيلة لتغيير والدتك ولكن لاستحالة هذا الأمر لا تسمحي لها أن تسبب لك المزيد من الألم في حياتك، التزمي الأدب معها وتجاهليها باقي الوقت.
مزعجة الحياة مع مثل هذه الشخصية لا أحد ينكر هذا ولكن اعلمي أن ما ينالك منها هو الشرر بينما تحظى هي ذاتها بكل الضرر، ما بين انفعالات سالبة تحصد صحتها وطاقتها وما بين نفور تراه في عيون أولادها، ومع ذلك رغم كل عيوبها مطالبة أنت بحسن معاملتها لا أكثر، فالوالدان حفظ لهما الشرع مكانة حتى وأن أمرونا بالكفر والعياذ بالله يبقى لهم علينا أن نصاحبهم في الدنيا معروفا.
تعلمي أن تشفقي عليها فهي رغم ما أغدق عليها الكريم من نعم لا تحسن التمتع بها من زوج طيب وذرية، واحذري أن تتبعي أسلوبها في الحياة فتلك هي الطامة الكبرى والضرر الحقيقي الذي يمكن أن يلحق بك.
رغم كلامها الجارح ودعائها الجائر أكرمك رب العالمين وأنهيت دراستك، انظري لما معك ولا تكوني مثلها فتركزي على ما ينقصك. إياك وأن تقفلي الباب على نفسك حبيسة ذكرياتك التعيسة بل اسعي لتستفيدي من شهادتك العلمية، ومن فضل الله أن تخصصك مطلوب دائما، فانشعلي بالبحث عن عمل ولا تنتظري وظيفة حكومية ولا حتى دائمة فهناك دائما من يرغب بمن يحمل عنه مسئولية تدريس أولاده.
تعكس كلماتك رغم كل ما تعرضت له مع والدتك شخصية صلبة ومتماسكة، كوني كالحديد يزيده الطرق تماسكا وقوة، واعملي على تطوير ذاتك، وتذكري كل الأمور التي كنت ترغبين القيام بها كطفلة وانشغلي بتحقيقها من اكتساب صديقات أو تنمية هوايات، مهما كان اختيارك لا تستسلمي لاحباطك من والدتك وظروف حياتك لتقبلي بزوج غير مناسب عندها ستكونين كالمستجير من النار بالرمضاء.
عيشي حياتك فأنت في مرحلة عمرية ما عدت تحتاجين تقدير والدتك فهناك العديد من مصادر التقدير التي يمكنك الوصول لها، لا تشغلي نفسك بها وبسلوكها فلديها رقيب عتيد ورب شديد سيحاسبها على ما فعلته بما أودع لديها من أمانة.
الكلمات تسبب جروح لا يمحوها سوى رحمة رب العالمين والزمن والنجاح في الحياة، فافتحي أبواب الحياة ولا تحبسي نفسك بين غرفتك وكلمات أمك وذكرياتك السالبة.
التعليق: سوف تسير الحياه . وسوف تستقلين عنها كما استقليت عن والدي .وسوف يصبح هذا الذي تعيشينه اليوم من الماضي تعلمي أن تتماسكي وتكافحي واعلمي أن مفتاح النجاة هو الاستقلال المادي فحينها فقط سوف تصبحين حره من جبروتها لكن تذكري ألا تدعي المأساه التي تعيشينها تؤثر على قراراتك بالاستقلال عنها ... انسي فكرة الزواج من أي شخص كان فذلك استسلام بحت وأتمنى لك أختي كل الخير والتوفيق واعلمي جيدا أن من يده بالنار ليس كمن يده بالماء وأن القول أسهل من الفعل