الملاك الحزين والخوف من النبذ م
الانطواء المكتسب
أبدأ كلامي بهذه العبارات التي تفضلت الأستاذة الدكتورة رانيا الصاوي في عرضها في مشكلة بعنوان الكسوف والتي تفضلت فيها بعرض سمات الشخصية الإنطوائية فقالت:
يعتبر الانطواء مظهراً من مظاهر سوء التكيف الاجتماعي، ويحتاج إلى نوع من الإرشاد والتوجيه وعدم إهماله؛ حتى لا يتحول إلى عقدة نفسية، وهناك العديد من الصفات التي تتسم بها الشخصية المنطوية منها:
صفاتها:
1. عدم القدرة على إيجاد العلاقات الناجحة مع من حولها.
2. عدم القدرة على المخالطة الإيجابية أو عدم القدرة على الاستمرارية في المخالطة والعلاقات.
3. عدم القدرة على الانسجام والاقتراب أو الانتماء مع مجاميع إنسانية ضرورية (كالعائلة الكبيرة أو الشريحة المهينة).
4. غريبة بتصور الآخرين وبعيدة عن واقعهم.
5. عدم القدرة على التربية الذاتية بسبب انطباعاتها الخاصة بها.
6. وهي باردة الأعصاب تجاه تحمس وعواطف الآخرين.
7. لا يستجيب عاطفيا لأصدقائها ولمن حولها إلا لمن يتحملها وفيها بعض الصفات المشابهة.
8. عدم تحمل النقد والنصيحة والتصحيح.
9. فهي صعبة الانقياد بسبب خصوصياتها المتطبعة في ذاتها.
10. تحب الاحترام والتقدير لذاتها مع أنها لا تراعي للآخرين حقوقهم.
11. مشاركاتها ضعيفة في أفراح الآخرين وأحزانهم.
12. يتلذذ بتصرفاتها وأساليبها الخاصة.
13. فهي في أكثر الأحيان صديق لنفسها لذا فاهتماماتها كلهما فردية
ولما كانت تلك هي صفات الشخصية الإنطوائية فكان لي أن تسمح لي الدكتورة الفاضلة بالإستفسار عما أشعر أنا به وهو أن الإنطوائية فرضت عليا حتى أصبحت أتسم بكل هذه الصفات وإن كان يتسع صدركم الكريم لأوضح المزيد عما أعاني منه وهو أني فتاة وحيدة بين أخواتي الذكور لأسرة صعيدية الأصل ولكنها تعيش بالقاهرة حيث أن من طباع هؤلاء الطائفة المجتمعية الحرص الزائد على بناتهم لدرجة تفوق الحد فكان أبواي وأخوتي حريصين جدا عليا فلا أخرج لأي مكان بمفردي ولا أتحدث مع أحد ولا أشارك في المناسبات العائلية ولا أذهب إلى أي من صديقاتي لزيارتها حتى بعد الكل عني ولم أجد أحدا يهتم بمناسباتي من صديقاتي لأني بالفعل لم أذهب لأي منهن في مناسبة لهن؛
كان هذا حتى مرحلة عمرية وهي 16 عام ولكن كنت خلال تلك الفترة أجدني محور إهتمام من مدرسيني لتفوقي الدراسي وكذلك نشاطي الإذاعي حيث تحول كل الكبت الذي أعاني منه إلى طاقة إيجابية فرغتها في نشاطي المدرسي فكنت معدة ومذيعة البرنامج الإذاعي كل صباح بالمدرسة وكذلك أغني في الحفلات المدرسية وأعزف الموسيقى بمعظم آلاتها ولكن أحببت الناي من كل قلبي وكنت بارعة فيه وفي صباح ذات يوم وأثناء إعدادي للبرنامج الإذاعي فإذا بي أقرأ خبر إغتصاب فتاة في الطريق العام مما أفزعني وأدخلني في حالة غير طبيعية ورحت أتساءل ألهذه الدرجة انعدمت الأخلاق من المجتمع الذي نعيش فيه؟ ألهذه الدرجة أصبحنا نعيش في غابة سكانها حيوانات متوحشة؟
هنا أيقنت جيدا حرص أهلي عليا وخوفهم الشديد الذي كنت أختنق منه في بعض الأحيان علمت أنهم يعلمون عن الدنيا ما كنت أجهله ولكن بدأت المشكلة التي أعاني منها حتى يومنا هذا فإن هذه الحادثة رسمت في ذهني صورة مفزعة للرجال بشكل عام حيث عندما إلتحقت بالجامعة زاد بعدي عن الناس عموما وعن الزملاء الشباب بشكل خاص فكان لإنطوائي عامل جذب لم يكن في الحسبان حيث سارع العديد من الزملاء في محاولة التقرب مني والتعرف عليا فلم يجدوا سوى نمرة شرسة تتعامل مع زملائها بأسلوب لا يليق بالفتاة الجميلة الرقيقة المهذبة أي أنني تحولت 180 درجة إلى النقيض بعد أن كنت اللبقة في الحديث العازفة لأرق الآلات الموسيقية صاحبة الصوت العذب الذي كان يحرك الوجدان عندما يغني إلى فتاة مسترجلة تسعى بشتى الطرق بأن تبعد الناس عنها فما كان مني إلا تلك الشخصية التي سيطرت عليا ولم تفارقني إلى يومنا هذا؛
ولكن ما يلفت نظري أنني بحكم عملي أتعامل مع أناس كثيرين وأبتسم في وجوههم خاصة وأن معظمهم أساتذتي وزملاء محترمين ويحبونني جدا لإجتهادي وتفوقي ولكني من داخلي أختنق وأنا بين جماعة وأشعر أن نفسي يفارقني أثناء تواجدي مع الناس ولا يعود لصدري إلا عندما أكون وحدي وتلازمني دائما حالة من الإشمئزاز والقرف كلما تقدم لي أحدا يطلب يدي للزواج فما كان لي إلا أن أكتب لسيادتكم لأستفسر عن الإنطواء المكتسب والذي لم يكن من سمات شخصيتي الحقيقية ولكنه من سمات الشخصية التي فصلها المجتمع من حولي فهل يمكنني اليوم التخلص منه؟؟؟؟؟؟؟
وهل سيأتي عليا يوم أستطيع فيه الحياة مثل باقي البشر؟؟؟؟؟؟؟؟
أظنها هيهات ولكن أبرئ نفسي عندما يسألني المولى عز وجل عنها يوم الحساب لماذا تركتها هكذا بدون علاج؟؟؟؟؟؟
16/1/2014
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع ثانية ومشاركتك القراء بالمعاناة الشخصية.
في بدية الأمر لابد من الفصل بين الشخصية الانطوائية واضطراب الشخصية الانطوائية. الشخصية الأولى طبيعية وتتعامل مع الحياة بطريقتها الخاصة وتحافظ على درجة من الاتصال مع بقية أفراد المجتمع، ولكن درجة هذا الاتصال تعتبر دون المعدل الذي تحدده المجموعة أو الذي تتصور بأنه طبيعي. في جميع الأحوال تمضي هذه الشخصية في طريقها حالها حال بقية البشر.
اضطراب الشخصية الانطوائية غير الشخصية الانطوائية. في هذه الحالة يعاني الفرد ومن يعيش معه من صفاته الشخصية، وتؤثر على أدائه المهني والاجتماعي. هذه الشخصية تتجنب التفاعل الاجتماعي وتبقى أسيرة أربعة جدران وتتجنب العمل أكثر مما تتجنب أي شيء آخر.
الانطوائية لها تتميز بصفتين:
٠ الخجل
٠ الخوف من فضيحة النفس أو الشخصية أمام الآخرين.
الخجل هو ما تشعر به المرأة الانطوائية في وعيها أما خارج محيط الوعي فهي تخشى الفضيحة وتشعر بأنها عرضة للافتراس والتدمير من قبل الآخرين، والمجتمع بالنسبة لها مجرد غابة من الوحوش المفترسة.
لابد من التركيز هنا على الخوف من الفضيحة والافتراس هي خارج نطاق وعي المرأة التي تصف نفسها بالميل إلى الحياء والإفراط في الخجل.
من الصعب القبول بفرضيتك حول سماعك خبر الاغتصاب وتبرير التحول في الشخصية. القاعدة التي يعمل بها علم النفس والاجتماع هي قرب Proximity المرأة للحدث. لا يدخل سماع الخبر أو قراءته ضمن هذه القاعدة التي تم إثباتها ولكن لو شاهدت الضحية أو الحدث لتم القبول بها. على ضوء ذلك السلوك التجنبي الذي تشكين منه لا علاقة له باكتساب صفات شخصية انطوائية.
تمسكي بالتوصيات التي طرحتها سابقاً وواجهي الدنيا بقبضتي يديك ومن الله التوفيق.
ويتبع >>>>>: الملاك الحزين والخوف من النبذ مشاركة