مشكلة نفسية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد؛ أشكركم على جهودكم المبذولة تجاه متصفحي موقعكم فأما أنا فأحببته من قلبي (حبا شديدا) ولكن لا أعرف هل هو يحبني من قلبه مثل حبي له أو لا؟ الله أعلم ولكن هو يقول ذلك لي ومن شدة حبي له أنني أبحث عنه في كل مكان حتى لو كنا للتوِّ متفارقين ولكن هو لا يبحث عني كثيرا، بل ولا يسأل عني رغم أنني قلت له إنني أحبك من كل قلبي وهو يعلم ذلك ولا أريد أن تذهب دقيقة واحدة إلا هو بجانبي ويحدثني وأحدثه
فالمشكلة (لماذا أحببته من بين هؤلاء الباقين) وبعدها قمت بالدراسة في الكلية التقنية أي أنني بعيد عن البلد الذي يسكن فيه وكلما تذكرته جاءتني حالة قلق وأتمنى لو هو بجانبي وكلما سمعت أغنية حزينة تذكرته بل إن ذكراه على بالي طوال الوقت وبعدها بمدة ذهبت إلى البلد الذي هو فيه وكلما قابلته فرح بي ويسلم علي ويرسل لي رسائل بالجوال وأرسل له وفي مرة من المرات أرسلت له رسالة قلت له فيها إنني أحبك كثيرا فلم يرد علي بأية رسالة.
فجاءتني حالة من القلق والتوتر والاكتئاب والله أعلم.. وفي يوم من الأيام كنا جالسين في بيت أحد أقربائي وهو ليس معنا فكنت أخاف أنه يأتي ويجلس معنا (أي لا أريده أن يجلس معنا) بسبب الحالة التي تنتابني وبعد ساعة من جلوسنا تقريبا أتى إلينا فزادت علي الحالة، وخرجت من المجلس وذهبت إلى البيت للنوم فلم أستطع النوم إلا آخر الليل (أي كنت جالسا أفكر فيه)
وأفكر أحيانا وأقول في نفسي لو لم يكن بجانبي سوف تزيد حالتي قلقا شديدا وأموت، وبعدها صرت أحب فراقه ولا أحب البلد الذي هو فيه لأنني أريد أن أنساه ولكن لا جدوى وبعده ذهبت إلى الطبيب النفسي وقلت له إنني لا أرتاح نفسيا وقلت له (أحيانا تأتيني أفكار بأنني لن أرتاح إذا ذهبت إلى البلد الذي فيه أهلي وأحيانا أقول العكس) لأنه هو موجود في ذلك البلد (وحتى أحيانا لا أستطيع الأكل مع الأهل أو الأصدقاء بسبب تفكيري به) وأقول أحيانا أنه يريد أن يقهرني بعدم حبه لي بل أنا على العكس (إنه يحبني ولكن ليس مثل حبي له)
وسألني الأهل لماذا لا تأكل وأقول لهم أنني لم أشتهِ الأكل، وقلت لهم بأن لدي حالة قلق ولكن لم أخبرهم بأن هذه الحالة كان سببها هذا الصديق لأنني لا أريد أن أخبرهم بذلك فأنا محتار الآن.
وكذلك لم أخبر الطبيب النفسي بأن سبب ذلك هو الصديق فلا أحد يعلم عن حالتي الله سبحانه وتعالى وأحد إخوتي وأحد أصدقائي فقط ووصف لي الطبيب أقراصا مضادة للقلق واستعملتها وشفيت ولله الحمد بل بمجرد أن قال لي الطبيب بأن لديك أعراض قلق أحسست براحة وقلت في نفسي أن أسباب هذه الحالة هي أعراض القلق وليس الصديق ولكن التفكير في الصديق مازال معي وبعدها راجعت الطبيب وقال لي هل استمريت على العلاج فقلت له أنني تركته لمدة أسبوعين لأنني أحسست بالشفاء، وقال لي لابد أن تستمر على العلاج لمدة ثلاثة شهور فرجعت أستخدم العلاج وبعدها شفيت بعد أربعة أيام من عودتي للعلاج لمدة أربعة أيام وبعدها رجعت علي الحالة شيئا فشيئا وبعده رجعت استخدم العلاج ثم ذهبت إلى البلد التي فيه أهلي وكذلك الصديق، وكنت أخاف أن أقابله لأنني لو قابلته تصيبني حالة من الخوف بأنه يريد أن يسلم علي فقط وأنا أريد أن يصبح صديقي الروح بالروح.
فأنا أريد أن أحبه كحبي لبقية الشباب الباقين وليس بهذا الحب الشديد، فأرجو منكم توجيهي وهل هذه الحالة (حالة حب أو حالة قلق أو حالة وسواس قهري)
وجزاكم الله خيرا وأرجو منكم المعذرة لطول رسالتي لكي تفهموها بالتفصيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو الرد على هذا الإيميل
07/05/2004
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، مشكلتك واحدةٌ من المشكلات التي تحيرنا كثيرا هذه الأيام، ولا أدري سببا لزيادة عدد الحالات التي تشتكي مما تشتكي أنت منه سواء من الذكور أو الإناث، وكي أركز بعض الشيء على ما سيلهمني الله من تشريح لحالتك.
أقول لك باختصار: أنت تعيشُ في مجتمع مغلق في طريقته في التعامل بين الشباب من الذكور والإناث، وهذا ليس غير ناتج التقاليد وليس الإسلام مسئولا عنه وقد يسأل المسلمون، وهذا المجتمع الذي يفرق بين الذكور والإناث في المجال العام يفرضُ عليك نوعا من التضييق على تخيلاتك وتصوراتك خاصةً إذا كنت ملتزما بالسلوكيات الصحيحة التي يأمرك بها الإسلام،
باختصار شديد تصبح احتمالاتُ انحراف توجهك العاطفي (وليس بالضرورة الجنسي، خاصة وأن الفصل بين العاطفة والجنس في الذكور أسهل منه في الإناث)، أكبر كثيرا من لو أنك تعيش في مجتمع مسلم مستنير ولا تقل لي مثل أين؟ لأنني لا أملك إلا الخيال المبني على الفهم حسب قدرتي لشرع الله، وحسب قدرتي في محاولة فهم النفس البشرية أيضًا.
من الممكن أن تتفاعل عوامل جذب كثيرةٍ بين إنسان وإنسان بعضها نعرفه وقد نقيسه كمشتغلين بعلم النفس والطب النفسي، وبعضها مجهول تماما ما يزال، ولكن المهم في حالتك قد يكونُ الظواهر المرضية السلوكية أكثر من أن يكون الأسباب فلنركز إذن على الأعراض والعلامات:
الظاهر في صيغة وصفك وفي ما ذكرته لنا من كلمات قلتها لذلك الذكر الذي تحبه هو كلمات وعبارات لم يعتد العقل العربي سماعها من ذكر إلا لأنثى ولا من أنثى إلا لذكر، فهذه كلمات لوصف حالات الوجد والشوق للحبيبة المتعلق بها، وتلك كلمات يقولها المتيم الولهان لمعشوقته أو يصف بها عذابه في البعد عنها وارتباكه الشديد حين يراها، ولا تروق في العربية التي نعرفها من ذكر إلى ذكر، حتى ولو كان العاشق مريدا والمعشوق هو شيخه أو أستاذه، فما بالك تنزلق في اتجاه خطأ؟
يظهر أيضًا في ثنايا سطورك ما يشير إلى انتهاجك سلوكيات الملاحقة أو المطاردة Stalking Behaviors لمن تحب، إضافة إلى كل أو معظم علامات العشق، الذي الذي صنفه أبو زيد البلخي مع وساوس ما يحبه المرءُ ويتمناه وسميناها نحن وساوسُ الحب والرغبة في تصنيفنا المقترح المبدئي "لاضطرابات طيف الوسواس القهري"، فأنت تهيم عشقا وتذوبُ وجدا وكلها أفكار تلهيك عن ذكر الله وإن كان هذا مجرد تعليق مفرط في صوفيته،
لكنه يجعل من الأفكار الممتعة أحيانا ومن الأفعال المبنية عليها أيضًا سلوكيات تشبه سلوكيات المريض باضطراب الوسواس القهري، بدءًا من أفكار تبدو تسلطية -ولكنها ممتعة في أحيان كثيرة، ومازوخية الأثر في بعض الأحيان-، ومرورا ربما بمحاولة المقاومة إلى أن يصل الشخص إلى ممارسة الفعل القهري والذي يتمثل هنا في ملاحقة المحبوب ومطارته كظله، وأحيانا كثيرةً يضيق المحبوب بتلك السلوكيات ويشتكي منها وكثيرا أيضًا ما يتهرب من العاشق الذي يلاحقه.
وأنا بهذا الشكل أجعل انطباعي المبدئي عن حالتك هو أنها حالة وسواس الحب !، أو بالأحرى وسواس التعلق المثلي ! وذلك لأن من سيقرأ تعبير وسواس الحب لن يتوقع إلا المعنى المألوف من حب ذكر لأنثى أو العكس، وأما حالات التعلق المثلي فما تزال تحتاج الدراسة والبحث في بلادنا خاصة عندما لا تكونُ مصحوبةً بميولٍ أو ممارسات جنسية واضحة.
ومن الملاحظ أن الأنثى لم تظهر في إفادتك إطلاقا ولم تقدم لنا إشارة لا من قريب ولا من بعيد إلى دور الأنثى في خيالاتك
فهل فكرت في الزواج أم لا؟ وماذا عن تخيلاتك الجنسية؟ ألا ترى معي أن الإجابة على استشارتك دون إلمام بهذا الجانب المهم من كيانك النفسي تصبح مغالطة كبيرة، نحن في حاجة إلى معلومات بهذا الشأن.
والمسألة تحتاج إلى تقييم مباشر من طبيب نفساني متخصص دون إخفاء الحقائق عنه مثلما فعلت أنت من قبل، وعندها وبعد أن يحدد التشخيص الأنسب لحالتك والبرنامج السلوكي الأكثر ملائمة لك يمكنك أن تبدأ فعلا في اتخاذ خطوات عملية للتخلص من هذه المشكلة
وأحيلك في النهاية إلى ما كتبه على موقعنا المستشار الدكتور محمد شريف سالم تحت عنوان: في علاج العشق ، تلخيص ابن القيم، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> وسواس الحب والتعلق المثلي مشاركة